«دومة» يعانى الموت البطيء.. و«عاكف» في حالة صحية حرجة «الخطيب».. شاب دخل السجن متعافيًا ويقبع فيه حاملًا مرضًا خطيرًا لماذا يخشى النظام من العفو عن شباب الثورة وبعض قيادات الإخوان الذين يعانون من مشاكل صحية؟!، سؤال طرح نفسه على الساحة مؤخرًا بعد قرار مصلحة السجون بالإفراج الصحي عن رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى، ضمن المفرج عنهم في إطار العفو الرئاسي عن بعض المساجين بمناسبة عيد الفطر، بعد إدانته في قضية مقتل الفنانة سوزان تميم، منذ سنوات بعد قضائه نصف المدة التي قضتها المحكمة ب 15 عامًا في تلك القضية. وبالنظر إلى الحالة الصحية لهشام طلعت، والعشرات من الشباب الثوري من حركة 6 إبريل، وغيرها من الحركات الثورية من التيار الشعبي الاشتراكي، وبعض قيادات "الإخوان" الموجودين داخل السجون، في تهم مختلفة، لا يوجد وجه للمقارنة، فلماذا لا يتم النظر في الملفات الصحية لهؤلاء البشر، دون النظر إلى أي انتماءات سياسية والنظر بعين من الرحمة إليهم؛ نظرًا لتدهور حالتهم الصحية داخل السجون، ومعدل أعمارهم التي تزيد على طلعت بعشرات السنوات. فكان على رأس القائمة التي تحتاج عفوًا رئاسيًا، الناشط السياسي أحمد دومة والذي أعلنت زوجته أكثر من مرة عن تدهور حالته الصحية وإصابته بأمراض مزمنة وسط تعنت الكثيرين بالإفراج الصحي عنه، كذلك الشاب أحمد الخطيب الذي أصيب بمرض خطير أثناء تواجده داخل السجن، ودشنت حملات عديدة للإفراج الصحي ولكن باءت المحاولات بالفشل، ويواجه المرشد العام الأسبق لجماعة الإخوان المسلمين مهدي عاكف، الذي ترددت أنباء عن وفاته الأسبوع الماضي، بعد تدهور حالته الصحية، نفس المصير، وذلك بعد أن خرجت أسرته ونفت الخبر، على الرغم من عدم قدرتهم على التواصل معه بشكل مباشر منذ عام تقريبًا، وعن تفاصيل مرض عاكف، فإنه يعاني من سرطان القنوات المرارية، ويبدو عليه الهزال كلما ظهر في محاكماته المختلفة، ووفقًا للتقارير الطبية فإنه لا يمكنه التنقل بين الحين والآخر لحضور جلسات المحاكمة؛ لأن حالته تستلزم رعاية صحية، فضلًا عن أن انتقاله يهدد حياته، ويعرضها للخطر، وهو ما لم تنظر إليه المحكمة ويظل عاكف حاضرًا لكل جلساته دون رحمة سوى خلال فترة مكوثه في مستشفى قصر العيني بعد تدور حالته الصحية في الشهر الماضي. وعن ثاني القيادات الإخوانية المهددة بالموت البطيء ويجب العفو عنها صحيًا هو المستشار محمود الخضيرى، النائب السابق لرئيس محكمة النقض والرئيس السابق لنادي قضاة الإسكندرية، الرجل الذي شارف على الثمانين من عمره، فيعاني الخضيري مصيرًا مجهولًا بعد تدهور حالته الصحية؛ بسبب إجرائه عملية قلب مفتوح في 30 يوليو 2015 بمستشفى قصر العيني، إلا أن السلطة تراه خطرًا يهدد أمنها القومي ولا سبيل إلا باستمراره خلف القضبان، وسعد الكتاتني، رئيس مجلس النواب السابق، ورئيس حزب الحرية والعدالة سابقًا، انتشرت صورته في الشهور الماضية بجسد نحيل ووجه شاحب أصفر اللون، وخطفت اهتمام الكثير من القوى السياسية المعارضة له قبل المؤيدة وجذبت تعاطفهم، وأعلنوا مطالبتهم بضرورة الإفراج الصحي عنه، حيث أكد بعدها رئيس هيئة الدفاع عن جماعة "الإخوان المسلمين"، عبد المنعم عبد المقصود، تدهور صحة الكتاتني، ونقله لعنبر المعتقلين بمستشفى المنيل الجامعي لسوء حالته الصحية، دون معرفة ما أصيب الكتاتني داخل محبسه بشكل محدد. من جانبه، قال حليم حنيش، المحامي بمؤسسة حرية الفكر والتعبير، إن هناك العديد من الانتهاكات التي يتم ارتكابها ضد الشباب وقيادات الإخوان داخل السجون بسبب انتمائهم