ما زال الشعب يريد إسقاط النظام حتى بعد مرور قرابة عام ونصف على ثورة 25 يناير، ولكن يبدو أن الكثير من الناس فقدوا البوصلة وضلوا الطريق وحدث الانقسام، الذى حذرنا منه مرارًا وتكرارًا لدرجة أن الكثيرين أيضًا نسوا الثورة وكرهوها ونسوا دماء الشهداء، والتى هى ما زالت فى رقاب الكل سواء من قتلهم أو من رآهم يقتلون أو من ضيع حقوقهم فى المحاكم، ويكفى أحكام البراءة التى صدرت جميعها لصالح القتلة وأعوانهم ودخل الجميع فى صراع لا طائل من ورائه إلا الخيبة والندم يوم لا ينفع الندم، الأوضاع الآن متفجرة خاصة بعد الحكم، الذى انتظرناه طويلاً وجاء مخيبًا لآمال الثوار والكثير من ورائهم مما جعلهم يخرجون فى الميادين مرة أخرى تعبيرًا عن غضبهم ومطالبتهم بالقصاص مرة أخرى. حتى أنك ترى وتسمع كثيرًا من الناس، الذين يطلق عليهم البسطاء، يتحدثون عن الاستقرار وهم لا يملكون من الدنيا شيئًا، ولكنهم يتحدثون كما لو كانوا مخدرين أو مضللين يؤيدون قتلة الثوار وناهبى المال العام وإفساد الحياة السياسية خلال 30 عامًا مضت، ولم يحاكم أحد حتى اللحظة على هذه الجرائم حكمًا يشفى الصدور، ولكن يبدو أن البعض استمرأ حياة الذل والعبودية أو ما يسمى بأخلاق العبيد فكثيرًا ما كان العبيد فى العصور البائدة يضربون بالسياط ثم ينهضون لا ليثوروا أو يتذمروا على من ضربهم بل ليقبلوا أيدى صاحب السوط حتى يعيد ضربهم وإذلالهم مرة أخرى. هل وصل بنا الحال إلى هذا الحد من العبودية حتى نقبل أيادى جلادينا ومغتصبى حقوقنا المشروعة أو ليس مد اليد لقبول بعض الجنيهات للتصويت لأحد المرشحين أشد وطأة من الضرب بالسياط؟، أو ليس مد اليد لتقاضى ثمن الصوت الانتخابى هو شهادة الزور بكل ما تعنيه هذه الكلمة من جرم وبغض من الله لمرتكبها؟، أليس الصوت الانتخابى هو بمثابة شهادة يحاسبنا الله عليها يوم القيامة؟، أليس التصويت لمرشح الحزب الوطنى التعيس يضع صاحبه فى زمرة من نهبوا الأرض وتاجروا فى الآثار والمخدرات؟، أو ليس التصويت لمرشح الحزب الوطنى، الذى وقف أحد أعضائه منذ أيام يحث الناس على العودة وتعويض ما فاتهم وأخذ ما يعتقدون أنهم فقدوه خلال الأشهر الماضية؛ لأن فى عقيدتهم سرقة المال العام والاستيلاء على أراضى الدولة والتجارة غير المشروعة يعتبرونها حقوقًا لهم ويريدون أن يستردوها مرة أخرى. هل رأى أحد فى العالم كله أن البعض يعتبر السرقة والنهب والتجارة المحرمة حقًا لهم ولابد أن يستردوه هل رأيتم جنونًا من قبل مثل هذا الجنون والفجور الفج الذى نسمعه ونراه هذه الأيام، إنها حقًا لكبيرة الأثافى، وحقًا إن لم تستحِ فافعل ما شئت أن تفعل فلا حسيب ولا رقيب إلا الله سبحانه وتعالى هو القادر على كل شىء. التشكيك والمساومات والابتزاز الذى يحدث هذه الأيام مع أحد المرشحين لم نر له مثيلاً من قبل ولا يصب أبدًا فى صالح الثورة، فالوقت الراهن ليس وقت هذا الكلام، ولكن إما أن نكون مع الثورة وننحاز لها حتى تحقق مصلحة الوطن وجميع المواطنين، أو ننحاز إلى الثورة المضادة ولا نشتكى أو نتألم أبدًا بعد ذلك، ونقول إن الحكم سيئ وأن النظام القديم ما زال كما هو، ساعتها فقط سنستحق ليس الضرب بالسياط ولكن الركل بالأحذية سيكون هو السمة الغالبة، حيث سيعود البهوات والبشوات من جديد ويلاحقنا العار مدى الحياة على من استشهدوا وضاعت دماؤهم هدرًا وعلى الجرحى والمصابين ومن فقدوا عيونهم أو أيا من أعضائهم حتى نرى دائمًا ذنوبنا وخطايانا أمامنا تلاحقنا مدى الحياة فى الليل قبل النهار، النهار،وإلى من يقترح مقاطعة التصويت: يقول مصطفى كامل إن الذى يتهاون فى حق مصر ولو مرة واحدة يبقى أبد الدهر مزعزع العقيدة سقيم الوجدان. وتبقى كلمة أخيرة لله وللوطن والتاريخ، أن من يخون هذا الوطن فى ثورته سيبغضه الله وسيكرهه التاريخ ويلعنه المواطنون أبدًا ولن يسامحه ضميره على ما ارتكبت يداه فى حق الوطن والثورة والثوار، لذلك أهيب بكل المواطنين ألا ينساقوا تحت أى مسمى وراء تسويق الأمن والاستقرار فقد عشنا هذا النوع من استقرار القهر والذل والعبودية طوال ستين عامًا تقهقرت فيها الأوضاع فى مصر حتى أصبحنا فى ذيل الأمم ولذلك لا تنخدعوا بالكلام والمهاترات الخارجية أو الداخلية، وأن تحكموا العقل فى اختياركم للرئيس القادم ولا تكتموا الشهادة لأن من يكتم الشهادة فهو آثم حتى نصل جميعًا إلى بر الأمان؛ لأن الوضع لا يحتمل الخطأ وإن استطعنا التغيير الحقيقى هذه المرة نستطيع التغيير بسهولة فى المرات القادمة، أما إن لم نستطع فقل على الثورة والثوار السلام، ويعلم الله وحده كيف ستكون الأوضاع بعد ذلك، اللهم احم هذا البلد من المتربصين به واحم أهلها من كل سوء ووفق أهلها إلى ما فيه الخير والصلاح وحسن الاختيار. [email protected]