ماذا لو ألقى الدكتور محمد البرادعي، نائب رئيس الجمهورية السابق، بيان 3 يوليو وعزل الرئيس الأسبق محمد مرسي من الحكم؟، سؤال يطرح نفسه بقوة في ظل التداعيات التي ترتبت على قرارات "خارطة الطريق" في مرحلة ما بعد الإطاحة ب "الإخوان المسلمين" من السلطة. وفي 3يوليو 2013 ألقى الرئيس عبد الفتاح السيسي – وزير الدفاع وقتها - بيانًا باسم "القيادة العامة للقوات المسلحة"، بحضور العديد من الشخصيات السياسية والدينية والعسكرية، والتي عرفت باسم "خارطة الطريق"، وأثارت جدلاً بين الذين تظاهروا في الميادين في 30يونيو ضد حكم "الإخوان"، لكونهم أردوا أن تكون السلطة في مصر مدنية خالصة. وكان البرادعي الذي شغل فيما بعد أحد الذين حضروا الاجتماع الذي تم بدعوة من وزير الدفاع، بعد انتهاء المهلة التي منحها الأخير للفرقاء السياسيين من أجل التوصل إلى حل سياسي. وقد حضر بوصفه أحد قيادات "جبهة الإنقاذ" التي كانت تتألف من شخصيات سياسية معارضة لحكم "الإخوان". وقال الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية، وأحد المقربين من البرادعي ل "المصريون"، إن "الوضع السياسى فى مصر لم يكن سيختلف كثيرًا باختلاف الشخصية التى ألقت بيان 3 يوليو، فالوضع لم يكن محل جدل حول الشخصية التى ستخرج على الشعب لإعلان عزل الرئيس السابق محمد مرسى من منصبه، وتعيين المستشار عدلى منصور رئيس المحكمة الدستورية بدلًا منه، لكن الوضع كان ليختلف إذا لم يظهر السيسى فى المشهد من الأساس والاكتفاء بكونه من أحد الشخصيات المتواجدة خلال إلقاء البيان". وأوضح نافعة، أنه "لو كان تم اختيار محمد البرادعى ليكون رئيسًا مؤقتًا للدولة أو حتى قياديًا فى مجلس مدنى يتم اختياره من جانب شخصيات سياسية موثوق بها، لكان اختلف الأمر والوضع العام الذى تعيشه مصر فى تلك الآونة". وأشار إلى أنه كونه من أحد المقربين من البرادعي، فإن "اختياره كان سيجنب مصر العديد من الصراعات الخارجية التى دخلت فيها بعد ثورة يونيو والتى كانت تعتبر أن ما حدث فى مصر لم يكن ثورة وإنما كان انقلابًا على سلطة شرعية كما تزعم جماعة الإخوان". وتابع نافعة: "الأكيد أن شخصية سياسية كان سيتم اختيارها فى هذا المنصب، كانت ستكون موضع اختبار فى التعامل مع الأزمات التى طالت مصر فى تلك الفترة". وأوضح أن "البرادعى بشخصيته السياسية، كانت لديه بعض العيوب التى لم يتقبلها الشعب، ولديه مميزات كانت ستجنب مصر الدخول فى صراعات لم تكن مستعدة لها فى هذه الفترة، الأقوى منها اعتبار ما حدث انقلابًا على السلطة بسبب علاقاته الخارجية القوية لكونه كان رئيسًا للوكالة الدولية للطاقة الذرية". فى سياق مغاير، قال الدكتور عبد الله الأشعل، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن "الأزمة الحقيقة التى تعانى منها مصر الآن، لم تكن بسبب إلقاء الرئيس عبد الفتاح السيسى لبيان 3 يوليو أو تصدره المشهد". وأضاف أن "كون البرادعى هو من قام بإلقاء البيان أو غيره من الشخصيات السياسية، لم يكن الوضع سيختلف