السؤال الهام الذى يسأله قطاع كبير من الناس لنفسه هو كيف حصل الفريق أحمد شفيق على كل هذه الأصوات؟ والإجابات متعددة، ولكل منها وجاهتها، فالبعض يقول إنه حصل على تلك الأصوات عن طريق التزوير، خاصة بعد أن تواترت أخبار عن تقديم بلاغ بأن هناك 900 ألف صوت من الجيش والشرطة تم تزوير بطاقاتهم من أجل التصويت لشفيق وهو فرض استبعده حتى الآن إلى أن يثبت صحته وأنا أوجه دعوة للجنة العليا للانتخابات الرئاسية والنائب العام لفتح تحقيق سريع حول الموضوع وموافاتنا بإجابات حقيقية ودقيقة، لأن هذا اتهام خطير ينسف العملية الديمقراطية من أساسها. البعض يرد على السؤال بإجابة أن هناك الملايين بالفعل تريد أحمد شفيق، منهم الأقباط وما يطلق عليهم فلول النظام السابق والباحثون عن الأمن والاستقرار وهؤلاء نسبتهم ليست قليلة، وأنا أدعم بشكل جزئى هذا الطرح؛ لأن الأقباط بالطبع لن ينتخبوا محمد مرسى ويتشككون فى أبو الفتوح وكانوا غير مقتنعين بجماهيرية حمدين ويخافون من عدم وضوح عمرو موسى، على نفس المنوال أتى ما يسمى بفلول الحزب الوطنى الذين وجدوا أنفسهم فجأة مثل طبقة المنبوذين فى الهند، أما الحالمون بعودة الأمن فهم من غير المُسيَّسين وتحديدًا من الطبقة فوق المتوسطة أو المستريحة ماديًا، إما كبار الموظفين والمديرين أو أصحاب شركات صغيرة وكبيرة والذين تضررت أعمالها نتيجة للثورة. أما الإجابة الحقيقية التى أقتنع بها بحق فهى أن الفريق حصل على كل هذه الأصوات لعدة أسباب أهمها حالة التعالى التى أصابت الثوار وجعلتهم يقسمون الشعب المصرى إلى ثوار وفلول وكنب، وبدلاً من السعى إلى مصالحة شعبية ومد يد العون للجميع وإقناع الكل بأنهم مصريون وأن المستقبل لنا جميعًا، تعاملوا مع الأمر على طريقة شيكابالا مع فريق الزمالك الذى يعرف أنه الأحرف والأمهر، وبالتالى يتعالى على الجميع ويسب هذا ويخاصم ذاك ويتطاول على المدير الفنى، رغم أن اللعبة جماعية ورغم أن شيكابالا بدون باقى الفريق لا يساوى شيئًا، بينما الزمالك بدون شيكابالا فريق مكتمل وقد يكون بدون قوة ضاربة لكنه قادر على تحقيق المركز الثانى كالعادة، هكذا كان الحال مع الثوار، القوة الضاربة فى الشعب المصرى، التى تعالت عليه واحتقرته فعاقبها بالخروج عليهم والتصويت للفريق أحمد شفيق، السبب التالى الذى أراه أيضًا هو حالة الصراع، بل القتال غير المفهوم بين الثوار للجلوس على كرسى الرئيس، فمثلا لماذا قدم الإخوان مرشحًا للرئاسة مع أن لديهم عبد المنعم أبو الفتوح، وكان يكفى فقط أن يعلن الإخوان عن دعمهم لأبو الفتوح أو حتى يتركوا حرية الاختيار لأعضائهم لاختيار مَن يصلح، ووقتها كان أبو الفتوح قادرًا على الفوز من الجولة الأولى، ولماذا لم يتحد أبو الفتوح ومرسى والعوا وراء أى مرشح من بينهم، وكان كفيلاً بالانتصار من الجولة الأولى، ولماذا لم يتحد حمدين مع خالد على وأبو العز الحريرى والبسطويسى طالما أنهم يمثلون بشكل ما تيارًا واحدًا، هذا التفتيت فى الكتل والذى اتبعه تفتيت فى الأصوات قد يرد على جزئية هامة فى هذا السؤال لماذا حصل شفيق على كل هذه الأصوات؟. والآن أرى أمامى نفس حالة الاستعلاء من جانب "الثوار الشيكابالايين" واحتقارهم وتقريعهم لمن اختار شفيق، وزاد على ذلك اتهامات العبودية وحب الذل، أبناء شيكابالا يرددون نفس الأسطوانة المشروخة وسيحصدون نفس النتيجة، لأنهم لا يفكرون فقط يسبون ويلعنون، وبدلاً من الاعتراف بقوة وعظمة هذا الشعب بثواره وما يسمى فلوله، وبدلا من بناء جسور حب وثقة مع فصيل كبير جدًا من الشعب المصرى يمارسون عليه عنصرية تساوى العنصرية التى كانت تمارس على فقراء الهنود وعلى السود فى أمريكا، فماذا تنتظرون منهم غير الوقوف ضد المشروع الثورى الذى يحتقرهم من خلال ما يدعون أنفسهم بالمفكرين والمثقفين (ولا مؤاخذة) النشطاء السياسيين. الإعادة ليست مضمونة إذا استمرينا على نفس المنوال، فكما أن قطاعات كبيرة لا تريد شفيق هناك أيضا قطاعات كبيرة لا تريد مرسى ومن ورائه الإخوان، الآن إما مصالحة وطنية واتفاق واضح وفى النور بين كل القوى السياسية على شكل الدولة الجديدة ودستورها وحريتها وإما إعادة قد تحمل الكثير من المفاجآت.