أثار تقرير صندوق النقد الدولي، الذي ألمح فيه إلى عزم السلطات المصرية رفع أسعار المحروقات للوصول إلى الاسترداد الكامل لتكلفة رأس المال، واستكمال إصلاح منظومة الطاقة، جدلًا واسعًا بشأن ذلك، وتساؤلات حول ما إذا كانت الحكومة ستقدم على تلك الخطوة أم سيتم تأجيلها. وحذر الصندوق، مصر من تجميد خطة زيادة أسعار الوقود، حتى العام المالي المقبل، خشية تعرضها لمخاطر زيادة تكلفة المواد البترولية؛ بسبب الأسعار العالمية وسعر الصرف. وأشاد بإجراءات الحكومة المصرية لزيادة تعريفات الكهرباء إلى جانب اعلي أسْعَار المحروقات مرتين في نوفمبر 2016 ويونيو 2017. الصندوق وصف في تقريره قرارات زيادة الأسعار بأنها بمثابة خطوات "شديدة الأهمية"، مشددًا على أهمية استكمال الحكومة إصلاح منظومة دعم الطاقة. وتناول التقرير السياسات المالية وسياسات سْعر الصرف، التي يشملها البرنامج، حيث أشار إلى أن بنك مصر المركزي تبني سياسة مالية أكثر صرامة في مسعى لاحتواء التضخم، إلى جانب إدخال تعديلات ستعتمد على ديناميتات التضخم وتقييمه لتوقعات التضخم. واعتبر صندوق النقد الدولي، أن توحيد سْعر الصرف والقضاء على نقص الْعَمْلات الأجنبية، جذب التجارة غير الرسمية في القنوات الرسمية، وأن إطلاق برنامج الإصلاح في مصر يعد تحولاً من السياسات السابقة التى أدت إلى تراكم اختلالات داخلية وخارجية كبيرة. الدكتور شريف الدمرداش، الخبير الاقتصادي، قال إن إحدى النقاط الرئيسية في برنامج الإصلاح الاقتصادي التي تنفذه الحكومة، والتي تم الاتفاق عليها من قبل مع الصندوق، هو تحريك أسعار المحروقات للوصول للاسترداد الكامل لتكلفة رأس المال. وخلال تصريحه إلى "المصريون"، أوضح أن المراجعة القادمة للصندوق ستكون في ديسمبر القادم، وبناء عليها سيتم صرف 2 مليار دولار في يناير المقبل، منوهًا بأن تحريك أسعار الوقود شرط أساسي لصرف ذلك المبلغ. الخبير الاقتصادي، لفت إلى أن الانتخابات الرئاسية أصبحت على الأبواب، والمواطنون أصبحوا لا يطيقون زيادات جديدة في الأسعار، متابعًا "لذلك لا نستطيع التنبؤ بنسبة مائة في المائة على القرار الذي سيتخذه النظام". ونوه بأن النظام أصبح بين ثلاثة خيارات الأول الالتزام بالاتفاق الذي أبرمه مع صندوق النقد الدولي، أما الثاني، الانتخابات الرئاسية، بينما الخيار الثالث، الضغط المجتمعي، مشيًرا إلى أنه محاصر في خيارات صعبة. الدمرداش، لفت إلى أن هناك اعتبارات سياسية ومجتمعية تضعها السلطة في الحسبان؛ لذا يمكن التوصل لاتفاق بين الحكومة والصندوق على تأجيل قرار تحريك الأسعار إلى ما بعد الانتخابات المقبلة. وأكد أن الإصلاح هو ما يشعر به المواطن البسيط، وينعكس على مستواه المعيشي، أما الإشادات والحديث عن الإنجازات دون تحقيق ذلك، فلا يمكن اعتباره إنجاز. أما الدكتور إبراهيم الشاذلي، أستاذ الاقتصاد المتفرغ جامعة النهضة، توقع أن تتخذ الحكومة خلال الفترة القادمة، قرارًا برفع أسعار المحروقات، مؤكدًا أن كل شيء أصبح ممكن الحدوث في هذه الأوقات. وأوضح الشاذلي، في تصريحه ل"المصريون"، أن تقارير صندوق النقد الدولي، لا تستند لوقائع أو أرقام اقتصادية حقيقية تعبر عن الواقع الأليم الذي يعيشه الاقتصاد المصري، منوهًا بأنها كغيرها من التقارير التي قدمها للدول الأخرى. الخبير الاقتصادي، لفت إلى أن الصندوق، لا يهمه سوى تنفيذ الإجراءات التي يميلها على الحكومة، وخاصة رفع الأسعار وبالذات أسعار المحروقات، مشيرًا إلى أنه في تقريره لم ينظر إلى الدين العام للدولة، كما لم يتطرق إلى متوسط دخل الفرد. وتابع، "على الرغم من وجود رجال ذوي خبرة داخل الحكومة كما يزعمون، إلا أنهم لم يتخذوا قرارات لمواجهة المشكلة الاقتصادية ولم يسعوا إلى تأسيس مشروعات استثمارية". واختتم حديثه "القروض التي تقترضها مصر لا يتم استغلالها في إنشاء مشروعات استثمارية، تدر عائدًا يمكن استخدامه في سداد القروض، ولكنها تستغل مباشرة في سداد القروض السابقة، وبالتالي لا تنمية بل مزيد من التدهور". ورفعت مصر في يوليو الماضي، أسْعَار الكهرباء المنزلي بنسب متفاوتة وفق شرائح الاستهلاك، تراوح بين 18 إلى 42.1% خلال العام المالي الجاري 2018/2017. كما رفعت أسْعَار الوقود "البنزين والسولار وغاز البوتاجاز"، في نهاية يونيو الماضي، بنسب متفاوتة تراوح بين 5.6 و100%، للمرة الثانية بعد تحرير سْعر صرف الجنيه أمام الْعَمْلات الأجنبية في 3 نوفمبر 2016.