في وسط القاهرة، خلف وزارة الخارجية ومبنى إتحاد الإذاعة والتليفزيون فقراء يعيشون على "بقايا الرزق"، يتعلقون بكل بارقة أمل تنقذهم من سقف سيسقط –حتما- على أحدهم يومًا ما ولسان حالهم يقول "مش كل من جاور السعيد يسعد"، مثلث ماسبيرو قصة تتجدد وعهود لا تنتهي والأهالي "بين البين" بين الفقر وبين "قلة الحيلة" والمعاناة قائمة. "يدوني أوضة مكان الأوضة بتاعتي في المساكن الجديدة مش عاوزه أكتر من كدا ومش معايا فلوس عشان أدفع إيجار" قالتها سيدة مسنة في العقد السادس من عمرها، على "حجر" أمام منزلها جلست، أسندت ظهرها إلى حائط ترك عليه الزمن بصماته، وكأنه جزء من سنوات تلك السيدة شاخ مع تقدمها في العمر، "بقالي 50 سنة عايشة هنا، ولو هيدوني شقة هنا أدفع منين وأنا معاشي 300 جنيه. "إحنا غلابة أوي والعيشة بقت مرة" - والحديث لا يزال لسيدة مثلث ماسبيرو- " والله العظيم ما دُقت اللحمة من العيد اللي فات.. دا إحنا كتر خيرنا اللي عايشين". "الحكومة مانعة أي هدم وبناء للبيوت، الأسقف هتقع علينا، والشروخ مالية الحيطان وعايشين بنقول يا رب أستر علينا" محمود شعبان أحد سكان مثلث ماسبيرو يعبر عن معاناة الأهالي والحياة على وقع دعاء "ربك ستار على الغلابة" ورغم ذلك لا تزال تلك المنازل قائمة وكأنها تشعر بحال ساكنيها. في الصباح يسترق رجل سبعيني النظر إلى "جيرانه" على بعد أقل من 100 متر فقط، أناس آخرون، حياة أخرى "تعمل إيه 470 جنيه في الزمن دا هما دول كل معاشي وفي الآخر بيقولك لو عاوز تقعد تدفع إيجار 1000 جنيه أجيب منين" كمال سعد - 74 عامًا- أحد سكان مثلث ماسبيرو، تحدث بحدة وكأنه ملّ من الوعود واللقاءات والمؤتمرات التي عقدت لحل أزمتهم :" أنا اتخلقت هنا وهعيش هنا وهموت هنا من الآخر لو عاوزين الأرض دي يموتونا هنا، وأنا مش عارف هما ليه بيعملوا فينا كدا أنا بقولهم خدوا التورتة وسيبولنا الفتافيت مش تاخدوا كل حاجة". "مؤتمر نائب وزير الإسكان الأخير كلام فاضي وكل اللي ييجي يقولنا هريحكم وما بيحصلش حاجة وحالنا زي ما هو" موقف كمال سعد بات معبرًا عن جميع سكان مثلث ماسبيرو وكأن الثقة اُنتُزعت نزعًا من قلوبهم تجاه الحكومة، ليكمل حديثه :"الأرض دي اتباعت 3 مرات أيام السادات وأيام مبارك ودلوقتي بيقولوا فيه 5 شركات استثمارية، هي البني آدمين بتتباع إحنا مش بشر ولا الحكومة مش حسبانا ضمن البشر عاوزين نعرف". وفي بداية الأسبوع الحالي عقد نائب وزير الإسكان مؤتمرًا ضم ممثلين عن سكان مثلث ماسبيرو بشأن إعلان الصيغة النهاية لما قد يُرضي الأهالي ومن ثم تبدأ بعد توقيعهم إجراءات نقلهم- هكذا عوّل نائب الوزير- وكأنه ضمن موافقتهم. استمارة رغبات المواطنين لاختيار أحد البدائل التي طرحتها وزارة الإسكان تم توزيعها على أهالي مثلث ماسبيرو؛ لمعرفة اختياراتهم، تمهيدًا لبدء عمليات التطوير خلال 3 أشهر من انعقاد المؤتمر، الذي وصفه الأهالي ب"الكلام الفاضي" ما يعني رفضهم لما طرحته الوزارة. استمارة الإسكان حددت خمسة بدائل، وضعتها أمام سكان مثلث ماسبيرو الأول التعويض بوحدة نظام الإيجار في المنطقة بعد التطوير، يدفع الشاغل إيجارا شهريا بعقد يورث مرة واحدة فقط، يتراوح بين ألف إلى ألفي جنيه، والثانى، التعويض بوحدة بنظام الإيجار التمليكي في المنطقة بعد التطوير، ويدفع الشاغل إيجارا تمليكيا ينتهي بتملك الوحدة بعد 30 سنة، ويتراوح فيها سعر الشقة بين 300 و390 ألف جنيه، والثالث، التعويض بوحدة تمليك في المنطقة بعد التطوير، يصل فيها القسط التمليكي شهريا إلى 2700 جنيه. وجاء البديل الرابع، التعويض النقدي، ويكون مقابل الغرفة الواحدة من الحكومة للساكن 100 ألف جنيه، والغرفتين 160 ألفا، والثلاث غرف 220 ألفا، بينما الأربع غرف 280 ألف جنيه، والخامس، التعويض بوحدة بنظام الإيجار التمليكي في مدينة الأسمرات، وأن يكون مقابل الغرفة الواحدة شقة تمليك بقسط 300 جنيه لمدة 30 سنة بزيادة 5% سنويا، والغرفتين يقابلهما شقة تمليك بقسط 110 جنيهات لمدة 30 سنة، بينما الثلاث غرف يقابلها شقة تمليك، بالإضافة إلى 16 ألف جنيه.