إن الحرب الإعلامية التى يدعمها الغرب وعملاؤه من حكام المسلمين لايمكن التغلب عليها وتحييدها إلا بنفس الأدوات أى بالإعلام نفسه، والقادر على هذه المواجهة هو الإعلام المخلص الذى خرج من رحم الأمة كنتيجة طبيعية للحراك الذى حدث فيها . وربما يسأل سائل: كيف يمكن للإعلام الذى خرج من رحم الأمة أن يتصدى لإعلامٍ تُنفق عليه المليارات وتُشرفُ عليه دول؟ وهل مثل هذه المنازلة متكافئة فى ساحة الإعلام؟ وللإجابة عن هذه التساؤلات علينا أن ندرك أن الإعلام العميل ليس له قبول عند الأمة بل هو يعاديها ويعادى مشروعها للنهضة، بينما الإعلام المخلص هو من جنسها وله مصداقية وقبول عند الأمة، ولأنه خرج من رحمها فمن الطبيعى أن تحتضنه وترعاه . بالإضافة إلى أن عوامل القوة التى يمكن أن يتسلح بها إعلام الأمة كثيرة، وأهمها أن يكون لاعب أساسى فى عملية التغيير، وهذه تحتاج ابتداءً أن يعيها القائمون على هذا الإعلام، بمعنى أن تكون لديهم الثقة بأن دورهم فى التغيير كبير، وإذا خاضوه بقوة وبثقة فى الله فإن الإعلام العميل مهما أنفق من مليارات ووقفت خلفه دول فسوف يخرج من السباق منكس الرأس يجر أذيال الهزيمة. إن صراع الحق مع الباطل موجود منذ بدء الخليقة وسيبقى حتى تقوم الساعة، ورسول الله حين حمل رسالته تمت محاربته بوسائل شتى، منها التعتيم الإعلامى، حيث أراد كفار مكة أن يحولوا بينه وبين الناس كى لايسمعوه، لأن أهل الباطل لايقدرون على مواجهة الحق، فإذا فشلوا فى ذلك لجأوا لأسلوب آخر وهو إفتراء الكذب على أهل الحق " وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَٰذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ" فصلت 26. إن هذا الصراع يتكرر فى كل زمان ومكان وها هو الإعلام العميل يقوم تجاه قادة الأمة الحقيقيين بنفس ماقام به كفار مكة تجاه رسول الله، حتى لايستمع أحد إلى الحق وإذا فشلوا فى ذلك شنوا حملات التشويه على أهل الحق كى يُنَفِروا الناس منهم . وهنا يبرز دور الإعلام الصادق فى مواجهته للإعلام العميل، وهذا يكون بالتفاعل مع القادة الحقيقيين للأمة لمشاركتهم فى عملية التغيير، وهذه المهمة لا يمكن أن تتم بنجاح إلا إذا تحرر إعلام الأمة من جميع الأراء المسبقة التى صنعتها الأنظمة العميلة وأجهزة إستخباراتها لتشويه القائد الحقيقى للأمة الذى يسعى لتحريرها وإنهاضها على أساس الإسلام، وهذا يحتاج إلى التفاعل وسماع الآخر وبناء آراء صحيحة من مصدرها. إن زمن الثورات الذى نحياه الأن قد أزال الخطوط الحمراء التى خطتها الأنظمة، فالأمة بحاجة ماسة إلى تفاعل صحيح وبَنَّاء بين من يحمل مشروعاً لنهضتها على أساس الإسلام وبين أبنائها المخلصين من رجال الإعلام حتى يصل هذا المشروع إلى الأمة كما هو من مصادره، وبالتالى تفشل كل مخططات الغرب ومن معهم من العملاء الذين يسعوَّن دون مللٍ للحيلولة دون وصول هذا المشروع إلى الناس، لأنه لو وصل فسوف تحتضنه الأمة وتضعه موضع التطبيق. أيها الإعلاميون الصادقون المخلصون: إنه بأيديكم أن ترفعوا من مستوى الأمة وتأخذوا بيدها، فضعوا أيديكم مع أيدى القادة الحقيقيين لها، الذين أعدوا لها مشروع نهضة كامل مصدره الوحى، ويعملون ليل نهار لتكون كلمة الله هى العليا وكلمة الذين كفروا وإعلامهم هى السفلى، وعندها ستكونون أنتم سادة الإعلام وتُلقون بإعلام العملاء ومن يقف خلفه فى مزبلة التاريخ كما كان مصير حكامهم ." وَفِى ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ " المطففين 26. [email protected]