لم يتمالك أحد شهود الإثبات دموعه عندما استعاد مشهد المجزرة الدموية التي شهدها إستاد بورسعيد خلال إدلائه بشهادته أمس محكمة جنايات الإسماعيلية المنعقدة بمقر أكاديمية الشرطة بالتجمع الخامس برئاسة المستشار صبحى عبد المجيد، حينما تذكر مشهد زملائه بينما يتم إلقاؤهم من أعلى المدرج إثر هجوم جماهير النادى المصرى على مدرج جماهير الأهلى. وقال محمد شعبان مطاوع (16 سنة)، طالب بالثانوية العامة، إن جماهير النادى المصرى رددوا عبارة "العلقة برة" منذ وصولهم إلى مدينة بورسعيد، وإنه فوجئ أثناء نزوله إلى دورة المياه بين الشوطين بشخص لهجته بورسعيدية يقول له "إللى يعرف يمشى منكم يمشى" وإنه بعد عشر دقائق من الشوط الثانى حاول الخروج من الإستاد بعد أن شعر بالقلق من عدم وجود الحماية اللازمة من الأمن، لكن أحد قيادات الشرطة منعه من الخروج. وأضاف أنه عقب انتهاء المباراة تعرض للضرب بعد هجوم جماهير النادى المصرى على المدرج الشرقى الخاص بجماهير الأهلى، حيث قام شخص من جماهير المصرى بالاعتداء عليه بشومة مدببة بالمسامير أحدثت به إصابة بعينه اليسرى، كما قام آخر بضربه بشومة على جنبه الأيمن. وأشار إلى أنه عقب الاعتداء عليه توجه إلى الممر، وعندها لم يتمالك الشاهد وأجهش بالبكاء أمام المحكمة، فقال له القاضى "لو مش قادر تتكلم عن الموقف بتاع الممر ده عديه دلوقتى"، وهنا تدخل بعض أهالى الشهداء مطالبين رئيس المحكمة بعدم الضغط على الشاهد للحديث عما رآه داخل الممر فرد رئيس المحكمة "إللى ها يُخِل بنظام الجلسة ها خرجه بره، أنا مش جاى ألعب"، ثم كرر على الشاهد عبارة "لو مش قادر تفتكر بلاش". واستطرد الشاهد فى وصف ما حدث وما رآه عند دخوله الممر، قائلا "عندما دخلت إلى الممر وجدت زحامًا شديدًا وتدافُعًا، وشاهدت أحد زملائى ملقى على الأرض ويخرج من فمه "رغاوى" وينطق بالشهادتين"، وأضاف أنه نتيجة للتدافع سقط فوق صديقه الملقى على الأرض وأغمى عليه وهو يسمع الكثير حوله ينطقون بالشهادتين. وقال الشاهد إنه بعد أن أفاق وجد أحد الأشخاص يحمله ويخرجه من الممر، ولخص ما حدث بعد ذلك بعبارة "الناس كانوا ميتين فوق بعض وإحنا مش قادرين نشيلهم وضباط الداخلية كانوا بيتفرجوا علينا". أما الشاهد أحمد جمال إسماعيل محمد، (22 سنة) فقال إنه ذهب مع غيره من المشجعين إلى إستاد بورسعيد عن طريق القطار لكنهم فوجئوا قبل الوصول بمسافة قليلة بتوقف القطار والتعدى عليهم من قبل أهالى بورسعيد بالضرب وإلقاء الحجارة، واستقلوا أتوبيسات لتوصيلهم إلى الإستاد وهناك وجدوا زجاج مكسر على الأرض أمام بوابة الإستاد. وذكر أنهم دخلوا إلى الإستاد دون تفتيش من قبل الأمن وبدون تذاكر، وأشار الشاهد إلى أنهم تبادلوا السب والشتائم أثناء تواجدهم بالمدرجات قبل بدء المباراة، وقام جمهور النادى المصرى بإشعال النيران فى علم النادى الأهلى فى محاولة منهم لاستفزازنا، وأكد أنهم قاموا بالإشارة لهم بحركات وإشارات مهينة وخارجة وكان ذلك خلال انتهاء الشوط الأول. وأضاف أنه قبل انتهاء المباراة بدقيقتين تقريبًا قام جمهور المصرى بإشعال الشماريخ والنزول إلى أرض الملعب، وشاهد اللاعبين وهم يتعدون عليهم بالضرب وصعد جمهور الأهلى إلى الأعلى محاولاً إنقاذ نفسه وبعضهم حاول الهرب إلى الممر وانطفأت الأضواء، واستمرت اعتداءات جماهير المصرى على جماهير الأهلى بالشوم والكراسى الحديدية والأسلحة البيضاء. وقال الشاهد إن العناية الإلهية أنقذته من الضرب المبرح والموت، وإنه رأى جمهور المصرى يشعل النيران فى الأهلى، وآخرون هددوهم بخلع ملابسهم أو الرمى من أعلى المدرجات، وبعد ذلك قام جمهور الأهلى بالهرب واتجهوا نحو أرض الملعب، وقام عدد من المشايخ بإخراجهم وأحضروا لهم المياه وساعدوهم فى الفرار من المكان عن طريق سيارات الأمن المركزى. وأضاف، أنه تم عرض الصور الفوتوغرافية عليه والفيديوهات أمام النيابة العامة وأنه تعرف على أحد المتهمين. وقال الشاهد للمحكمة إنه وقت الاعتداء عليه كان يلقن نفسه الشهادة قائلا "أنا كنت بتشاهد على روحى"، وأشار إلى أنه أصيب بنزيف بالأربطة وقال "أنا حمدت ربنا لأننى أحسن من غيرى". كما استمعت المحكمة إلى الشاهد عبد العزيز حمدى، (21 سنة)، يعمل بمطعم بالمهندسين، والذى أكد فى شهادته أنه رأى جماهير النادى المصرى يقومون بإلقاء عدد من زملائه من أعلى المدرج، حيث كانوا يقومون بدفع بعضهم من أعلى السور والبعض الآخر كانوا يحملونه ويلقونه فى الخارج. وأضاف أنه عندما شاهد هجوم جماهير المصرى عقب المباراة وقيامهم بالاعتداء عليه وعلى زملائه فكر فى الهروب من الاعتداء عليه بالقفز من أعلى سور المدرج الشرقى إلى الأسفل لكنه وجد المسافة كبيرة جدًا فقرر النزول على قدميه، وقام المعتدون من جمهور المصرى بالاستيلاء على كل متعلقاته وملابسه وحقيبته حتى أنهم حاولوا الاستيلاء على بنطلونه حتى ظهر أحد الأشخاص أسفل المدرج وألقى بجسده عليه وطلب من المعتدين الكف عن ضربه قائلاً "حرام عليكم ده بيموت"، بعدها اصطحبه أحد جنود الأمن المركزى إلى أحد المكاتب الملحقة بالإستاد حتى قابله شريف عبد الفضيل، لاعب النادى الأهلى، واصطحبه لغرفة خلع ملابس النادى الأهلى فوجد عددًا كبيرًا من زملائه بعضهم يردد الشهادتين والآخرين يتم إسعافهم.