كشف تحقيق استقصائي أجراه موقع "مدى مصر" في سيناء، عن كواليس خطيرة لمطاريد البدو الذين تحولوا إلى "كتيبة الترابين" لمحاربة تنظيم داعش في جبال سيناء الوعرة، مقابل إسقاط الأحكام القضائية الصادرة ضدهم ليصبحوا مدافعين عن الوطن بعد أن كانوا مطلوبين أمنيا في الأعوام السابقة . التقرير الذي كتبه الزميل أحمد رجب الصحفي ب"المصري اليوم"، ونشره الموقع والذي جاء بعنوان "من مفكرة صحفي في مهمة إلى سيناء مع "مطاريد البدو". سلط الضوء على أبرز هؤلاء المطاريد وعلى رأسهم "موسى الدلح" والذي يعاملونه كشيخ للقبيلة ، وهو أحد أبرز المطلوبين أمنيا منذ عام 2010 وأصبح الآن ضمن "كتيبة الترابين" . وبحسب التقرير فإن المطلوبون أمنيا كانوا محاصرين سابقا في أعلى نقطة بوادي عمرو، في وسط سيناء كل منهم يحمل فوق كتفيه أحكامًا قضائية تتجاوز لأصغرهم سنًا عشر سنوات، أحكامًا اعتاد النافذون في القبائل وقتها أن تجمدها الدولة لحين حاجة، وفق الموقع. فوق الجبل قابل الصحفي الذي أجرى التحقيق ثلاث شخصيات رئيسية، لكل منهم سمت سينمائي خالص. لكل منهم حكاية ومحرك. تختلف الدوافع حتى التناقض، ولكن الأحداث المرسومة بغير عناية تجمعهم حلفاء وأصدقاء ومحاصرين سويًا، وتفرقهم أعداء حتى الموت، حرفيًا. الأول:موسي الدلح، أقربهم لمكانة شيخ القبيلة، ولكن بلمسة أمريكية. يكتب الشعر، ويبحث عن اسمه على جوجل. يستمع للموسيقي تحت القمر والنجوم على كومبيوتر محمول موصل بشبكة إنترنت عابرة للحدود القريبة، بينما يضع الشاي فوق الحطب المشتعل ويفاوض بثقة وبأس واضحين ضابطًا بالمخابرات حاول تهديده باعتقال ابنه. ويشير التقرير الى تورط الدلح في الدفاع عن سالم لافي، فتظهر الدولة في وجهه مجموعة تهم كانت محفوظة في أحد الأدراج في انتظار مناسبة، ثم تسقط التهم لأسباب غير معلومة ويرحل الدلح بعد انتهاء الحصار في 2010 باتفاق ما يبقي الأوضاع كلها على ما هي عليه، فالأحكام لم تسقط ولكنها لن تنفذ. يستقر في رأس سدر، في جنوبسيناء، ليباشر أعمال مقاولات معلنة، وأخرى في شمال سيناء غير معلنة، نعلم منها واحدة فقط: أعمال إنشاءات لحساب شريكه إبراهيم العرجاني. وكشف التحقيق أنه بعد سبع سنوات، يتولى موسى اليوم إدارة الشق الإعلامي لحرب قبيلة "الترابين" ضد "داعش سيناء"، ويختم بياناته الصحفية بهاشتاج #جاري_الدعس. الشخص الثاني : سلامة فياض . قصير، ملامحه قاسية، قليل الكلام، وعندما يتكلم يمسح بيديه على لحيته غير المهذبة، أو يعدل الطاقية القصيرة البيضاء فوق رأسه، يتوضأ في البئر، ويصلي وحيدًا في الصحراء. اعتقله الأمن طويلًا قبل 2010 دون سبب، حسب كلماته، وإن كان تاريخه اللاحق سيحمل رواية مختلفة. وخرج بعد اتفاق معهم على العمل مرشدًا: حيث عبر عن ذلك بقوله "وافقت، ولما خرجت من المعتقل طلعت للصحراء، البدوي لا يشي عن بدوي للضباط». ووفقا للتحقيق فإن الشخص الثالث: "سالم لافي، المهرب والمتمرد، رد السجون ويعد دراما مصرية خالصة تتكرر في الصعيد وسيناء بشكل خاص. ، بدأ حياته في أعمال تهريب بسيطة، ستتطور وتنمو مع ازدهار "الحرب على الإرهاب" وازدهار تعاونه مع الداخلية، لتصل لذروتها في 2005، عندما ساعد الداخلية في القبض على إرهابيين في "جبل الحلال" . ويحصل بعدها لافي على الكثير من الأحكام في جرائم متعددة حتى وصلت الى الإعدام ليهرب لافي في النهاية من السجن بمساعدة أقارب وأصدقاء، فتطالب قيادات الأمن زعماء القبيلة بتسليمه، فيرفضون خوفًا من عار لا ينتهي، فيطارد الأمن كل من يستطيع مطاردته، ويتجمع المطاريد من قبيلة الترابين على اختلافاتهم. يسيّس قضيته بذكاء فطري، وتمر القضية، والأيام، والسنون، ليختفي سالم لافي، ثم يظهر فجأة، ليقتل في حربه على الإرهاب، جنبًا إلى جنب مع الشرطة. مات كرجل عمليات كان يعلم مصيره، ولكنه لم يتوقع من أي جانب سوف تأتي الرصاصة.