يظهر بعكاز في يديه اليمن، وإلى جواره مجند يساند جسده الهزيل، شاب شعره وضعف نظره، وأجهد عليه "السرطان"، تستمر خطواته البطيئة هكذا حتى يقف أمام القاضي، فيقضي باستمرار حبسه، فيكرر مشواره الذي بدأه عائدًا. هكذا تتكرر معاناة مهدي عاكف، المرشد السابق لجماعة "الإخوان المسلمين"، الذي يقترب من التسعين، والذي ينهش السرطان جسده الطاعن، مع كل مرة يتوجه فيها إلى المحكمة حيث يحاكم هو وآخرون من قيادات الجماعة في قضية "أحداث مكتب الإرشاد". ويعاني عاكف من سرطان القنوات المرارية، ويبدو عليه الهزال، مع وجود قسطرة متصلة بجسده، لينتهي التقرير حول حالته الصحية إلى أن المتهم لا يمكنه الانتقال إلى مقر المحكمة، لأن حالته تستلزم رعاية صحية، فضلًا عن أن انتقاله يهدد حياته، ويعرضها للخطر. وطالب دفاع عاكف بإخلاء سبيله على ذمة القضية، مراعاةً لوضعه الصحي، غير أن محكمة جنايات القاهرة قررت تأجيل نظر القضية لجلسة 22 مايو مع استمرار حبس المتهمين. وكتبت علياء مهدي عاكف، ابنة مرشد "الإخوان" السابق، عبر حسابها الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك": "كل ما أشوف صورك قبل الاعتقال وأشوفك في الزيارة قلبي يتقطع من الحزن والقهر مش عارفة أتكلم على وشك وجسمك اللي بقى عبارة عن عظم وعليه جلد ولا أتكلم عن الألم اللي انت فيه ولا أتكلم عن الإهمال الطبي اللي انت بتعاني منه.. يا رب ضاقت يا رب يا رب ولا سنه ولا مرضه يتحمل الوضع اللي هو فيه". عصام سلطان.. سقط مغشيًا عليه من أبرز الوجوه السياسية التي ظهرت إبان ثورة 25 يناير 2011، وهو أحد رواد الجمعية الوطنية للتغيير، التي كانت الشرارة لتغيير الوضع السياسي، وتحرير مصر من قيود استبداد رجال الحكم، لكنه غيّب ضمن آلاف آخرين في السجون بعد 3يوليو. وفي 25 فبراير 2016، بدأ عصام سلطان وعدد من المعتقلين في "سجن العقرب" إضرابًا مفتوحًا عن الطعام احتجاجًا على الأوضاع السيئة وغير الإنسانية التي يتعرضون لها داخل السجن سيئ السمعة. في آخر جلساته محاكمته بقضية إهانة القضاء في 6 مايو الجاري؛ سقط سلطان مغشيًّا عليه بعد شكواه من منع الأكل ومياه الشرب النظيفة عنهم، وظهر وكأنه هيكل عظمي نتيجة لسوء المعاملة والتغذية ومنع السماح بدخول أطعمة من الخارج له. الخضيري.. من التحرير للتنكيل "شيخ كبير شارف قطار عمره على الثمانين، شارك في ثورة 25 يناير، يخفي خلف نظارته التي يرتديها همومًا وآلامًا، تعرض للحبس حتى خارت قواه دون مجيب لمطالبات ومناشدات تدعو لاستكمال ما تبقى من عمره بين أهله أسرته وعلى فراشه". ويمثل المستشار محمود الخضيرى، النائب السابق لرئيس محكمة النقض والرئيس السابق لنادي قضاة الإسكندرية، نموذجا صارخًا لانتهاك حقوق الإنسان -بحسب منظمات حقوقية- فرغم الحالة الصحية وإجرائه عملية قلب مفتوح في 30 يوليو 2015 بمستشفى قصر العيني، إلا أن السلطة تراه خطرًا يهدد أمنها القومي ولا سبيل إلا باستمراره خلف القضبان. أبو العلا ماضي رئيس حزب الوسط، قال عنه إن "المستشار محمود الخضيري حالته أصعب من أي سجين آخر". وفي نوفمبر 2016، قال عبد الغفار شكر، نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، إن المجلس سلم لجنة العفو الرئاسي عن المحبوسين قائمة بأسماء الشباب وبعض كبار السن، تضم 600 اسم، من بينهم المستشار محمود الخضيرى، إلا أن ذلك لم يحدث رغم خروج دفعتن بقرار من لجنة العفو التي شكلها الرئيس عبدالفتاح السيسي. الكتاتني.. حمامة الإخوان تمرض في سبتمبر 2015، انتشرت صورته التي ظهر خلالها بجسده النحيل والتي التقطت أثناء محاكمته في القضية المعروفة ب "إهانة القضاء"، كالنار في الهشيم، وخطفت اهتمام الكثير من القوى السياسية المعارضة له قبل المؤيدة وجذبت تعاطفهم. وحركت الصورة مشاعر رموز سياسية وحركات ثورية عرفت بمعارضتها ورفضها الشديد لجماعة الإخوان المسلمين، إلا أن قسوتها جعلتهم يتعاطفون مع الدكتور سعد الكتاتني، رئيس حزب "الحرية والعدالة"، ورئيس مجلس الشعب المنحل، الذي وصفوه بأنه من "حمائم الإخوان"، ومن بين الذين لم يتورطوا بأي شيء يدينه كغيره من بعض قيادات الجماعة. وأكد رئيس