لمصلحة من تشويه تاريخنا القديم والحديث ؟ ومن المستفيد من وراء الحملة الشعواء التى يشنها البعض للإساءة إلى الرموز والزعماء فى تاريخنا الإسلامى والمصرى القديم والمعاصر ؟ وهل يمكن أن يكون وراء اصرار بعض الإعلاميين على ذلك شغل الرأى العام بقضايا جانبية بتعليمات من جهات عليا حتى يتناسوا الأزمات والمشاكل التى يواجهونها على كافة المستويات ؟ أم أن رغبة هؤلاء الإعلاميين فى تحقيق نسب مشاهدات عالية وحصيلة إعلانية أكبر هى السبب الوحيد من وراء استمرار هذه الحملات المثيرة للجدل والشبهات ؟. أقول هذا الكلام بمناسبة اصرار الإعلامى عمرو أديب على استضافة الكاتب والمفكر يوسف زيدان من خلال برنامجه "كل يوم"، على فضائية "ON E"، وراديو "نغم fm للتشكيك فى رموزنا التاريخية الذين سجلوا أسمائهم فى صفحات التاريخ . وكانت أخر البذاءات التى أطلقها من يسمى يوسف زيدان فى برنامج عمرو أديب أمس , اتهامه للزعيم الراحل أحمد عرابى بحرق مدينة الإسكندرية، وقال إنه أمر جنوده باستباحة المدينة، وتابع "زيدان": "الزعيم عمل إيه فى الإسكندرية؟.. حرق المدينة، وفى ميدان المنشية وهو ميدان محمد على أمر الجند باستباحة المدينة تطبيقًا لخطة عملوها الروس عندما أقدم نابليون على غزو روسيا. وقال زيدان فى نفس الحلقة : " إن حكم شرب النبيذ عند المذهب الحنفى حلال ولا شىء فيه، ولكن المذهب الشافعى يحرمه، مشيرًا إلى أن الأزهر الشريف يتبنى المذاهب الأربعة، والحرام يختلف وفق الاتجاهات المذهبية بالدين، وتابع: "النبيذ عند الأحناف حلال بينما محرم عند الشافعية"، مؤكدًا أن المذهب الرسمى للدولة المصرية "حنفى" بينما مذهبها الفعلى "شافعى". وواصل زيدان تخاريفه بالقول إن القائد صلاح الدين الأيوبى هدم 18 هرمًا فرعونيًا وأخذ حجارتها واستخدمها فى بناء القلعة، وتابع: "المقريزى قال إن صلاح الدين حاول تكسير أحجار الأهرامات ليبنى بها القلعة، وأن هناك 18 هرمًا خلعها لبناء القلعة". ورداً على تجاوزات زيدان , أشير فى البداية الى ما قاله الدكتور عاصم الدسوقى أستاذ التاريخ والمؤرخ المعروف " يوسف زيدان رجل يحمل دكتوراة فى الفلسفة، ولا علاقة له بالتاريخ، ويتكلم فى التاريخ دون تأهيل، لأن كل فرع فى العلم له منهج وطريقة بحثية للتحليل وقراءة النصوص، هو لا يجيد هذا , والذى يتصدى للتاريخ عليه أن يدرك المنهج البحثى للتاريخ، وكيفية استقاء المادة من المصادر، وليس من المطلوب أن تصدق المصدر على علته دون التحقق من صحته، والدكتور يوسف ليس على دراية بهذا المنهج، ودون تأهيل , كما أنه دخل فى مجال «هو مش قده»، وسار على شاكلة عمرو موسى، و«تبع الأونطة» التى تهاجم الرموز الوطنية. ولمزيد من التفاصيل نشير إلى أن يوسف زيدان ولد يوم 30 يونيو 1958 في مدينة سوهاج، مركز ساقلتة بقرية العوامية نجع الساقية بصعيد مصر وانتقل إلى الإسكندرية مع جده وهو طفل صغير ودرس في مدارسها. التحق بقسم الفلسفة في كلية الآداب في جامعة