تجولت عدسة "المصريون" بين طرقات وأزقة.. تحيط بهم أهم المعالم مثل وزارة الخارجية ومبنى الإذاعة والتليفزيون "ماسبيرو" وفندق هيلتون رمسيس، ورغم ذلك التقطت كاميرا "المصريون" صورًا لبيوت بل عشش على وشك السقوط، وشوارع تكاد تكفي مرور شخص من ضيقها ووجوه حالفها الإرهاق وارتسمت ابتسامة الفقر والرضا علي ملامحها. هنا منطقة بولاق أبو العلا التي أطلقت عليها الحكومة المصرية اسم "مثلث ماسبيرو" بعد دخولها ضمن مشروع تطوير العشوائيات الذي أطلقته الدولة منذ عدة سنوات، وأُعيد طرحه مؤخرًا.. ولكن هذه المرة عُقد العزم على تنفيذه وبدأت المفاوضات بين الحكومة وممثلي أهالي المثلث الذين رفضوا البدائل والتعويضات المقدمة لهم لما بها من عبء مادي وتعجيزي لا يستطيع سكان هذه المنطقة البسيطة تحمله ومن هنا عزمت "المصريون" على توثيق الأحوال المعيشية لأهالي المنطقة "بولاق أبو العلا" ومواقفهم من التطوير أو "التهجير" كما هو شائع بين الأهالي. في البداية تحدث إلينا "عادل" الشاب الثلاثيني الذي عندما تراه تجد وجه يحمل معالم الحزن والفقر وضيق الحال قائلاً: "الحكومة عندها الفلوس كل حاجة وعاوزين يمشونا من المنطقة اللي أتولدنا فيها وعيشنا فيها من وقت ما كنت أمي عندها 11 سنة عشان يبنوا أبراج ويستثمروها، وتابع: دول عرضوا علينا "ملاليم" وهما قابضين من المستثمرين "ملايين الجنيهات". وأضاف: "إحنا من ضمن الناس اللي مش هينفع تسكن في حي "الأسمرات" لأنهم حاطين شروط وإحنا الشروط مش متطابقة معانا" متابعًا: "الحكومة شرطها توريث الشقة لفرد واحد من الأسرة يعني أمي لما تموت ارميها في الشارع عشان أعجبهم، علي حد وصفه ". ووجه "عادل" في آخر الحديث رسالة ل"رئيس الجمهورية قائلاً: "يا ريت ياريس تدينا حقوقنا وتهدوا علينا شوية إحنا ناس غلابة مش حمل بهدلة ومرمطة في الشوارع". وقال "عم كمال" 73 سنة ويسكن في غرفة واحدة: "أنا مولود ف المنطقة وكنت سمكري سيارات وابني استلم المهنة بعدي وهو اللي بيقف في الورشة، والدنيا غلاء، ودلوقتي باخد معاش 470 ج ومتجوز اتنين مفيش حاجة تريحني غير إني أفضل قاعد في منطقتي مخرجش منها لأن مقدرش أدفع إيجار ومعاشي قليل ادفعه منين". وتقول أم عادل: "أنا جيت وأنا عندي 11 سنة ومعايا دلوقتي 5 عيال مش عايزين نمشي من هنا ومليش دخل ولا معاش ببيع كيس شيبسي، وباكو بسكويت علي الناصية لو جالي 10 أو 20ج في اليوم أدفع منهم إيجار ولا أجيب أكل ولا أعيش ازاي طيب أنا وعيالي كده حرام". مرددًا: "هيجازونا يجازونا لكن مش هطلع من هنا مفيش حد موظف كله أرزقي اللي يراضينا الحاجة اللي تجازينا أنا جاية من بلدي من أيام محمد نجيب وهنفضل قاعدين لما نطلع بخشبتنا من هنا". وفي تلك اللحظة يستكمل عم خالد 65 عاما وهو يساوي عمره في المنطقة والذي قال «البيت 4 مطارح كل مطرح إيجاره 2 جنيه ومجوزين عيالنا فيه والعيشة على القد نشتغل يوم ونقعد شهر ولو طلعنا من هنا مش هنقدر ندفع الإيجار شباب بعيالهم"، مش هيقدروا يدفعوا وأنا ومراتي سننا كبير مش هنقدر نركب موصلات. وقال محمد السمكري 56 سنة من سكان مثلث ماسبيرو إننا لن نخرج من مساكنا إلا على جثثنا، ولن نسمح لأحد بإخراجنا من منازلنا من أجل استرضاء رجال الأعمال. وتقوم منال محمد سعد 42 سنة من سكان المثلث إن عشرات المواطنين قاموا بتوكيل الدكتور محمد حمودة المحامي لمقاضاة الحكومة، وتمت رفع دعوى قضائية ضد وزير الإسكان، ولن نتنازل عن حقوقنا مهما كانت التضحيات. ويقول: عم سعيد تاجر 67 سنة أكد أن أرض ومساكن مثلث ماسبيرو ملك خاص للأهالي وأن جميع سكانها تحت خط الفقر، وأن هناك صراع قوي بين رجال الأعمال من أجل الاستيلاء على تورتة الأرض لتحقيق المكاسب الطائلة التي تقدر بالمليارات.