يجري الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، زيارة إلى السودان, تعتبر الأولى من نوعها لرئيس تركي في العلاقات بين أنقرةوالخرطوم منذ أكثر من 60 عامًا, خطوة يعتبرها محللون ليست تكريسًا في علاقات البلدين بقدر ما تخلفه من توترات فى الداخل العربي. ففي الوقت الذي يعلن فيه الجانبان اتفاقهما على تشكيلِ مجلس تعاون استراتيجي, تطرح أسئلة منذ الآن عن توقيت هذه الزيارة وسياقها والدلالات التي تحملها في خضم خلافات إقليمية, وتوترات حدودية, وتقلبات في خريطة التحالفات بالمنطقة، ففي مقابل العلاقات التركية المصرية المتدهورة, تمتد خلافات الخرطوم مع القاهرة حول منطقة حلايب وشلاتين التي تدعي السودان أنها ضمن أرضها, فضلاً عن اصطفافها بجانب إثيوبيا فى أزمة سد النهضة. سعيد اللاوندي, أستاذ العلاقات الدولية, أكد أن زيارة أردوغان إلى الخرطوم تأتي في ظل ظرف تاريخي عصيب تمر به علاقة مصر والسودان من جهة، ومصر وتركيا من جهة أخرى, واصفًا تلك الخطوة التركية بالتصعيد تجاه مصر, في الوقت الذي تسعي فيه الأخيرة إلى إزالة جمود العلاقات مع أنقرة. وخلال حديثه إلى "المصريون" أشار إلى أن أردوغان يصر على استمرار تأزم العلاقات بين القاهرةوأنقرة, في حين أنه ليس من مصلحة أحد إطالة أمد الخلاف بين البلدين, مؤكدًا أن الفترة المقبلة ستشهد تصعيدًا كبيرًا بين كل من السودان ومصر وتركيا, بالإضافة إلى تأزم العلاقات مع إثيوبيا على خلفية أزمة سد النهضة. وأوضح أن السودان تريد التحالف مع كل الدول التي تكن للنظام المصرى الكراهية, على رأسها تركيا, في الوقت الذي تصطف فيه الخرطوم مع أديس أبابا فى قضية سد النهضة, الذي سيؤثر على حصة مصر المائية, موضحًا أن البشير يستخدم سد النهضة كورقة ضغط على الجانب المصري بعد ادعائه أن مثلث حلايب وشلاتين تابع له. وحول إمكانية تسوية العلاقات مع الدول الأفريقية, أكد أستاذ العلاقات الدولة أن علاقات مصر والسودان لم تعد في مرحلة الاحتواء من قبل الجانب المصري, وأن تصرفات الحكومة السودانية فى الفترة الأخيرة تؤكد أن هناك مؤامرة دولية كبيرة على مصر تنفذها دول داخلية. إلى هذا, يرى الدكتور عبدالله الأشعل، مساعد وزير الخارجية الأسبق, أن زيارة أول رئيس تركي إلى السودان منذ عام 1956, تأتي ردًا على تحالف مصر مع قبرص واليونان, إذ تعتبر تركيا التحالف موجه إليها, فى ظل توتر العلاقات بين دول التحالف وأنقرة. وأشار الأشعل في تصريحات خاصة, إلى أن توقيت الزيارة لا يحمل دلالات اقتصادية وتجارية بقدر ما تحمله من تعاون سياسي وتحالف مع السودان, كما أن ذلك قد يزيد من توتر علاقات الخرطوموالقاهرة, ولا يوجد في الدبلوماسية مبدأ تكون معنا أو ضدنا, مؤكدًا ضرورة احتواء مصر كل الخلافات المصرية الأفريقية. وتابع: "بكل تأكيد ستؤثر الزيارة على علاقات البلدين بمصر, خاصة فى هذا التوقيت الراهن ومواقف السودان تجاه مصر, مشيرًا إلى أن تركيا تحاول عمل تحالفات وبناء علاقات كما مصر التى أعلنت انفتاحها على كل دول العالم". يشار إلى أن السفير أحمد أبو زيد المتحدث باسم الخارجية المصرية, أعلن أمس عن زيارة وزير الخارجية سامح شكري الثلاثاء المقبل إلى إثيوبيا, واعتبرها مراقبون أنها تأتي في إطار إصرار مصر على المفاوضات السياسية والدبلوماسية المتعلقة بسد النهضة, بعيدًا عن الحلول العسكرية, التي لن تتوانى مصر عنها حال تهديد أمنها القومي.