قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية, إن الأجيال القادمة فقط هي التي يمكنها حصر العواقب الوخيمة لقرار الرئيس دونالد ترامب الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ. ووصفت الصحيفة في تعليق لها في 2 يونيو, قرار ترامب ب"المخزي"، وقالت إنه جاء على خلاف إرادة غالبية الأمريكيين, المتمثلة في رغبتهم ببقاء بلادهم عضوا في اتفاقية المناخ. وتابعت "الأجيال القادمة هي التي ستعاني جراء ارتفاع منسوب مياه البحار وإزاء حالات الجفاف الشديدة التي يقول العلماء إنه لا مفر منها، وذلك ما لم يقم العالم بتخفيض الانبعاثات الصناعية السامة". وكان الرئيس الأمريكي أعلن في مطلع يونيو انسحاب بلاده من اتفاقية باريس، ورأى أنها لا تخدم مصالح بلاده، داعيا للتفاوض على اتفاقية جديدة "أكثر عدلا". ويفترض أن توقف واشنطن بعد انسحابها من الاتفاقية مساعدات مخصصة لمواجهة التغير المناخي. وكان لقرار ترامب تداعيات فورية، من بينها تراجع سعر عقود خام "برنت" في الأسواق العالمية اليوم بأكثر من دولار. وفي مواجهة قرار ترامب, أعلن رؤساء بلديات مدن أمريكية كبيرة -بينها نيويورك- التزامهم بأهداف اتفاقية باريس، وقالوا إنهم سيتخذون قرارات تصب في هذا الاتجاه. ومن جهته، قال رئيس بلدية لوس أنجليس إريك غارسيتي إن مدينته ستتزعم بالتعاون مع مدن أمريكية ومدن أخرى حول العالم حركة مقاومة ضد سياسة إدارة ترامب بهذا الشأن. وفي السياق ذاته, أعلن الحكام الديمقراطيون لولايات نيويوركوواشنطن وكاليفورنيا -التي تمثل خمس سكان الولاياتالمتحدة- "تحالفا من أجل المناخ". ما أثار قرار ترامب غضب شركات الطاقة النظيفة التي كانت تأمل الاستمرار في سياسة الإدارة الأمريكية السابقة الداعمة للجهود الدولية لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري من خلال الحد من الانبعاثات الصناعية السامة. وعالميا, أعلنت دول أوروبية كبرى والصينواليابان والهند وجنوب إفريقيا تمسكها باتفاقية باريس حول تغير المناخ, ورفضت ألمانيا وفرنسا وإيطاليا في بيان مشترك قرار ترامب الانسحاب من الاتفاق, الساري منذ الأول من نوفمبر2016 , وأعلنت هذه الدول رفضها التفاوض على اتفاق جديد. ونقلت "الجزيرة" عن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل القول في مؤتمر صحفي غير مقرر سلفا :"في ألمانيا وأوروبا وفي العالم بأسره سنوحد جهودنا أكثر من قبل لنواجه وبنجاح التحديات الكبيرة التي تعاني منها الإنسانية كمسألة التغير المناخي، ونحن بحاجة لاتفاقية باريس للحفاظ على كياننا". ومن جانبها, رفضت اليابان الانضمام إلى البيان المشترك الذي أصدرته الدول الثلاث، لكنها أكدت أنها تشاطرها أهمية اتفاقية باريس، في حين وصفت الخارجية اليابانية الانسحاب الأمريكي بالمؤسف. وفي السياق ذاته، وصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قرار ترامب بالخاطئ، وقال إنه يضر مصالح الولاياتالمتحدة ومستقبل كوكب الأرض. وبصورة متزامنة أبدى الاتحاد الأوروبي والصين خلال قمة جمعتهما في بروكسل تصميمهما على المضي قدما في مكافحة التغيرات المناخية. وشدد رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر في مؤتمر صحفي مع رئيس وزراء الصين "لي كيغ يانغ" على أنه لا تراجع عن اتفاق باريس للمناخ. كما قال المفوض الأوروبي لشؤون المناخ ميغيل أرياس كانيتي إنه لا يمكن إعادة التفاوض على اتفاقية باريس للمناخ مثلما قال الرئيس الأمريكي. وفي لندن، أجرت رئيسة الوزراء تيريزا ماي اتصالا هاتفيا بالرئيس الأمريكي، وعبرت عن خيبة أملها لقراره، في حين اتهم زعيم حزب العمال جيرمي كوربن ماي بالخضوع للرئيس الأمريكي، في إشارة إلى رفض بريطانيا الانضمام للبيان الفرنسي الألماني الإيطالي المشترك. وفي نيودلهي، أكد وزير البيئة الهندي ضرورة احترام اتفاقية باريس، كما انتقدت جنوب إفريقيا القرار الأمريكي، واعتبرته تخليا عن المسئولية، وأصدر الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي أيضا بيانا مشتركا يؤكد أهمية الالتزام باتفاقية باريس. أما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فتجنب انتقاد ترامب ورفض الحكم عليه, بسبب هذا القرار, داعيا إلى "عمل مشترك" معه من أجل التوصل إلى اتفاق. وفي الوقت ذاته، وصف بوتين اتفاقية باريس بالجيدة، رغم أنه أوضح أن بلاده لم توقع عليها بعد في انتظار بعض التفاصيل الفنية، على حد قوله. كما أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن خيبة أمله من القرار الأمريكي, فيما تظاهر عدد من المدافعين عن البيئة في 2 يونيو في دول أوروبية -بينها إسبانيا وألمانيا- تنديدا بقرار ترامب.