64 مليار جنيه حصيلة التصالح مع رجال الرئيس الأسبق.. والجماعة تدفع 48 مليار جنيه طالب خبراء اقتصاديون، الحكومة بالتصالح المالي مع رجال الأعمال التابعين لنظام الرئيس الأسبق حسنى مبارك، وكذا المحسوبين على جماعة "الإخوان المسلمين"، وفتح صفحة جديدة معهم، مقابل تنازلهم عن حصة من أموالهم للدولة. وبلغ عدد المتصالحين مع الدولة نحو 40 رجل أعمال دفعوا نحو 38 مليار جنيه، فيما تقول تقارير إن المستهدف من التصالح مع رجال مبارك يقدر بحوالي 64 مليار جنيه، بينما فيما تستهدف الحكومة نحو 48 مليار جنيه من التصالح مع المحسوبين على جماعة "الإخوان". وتجيز المادة "18 مكرر ب" من قانون الإجراءات الجنائية، التصالح في جرائم العدوان على المال العام، وقد تقدم غالبية رجال مبارك بطلبات للتصالح مع الدولة. وكان آخرهم، أسرة كمال الشاذلي، أمين التنظيم السابق بالحزب "الوطني" المنحل، والتي دفعت 32 مليون جنيه لصالح الدولة، فى قضايا الكسب غير المشروع والتربح، باستغلال منصب والدهم. وفى أغسطس 2016، أعلن المستشار عادل السعيد، مساعد وزير العدل لشئون جهاز الكسب غير المشروع، التصالح مع رجل الأعمال حسين سالم، وأفراد أسرته، نظير تنازلهم عن 21 أصلًا من الأصول المملوكة لهم لصالح الدولة، بقيمة 5 مليارات و341 مليونًا و859 ألفًا و50 جنيهًا، والتي تمثل 75% من إجمالي ممتلكاتهم داخل مصر وخارجها. وفى أبريل 2016، انتهى جهاز الكسب غير المشروع بوزارة العدل، من قضية رجل الأعمال محمود الجمال، صهر الرئيس الأسبق حسنى مبارك، بالتصالح مع الدولة مقابل سداده مبلغ 238 مليون جنيه، بعد اتهامه بتضخم ثروته. كما انتهى جهاز الكسب غير المشروع، فى فبراير الماضي، بالتنسيق مع لجنة استرداد أراضى الدولة وهيئة الخدمات الحكومية، رسميًا، من إبرام عقد التصالح مع رجل الأعمال سليمان عامر، فى مخالفات أرض السليمانية البالغ مساحتها نحو 2775 فدانًا، التى تمتلكها شركة "إيمكو مصر"؛ مقابل تنازله عن 360 فدانًا مسجلة باسمه فى الشهر العقارى بالكيلو 55 بطريق القاهرة - الإسكندرية الصحراوى، تزيد قيمتها على مليارين و330 مليون جنيه. وتقدم منير ثابت، شقيق سوزان مبارك قرينة الرئيس الأسبق حسنى مبارك، بطلب لجهاز الكسب غير المشروع للتصالح فى القضية رقم 54 لسنة 2012 حصر أموال عامة شرق القاهرة، المتهم فيها بالاستيلاء على 3مليارات جنيه، نتيجة استغلال نفوذه كصهر للرئيس الأسبق حسني مبارك، ما سهل له التربح من غالبية المناصب التى تولاها، وأبرزها رئاسة مجلس إدارة الشركة المصرية للخدمات الجوية. وضمت قائمة التصالحات المالية لنظام مبارك، الطلب الذى تقدم به زكريا عزمي، رئيس ديوان رئيس الجمهورية الأسبق، فى القضية المتهم فيها بالاشتراك مع شقيق زوجته جمال عبدالمنعم حلاوة بتحقيق كسب غير مشروع بلغ 42 مليونا و598 ألف جنيه، مستغلا - أى عزمى - نفوذه وعضويته بالبرلمان، وتقلده مناصب قيادية فى الحزب الوطنى المنحل حينها. وقال خبراء اقتصاديون، إن قيمة الأموال المتوقع استردادها من المحسوبين على "الإخوان المسلمين" نظير التصالح معهم تبلغ نحو 48 مليار جنيه. وبدأت منظومة التصالحات المالية مع رجال نظام الإخوان حينما كشفت تقارير رقابية عن قيام باكينام الشرقاوى مساعد الرئيس الأسبق محمد مرسي، بالتنازل للدولة عن 500 فدان بطريق مصر إسكندرية الصحراوي، تم تخصيصها فى عهد الرئيس الأسبق. كما تنازلت عن قطعة أرض أخرى بمنطقة الوادى الجديد، وذلك أمام قاضى تحقيقات فساد وزارة الزراعة، حيث تبين أنها حصلت على هذه الأراضى بالمخالفة للقانون ووضع اليد وبعد التحقيقات طلبت التصالح وانقضاء الدعاوى الجنائية ضدها مقابل رد الأراضى والتنازل عنها لصالح الدولة. ومن المتوقع أن يلحق بالشرقاوي، عدد آخر من رجال أعمال الإخوان، منهم المهندس حسن مالك، والمهندس خيرت الشاطر، النائب الأول لمرشد الجماعة. وقال الدكتور عادل عامر، الخبير الاقتصادى، ورئيس مركز "المصريين للدراسات السياسية والاقتصادية"، إن "التصالح مع رجال الأعمال يستهدف الحصول على أموال تساعد الحكومة المصرية على مواجهة الأزمة الاقتصادية الحادة التى تمر بها البلاد حاليًا". وأشار إلى أن "توجه القيادة المصرية فيما يتعلق بالمصالحة مع رجال الأعمال واضح، والخطوات الأخيرة التى اتخذتها تحمل رسالة إيجابية لرجال الأعمال لتشجيعهم على تسوية أوضاعهم وفقًا للقانون، والدولة ترحب بعودتهم للمشاركة بقوة فى دفع عجلة التنمية". وأضاف: "لدينا معدلات بطالة وصلت إلى أكثر من 13%، كما يوجد عجز فى الموازنة العامة وفى ميزان المدفوعات، فليس من مصلحتنا أن يستمر الركود لسنوات طويلة، ومن الضرورى جدا أن يتم التصالح فى إطار القانون ليستفيد الاقتصاد". وأكد عامر، أن "الدولة اتجهت فى الفترة الأخيرة لتبسيط الإجراءات فى محاسبة المتهمين بجرائم الفساد المالى فى المرحلة السابقة بإصدار قانون التصالح فى جرائم المال العام رقم 16 لسنة 2015، أملاً فى تحقيق مصلحة اجتماعية تتمثل فى استرداد الأموال العامة المسلوبة، والتى قد تعجز منظومة العدالة الجنائية عن استردادها، فى ضوء النظم الإجرائية التقليدية للدعوى الجنائية". وتابع: "بموجب القانون 16 لسنة 2015 والصادر فى 12 مارس 2015، استحدث المشرع المصرى نظامًا جديدًا للتصالح الجنائى بين الدولة والمتهم، إذ أجاز بمقتضاه التصالح فى جرائم الباب الرابع من الكتاب الثانى من قانون العقوبات، وهى جرائم اختلاس المال العام والعدوان عليه والغدر". وأوضح عامر، أن "هناك إرادة سياسية للتصالح مع رجال الأعمال المنتمين للنظام الأسبق من أجل إنقاذ الاقتصاد المصرى وخروجه من أزمته الحالية".