شهدت جزيرة الوراق أمس، الأحد، اشتباكات عنيفة بين قوات الأمن المكلفة بإزالة المباني المخالفة والأهالي؛ نتج عنها مقتل شخص من أهالي الجزيرة، ووقوع عدد من الإصابات قبل أن تنسحب الشرطة لتأتي مرة أخرى فجر اليوم، الإثنين، لمحاصرتها دون وجود قرار بالاقتحام حتى الآن. وتقع جزيرة الوراق في نهر النيل بمحافظة الجيزة، وهي واحدة من 255 جزيرة في الجمهورية، وتعتبر جزيرة الوراق أكبرها مساحة، حيث تبلغ حوالي 1,400 فدان تقريباً. يحد جزيرة الوراق من الشمال محافظة القليوبية والقاهرة من الشرق والجيزة من الجنوب. كانت تشتهر جزيرة الوراق بزراعتها المزدهرة، حتى بدأ المجتمع الاقتصادي في تحويل الأنظار إليها بغرض تحويلها إلى مجمعات سكانية متنوعة ما بين إنشاء فنادق سياحية وأبراج سكنية أى تحويلها من رقعة زراعية إلى رقعة بنائية تهدف إلى استغلال موقعها المتميز، وتحويله إلى جذب استثمار داخلي وخارجي وذلك إما بإخلاء ساكنيها أو إما شراء مساحات شاسعة في مناطق متفرقة واستغلالها. من هنا اتجهت أنظار الحكومة المصرية إليها، نظرا لما تتوقع به من موقع متميز على ضفاف النيل، ولطبيعتها الجاذبة للاستثمار غير أن الأهالي يرفضون هذا المخطط، فهم يعتبرون هذه الأرض بمثابة حياة أو موت، بالنسبة لهم فقد تربوا عليها وعاشوا تحت ظلها وأكلوا من أرضها. وبالرجوع إلى أحداث الأمس فقد أعلنت وزارة الداخلية إصابة 31 من رجال الشرطة جراء الاشتباكات من بينهم مساعد مدير أمن المحافظة. وقالت الوزارة، في بيان لها، إنه "في إطار الحملة التي تقوم بها الدولة لإزالة أنواع التعديات على أملاك الدولة بالجزيرة، تجمهر عدد من الأهالي لمقاومة قوات الأمن وأطلقوا طلقات "الخرطوش" والحجارة ما أسفر عن وقوع المصابين". وألقت الشرطة القبض على عدد من الأهالي بعد تفريقهم واستخدمت قنابل الغاز المسيل للدموع لفض المتظاهرين. على الجانب الآخر اتهم سكان جزيرة الوراق السلطة الحالية بأنها تسعى لإزالة منازلهم لبناء مشروع سكني فاخر. وقال شهود عيان إن السلطات لم تخطرهم مسبقا قبل الشروع في إزالة المساكن. لم يكن ما حدث أمس وليد هذه اللحظة فمنذ أزمنة بعيدة وهناك خلافات عديدة بين أهالي الجزيرة والأنظمة المتعاقبة فيما يتعلق بقرارات تطويرها، إلى أن قرار النظام الحالي تنظيم حملة إزالة للمباني المخالفة. بداية التعامل مع الجزيرة كان في أغسطس 2014 حينما وضع الدكتور مصطفى مدبولي وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية مشروع تطوير جزيرة الوراق ضمن مخطط تنمية وتطوير الجزر النيلية، على أن يكون المخطط الجديد هو: تجميع المتناثرات مع الكتلة الرئيسية وتطويرها، وإنشاء امتداد للمنطقة البنائية على مسطح 50 فدانا، وتحويل الجزيرة إلى متنزه سياحي ثقافي ترفيهي تجاري على ضفاف النيل. وفي عام 2010 قرر الدكتور أحمد نظيف، رئيس الوزراء الأسبق، تشكيل لجنة من وزراء الإسكان والبيئة، والري لدراسة الأوضاع البيئية للجزيرة، بهدف وضع خطة للتصحيح البيئي فيها، وهو ما أثار الأهالي في ذلك الوقت، بسبب تخوفهم من اتخاذ أي إجراء يؤذيهم أو إقامة مشروعات تجبرهم على مغادرة مساكنهم. وتكرر الأمر في عهد حكومة الدكتور كمال الجنزوري حيث اعتبرت "الوراق" محمية طبيعية وفق القرار رقم 1969 لسنة 1998، على إثره خضعت الجزيرة لإدارة بيئية من خلال وضع وزارة البيئة وأجهزتها، بمعاونة الجهات المختصة، ضوابط وشروط البيئية للأنشطة الواقعة عليها. وفي ظل حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي،المح خلال مؤتمر "إزالة تعديات الدولة" في يونيو الماضي، قائلا: " في جزر موجودة في النيل هذه الجزر طبقا للقانون مخالفة مثلا جزيرة موجودة في وسط النيل مساحتها أكتر من 1250 فدان ومش هذكر اسمها، وابتدت العشوائيات تظهر جواها والناس تبني وضع يد. ووجه الرئيس أوامره للمسئولين: "لو سمحتم، الجزر اللي موجودة دي تاخد أولوية في التعامل معها". وعقب هذه الأوامر بأيام أصدر المهندس شريف إسماعيل قرارا باستبعاد 17 جزيرة نيلية، من بينهم "الوراق" من قائمة المحميات الطبيعية، لوجود بلوكات خرسانية وعشوائيات منتشرة بها، وهو ما صدم فريق العمل الذي توجه إليها لدراسة أحوالها.