كثيرًا ما نسمع عن نفي الحكومة لكثير من القرارات، وبعدها يحدث العكس تمامًا، ومن ثم أصبح نفي الحكومة تأكيدًا على أن يحدث ذلك العكس، حيث قال الدكتور عمرو الجارحي، وزير المالية، إنه في ضوء الأوضاع الحالية، فإن الحكومة لا تنوي تحريك أسعار الوقود مرة أخرى، خلال العام المالي الحالي، مؤكدًا أن برنامج الدعم يسير وفق الخطة الموضوعة. ويرى صندوق النقد الدولي أن مصر أقدمت على إصلاحات هامة وحاسمة في ملف إصلاح دعم الطاقة، لكنها لا تزال متأخرة، موضحًا أنه لا بد من إكمال خطة رفع الدعم عن أسعار الوقود، حيث تلتزم الحكومة بالقضاء على دعم المواد البترولية في يونيو 2019، وتأجيل الخطة الموضوعة له مخاطر كبيرة تتعلق بارتفاع سعر البترول العالمي وأسعار الصرف. وأشار التقرير الذي أصدره صندوق النقد إلى أن زيادة الكهرباء ورفع أسعار الوقود مرتين في نوفمبر 2016 ويونيو 2017 كانت إجراءات حاسمة في سبيل تغطية تكلفة إنتاج هذه السلع، لكن نتيجة لتعويم الجنيه لم تكن هذه الزيادات في أسعار الوقود كافية لتحقيق خطة الحكومة لخفض دعم الوقود كنسبة من الناتج المحلي، ورفعت التكلفة لمستويات ما قبل إعداد برنامج الإصلاح الاقتصادي. وتوصلت مصر لاتفاق مع صندوق النقد الدولي في نوفمبر 2016، وحصلت بمقتضاه على 4 مليارات دولار على دفعتين حتى الآن، من إجمالي قرض بقيمة 12 مليار دولار تحصل عليه خلال 3 سنوات، وتنتظر مصر صرف الدفعة الثالثة بقيمة 2 مليار دولار خلال ديسمبر المقبل بعد المراجعة المنتظرة في نهاية أكتوبر القادم من بعثة صندوق النقد الدولي، التي تتابع برنامج الإصلاح الاقتصادي وكيفية تنفيذ مصر لما جاء في خطاب النوايا الذي وافق بموجبه الصندوق على القرض. وقال إلهامي الميرغني، الخبير الاقتصادي: كثيرًا ما تصدر تصريحات من المسؤولين لتؤكد عدم زيادة الأسعار ثم يفاجأ المواطنون بزيادات كبيرة، فتكون الصدمة أعلى وفقدان الثقة في الحكومة أكبر، وهو ما حدث في معظم المناسبات، خاصة أنه بعد كل تعهد من الحكومة بعدم زيادة الأسعار يحدث العكس تمامًا. وأضاف الميرغني ل«البديل» أن الأسعار وفق نظريات الاقتصاد القديمة هي نتاج التفاعل بين العرض والطلب، لكن في ظل العولمة المتوحشة وشروط صندوق النقد الدولي تحدث ارتفاعات غير مبررة في الأسعار، ليس نتيجة ندرة العرض أو زيادة الطلب، بل نتيجة خضوع الحكومة للبيع بالأسعار العالمية، بينما أجور ومعاشات ملايين المصريين تنهار أمام الارتفاعات المتتالية في الأسعار، والتي تراعي مصالح الخارج، وتغفل مصالح الشعب المصري. وأكد الخبير الاقتصادي أن الحكومة تحاول إرضاء الصندوق وتهدئة الشعب الغاضب من ارتفاع الأسعار، بعد أن وصل التضخم إلى 34% بحسب إحصائيات البنك المركزي، مشيرًا إلى أن تأكيدات المسؤولين بأنه لا زيادة في الأسعار أصبحت أغنية مكررة، وحكمة وخبرة الشعب المصري تقول "المية تكدِّب الغطاس، والأيام بيننا".