بقدر ما أصابنى الإحباط من الصعود المفاجئ والمريب للفريق أحمد شفيق، أحد أهم رموز الثورة المضادة، إلى جولة الإعادة فى أول انتخابات رئاسية فى مصر ما بعد الثورة! بقدر ما دفعنى ذلك الصعود إلى التأمل والتفكير والتريث مما جعلنى أرى من الإيجابيات والمنافع بصعود هذا الشفيق ما لم أكن أراه وأنا فى ظل حالة الإحباط التى انتابتنى فور سماع خبر صعود شفيق إلى جولة الإعادة! وأذكر من تلك الإيجابيات ما يلى:- 1-إيقاظ روح ثورة الخامس والعشرين من يناير المباركة بعد ما حدث لها من خمود مسبب وتواطؤ مدبر وذلك بالترشح المستفز للفريق أحمد شفيق، صديق مبارك الشخصى، ثم صعوده لجولة الإعادة وهو ما لم يكن يحدث(الإيقاظ) لو كان السيد عمرو موسى، ابن النظام السابق، قد وصل إلى جولة الإعادة؛ لانخداع كثير من المصريين بشخصيته ومظهره وسيجاره الكوبى! نظرًا للشو الإعلامى والبروباجندا المثارة حوله(بحب عمرو موسى وبكره إسرائيل!) وولع كثير من السذج بهذه المظاهر الكاذبة وعدم معرفة كثير من المصريين لحقيقة ارتباط عمرو موسى بنظام مبارك وتفانيه فى خدمته, وتردى حال الدبلوماسية المصرية فى عهده وخنوع السفارات والقنصليات المصرية فى الدفاع عن حقوق المصريين المغتربين فى الخارج, هذا بالإضافة إلى دوره السلبى فى الجامعة العربية, وعدم تحركه بالشكل المناسب أو المطلوب لكثير من الأزمات والمصائب التى حدثت إبان أمانته للجامعة العربية.. مثل احتلال العراق, والعدوان الإسرائيلى على الجنوب اللبنانى, والمؤامرة التى حيكت على السودان وتمت فصولها بانفصال شمال السودان عن جنوبه. 2- ومن إيجابيات صعود شفيق إلى جولة الإعادة فى الانتخابات الرئاسية، عودة اللحمة(بضم اللام) بين شركاء الوطن ورفقاء الثورة على اختلاف توجهاتهم وأيديولوجياتهم.. إسلاميين وعلمانيين.. ليبراليين ويساريين وذلك باستشعار الجميع للخطر المحدق على الثورة بل على مصر كلها بسبب صعود أحمد شفيق إلى جولة الإعادة فى أول انتخابات رئاسية بمصر ما بعد الثورة مدعومًا بالمجلس العسكرى! وأجهزة الأمن الوطنى والمخابرات العامة ومشاركة أعضاء من الجيش والشرطة فى عملية التصويت بالانتخابات, وهو الأمر الممنوع كما نعلم دستوريًا وقانونيًا. 3-ومن إيجابيات صعود شفيق دون سواه أمام أحد مرشحى الثورة(د.مرسى) منع حالة الاستقطاب الحادة بين أبناء الوطن الواحد، ولك أن تتخيل لو كانت الإعادة بين الأستاذ حمدين صباحى والدكتور محمد مرسى أو كانت بين أبناء التيار الإسلامى نفسه كالدكتور محمد مرسى والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح فلم نكن نتخيل ساعتها حجم الاستقطاب الداخلى والصراع الذى كان متوقعًا حدوثه من تأييد البعض منا لهذا دون ذلك! 4-ومن إيجابيات صعود شفيق إلى جولة الإعادة وضوح دور الكنيسة المصرية للقاصى والدانى فى الهيمنة والسيطرة على المسيحيين وتوجيه دفة أصواتهم من أجل تأييد أحد أهم أعمدة النظام المخلوع! وذلك من أجل تحقيق مصالح شخصية دون أى اعتبارات وطنية, ولتنهى حالات المزايدة والنفاق والمجاملة للكنيسة الأرثوذكسية (تذكر مواقف الكنيسة من تأييد مبارك ومن ملف التوريث) ومن مسارعة البعض لعمل قداس الأحد فى ميدان التحرير لما بدا للجميع إرهاصات نجاح الثورة حتى لا يخطف المسلمون الكاميرات بتجمعاتهم الحاشدة فى صلاة الجمعة بالميدان!! وثنائيات دانيال ومحمد! ويحيا الهلال مع الصليب! وكأنها ثورة 1919والتى قامت لمواجهة محاولات الاحتلال الإنجليزى للتفريق بين عنصرى الوطن فخطب القس على المنبر والشيخ فى الكنيسة وكأنها قامت من أجل ذلك، ولم تكن ثورة على نظام غاشم أمرض شعبه وأذله وأسكن ملايين المصريين القبور وهم أحياء وأجرم فى حق الأغلبية المسلمة دون غيرهم! وكانوا هم وقود الثورة وأساس بنيانها وتصدى شباب التيار الإسلامى بشهادة الشهود فى موقعة الجمل وغيرها وسطروا بدمائهم وحياتهم ملحمة الكفاح والنضال ولم يبيعوا قضيتهم أو يقدموا مصالحهم الشخصية على مصلحة وطنهم. طه الشريف، أمين حزب البناء والتنمية بالبحيرة.