علق حسام رضا، الخبير المائي, على عرض نائب رئيس مجلس الوزراء السوداني مبارك الفاضل، على رجال أعمال من القطاع الخاص التركي والقطاع الخاص المحلي، استثمار مليون فدان (الفدان = 4200 متر مربع)، لزراعة القطن والحبوب الزيتية, خلال زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى السودان. ووصف الخبير المائي تصريحات "مبارك" بأنها مناكفة سياسية ضد مصر, في الوقت الذي تشهد فيه العلاقات المصرية السودانية فتورًا غير مسبوق على خلفية قضايا خلافية أبرزها اصطفاف الخرطوم بجانب أديس أبابا في بناء سد النهضة الذي سيؤثر على حصة مصر المائية من نهر النيل. وأوضح رضا أن "تركيا ليست بحاجة إلى الاستثمار الزراعي في أفريقيا, وأن لديها أكثر من 200 مليون فدان تصلح للزراعة على أراضيها, كما أنها المصدر الرئيسي للفاكهة في قارة أوروبا, معتبرًا أن ما تم الإعلان عنه خلال الزيارة سيعزز من التوتر بين السودان ومصر وإثيوبيا من جهة, وبين أنقرةوالقاهرة من جهة أخرى. وأكد أن "التقارب التركي السوداني المفاجئ وغير المعتاد يأتي ردًا على تحالف البحر المتوسط الذي يضم كلاً من مصر وقبرص واليونان, وأن الرئيس التركي لن يجد دولة مناسبة سوى السودان للتحالف معها ضد مصر, نظرًا للقضايا الخلافية والحدود الملتهبة وغيرها, موضحًا أن عرض السودان لتركيا للاستثمار الزراعي سيؤدي زيادة حدة الخلاف بين الخرطوموالقاهرة". واستطرد: "لو صح الحديث عن مشروع زراعة تركيا مليون فدان في السودان, سيحتاج المشروع من 8 إلى 10 مليارات متر مكعب من المياه؛ لأن الفدان الواحد يستهلك من 7 إلى 10 آلاف متر مكعب من المياه حسب التربة, ويتزامن ذلك مع إعلان الجانب الإثيوبي بدء تخزين المياه في سد النهضة المقام على مجري النيل 75 مليار متر مكعب على مدار 3 سنوات بداية من يونيو المقبل, مشيرًا إلى أن عملية التخزين لوحدها ستؤثر على حصة مصر المائية التي تقدر بنحو 55 مليار متر مكعب بنسبة 25 مليار متر مكعب من المياه". وتابع: "عند الربط بين تصريحات وزير الخارجية السوداني, إبراهيم غندور قبل شهر, والتي زعم فيها أن حصة السودان التي تبلغ 18.5 مليار متر مكعب تذهب إلى مصر وحان الوقت لدفع الاستحقاق, وما تم الإعلان عنه اليوم, يؤكد أن السودان قد يطالب بتعديل اتفاقية تقاسم المياه بين مصر والسودان عام 58 19, خاصة أن الاتفاقية وقعت عندما كانت السودان دولة واحدة, قبل انفصال الجنوب". واستكمل: "هناك 36 مليار متر مكعب من الأمطار تتساقط على جنوب السودان, إلا أنها تهدر مباشرة, حيث إن المنطقة مليئة بالحشائش ولا يستفيد منها الجنوب, موضحًا أن السودان لا يستطيع التحكم في مجرى المياه بشكل مباشر, لعدم وجود مخرج للمياه مثل البحر المتوسط, لكنه يستطيع تحديد حصته من المياه ويطالب بزيادتها, وذلك من خلال الاتفاق مع الجانب الإثيوبي الذي يتحكم في تمرير المياه, بعد تشغيل السد, خاصة بعد رفع الحظر التجاري من قبل الولاياتالمتحدة". وأشار إلى أن اتفاقية تقاسم المياه وقعت بعد نيل كل من السودان وإثيوبيا استقلالهما في 1956, وهو الأمر الذي تعول عليه مصر في عدم المساس بحصتها من قبل إثيوبيا, غير أن الوضع في السودان أصبح مختلفًا الآن بعد التقسيم وانفصال الجنوب. وكان "أردوغان" قد بدأ أمس زيارته إلى السودان ضمن جولة أفريقية، تقوده إلى تشاد وتونس وتستمر حتى الأربعاء المقبل، يرافقه فيها 200 رجل أعمال, وعرض مجلس الوزراء السوداني اليوم الإثنين، على تركيا مليون فدان لاستثمارها في الزراعة. وتعتبر هذه الزيارة الأولى من نوعها لرئيس تركي منذ عام 1956, فى ظل توتر العلاقات مع مصر وإثيوبيا من جهة, وأخرى بين القاهرةوأنقرة.