هيئة الدفاع عن جماعة "الإخوان المسلمين"، عبد المنعم عبد المقصود، تدهور صحة الكتاتني، ونقله لعنبر المعتقلين بمستشفى المنيل الجامعي لسوء حالته الصحية. جهاد الحداد.. الجوع التام أو الموت الزؤام "أنا عضو في جماعة الإخوان المسلمين ولست إرهابياً".. كانت هذه آخر الرسائل المسربة من المتحدث الرسمي باسم الإخوان المسلمين جهاد الحداد، من سجن "العقرب" شديد الحراسة، نشرتها صحيفة "نيويورك تايمز". وقال الحداد في رسالته المنشورة بتاريخ 23 فبراير 2017: "أكتب من الظلمة والعزلة الانفرادية، في أكثر السجون المصرية سوءا، حيث اعتقل هنا منذ ثلاثة أعوام، وقد أجبرت على كتابة هذه الكلمات؛ لأن هناك تحقيقا يجري الآن في الولاياتالمتحدة فيما يتعلق بكون الإخوان المسلمين، المنظمة التي كرست لها حياتي كلها، جماعة إرهابية". وكانت زوجته قد تقدمت ببلاغ للنائب العام يفيد بدخول زوجها في إضراب عن الطعام بسبب حملة التجويع المتعمّدة بسجن العقرب ومنع العلاج والزيارات والتريض والتجريد وسوء المعاملة. وأكدت الدكتورة منى إمام والدة جهاد الحداد أنه مضرب عن الطعام وأن زملاءه لم يعرفوا بإضرابه إلا بعد فتح النظارة الموجودة فى باب زنزانته منذ عدة أيام مؤكدين دخوله في الإضراب منذ 27 فبراير الماضي، قائلة: "العنبر كله زنازين انفرادي.. لن يستطيع أحد إغاثته! جهاد آخر مرة رأيناه منذ 5 شهور كان فعليًّا جلد على عظم!". وأضافت : "جهاد دخل فى إضراب لأنهم منعوا عنه كل شيء من أول زيارات أسرته ( منذ 5 شهور) الى تجريد الزنزانة واخذ كل ما فيها إلى منع الكانتين والماء الصالح للشرب وسحب البطاطين والأدوية والكتب"، وتابعت : "لم يتركوا له أي خيار.. إما الموت جوعا و الإنهيار النفسى فى قبر مغلق.. أو الإضراب بكل آلامه و معاناته الشديدة و الأنيميا التى يعانى منها!". بدر محمد بدر.. معاناة مع مرض الكبد اعتقل الصحفي بدر محمد بدر، في 29 مارس 2017 الماضي من منزله. وقالت أسرته، إنه حرم من تلقي العلاج داخل محبسه، وطالبت نقابة الصحفيين وكافة الحقوقيين بالتدخل العاجل إنقاذًا له من التردي الواضح في الرعاية الصحية داخل محبسه بسجن الاستقبال-طرة. وأوضحت أنه يعاني من "مرض تليف الكبد فضلاً عن ارتفاع نسبة السكر في الدم"، مشيرة إلى أنه يتعرض للتعذيب الشديد والذي لم يتعافي منه إلي الآن، كما أنه لا يتناول العلاج أو الدواء الضروريين لحالته ويقبع في ظل ظروف اعتقال بالغة السوء والتي تعمل علي تراجع حالته أكثر وأكثر، هذا بالإضافة إلي غلق باب الزيارة أمام ذويه، ما يعني عدم تمكنهم من إدخال الدواء، مما يجعل حياته في خطر حقيقي. أحمد عارف.. متحدث الإخوان أسكته "التعذيب" في مايو 2016، أثناء فض الأحراز، سمحت المحكمة للمتهم أحمد عارف المتحدث باسم جماعة الإخوان المسلمين بالخروج والتحدث أمام المنصة؛ فقال: "أطلب إحالتي إلى الطب الشرعي؛ حيث أني فقدت 49 كيلو بسبب الأمراض التي أعاني منها داخل السجون، الناتجة عن ما وصفه ب "برامج التعذيب المستمر" من قبل قوات الأمن داخل سجن العقرب". ليتدخل القاضي ويطلب منه عرض أماكن التعذيب، ليرد المتهم بأنه سوف يكشفها أمام الطب الشرعي حيث إن قوات الأمن "تريد أن تكسر عزمتنا ونحن لن ننكسر". وكذلك تقدمت زوجته أيضًا ببلاغ للنائب العام يفيد بدخول زوجها في إضراب عن الطعام بسبب حملة التجويع المتعمّدة بسجن العقرب ومنع العلاج والزيارات والتريض والتجريد وسوء المعاملة. عبدالعظيم الشرقاوي.. الجلطة تهدد حياته تدهور الحالة الصحية عبد العظيم الشرقاوي، عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين، ونقل من سجن ليمان طرة، قبل استكمال علاجه، إلى سجن العقرب. ونقلت "التنسيقية المصرية للحقوق والحريات"، عن أسرته إنه "تم ترحيله من سجن ليمان طره دون استكمال علاجه إلى سجن العقرب حيث لا زيارة ولا دواء ولا طعام". وذكرت أن "الشرقاوي" والذي كان نائبًا برلمانيًا في برلمان 2005 قد أصيب بجلطه دماغية ونزيف بالمخ داخل سجن طرة". وحملت أسرة الشرقاوي، والذي تجاوز الستين من عمره، وزارة الداخلية، المسؤولية الكاملة عن حياته، وطالبت ب"حقه في استكمال العلاج".