بعنوان "لا شئ بدون ثمن" قالت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، إن هناك أنباء تشير إلى نية الحكومة المصرية فتح معبر رفح بشكل دائم مطلع الشهر القادم، وهو الأمر الذى يضرب الحصار الإسرائيلى "فى مقتل"، بعد 10 سنوات من الحصار. وعلق"تسفي برئيل"، المحلل السياسي بالصحيفة، فى مقال له، إنه إذا ما صحت الأخبار حول فتح معبر رفح من الجانب المصري بشكل دائم، أمام البضائع والأفراد، لن يكون هناك أي جدوى حقيقية لاستمرار الحصار، وقتها سيكون بإمكان سكان غزة الوصول عن طريق مصر إلى أي مكان في العالم، سيتمكن الطلاب من السفر للدراسة، ويحصل المرضى على الرعاية الطبية اللازمة. وأضاف: "إن مصر مثلها مثل إسرائيل تحتاج إلى كيان مسؤول بغزة في ظل فشل السلطة الفلسطينية في السيطرة على القطاع، وإذا ما تأكدت الأنباء عن فتح معبر رفح فإن الرابح الأساسي من هذه الخطوة سيكون محمد دحلان"، في إشارة للقيادي الفتحاوي المفصول ورئيس جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني الأسبق. وواصل برئيل في مقال له بالصحيفة "هل تنوي القاهرة إنهاء الحصار الذي تفرضه تل أبيب على غزة منذ 10 سنوات؟"، مضيفا "إذا تأكدت الأنباء عن فتح معبر رفح بالجانب المصري، سواء لحركة الأفراد او البضائع، لن يكون هناك أي جدوى فعليه لاستمرار تل أبيب في سياسة الحصار، فحينها سيتمكن مواطنو القطاع من الذهاب عبر مصر لأي مكان في العالم، وسيستطيع الطلاب بالقطاع تلقي العلم بأي دولة، والمرضى سيحصلون على العلاج الطبي، ليس في إسرائيل بل في مصر أو الأردن أو أوروبا". وأشار "وقتها ستخرج البضائع وتدخل بمنتهى المرونة، وإسرائيل لن يكون لديها شريك عربي حيوي، يحافظ معها على الحصار الذي حول غزة إلى مكان من المحال العيش به، وبالرغم من ذلك لم نسمع حتى الآن عن أي بيان رسمي مصري أو رد إسرائيلي فيما يتعلق بفتح المعبر بداية الشهر القادم، الأمر الذي لو جرى فلن يكون بمبادرة مصرية أحادية الجانب منفصلة عن منظومة التنسيق والتعاون الأمني القائم في السنوات الأخيرة بين القاهرة وتل أبيب". وأضاف "على الرغم من أن فتح المعبر هي خطوة من شانها تعزيز موقع حماس في القطاع ومنح الحركة أداة اقتصادية هامة جدا، إلا إن الفتح أيضا سيخدم المصلحة السياسية المصرية دون المساس بالمصلحة الإسرائيلية"؛ موضحا أن القاهرة وضعت عددا من الشروط الأساسية لفتح المعبر ؛ أولها وأهمهما هو إدارة السلطة الفلسطينية للأخير، لكن في تناف وتعارض مع اتفاقية المعابر التي وقعت عام 2005 ولم تكن القاهرة طرفا بها، فإن السيسي لا يصر على تواجد طرف ثالث أوروبي بالمعابر ويكتفي بأن يكون موظفو السلطة الفلسطينية جزء من العاملين بالمعبر". ولفت إلى أن "المهم بالنسبة للسيسي هو ألا يكون الشخص المسئول أمام القاهرة عن المعابر ، ألا يكون حمساويا، وذلك لكي يمكن وقتها القول إن محمد دحلان رجل فتح هو الذي حصل على تلك الهدية وليس حماس"، مضيفا أن "الأمر ليس مجرد ديكور أو زخرفة لتوفير تبرير