كشف الدكتور وليد خدوري الكاتب العراقي متخصص في شؤون الطاقة، كواليس ومعلومات جديدة، عن استيراد مصر الغاز من إسرائيل والذي أثار الجدل مؤخرًا، حيث كشف أن شركة «دولفينوس هولدينغ» المصرية الخاصة، اتفقت مع شركة «نوبل إنرجي» ومجموعة «ديليك» الشريكتين في عمليات الإنتاج في حقلي «تامار» و «لفيتان» الإسرائيليين، على أن تستورد 64 بليون متر مكعب من الغاز على مدى عشر سنوات، بقيمة 15 بليون دولار. وقال خدوري في مقال له اليوم بصحيفة الحياة، إن شركة «دولفينوس» التي تورّد الغاز الطبيعي إلى مستهلكين صناعيين وتجار كبار في مصر، قادت المحادثات مع الشركات العاملة منذ عامين تقريباً، في الوقت الذي عدّلت فيه السلطات المصرية القواعد التنظيمية الأسبوع الماضي، للسماح للقطاع الخاص باستيراد الغاز. وأضاف أن الاتفاق على أهمية جيوستراتيجية واقتصادية في الوقت ذاته. فهو يزود الشركات العاملة في الحقول الإسرائيلية بالضمانات المالية اللازمة، من خلال عقود «البيع والشراء» التي تؤهلها لتطوير الحقول، وتشكل العقود الإقليمية هذه (أولاً مع شركة الكهرباء الأردنية والآن شركة دولفينوس المصرية)، ضرورة ملحة للشركات النفطية العاملة في إسرائيل للحصول على القروض من المصارف الدولية، إذ تبلغ كلفة التطوير في حقل «لفيتان» الضخم نحو 12 بليون دولار، وفي حقل «تامار» نحو 6 بلايين. وتابع: "تمثل عقود البيع والشراء أيضاً، الوسيلة الأساسية للحصول على الأموال اللازمة لتطوير الحقول في ظل عدم توافر أي عقود أخرى حتى الآن (باستثناء واحد مع شركة الكهرباء الإسرائيلية لتزويد السوق المحلية)، خصوصاً في الأسواق الأوروبية، فهذه العقود توفّر الضمانات المالية اللازمة للاستدانة". وأشار خدوري إلي أن الأهمية الجيوستراتيجية تتمثل أيضاً، في الدعم الذي يؤمّنه تصدير الغاز الإسرائيلي لمعاهدات السلام مع الدول العربية المعنية، ويوثّق العلاقات في ما بينها، ويجعل الدولة المستورِدة معتمدة على استيراد سلعة استراتيجية من إسرائيل، وهذا ما سعت إلى تحقيقه بالضبط الديبلوماسية الأمريكة خلال السنوات الماضية، ببذل محاولات للتوصل إلى هذه الاتفاقات لتوفير دعم مادي لمعاهدات السلام من خلال اتفاقات اقتصادية مهمة وبعيدة المدى. وبموجب الصفقة، يُتوقع بدء التصدير من حقل «تامار» في النصف الثاني من عام 2020 ونهاية 2021، وكان بدأ الإنتاج من الحقل في ابريل 2013، وذلك لتزويد السوق الداخلية، فيما سيبدأ الإنتاج من حقل «لفيتان» نهاية عام 2019. وكشف خدوري عن إجابة السؤال الذي يُطرح هنا، لماذا تُستورد هذه الإمدادات من الغاز من إسرائيل، في وقت بدأ الإنتاج من حقل «ظهر» العملاق في الأول (ديسمبر) الماضي؟ ، حيث أكد أن «ظهر» البالغة احتياطاته نحو 30 تريليون قدم مكعبة تكفي لتأمين الطلب المصري الداخلي لعشر سنوات على الأقل (حتى عام 2027)، إذ يُرجح أن يصل معدل إنتاجه إلى نحو 2.9 بليون قدم مكعبة يومياً ولمدة 15 عاماً. كما أن مصر وتركيا تشكلان، أكبر سوقين لاستهلاك الغاز في شرق المتوسط، وتحتاج مصر وفي شكل ملح إلى تزويد سوقها المحلية المتنامية بإمدادات غاز جديدة سنوياً، كي تتناسب مع ارتفاع الاستهلاك بسبب الزيادة السريعة في عدد السكان، كما تحتاج مصر إلى الغاز الذي يغذي نحو 85 % من محطات الكهرباء، إضافة إلى مصانع البتروكيماويات والحديد والصلب والإسمنت. ويُستهلك أكثر من 70 % من الغاز الطبيعي المصري في توليد الكهرباء، و20 % في الصناعات الثقيلة والمتوسطة، والنسبة المتبقية في المنازل والمحال التجارية، ولا تشكل صادرات الغاز المسيل أو عبر الأنابيب سوى نسبة ضئيلة جداً من حجم الطلب على الغاز المصري الإجمالي، اذ تقدر بنحو 5 في المئة. وقال خدوري:" أن توقف صادرات الغاز المصرية يشكل عبئاً مالياً على الدولة، إذ على رغم الكميات الضئيلة لهذه الإمدادات، إلا أن التوقف عن تزويدها في شكل مفاجئ، يشكّل خرقاً للاتفاقات مع الشركات، ما ينتج منه غرامات مالية باهظة الثمن على مصر، لذا يمكن أن تستورد مصر الغاز من جهات أخرى غير إسرائيلية، كما حدث بالفعل في منتصف هذا العقد، لكن اتضح وجود ضغوط خارجية قوية وتحديداً أميركية، وتم التصريح عنها علناً، تدفع لمصلحة الاستيراد من إسرائيل". وكشف خدوري نقلا عن مصادر مصرية أن الغاز المستورد من إسرائيل سيخدم أحد مصانع تسييل الغاز، ويوجد مصنعان للتسييل على ساحل البحر الأبيض المتوسط وذلك في كل من ادكو ودمياط. ويُتوقع أن تزود هذه الإمدادات واحداً فقط من هذين المصنعين، ما يعني وجود إمكان- لاحقاً- لتزويد المصنع الثاني، إما من جانب إسرائيل أو مصدر آخر مثل قبرص. وفي الوقت ذاته، لم تعلن الشركات الإسرائيلية أو المصرية عن سعر الغاز الذي تم شراؤه، باستثناء أن ثمن العقد الإجمالي هو 15 بليون دولار على مدى عشر سنوات. كما أن شركة الكهرباء الإسرائيلية تشتري الغاز من حقل «تامار» بقيمة 6 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، ولا يتوقع أن يُباع الغاز بأقل من هذا السعر لمصر، إذ يتوجب على الشركات التي تملك مصانع تسييل الغاز المصرية، أن تأخذ في الاعتبار أسعار الغاز في الأسواق الأوروبية، إذ تُعتبر ال6 دولارات سقفها في أوروبا حالياً، بعد تدهور أسعار النفط بين عامي 2014 - 2016.