كثيرًا"، مشيرًا إلى أن "ما حدث بعزل محمد مرسى رئيس الجمهورية الأسبق، من منصبه وإعطاء السلطة للرئيس عدلى منصور، جاء بشكل دستورى وقانونى وتداول طبيعى فى حال رغبة الشعب فى التغيير". وأضاف الأشعل ل"المصريون"، أن "اعتبار المعارضين للنظام على رأسهم جامعة الإخوان المسلمين، ما حدث فى 30 يونيو و بيان 3 يوليو، هو انقلاب عسكرى على السلطة لا يوجد عليه دلائل قانونية واضحة، حيث إن الانقلاب العسكرى تعريفه من الناحية القانونية والدولية، بأن يقوم من خلال استخدام الجيش والقوات المسلحة فى التغيير، أو تغيير النظام بشكل غير دستورى وقانونى وهو ما لم يحدث فعليًا على أرض الواقع خلال ثورة 30يونيو، لذلك لا يمكن اعتبار الثورة أنها انقلاب بالمعنى الحرفى". وأوضح الأشعل، أنه "فى حال تم اختيار البرادعى لقيادة المرحلة باعتبار أنه رئيس لمجلس مدنى أو حتى رئيس مؤقت لم يكن سيغير من الوضع أى شيء سوى أن البرادعى سيقبل أن يكون أداة للمحرك الأساسى لما حدث وهو الرئيس السيسى"، واصفًا ما حدث بأنه "يعد خطًأ تاريخيًا قويًا وقع فيه قيادات مصر فى تلك المرحلة لم يعرفه الأجيال المقبلة". وأشار إلى أن "التغيير الحقيقى لصورة مصر أمام العالم باعتبار أن ما حدث ليس انقلابًا وتداولاً واضحًا للسلطة كان من الممكن تصديقه فى حال عدم إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسى ترشحه فى الانتخابات الرئاسية بعد عزل مرسى مباشرًة، وأن يكون مشرفًا على العملية الانتخابية فقط باعتباره وزيرًا للدفاع ومهمته الأساسية هى تنفيذ كافة ما جاء فى بيان 3 يوليو من خارطة الطريق وتسليم السلطة من الرئيس عدلى منصور، إلى رئيس مدنى آخر منتخب من جانب الشعب بعيدًا عن السيسى، أو ظهوره سياسيًا فى المشهد وخلعه للرداء العسكرى". وقال شريف الروبى، القيادى بحركة "شباب 6 إبريل - الجبهة الديمقراطية)، إن "اختيار البرادعى كشخصية بديلة للرئيس عبد الفتاح السيسى فى بيان 3يوليو، كان سيغير فى الواقع بشكل كبير، نظرًا للشعبية التى يتمتع بها منذ ثورة 25 من يناير، فى قطاع الشباب والحركات الثورية المعارضة التى شاركت فى الثورتين". وأضاف الروبى، أن "شخص البرادعى كان سيجنب مصر العديد من المشاكل السياسية التى وقعت فيها، بعد ثورة يونيو، واعتبار أن ما حدث لم يكن تداولًا شرعيًا للسلطة، لأنه شخصية سياسية مدنية فى المقام الأول التف حوله الشباب فى يناير، وله قاعدة جماهيرية وضحت بشكل كبير بعد قيامه بمغادرة البلاد والاستقالة من منصبه بعد فض اعتصامى جماعة الإخوان فى رابعة العدوية والنهضة، وهو ما اعتبره القطاع الثورى من الشباب موقفًا إنسانيًا واضحًا من البرادعي". مع ذلك، رأى القيادى الإبريلي، أن "البرادعى لم يكن الشخصية القوية التى كان من الممكن أن تكمل المرحلة بشكل كامل، ولكنه كان سيكون شخصية بمرحلة مؤقتة لحين إجراء انتخابات رئاسية بأشخاص مدنيين بعيدًا عن الرئيس عبد الفتاح السيسى، أو القوات المسلحة، والتى تشكل حالة من القلق حينما تتدخل فى الشئون السياسية للدولة".