أبو عود: التعديلات الدستورية تهدف لإرضاء الحكام منذ العصور الملكية نجيدة: العمليات الديمقراطية استفتاء على المتفق عليه من البداية المحاولات المستميتة لتعديل الدستور على مر العصور، تعد كل محاولة منها حالة منفردة بكل ما تحمله من تفاصيل ومآرب ومعوقات واجهتها، فتجربة الرئيس الراحل محمد أنور السادات، كانت لها تكلفتها السياسية على البلاد لمدة عقود طويلة، وذلك فى أوائل الثمانينيات من القرن الماضى، حيث تقدمت النائبة فايدة كامل، بالتحديد فى عام 1980، باقتراح لتعديل المادة 77 من الدستور، بما يسمح ببقاء الرئيس لمدة غير محددة، على الرغم من أن دستور 71 ينص فى ذلك الوقت على أن تكون مدة الرئيس 6 سنوات، ويجوز أن تجدد لمدة واحدة أخرى، وبالفعل تم الاستفتاء على المادة، وجاءت نتيجة الاستفتاء ب"نعم" للتعديلات الدستورية ب 11 مليون صوت، فيما رفض التعديلات 60 ألف شخص، ولم يشأ القدر أن يستفيد السادات من هذا التعديل الدستورى، حيث اغتيل فى 6 أكتوبر 1981. مبارك حاول الرئيس المخلوع حسنى مبارك، أن يكرس لنجله جمال الحكم، فقرر فى ديسمبر عام 2006، إرسال رسالة إلى البرلمان يطلب فيها إدخال تعديلات دستورية فى دستور 1971، وتعديل 34 مادة من الدستور، وتضمنت مقترحات مبارك مواد مثيرة للجدل، أبرزها المادة التى تكفل الحريات العامة وتمنع توقيف المواطنين إلا بعد الحصول على إذن قضائي، وإلغاء الإشراف القضائى على الانتخابات البرلمانية والرئاسية، ونقل مهمة الإشراف إلى لجنة مستقلة تدير العملية الانتخابية. وقد وافق مجلس الشعب على هذه التعديلات والتى قيل وقتها إنها لصالح الوريث غير الشرعى جمال مبارك، ومن ثم وافق مجلسا الشورى والشعب، ورجعت التعديلات فى مارس عام 2007، وفى نهاية ذلك الشهر أجريت الاستفتاءات على هذه التعديلات، وقد وافق الشعب على التعديلات بنسبة بلغت 75%، ولكن لم تستمر الأمور على هذا الوضع بسبب قيام ثورة 25 يناير المجيدة. مرسى لم يكمل الرئيس الأسبق محمد مرسى على مقعد الرئاسة سوى أشهر قليلة، وإذ به يصدر إعلانًا دستوريًا مكملاً تضمن حزمة من القرارات، أبرزها تحصين الإعلانات الدستورية والقوانين والقرارات الصادرة عن رئيس الجمهورية من الطعن عليها أمام أى جهة قضائية، وعدم جواز حل مجلس الشورى أو الجمعية التأسيسية المكونة وقتها من قبل أية جهة قضائية، إضافة إلى تعيين نائب عام جديد، وتمديد مدة عمل الجمعية التأسيسية الخاصة بإعداد الدستور الجديد للبلاد، ولكن لم تستمر الأمور طويلا بعد قيام ثورة 30 يونيو. من جهته، قال المحامى الحقوقى طارق نجيدة، إن الدستور المصرى بكل تبعاته منذ قيام الجمهورية وإعلانها قائم على منع الاستفتاء على رئيس الجمهورية، حيث إن الرئيس يهتم بالانتخابات والأطر الديمقراطية، ولكن ما حدث فى عصر السادات هو مجاملة له من خلال بعض نواب البرلمان الذى رأوا فيه القدرة على مواصلة المشوار للنهاية وهو ما لم يحدث بسبب حادث المنصة. وأضاف فى تصريحات خاصة ل"المصريون"، أن ما حدث مع الرئيس حسنى مبارك كان من أجل إدخال بعض التعديلات الدستورية لتوريث الحكم، إضافة إلى عدم وجود حياة سياسية أو حزبية أو حريات من الأساس، فى حين أن الدستور وضع قواعد حقيقية تقوم على التعددية وليس على الاستفتاءات، مشيرًا إلى أن مصر لم تر دستورًا أو انتخابات حقيقية سوى فى عام 2012، فكان التنوع والاختلاف هما أساس الصبغة الحقيقية للانتخابات. وأشار نجيدة إلى أن التعديلات التى يريدها البعض أن تطرأ على الدستور ما هى إلا انقلاب على الدستور الذى وضعة النظام ، ولكن الحقيقة تقول إذا تم تعديله أو لم يعدل، فالمعادلة فى النهاية "صفر"، لأن العمل السياسى والحزبى فى مصر فى تلك المرحلة ما هو إلا مرحلة موت للحياة السياسية بأكملها، وأصبحت كل العمليات الديمقراطية ما هى إلا استفتاء على المتفق عليه من البداية. ويقول الدكتور سعد أبو عود، أستاذ العلوم السياسية، إن التعديلات الدستورية التى قامت منذ العقود الماضية لم تكن وليدة الصدفة، فقد قامت فى "الملكية" أيضًا، من أجل إرضاء الملك، ودائما وأبدا تقام تلك التعديلات وقت أن تكون الدولة فى مرحلة منهكة سياسيًا واقتصاديًا. وأضاف فى تصريحات خاصة ل"المصريون"، أن ما يقال عن أن مبارك قام بالتعديلات الدستورية لتوريث ابنه، هو أمر غير صحيح، نظرًا لأن التعديلات قامت من أجل تعديلات قانونية ودستورية ليس لها علاقة بالتوريث، ولكن فى عصر مرسى كان الوضع مختلفًا للغاية لأنة قام بأشياء مخالفة للواقع. ويقول الفقيه الدستورى فؤاد عبد النبي، إن التعديلات الدستورية التى حدثت فى مصر فى العقود الماضية ما هى إلا مشاركة بين الرئيس ومؤيديه، وهو نوع من أنواع المحاباة أو المجاملة، وهذا يكون ضد الصالح العام، فالتعددية الحزبية أصبحت لفرض الهيمنة وقوة الفرد الواحد. وأضاف فى تصريحات خاصة ل"المصريون"، أن ما حدث مع الرئيس السادات ومبارك كان لفرض الرأى والهيمنة على الآخر، ويعد اغتصابا للسلطة، أما الإعلان الدستورى المكمل لا ينبغى أن يكون من ضمن التعديلات الدستورية، لأنه إعلان "دستور كامل" ليس له علاقة بالتعديلات الدستورية المتعارف عليها. وأشار إلى أن الحديث عن أى شيء خاص بالتعديلات الدستورية ما هو إلا خروج عن الشرعية القانونية وعلى النظام الدستورى للدولة، خاصة أن الدستور قد ذهب به الشعب لداخل الصناديق فكيف تسلب حقه الطبيعى منه، والحرية التى كفلها له هذا الدستور، لذلك فإن التعديلات تطفئ الشرعية وتساعد على إسقاط الدولة المصرية وليس على تثبيتها.