هذه ليست هلوسة، جاءت من أثر التمدد الحادث في الجمجمة بفعل تفاعل واحتراق مئات الأفكار في كل لحظة، إنما هي فكرة قفزت من هذا الجحيم، لتفرض نفسها على حوار دار بيني وبين ثلة من أصدقائي.. ماذا لو أصبحنا على خبر انسحاب الفريق أحمد شفيق من جولة الإعادة؟!. دعْ عقلك المندهش يتأمل الخبر، فلا مانع من أن نهرب قليلاً إلى احتمال يشبه الخيال، لنُمكن عقولنا المُجهدة من انتشال ذاكرتها من تحت مطرقة الأحداث المتداخلة المتشابكة المُعقدة..!. سأقصُّ عليك أيها القارئ العزيز ما دار بيني وبين أصدقائي، وشاطرنا التفاعل بحروف الإجابة عن السؤال المطروح في عنوان المقال!. قال الأول: لو أنسلَّ شفيق من السباق عند هذه النقطة بإرادته، فسوف يثبت للكافة أنه مصري ووطني حتى النخاع، وما أقدم على تلك الخطوة إلا حباً في الوطن، ودرءاً للفتنة المتوقع نشوبها بين المصريين، مؤكداً على أنه سياسي شريف كما كان مقاتلاً شريفاً، مقدماً الدليل على أنه أكبر مناصر للثورة المصرية، وذا كفيل برفع رصيده لدى الناس إلى أضعاف ما هو عليه الآن. وقال الثاني: لو اتخذ شفيق قرار الانسحاب من جولة الإعادة، فسوف يعتبره السياسيون والمحللون أذكى رجل على الساحة، وأكثرهم احتراماً لذاته، إذ لن تكون فترة الرئاسة القادمة ترفاً، ولكن ستكون أصعب فترة رئاسية في تاريخ مصر، ومطلوب من الرئيس أن يحقق فيها ما يشبه المعجزات، فإذا فشل في تحقيق ما يصبو إليه الناس فسوف يخسر كل شيء، ولن تقوم له قائمة، وبحساب المنطق والعقل لن يستطيع الرئيس القادم - أياً كان - تحقيق الكثير مما يرجوه الشارع، وبالتالي سيكون الانسحاب قراراً ذكياً للغاية لو اتخذه شفيق. وقال الثالث: أتصور أن شفيق قد فعل ذلك ليضع الإخوان في امتحان كاشف أمام الجماهير، وهو متأكد أن الإخوان لن ينجحوا في الامتحان، لأن العراقيل الطبيعية والمُصطنعة ستكون ضخمة للغاية، ولن يتمكن الإخوان - بقدراتهم السياسية المتواضعة - من التغلب عليها، ومن ثم سينهار مشروع الإخوان، و سيفقدون شعبيتهم في تلك الفترة، وهو ما يرجح كفته في الانتخابات القادمة. وقال الرابع: لقد شعر شفيق بضعف موقفه في جولة الإعادة، وبأن ما حققه في الجولة الأولى لا يمكن تحقيقيه مرة ثانية، فآثر الانسحاب، مفضلاً الاحتفاظ بالصورة القوية التي تشكلت عنه لدي الناخب المصري، تاركاً الحكم للقادم من الأيام، وربما كان ذلك سبباً وجيهاً لكي يفتح مع الإخوان والسلفيين والتيارات الثورية صفحة جديدة، فلا شيء يمكن استبعاده في لعبة السياسة. وقال الخامس: اصحوا، فقد نفت حملة شفيق خبر الانسحاب، مع التأكيد على إصرار الفريق على خوض جولة الإعادة بكل قوة، بعد أن تزايدت حظوظه بالفوز في الأيام الأخيرة. المهم.. عدنا من السباحة في لُجُّة السؤال الخيال، ثم مارسنا من جديد عادة المقارنة والفحص لنضمن حسن الاختيار. معلم وكاتب صحفي [email protected]