من بين 391 جزيرة مصرية في نهر النيل تعد جزيرة الوراق أكبر جزيرة مصرية بمساحة تبلغ 1400فدان، وبتعداد سكاني 60 ألف نسمة، محط أنظار العديد من الأنظمة السياسية مع مرور الزمن والتي تسعى لتحويلها إلى قبلة سياحية جديدة دون تحديد مصير سكانها، ما جعل أهالي الجزيرة يعانون من صراع إثبات الملكية لسنوات طويلة. وتقع جزيرة الوراق بنهر النيل في محافظة الجيزة وتفصل بين 3محافظات، وتتميز بموقع فريد داخل مياه النيل، وتعاني من معارك مستمرة ومتجددة بين الدولة وسكانها في محاولة كل طرف منهما إثبات أحقيته وملكيته لها على طريقته الخاصة، ما بين سندات ملكية، وأوراق حكومية، وأحكام قضائية. ووفقا لأهالي الجزيرة، فإن الأراضي المملوكة للدولة على أرض الوراق تبلغ مساحتها نحو 60فدان فقط، منها 30 تابعة لوزارة الأوقاف وتقوم بتأجيرها للأهالي لزرعتها، و30 فدانًا أخرى تابعة للدولة تقوم بتأجيرها كحق انتفاع لأهالي أيضًا. وعادت أزمة الجزيرة على السطح مجددًا، خلال مؤتمر إزالة التعديات على أراضى الدولة، في يونيو الماضي، عندما ألمح الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى الجزيرة، وقال إن سكانها تعدوا على أرض أملاك دولة، مطالبًا المسئولين بأولوية التعامل معها. ومرت الجزيرة وسكانها بعدة مراحل تاريخية وصراع حول إثبات الملكية منذ عهد الرئيس المخلوع مبارك وحتى وقتنا الحالي، ومن أبرز تلك المراحل ما يلي: نقلة جديدة في مجال الزراعة كان لأهل الجزيرة فضل كبير في إدخال زراعة البطاطس إلى محافظة الجيزة عام 1917، إلى أن تطور نشاطهم فيها عام 1963 وظهور الجمعية العامة لمنتجي البطاطس على يد الشيخ أحمد أبوالفضل الجيزاوي عضو مجلس الشيوخ في ذلك الوقت. إقرار الجزيرة كمحمية طبيعية في 1998 قرر الدكتور كمال الجنزوري اعتبار "الوراق" محمية طبيعية وفق القرار رقم 1969، وعلى إثره خضعت الجزيرة لإدارة بيئية من خلال وضع وزارة البيئة وأجهزتها، بمعاونة الجهات المختصة، ضوابط وشروط البيئية للأنشطة الواقعة عليها. مجلس الدولة يعطي السكان الأولوية وبناء على قرار رئاسة الوزراء بتحويل الجزيرة إلى محمية طبيعية، قرر الأهالي رفع قضية إلى مجلس الدولة، بما يفيد بملكيتهم للأراضي، وقضت المحكمة الإدارية في عام 2002 بأحقية الأهالي فيها. لجنة حكومية لتطوير الجزيرة وقرر أحمد نظيف رئيس الوزراء الأسبق عام 2010 تشكيل لجنة من وزراء الإسكان والبيئة والري لدراسة الأوضاع البيئية للجزيرة، بهدف وضع خطة للتصحيح البيئي فيها، وهو ما أثار الأهالي في ذلك الوقت، بسبب تخوفهم من اتخاذ أي إجراء يؤذيهم أو إقامة مشروعات تجبرهم على مغادرة مساكنهم. مرور محور روض الفرج بالجزيرة ومنذ عامين عانى بعض سكان الوراق من ملاحقات الجهات الأمنية لهم، على إثر إزالة منازلهم لاستكمال أعمال مشروع "محور روض الفرج" المار بالجزيرة، وقررت الحكومة وقتها صرف مبلغ مالي وصل ل 200 ألف جنيه لملاك تلك الأراضي التي تقع ضمن نطاق المشروع. تشريد 100 ألف أسرة وقدم سعد بدير، أمين سر لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، طلب إحاطة لوزير البيئة الدكتور خالد فهمي، موضحًا فيه أن الأهالي يقطنون الجزيرة منذ أكثر من 160 عامًا ولديهم من الأوراق ما يثبت ملكيتهم هذه المباني. وأضاف بدير في طلب الإحاطة أن قرار الإزالة سيسفر عن تشريد ما لا يقل عن 100 ألف أسرة، في المقابل يحاول كل من حمود الصعيدي، وأحمد يوسف عضوي البرلمان عن دائرة الوراق إقناع الأهالي بترك أراضيهم كونها ملكية الدولة. تحويل الجزيرة لمنتزه سياحي وفي أغسطس 2014 ناقش الدكتور مصطفى مدبولي وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية مشروع تطوير جزيرة الوراق ضمن مخطط تنمية وتطوير الجزر النيلية، وذلك مع الدكتورة ليلى إسكندر وزيرة الدولة للتطوير الحضارى والعشوائيات والدكتور علي عبدالرحمن، محافظ الجيزة آنذاك، مع التأكيد على أن المخطط الجديد هو: "تجميع المتناثرات مع الكتلة الرئيسية وتطويرها، وإنشاء امتداد للمنطقة البنائية على مسطح 50 فدانًا، وتحويل الجزيرة إلى متنزه سياحي ثقافي ترفيهي تجاري على ضفاف النيل". السيسي يدخل على خط الأزمة خلال مؤتمر "إزالة تعديات الدولة" في يونيو الماضي، نوه الرئيس السيسي إلى الأوضاع في الوراق بشكل غير مباشر، وقال: "في جزر موجودة في النيل هذه الجزر طبقا للقانون المفروض ما يبقاش حد موجود عليها.. وبعدين ألاقي مثلا جزيرة موجودة في وسط النيل مساحتها أكتر من 1250 فدان ومش هذكر اسمها، وابتدت العشوائيات تظهر جواها والناس تبني وضع يد"، ليأمر المسؤولين: "لو سمحتم، الجزر اللي موجودة دي تاخد أولوية في التعامل معها". إلغاء الجزيرة كمحمية طبيعية وبعد هذه الإشارة بأيام أصدر المهندس شريف إسماعيل قرارًا باستبعاد 17 جزيرة نيلية، من بينهم "الوراق"، من قائمة المحميات الطبيعية، وذلك بعد أن تبينت وزارة البيئة، حسب ما أعلن عنه المهندس أحمد سلامة رئيس قطاع حماية الطبيعة، وجود بلوكات خرسانية وعشوائيات منتشرة بها، وهو ما صدم فريق العمل الذي توجه إليها لدراسة أحوالها. اشتباكات دامية مع قوات الجيش والشرطة وفوجئ أهالي جزيرة الوراق صباح اليوم بقوات من الجيش والشرطة تحاصر الجزيرة، لتنفيذ قرارات إزالة المباني المخالفة على أراضي الدولة. وخرج أهالي الجزيرة نحو الشوارع مستخدمين ميكرفونات المساجد في حث الباقين للتصدي لحملة الإزالة، ما أدى إلى وقوع اشتباكات بين الطرفين. وأطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع لتفريق تجمهر الأهالي الرافضين لحملة الإزالة، وقتل خلال الاشتباكات مواطن يدعى السيد حسن علي (26 عامًا)، وأصيب عشرات آخرين من الطرفين، من بينهم ثمانية مصابين من رجال الأمن بينهم اللواء رضا العمدة، مساعد مدير الأمن، وعدد من المجندين. وعقب تطور الأحداث وتجمهر المئات من أهالي القرية الغاضبين، قررت محافظة الجيزة تأجيل قرار الإزالة لأجل غير مسمى. وفي تظاهرة حاشده شيع أهالي جزيرة الوراق جثة المواطن المتوفى من مستشفى النيل للتأمين الصحي، حيث أصروا على الخروج بالجثمان من المستشفى غارق في الدماء إلى الشارع.