أقدمت السلطات المصرية على حجب موقع منظمة «هيومن رايتس ووتش»، وذلك بعد يوم من نشرها تقريرًا عن التعذيب في السجون المصرية، واتهامها أجهزة الأمن باستخدام التعذيب لمعتقلين سياسيين وعمليات إخفاء قسري. وبالبحث عن الموقع عبر «جوجل»، تبين حجب الموقع في مصر، في قرار لم تعلن عنه أي جهة حتى الآن، لينضم على عشرات المواقع المحجوبة دون إعلان الجهة التي قامت بذلك ولا الأسباب التي أستندت إليها. واتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش قوات الشرطة والأمن الوطني في مصر بتعذيب المعتقلين السياسيين بأساليب مختلفة من بينها الاغتصاب. من جانبها، نفت الخارجية المصرية التقرير ووصفت ما جاء فيه بأنه من قبيل الاستهداف والتشويه المتعمد من جانب المنظمة. وقال المستشار أحمد أبوزيد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، إن المنظمة "معروف أجندتها السياسة وتوجهاتها المنحازة، مضيفا أنها تعبر عن مصالح الجهات والدول التى تمولها". وقالت المنظمة، في تقرير بشأن حقوق الإنسان في مصر، إن "ضباط وعناصر الشرطة وقطاع الأمن الوطني في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي يعذبون المعتقلين السياسيين بشكل روتيني، وبأساليب تشمل الضرب والصعق بالكهرباء وأحيانا الاغتصاب". ولطالما نفت القاهرة اتهامات مماثلة من المنظمة، وقالت إنها "ليست لديها مصداقية بسبب ما دأبت عليه من ترويج للأكاذيب ومعلومات مغلوطة." وفي التقرير، قال نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالمنظمة جو ستورك: "الرئيس السيسي أعطى ضباط وعناصر الشرطة والأمن الوطني الضوء الأخضر لاستخدام التعذيب كلما أرادوا". وأضاف: "لم يترك الإفلات من العقاب على التعذيب المنهجي أي أمل للمواطنين في تحقيق العدالة". واستنكر المتحدث باسم الخارجية المصرية استمرار ما وصفه بالمحاولات "اليائسة للتشويه المتعمد لثورة الثلاثين من يونيو، ووصفها بالانقلاب العسكري ضد رئيس منتخب، وتشبيه أوضاع حقوق الإنسان في مصر بفترة ما قبل ثورة يناير". وحذر التقرير من أن "التعذيب الممنهج وواسع النطاق من قبل قوات الأمن قد يرقى إلى جريمة ضد الإنسانية". "إفلات من العقاب" وقالت المنظمة إن تقريرها، المؤلف من 44 صفحة، "يوثق كيف تستخدم قوات الأمن، لا سيما عناصر وضباط الأمن الوطني التابع لوزارة الداخلية، التعذيب لإرغام المشتبه بهم على الاعتراف أو الإفصاح عن معلومات، أو لمعاقبتهم". وذكر التقرير أن النيابة العامة "تتجاهل عادة شكاوى المحتجزين بشأن سوء المعاملة وتهددهم في بعض الأحيان بالتعذيب، مما يخلق بيئة من الإفلات شبه التام من العقاب". وتقول هيومن رايتس ووتش إنها أجرت مقابلات مع 19 معتقلا سابقا وأسرة معتقل آخر قالوا إنهم تعرضوا للتعذيب بين عامي 2014 و2016. وأشارت إلى أنها التقت أيضا بمحاميي الدفاع عن هؤلاء وحقوقيين مصريين، كما راجعت، حسب قولها، عشرات التقارير عن التعذيب التي أصدرتها المنظمات الحقوقية ووسائل إعلام مصرية. "انتقائية" وعلقت الخارجية المصرية على الشهادات التي اعتمد عليها التقرير قائلة إنها "تكشف بوضوح مدى الانتقائية في اختيار مصادر المعلومات من خلال اللجوء إلى كيانات معروفة بتوجهاتها المنحازة ضد الدولة، وشخصيات مجهولة، ومحاولة بناء فرضيات على أسس واهية". وأضافت أن المنظمة أغفلت "التقدم المحرز" في ملف حقوق الإنسان في مصر على مدار السنوات الماضية، "وفي مقدمتها الالتزام المصري الرسمي على أعلى المستويات السياسية بمحاسبة من يثبت تورطه في عمليات تعذيب أو أية انتهاكات لحقوق الإنسان". واتهم الكثير من تقارير منظمات حقوقية مصرية ودولية السلطات المصرية منذ يوليو2013 بملاحقة المعارضين في أعقاب إطاحة الجيش، بقيادة السيسي وزير الدفاع آنذاك، بالرئيس محمد مرسي، المنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين، بعد احتجاجات شعبية واسعة مناهضة لحكمه في 30 يونيو 2013. وتقول الحكومة المصرية إن إجراءاتها تهدف إلى الحفاظ على الأمن وتحقيق الاستقرار في مصر التي تعاني من اضطرابات منذ ثورة 25 يناير عام 2011. وتصر على انها تكافح الإرهاب.