الإسكندرية , و حصل على الشهادات الآتية : - شهادة ليسانس الفلسفة من كلية الآداب جامعة الإسكندرية عام 1980. - حصل على درجة الماجستير في الفلسفة الإسلامية برسالته عن "الفكر الصوفى عند عبد الكريم الجيلي، دراسة وتحقيق لقصيدة النادرات العينية للجيلي مع شرح النابلسي". - حصل على درجة الدكتوراه في الفلسفة الإسلامية برسالته عن "الطريقة القادرية فكرًا ومنهجًا وسلوكًا، دراسة وتحقيق لديوان عبد القادر الجيلاني" وذلك عام 1989 . - كتب يوسف زيدان العديد من المؤلفات في مجالات متعددة منها ما يتصل بالتراث الإسلامي، كذلك الانتاج الأدبي. وتتوزع أعماله على فروع: التصوف الإسلامي والفلسفة الإسلامية وتاريخ العلوم الطبية والرواية والقصة القصيرة وكذلك فهرسة المخطوطات التراثية. وهكذا نرى أن يوسف زيدان ليست له علاقة مباشرة بالتاريخ , ولذلك نسأل : لماذا يقحم نفسه فى هذه القضايا الجدلية التى تثير الجدل العقيم وتشوه تاريخنا القديم والحديث ؟ وهل تقف وراء هذه الحملة جهات خارجية هدفها اثارة الفتن والأزمات والجدل الذى لا طائل من ورائه ؟ والى متى يتم السماح لأمثال هؤلاء الاشخاص بالظهور على الشاشات رغم أنهم غير مؤهلين للحديث فى التاريخ ؟ واذا كانت هناك رغبة من جانب بعض الإعلاميين فى مناقشة حقائق ووقائع التاريخ فلماذا لا تتم استضافة المؤرخون الثقاة الذين يعرفون الحقائق التاريخية وعلى دراية كاملة بظروف العصر الذى عاشت فيه الشخصيات التى يتم الحديث عنها ؟ . ونسأل أيضاً : لماذا يصمت الأزهر الشريف على الحملة الشعواء والمغالطات والاكاذيب التى يروج لها يوسف زيدان ومنها قوله ان المذهب الرسمى فى مصر وهو المذهب الحنفى يبيح شرب النبيذ ؟ ولماذا لا يتم الرد على كل الأكاذيب التى يروج لها زيدان حيث سبق له أن شكك فى السنة النبوية المطهرة , و قال أيضاً إن معجزة النبي محمد ( صلى الله عليه وسلم ) في رحلة الاسراء والمعراج ( قصة من الإسرائيليات والتراث الفارسي). كما زعم أن المسجد الأقصى الموجود في مدينة القدسالمحتلة، ليس هو المسجد الأقصى ذو القدسية الدينية الذي ذُكر في القرآن الكريم، والذي أسرى الرسولُ عليه السلام اليه , وهو الامر الذى نال إعجاب أفيجدور ليبرمان وزير الدفاع الإسرائيلي والذى أعرب عن سعادته بتصريح يوسف زيدان عن شخصية صلاح الدين الأيوبي ووصفه له بأنه «من أحقر الشخصيات في التاريخ»، وقال : (سعيد للغاية بتصريحات المؤرخين المصريين التي تنزع القدسيّة عن أكبر إرهابي في التاريخ الإسلامي صلاح الدين الايوبي، وعن أسطورة المسجد الأقصى المصطنعة)، متابعا: (إنها تدفع في اتجاه إيجابي بكون القدس عاصمة أبدية لدولة إسرائيل). ياسادة .. أوقفوا هذا الهراء والعبث الفكرى وكفاكم تشويها لرموزنا وقادتنا التاريخيين وعقيدتنا الإسلامية , وامنعوا أمثال هؤلاء من الظهور على الشاشات حتى لا يبثوا أكاذيبهم وسمومهم الفكرية التى لا تخدم إلا أعداء مصر وأمتنا الإسلامية والعربية !!! .