تطلق عليها الحكومة «مجازر»، بينما يسميها الأهالي «سلخانات»، لكن بالنسبة للمواطن في قليوب لا فرق بين الاسمين.. كلاهما يشير إلى أكبر مصادر التلوث البيئي في المحافظة؛ فزيارة واحدة لمدة دقائق قليلة إلى تلك الأماكن كفيلة بمقاطعة المواطن للحوم إلى الأبد، أو ربما تكون كافية للامتناع تمامًا عن تناولها؛ فمياه الصرف والقمامة المحيطة بالحيوانات قبل وبعد الذبح، قادرة على توفير بيئة مناسبة لانتقال الأمراض المعدية، سواء بين الحيوانات أو بين البشر ما قد يكون حلاً قاطعاً ونهائياً لارتفاع أسعارها؛ ففي "سلخانة" قليوب ستجد مياه الصرف الصحي والقمامة تحاصر اللحوم من كل جانب، وكلها تقع داخل مبانٍ متهالكة. مع انتشار المجازر في معظم قرى ومدن المحافظة، تحولت بفعل الإهمال الحكومي لسنوات طويلة إلى مصدر دائم للتلوث، ومأوى للكلاب الضالة والقطط، وسط عجز المسئولين فى المحافظة عن إيجاد حلول لأزمة تلوث تلك المجازر، ما نتج عنه عزوف عدد كبير من الجزارين عن اتباع تعليمات الذبح داخلها، فيما غض المسئولون الطرف عن تحرير مخالفات لمن يذبح خارج المجازر، نظراً لسوء أحوالها، خاصة بعد ثورة 25 يناير. ولجأ عدد كبير من الجزارين إلى الذبح قرب المجارى المائية، من ترع أو قنوات، ووصل الأمر ببعضهم إلى الذبح على ضفاف النيل، ما يؤدى إلى تلويث النهر، ورغم تحرير مسئولي «الري» مخالفات لا حصر لها ضدهم، إلا أن المحاضر وحدها لم تكن كافية لإيقاف تلك المخالفات، بينما بُح صوت الأهالي المطالبين بإيجاد حلول للمشكلة، والعمل على تطوير المجازر، للحد من الذبح خارج السلخانة، ونقل اللحوم داخل سيارات بدلاً من النقل على عربات «الكارو». رصدت عدسة "المصريون" أثناء تواجدها في مجزرة قليوب إهمالاً جسيمًا داخل المبنى مثل وجود القمامة، وفضلات الحيوانات المذبوحة "روث الحيوانات"، والأرض التي أصبحت ملطخة بالدماء، وتلوثات عديدة تلاحق الذبيحة وتلاحقنا من أضرار تناولها بعد اختلاطها بمياه المجاري التي تحاصر المكان ولا يوجد لمسئولي مجلس المدينة والوحدة الصحية والبيطرية دور سوى الإهمال والاستهتار بأرواح الأهالي. من جانبه، يشكو عمر الحسيني "سليخ" بالمجزر من عدم نظافة المكان وتقصير الحكومة قائلاً: "مفيش مياه ولا حنفيات وفي إهمال جامد من المسئولين، وفرت الحيوانات مرمية في الأرض يقصد (فضلات الحيوانات)، ولو في زيارة من المحافظة رئيس مجلس المدينة يأمرهم يجيو ينظفوا المكان عشان الإهمال ميتكشفش، ويتفضحوا" . وتابع ل"المصريون": "لما اشتكينا لرئيس مجلس المدينة من عدم وجود مياه وحنفيات في المكان قال "هاتوا الحنفيات على نفقاتكم الخاصة". وفي تلك اللحظة يتحدث سلامة القصاص، أحد الجزارين المتواجدين في المبني، قائلاً: "ياريت يكون في شوية اهتمام من المسئولين للمكان، إزاي مجزر مفيش فيه مياه، اللحمة بتكون فيها دم والمكان مش نظيف ومش عارفين نعمل إيه ." يتحدث بعد ذلك رضا محمد أحد "الختامين" بالمجزر قائلاً: "أنا شغال هنا ختّام من 11 سنة ومدير المجزر يخليني أنظف المكان عشان في عجز في عمال النظافة"، متابعًا: "مرتبي ضعيف جدًا باخد 900 جنيه ومش متثبت ولا متأمن عليا ولو اشتكيت من الإهمال وتقصير المسئولين يهمشونا وهنترمي في الشارع زى اللي قبلنا" . ويقول الجزار سيد العوام: "الأختام بايظة وبنحط عليها مياه عشان تشتغل، والمكان مش نظيف والدم بعد ما بنذبح بيكون مالي الحيطان والأرض ومفيش مياه عشان ننظفه، إحنا داخلين على عيد كبير والمكان غير مهيأ للذبح فيه" . واستكمل: "مفيش تأمين على المكان وفي معدات كتير بتاعتنا بتتسرق من هنا والحكومة نايمة في العسل ومش شايفة الإهمال ده كله". ويتابع: "قانوني إننا نقعد هنا لحد الساعة 2 الظهر، مدير المكان الساعة 9 الصبح يمشينا ويقولنا اليوم خلص طيب أعمل إيه أروح أذبح في الشارع وأبقى مخالف" .