سلطت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، الضوء على خطة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لإتمام "صفقة القرن"، التي من شأنها إنهاء النزاع العربي الإسرائيلي في المنطقة، متسائلة: هل يستطع "ترامب" جلب السلام للشرق الأوسط خلال فترة حكمه، وما فرص نجاح خطته الجديدة؟. وذكرت الصحيفة، في تقريرها، أن الرئيس "ترامب" ومستشاريه، على رأسهما اليهوديان، جاريد كوشنر، وجيسون دي جرينبلات، قد بدآ في صياغة خطة سلام جديدة، من المقرر أن تتجاوز مبادرات السلام الإسرائيلية الفلسطينية السابقة، بغرض إنهاء النزاع الذي استمر لعقود، وتحقيق ما أسماها "ترامب" ب"صفقة القرن". ويضم الفريق، دينا بويل نائبة مستشار الأمن القومي، وديفيد فريدمان سفير الولاياتالمتحدة إلى إسرائيل، وآخرين من وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي. وفي السياق ذاته، أعرب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الأسبوع الماضي، عن إعجابه، بالرئيس ترامب ومستشاريه "لاتباع نهج جديد" و"التفكير من خارج الصندوق"، في حين وصف "ترامب" نفسه في وقت سابق بأنه "أكبر صديق" لإسرائيل، وأنه يهدف إلى التوصل لاتفاق نهائي بين العرب وإسرائيل. إلا أن بعض المتشككين أشاروا إلى أن أكثر من بضعة رؤساء أمريكيين دخلوا "مقلاة" الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني بآمال كبيرة، ليخرجوا منها بنجاح أقل من الذي كانوا يأملونه. ماذا تغير؟ وردًا على هذا السؤال، قال مسئولون في البيت الأبيض للصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، "إن فريق ترامب من المهتمين حديثا بعملية السلام في الشرق الأوسط وهو ما دفعهم إلى العكوف على دراسة القضية لمدة 10 أشهر متتابعة لمعرفة تعقيدات النزاع الأكثر تعقيدًا في العالم للخروج بخطة جديدة؛ لإنهاء حالة الجمود التي فشل فيها أغلب السياسيين من ذوي الخبرة الكبيرة في المنطقة". ونوه تقرير الصحيفة الأمريكية، بأن عملية السلام محاصرة بشبكة من القضايا الأخرى التي تخص المنطقة، كما بينت في الأيام الأخيرة من خلال التوتر الحاصل مع السعودية حزب الله المدعوم من إيران في لبنان. إلى جانب شعور إسرائيل بالقلق إزاء حزب الله وكذلك جهود إيران لإقامة ممر أرضي في جنوبسوريا، وإذا اندلعت حرب مع حزب الله، فإنها قد تقوض أي مبادرة سلام مع الفلسطينيين. وأفادت الصحيفة، بأن "فريق ترامب جمع وثائق وبيانات من أجل التعرف على مختلف القضايا المتعلقة بالنزاع الإسرائيلي الفلسطيني، وقال مسئولون إنهم يتوقعون أن تعالج الخطة نقاط الخلاف الرئيسية مثل القدس والمستوطنات في الضفة الغربيةالمحتلة". وعلى الرغم من أن "ترامب" لم يلتزم بدولة فلسطينية، فقد نقلت الصحيفة عن محللين توقعاتهم بأن "يتم بناء الخطة وفق ما يسمى بحل الدولتين الذي كان محور الجهود من أجل السلام لسنوات". وبدوره، قال جيسون دى جرينبلات، كبير المفاوضين الرئيسيين: "لقد قضينا الكثير من الوقت في الاستماع إلى الإسرائيليين والفلسطينيين والقادة الإقليميين الرئيسيين خلال الأشهر القليلة الماضية والاشتراك معهم للمساعدة في التوصل إلى اتفاق سلام دائم". وأضاف: "لن نضع جدولا زمنيا اصطناعيا لتطوير أو عرض أي أفكار محددة ولن نفرض اتفاقا، وهدفنا هو تسهيل، وليس إملاء، اتفاق سلام دائم لتحسين حياة الإسرائيليين والفلسطينيين والأمن في جميع أنحاء المنطقة". ويرى فريق الرئيس "ترامب"، أن التقارب بين العوامل جعلت الوقت قد حان، أبرزها زيادة استعداد الدول العربية لحل القضية الفلسطينية، لإعادة تركيز الاهتمام على إيران، التي تعتبر التهديد الأكبر للمنطقة. ومن هذا المنطلق، توسطت مصر في المصالحة بين محمود عباس، الذي يرأس الضفة الغربية، وحماس التي تسيطر على غزة، وهي خطوة من شأنها أن تعزز موقف السلطة الفلسطينية كممثل للشعب الفلسطيني، وقد استدعت المملكة العربية السعودية السيد "عباس" إلى الرياض لتعزيز أهمية التوصل إلى اتفاق. بينما علق نمرود نوفيك وهو زميل في منتدى السياسة الإسرائيلية وعمل مستشارا للسياسة الخارجية لرئيس الوزراء السابق شيمون بيريز وشارك في جولات التفاوض لاتفاقية أوسلو في التسعينيات، "من الواضح أن التساؤل سيكون هل سيقرر عباس ونتنياهو التعاطي مع الخطة"، و"هل يستطيع ترامب تقديم الدعم السياسي المطلوب للخطة". وأضاف: "ومع ذلك، لا رئيس الوزراء نتنياهو ولا عباس في موقف قوي يؤهلهم للتفاوض، نتنياهو يواجهه تحقيقات بالفساد والضغط من اليمين في تحالفه الضيق بعدم تقديم تنازلات، في حين أن عباس يواجه معارضة قوية بين شعبه". وتابع: "لذا الشكوك تكثر، وخاصة بين أولئك الذين أمضوا سنوات من أجل التغلب على نفس التحديات مع نفس المجموعات ونفس الأدوات". على الجانب الآخر يضغط حلفاء إسرائيل في واشنطن وهو ما ستظهر نتائجه في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب يوم الأربعاء المقبل، بخصوص مشروع قانون لخفض المساعدات المقدمة للسلطة الفلسطينية ما لم توقف مخصصات الأسرى الفلسطينيين. وفي هذا الشأن، قال نائب دوج لامبورن، وهو جمهوري من ولاية كولورادو: "إذا أراد الفلسطينيون أن يصبحوا شركاء جديرين بالثقة في أي نوع من مناقشات السلام فإن عليهم أن يظهروا أنهم لا يحرضون على الإرهاب"، مدعيًا "كلما تدفع السلطة مخصصات الأسرى كلما زاد عدد اليهود الذين يقتلون وهذا هو التحريض الخالص على الإرهاب". واختتمت الصحفية، تقريرها، مشيرة إلى أن بعض المحللين يعتقدون أن "أكبر عائق أمام عملية السلام هو "عباس" و"نتنياهو"، موضحة أن في نهاية المطاف كل منهما لديه تاريخ طويل من انعدام الثقة في الآخر ولا أعتقد أنهم سيصلون إلى أي نقطة يثقون فيها ببعضهم".