عَرَضَت شاشة سى إن إن CNN الأمريكية يوم الأحد الماضي برنامجا إخباريا خاصّاً أعده جوناثان مان، عن السياسة المصرية وعملية الإنتخابات الرئاسية والبرلمانية، وما يعترى الشارع المصري هذه الأيام من أحداث نشأت عما يسميه المراسل "العملية الديموقراطية" التي لم تشهدها مصر منذ عقود، وقد دار حديث مع العديد من الشخصيات العامة سواء الرسميّة أو غير الرسميّة عن التوقعات التي تصاحب هذه العملية. فقد قال جورج اسحاق الذي ينتمي إلى حركة كفاية :"ما هذ الديموقراطية؟ ما معناها؟! إنني لا أؤمن بأن هذه العملية ديموقراطية على الإطلاق". ثم تحدثت رباب المهدي، المدرسة في الجامعة الأمريكيةبالقاهرة، ومعها الأستاذة ليلي سويف، الأستاذة بجامعة القاهرة، فذكرتا أن قوات الأمن قد اعتدت عليهما وعلى زملائهما من النساء خاصة،. وقد عرض صورا مخزية لمن أسماهم "بلطجية النظام الداعين لمبارك" وهم يضربون الناس ويعتدون عليهم، بعون البوليس، كما ذكرت كيف تم الإعتداء الجنسي عليها، وأن الذين فعلوا ذلك كانوا يقولون لها "إن هذا عقاب من يتصدى لمبارك!"، وبكت رباب بعد أن انتهك عرضها بالكلية!. ويعلق جوناثان مان، مستهزءا: "أن ذلك حدث بينما كانت زوجة بوش، في نفس اليوم، في زيارة للقاهرة، تقرظ جهد سوزان مبارك على دورها في دعم الديموقراطية ودور المرأة في المجتمع!" د. جون إسبوستو، الأستاذ في مركز التقارب الإسلامي المسيحي بجامعة جورج تاون، والمعروف بتفهمه للواقع العربي الإسلامي، قال أنه رغم مكانة مصر الريادية على المستوى الإجتماعي والإقتصادي والعلمي في الشرق الأوسط، إلا أنها ليست على مستوى الريادة في مسألة الديموقراطية. كما علّق على ما ذكرته رباب أن ذلك تكتيك الحكومة في ان ترهب النساء أولا، وأن ترسل رسالة واضحة للرجال أن هذا ما ستناله نساؤكم حال تحديكم للحكومة، ويتساءل جوناثان مان: "ولكن هل هذا في صالح الحكومة أم ضدها؟" ويجيب د. إسبوستو: "في ضد مصلحتها على المدى الطويل ولا شك". كذلك فإن ما حدث حدا بغادة شهبندر أن تعرب عن استيائها لما حدث لهولاء النساء بلا سبب، وهو ما دعاها إلى تنظيم حركة "شايفنكم". بينما يعلّق "نظيف!" على هذا بقوله أن هذه حوادث فردية قليلة لا غير!. وعرض التقرير عملية الإعتداءات على النساء في إبان هذه المظاهرات بالقاهرة. وقد ذكر المراسل أن مبارك قد ظلّ يحكم بقبضة حديدية ديكتاتورية عقود من الزمن بمساندة الولاياتالمتحدة، وعونها المالي وبدعم القوة العسكرية المصرية. وقالت د. عايدة سيف الدولة، المعالجة النفسية في مركز النديم لمعالجة ضحايا التعذيب: "إن الناس في يأس وغضب، ولا يرون مخرجا لهذا المأزق". وجاء دور رئيس الوزراء أحمد "نظيف!"، ليعبّر عن الرأي الرسمي للحكومة في أنها تسعى إلى الريادة في حركة الديموقراطية في العالم العربي كما كان لها الريادة في عملية السلام مع إسرائيل!، وقد ذكر بعدها بالحرف الواحد : "أن الدستور المصري واضح في هذا الشأن، إنه لا يسمح بقيام اي أحزاب على أساس ديني سواء كان هذا الدين هو الإسلام أو المسيحية أو اليهودية أو أي دين آخر!" ثم كان اللقاء مع ممثلي الإخوان الذي يعتبرهم الغرب ممثلي الحركة الإسلامية والتي قال عنها جوناثان "إنها العدو الحقيقي الذي تخشاه الحكومة". ويظهر في هذا الجزء من التقرير خلط الغربيين – عمدا أو جهلا – بالفارق بين ما يسمونه الإرهاب وبين الحركة الإسلامية التي تدافع عن الوجود الإسلامي في مصر بما يتاح لها من الوسائل، ويربط بين فكر "سيد قطب" رحمه الله وبين ما يسميه الإرهاب، ويذكر أن المؤمنين بهذا الفكر يرون أن تطبيق الإسلام هو الحلّ الوحيد لهذه الأمة وأملها في أن تقف في وجه الغزو الغربي. ولكن الدكتور إسبوستو يوضح أن قادة الإخوان أنفسهم لا ينكرون العنف فحسب ولكنهم يبعدون أنفسهم عن فكر سيد قطب بكل وسيلة ثم تحدث المراسل إلى نبيلة حامد، التي إعتقل زوجها منذ إثني عشر عاما، دون أي تهمة أو محاكمة، إلا أنه أصبح متبعا للإسلام أكثر من قبل، هذه كانت هي تهمته!. كما عبر الدكتور محمد مرسي المنتمي لحركة الإخوان عن أن المصريين يريدون دولة إسلامية تحكم بشرع الله، وقال متعجّبا أنه "إن كنا هنا أغلبية إسلامية تريد أن تحكم بلإسلام، فما هو الخطأ في هذا، فنحن نريد تطبيق الإسلام هنا في بلادنا وليس في بلادكم؟!". وقال مهدي عاكف مرشد الإخوان أن كلمات الله لا يمكن تغييرها، فإن منع الله الخمر أو زواج الشذوذ فلا مجال لتحليله، ولكن الديموقراطية في الغرب تسمح لأهلها أن يفعلوا ذلك، فليفعلوه هناك في بلادهم، ولكننا هنا لسنا كذلك". ويستمر التقرير الإخباري على هذه الوتيرة ويخلص بعدها إلى أن مصر على شفا تغيير قد يؤدى إلى تغيير حقيقي، إلا أنه، كما عبّر د. إسبوستو:"على الرغم من أن الحكومة قد فتحت الباب للتغيير مواربة، إلا أن الإحتمال قائم ولن تستطيع أن تغلقه مرة أخرى". [email protected]