تبنى مكتب الإرشاد لجماعة "الإخوان المسلمين" موقفا مرنا من عدد من الاستحقاقات السياسية، حيث قطع الطريق على جميع الاحتمالات بعودة مجلس الشعب مجددا عبر إقراره مجموعة من الخطوات استعدادًا لانتخابات مجلس الشعب القادمة وتحديد عدد الدوائر التى سيخوضها مرشحو "الحرية والعدالة" الانتخابات فيها. وقدم مجلس شورى الجماعة نصيحة للرئيس محمد مرسى بعدم إصدار إعلان دستورى مكمل يستعيد معها صلاحياته الرئاسية وتجنب الدخول فى مواجهة مع المجلس العسكرى فى حال إصداره هذا الإعلان، حيث طالب الرئيس بالدخول فى حوار مع المجلس العسكرى والقوى السياسية للبحث عن مخرج لاستعادة صلاحياته مع المراهنة على الضغوط الشعبية لاسترداد هذه الصلاحيات. وتم الانتهاء إلى ذلك خلال اجتماع عقد أمس بمقر مكتب الإرشاد بالمقطم بحضور المكتب التنفيذى لحزب الحرية والعدالة واللجنة القانونية، خشية من أن يؤدي إصدار إعلان دستورى مكمل إلى الدخول فى مأزق دستورى جديد، مفضلين تجنب الصراع مع المجلس العسكرى، والبدء فى حوار معه بحضور القوى السياسية لنقل السلطة التشريعية من "العسكرى" للرئيس مرسى. وأكد خيرى عمر، عضو المكتب السياسى لجماعة "الإخوان المسلمين"، أن الإعلان الدستورى المكمل الجديد أصبح معدومًا خاصة بعد حكم "الدستورية" برفض قرار الرئيس محمد مرسى بعودة البرلمان مرة أخرى، مرحبًا بخلق نوع من الحوار بين مرسى و"العسكرى" والقوى السياسية للخروج من المأزق القانونى. واتفق المجتمعون على ترشيح وجوه جديدة لخوض انتخابات مجلس الشعب القادمة مع التركيز على ترشيح شخصيات كاريزمية تتمتع بشعبية كبيرة لخوض الانتخابات فى دائرتى قصر النيل وحلوان والعمل على مواجهة النائبين السابقين فى مجلس الشعب محمد أبو حامد ومصطفى بكرى اللذين تبنيا مواقف عدائية من جماعة الإخوان خلال المرحلة الأخيرة. وحضر الاجتماع الدكتور سعد الكتاتنى، رئيس مجلس الشعب المنحل. وعلى الرغم من استعدادات "الإخوان" لإجراء انتخابات برلمانية جديدة، إلا أن المشاورات لا تزال متواصلة حول سبل الخروج من مأزق قرار المحكمة الدستورية العليا بحل البرلمان. إذ كشف على عبد الفتاح، القيادى بحزب "الحرية والعدالة"، عن قيام الحزب بعقد اجتماعات مكثفة بالتنسيق مع عدد من نواب البرلمان المنحل من أحزاب أخرى، لبحث إيجاد حل قانونى ودستورى لعودة البرلمان. وأكد أنهم لن يقفوا مكتوفى الأيدى أمام نية المجلس العسكرى التى باتت واضحة للجميع فى إهدار كل السلطات فى مصر، ورغبته فى الاستمرار فى الحكم أكبر وقت ممكن من خلال تمسكه بسلطة التشريع، وسعيه لإلغاء اللجنة التأسيسية؛ حتى يضمن تشكيلها بما يصب فى صالحه، وقد حذر من استمرار السلطة التشريعية فى يد العسكرى، مؤكدًا أن ذلك الأمر سيتبعه الكثير من الكوارث القانونية فى الفترة المقبلة التى لن يحمد عقباها. الأمر ذاته، أكده الدكتور حمدى إسماعيل، نائب البرلمان عن حزب الحرية والعدالة، مشيرًا إلى أن نواب حزب "الحرية والعدالة" يعقدون اجتماعات ويجرون مشاورات مع فقهاء القانون والدستور، لإيجاد حل للخروج من المأزق الحالى، وعودة مجلس الشعب لممارسة دوره الطبيعى الذى اختاره الشعب المصرى من أجله. واعتبر أن الشارع المصرى الآن يعانى من حالة ارتباك وتخبط سياسى؛ بسبب عدم وضوح الرؤية وإثارة البلبلة حول المنوط به السلطة التشريعية، مشيرًا إلى أن تعطيل عودة البرلمان ليس فى صالح مصر، خاصة فى الفترة الحالية، الأمر الذى سيكون له دور سلبى فى إعاقة وعرقلة النهوض بمصر، وشدد على ضرورة التفاف كل القوى من أجل الضغط للاستجابة إلى مطلب الشعب المصرى بعودة البرلمان حتى نصل إلى الاستقرار الحقيقى ونبدأ فى بناء الوطن من جديد، والالتفات إلى القضايا الهامة والخطيرة التى تحتاج توجيه كل الطاقات إليها، وأهمها التشكيل الحكومى الجديد، وبحث سبل إنعاش الاقتصاد المصرى، وجذب الاستثمارات، وإعادة هيكلة مؤسسات الدولة. من جهته، اعتبر المستشار زكريا عبد العزيز، رئيس نادى قضاة مصر السابق، أن المخرج القانونى الوحيد لعودة البرلمان هو الاتفاق على حل ثلث البرلمان والإبقاء على الجزء الآخر كما هو، وأن يعود البرلمان إلى ممارسة عمله وسلطته التشريعية مع إجراء الانتخابات من جديد على الثلث المنحل، مشيرًا إلى أن السبب فى تأجج أزمة البرلمان الحالية هو الخطأ فى تفسير وتنفيذ الحكم وإقحام القضاء فى السياسة.. وناشد أعضاء المحكمة الدستورية بإحسان نواياهم وتقديم مصلحة مصر فوق الجميع. وطالب الدكتور ثروت بدوى، الفقيه الدستورى، برد القضية إلى مجلس الدولة للبحث فيها، مشيرًا إلى أن إنهاء الأزمة الحالية والجدل المثار حول سلطة التشريع لا يمكن الخروج منه إلا بتدخل مجلس الدولة، مشيرًا إلى أنه من الناحية الدستورية والقانونية ليس من حق المحكمة الدستورية الحكم بحل البرلمان، معتبرًا أن تدخلها من البداية كان يحمل أهدافًا سياسية.