مناسب لفتح المعبر الحدودي؛ وإنما هو جزء لا ينفصل عن سياسة الرئيس المصري الذي يرى في دحلان شخصا جديرا بالثقة، والذي من خلاله سيعيد للقاهرة مركزها كمسؤولة عما يحدث بغزة بشكل خاص والأراضي الفلسطينية بشكل عام، ودحلان يرغب في خلافة محمود عباس رئيس السلطة حينما تكون الظروف مناسبة ولا يخفي القيادي الفتحاوي السابق هذا الأمر". وأضاف "لكن لكي يتبوأ دحلان مكانته في غزة كان من الضروري تسخير حماس والحصول على موافقتها الأمر الذي حدث بعد مراجعة سياسية طويلة للذات قامت بها قيادة الحركة، والتغيرات التي جرت من رحيل خالد مشعل –رئيس المكتب السياسي السابق للحركة- وتعيين كل من إسماعيل هنية خليفة له ويحي السنوار رئيسا للحركة في القطاع، بجانب إعلان ميثاق الأخيرة الجديد، كل هذا أثمر عن النتيجة التي يمكن للقاهرة قبولها". وواصل "القاهرة اهتمت بانفصال حماس عن الإخوان المسلمين والتي تدير ضدهم حربا بلا هوادة أو رحمة، كما اهتمت بميثاق الحركة الفلسطينية الجديدة الذي يحقق لمصر مرادها، ففي مقابل الميثاق القديم لا يوجد في الأحدث أي ذكر للإخوان المسلمين أو أي علاقة بين حماس وبين الحركة الأم ، لكن القاهرة طلبت المزيد من التصريحات ووفقا لشهادات مسؤولي حماس فقد وافقت الأخيرة على زيادة الإشراف العسكري من جانبها على الحدود مع سيناء لمنع استمرار تسلل نشطاء التنظيمات الإرهابية لغزة أو منها". وقال "في المقابل توصل مسؤولو حماس إلى اتفاقات مع دحلان في اللقاءات التي أجريت برعاية وأحيانا بمشاركة رجال المخابرات المصرية المسؤولة عن إدارة الاتصال مع غزة؛ ووفقا لمسودة الاتفاق الذي سرب قبل 3 أسابيع فإن دحلان سيكون أشبه برئيس الإدارة المدنية في غزة، ومسؤولا عن إدارة المعابر سواء على الجانبين المصري والإسرائيلي، والمفاوض في تلك المباحثات مع كل من القاهرة وتل أبيب والمسؤول أيضا عن جمع الأموال لإعمار غزة". وأضاف "حماس التي نضبت مصادر تمويلها منذ انفصالها عن سوريا وإيران، بقيت بلا أي خيارات سياسية واقتصادية، والإملاء المصري الذي جاء مع وعد بفتح المعبر الحدودي كان المتنفس الحيوي الوحيد للحركة الفلسطينية؛ لكن أسطوانة الأكسجين هذه لم تمنح لغزة مجانا، فمصر كإسرائيل تحتاج إلى كيان مسؤول بالقطاع، إزاء فشل عباس في السيطرة على غزة". واستكمل "بينما ترى القاهرة في إبعاد غزة عن التنظيمات الإرهابية بسيناء المصلحة الأولى لها، فإن تل أبيب لديها مصلحتها أيضا؛ فطالما هناك إداراتان فلسطينيتان واحدة في الضفة والثانية في غزة، يمكن لإسرائيل أن تزعم أن هذه أو تلك لا تمثل الشعب الفلسطيني وبهذا ستجد ما يثبت إدعاءاتها بعدم وجود شريك فلسطيني للسلام". وهذا ما سيفيد القاهرة كذلك -أضاف برئيل- فإقامة إدارة فلسطينية في غزة تتيح لمصر تحييد قطر ولا يكون لها تأثير بالقطاع، كما أن تركيا لن يمكنها التمتع بالعمل بحرية في المنطقة رغم الدعم الحمساوي لها؛ وإذا تحول الاتفاق بين دحلان وحماس إلى واقع فسيكبح هذا الأمر مطامح طهران في غزة.