السياسي فقط، مشيرًا إلى أن السجون يجب أن تتعامل بشكل آدمي مع كل المتهمين، وذلك وفقًا للمواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، واللوائح الخاصة بالسجون، ولكنها لا يتم تطبيقها على أرض الواقع. وأضاف حنيش، في تصريحات خاصة ل"المصريون"، أن الشباب وقيادات الجماعة وخاصة الصغار منهم غير المعروفين إعلاميًا يحدث ضدهم انتهاكات قد تؤدي إلى الموت والتهديد. وأوضح حنيش، أنه من الضروري أن يتم إعادة النظر في الملفات الصحية الخاصة بالشباب وقيادات الجماعة على رأسهم المرشد العام الأسبق لجماعة الإخوان مهدي عاكف، بعد تدهور حالته الصحية ونظرًا لوصوله إلى سن لم يعد يسمح له المشاركة في أي عمل سياسي أو حزبي. وأشار المحامي الحقوقي، إلى أنه من ضمن الحقوق المهدرة بحق قيادات الجماعة داخل السجون، هي تلقي العلاج بشكل آدمي وترحيلهم إلى السجون بعد الكشف عليهم على الرغم من أن حالتهم الصحية تقضي أن تتم رعايتهم رعاية خاصة داخل المستشفيات المتخصصة، نظرًا لتدهور حالتهم الصحية بشكل كبير، وهو ما يجب أن تتحرك عليه كل المنظمات الحقوقية المعنية بالأمر في محاولة للضغط على السلطة للعفو الصحي عنهم، كما حدث مع من لا يستحق. وعن أسباب عدم العفو عن قيادات الجماعة، وما إذا كان الخوف منهم هو السبب وراء عدم رغبة النظام في العفو عنهم صحيًا، قال خالد الزعفراني، الخبير في شئون الحركات الإسلامية، والمنشق عن الجماعة، إن النظام لا يرهب القيادات الخاصة بالجماعة، ولكن الخوف الحقيقي من العناصر الصغيرة، التي تنتمي لذلك الفكر، وأصبحت متشددة، لما تشعر به بأنها فئة مظلومة وتعاني من انتهاكات وصراعات كبيرة داخل مصر. وأضاف الزعفراني، أنه حال إذا ثبت فعليًا أن الحالة الصحية للشاب وقيادات جماعة الإخوان، تحتاج إلى عفو صحي، لا أعتقد أن هناك تعنتًا من جانب الداخلية في الإفراج عنهم، ولكن حال ما إذا كانوا غير مهددين للأمن العام، وغير متهمين في قضايا إرهاب، وهو ما لا ينطبق على قيادات الجماعة بواقع اتهامهم جميعًا بنشر الإرهاب. وتابع الخبير في شئون الحركات الإسلامية، أنه بواقع تعامله مع جماعة الإخوان وقياداتها، فإنهم أصبحوا الآن غير قادرين على الحشد ونشر الإرهاب كما كانوا في السابق، نظرًا لتآكل شعبيتهم على أرض الواقع، وفقد الشعب المصري للثقة فيهم بعد توليهم زمام الأمور بعد ثورة ال 25 من يناير، وتولي الرئيس الأسبق محمد مرسي لمقاليد الحكم، وظهرت عيوبهم للشعب وثار عليهم في 30 يونيو، لذلك أصبحوا غير قادرين على التأثير في الشعب للالتفاف حولهم من جديد أو التعاطف معهم. فيما قال مختار منير، المحامي الحقوقي، إن هناك شروطًا للعفو الصحي التي يجب أن يتم تطبيقها على أي شخص من الممكن أن يصدر بحقه عفو صحي، مشيرًا إلى أن هذه الشروط تنطبق على مهدي عاكف والخضيري، القياديين بجماعة الإخوان؛ حيث إنهما بلغ عمرهما الثمانين عامًا، ولم يعد يشكلان أي خطر أمني أو سياسي على الصعيد السياسي في مصر، مشيرًا إلى أنه حتى الآن لم تتم إدانة قيادات الجماعة بشكل نهائي في قضايا الإرهاب، التي من الممكن أن تمنع صدور قرار بالعفو عنهم. وأضاف منير، أنه من حق المحكمة أن تفرج عن المتهمين، حال ثبوت تدهور حالتهم الصحية بشكل كبير، خاصة إذا كانوا قد أمضوا فترة الحبس الاحتياطي، وأنه يمكن إخلاء سبيلهم على ذمة القضية، مشيرًا إلى أن القانون ينص على العفو حال الإدانة، والإفراج الصحي على ذمة القضية في حال عدم الإدانة واستمرار المحاكمة، وحال مخالفة ذلك فإنه يكون بمثابة إخلال بالدستور ولوائح السجون المعمول بها حاليًا.