شكل ترشيح اسم المستشار يحيي الدكروري "منفردًا" لمنصب رئيس مجلس الدولة من قبل الجمعية العمومية للمجلس، مفاجأة كبيرة للمتابعين للأزمة بين الرئاسة والبرلمان من جهة، والسلطة القضائية من جهة أخرى، على خلفية التعديلات الأخيرة التي سلبت من القضاة الاختصاص في تعيين رؤساء الهيئات القضائية. وبعدما كان ينص القانون على اختيار الأقدم بين نواب رؤساء الهيئات القضائية، نص التعديلات الأخيرة على قانون اختيار رؤساء مجالس الهيئات القضائية على ترشيح كل هيئة 3 أسماء، من بين أقدم 7 نواب لرؤساء مجالس الهيئات القضائية، ويختار الرئيس واحدًا من بين المرشحين الثلاثة. وقال مراقبون إن ترشيح الدكروري يعكس رفضًا لقانون اختيار رؤساء الهيئات القضائية, والذي يستهدف خصوصًا إبعاده عن رئاسة مجلس الدولة، بعد حكمه الذي وصف بالتاريخي بخصوص بطلان اتفاقية "تيران وصنافير"، على خلاف موقف الحكومة. وقال المستشار أحمد سليمان، وزير العدل الأسبق، إن "قرار الجمعية العمومية لمجلس الدولة بترشيح اسم المستشار يحيي الدكروري منفردًا لرئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي له العديد من الدوافع، أهمها الاعتراض على قانون اختيار رؤساء الهيئات القضائية الذي تم إصداره من قبل مجلس النواب بطريقة غير شرعية وعلى عجل منهم، سواء في طريقة التصويت داخل المجلس والذي لم يتبع طريقة التصويت الإلكتروني وقتها، وإنما اكتفى بطريقة رفع الأيدي التي أثبتت فشلها في كثير من الأحيان". وأضاف سليمان ل"المصريون"، أن "لكل قانون بواعث أساسية يتم إصداره وفقًا لها، والبواعث الحقيقية وراء إصدار قانون اختيار رؤساء مجالس الهيئات القضائية هي تنحية المستشار يحيي الدكروري نائب هيئة قضايا مجلس الدولة؛ بسبب حكمه الشهير ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية والمعروفة إعلاميًا ب"تيران وصنافير"، وهو ما جعل مجلس الدولة يرشحه منفردًا؛ كتكريم له على هذا الحكم، بالإضافة إلى رفض الاعتداء على استقلال القضاة في طريقة اختيارهم لرؤساء هيئاتهم القضائية". وأكد سليمان أن "مبدأ الأقدمية في الاختيار يعد دافعًا رئيسيًا لاختيار شخصية المستشار الدكروري؛ حيث إن عرف الأقدمية يعتبر قانونًا بين القضاة، وباعتباره الأقدم نواب مجلس الدولة فإنه الأحق بالترشيح وتوليه المنصب, ومع شعور القضاة بأن مبدأ الأقدمية لن يتم الأخذ به ما جعلهم يعجلون بهذه الخطوة". في ذات السياق، أوضح المستشار عبدالراضي أبو ليلة، رئيس محكمة جنايات القاهرة الأسبق، أنه لم يكن يفضل دخول القضاة في معترك المناوشات السياسية مع مؤسسات الدولة المصرية، باعتبار أن السلطة القضائية هي إحدى هذه المؤسسات وهي سلطة لها رونقها واستقلالها الذي يكفله لها الدستور والقانون, إلا أن قانون اختيار رؤساء الهيئات القضائية الذي أصدره مجلس النواب على خلاف رغبة جمهور القضاة تسبب في الصراع الدائر إلى الآن. وأضاف أبو ليلة ل"المصريون" أن "ترشيح المستشار يحيي الدكروري منفردًا قد يأتي لرفع الحرج عن رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي في الاختيار من ضمن أقدم 7 نواب لرئيس مجلس الدولة، ومن المعروف أن هناك الخلاف بين مؤيدي النظام الحالي والمستشار يحيي الدكروري؛ بسبب حكمه الشهير ببطلان اتفاقية "تيران وصنافير"، فمن الممكن أن يأتي ترشيحه بمفرده لإتاحة الفرصة للرئيس للاختيار ورفع الحرج عن الجميع بما فيهم المستشار يحيي الدكروري. وأوضح أن "خروج مجلس الدولة عن قانون اختيار رؤساء مجالس الهيئات القضائية بالتأكيد يأتي في صور الاعتراض، وعدم الاعتراف به ومحاولة من الجمعية العمومية للمجلس لرفض التدخل في الشأن القضائي أو الاعتداء على السلطة بأي حال من الأحوال والتأكيد على أن القضاء سيد قراره".