نائب وزير السياحة تشارك في مؤتمر «الابتكار في صناعة السياحة في ظل التغيرات العالمية المعاصرة»    وزارة التخطيط تشارك في الدورة العاشرة للمنتدى الأفريقي للتنمية المستدامة    الأسواق الأوروبية تغلق على انخفاض .. وارتفاع أسهم التعدين 1.9%    "الخزانة الأمريكية": واشنطن تفرض عقوبات جديدة على إيران    كهرباء الإسماعيلية يتعادل مع الإنتاج الحربي ويصعد للمحترفين    مدرب يد الزمالك يوجه رسائل تحفيزية للاعبين قبل مواجهة أمل سكيكدة الجزائري    الإفراج عن 476 سجينا بمناسبة الاحتفال بعيد تحرير سيناء    قومي المرأة ينظم برنامج سينما الطفل بأسوان    خالد الجندي: مصر لن تفرّط في حبة رمل من سيناء    إدريس: منح مصر استضافة كأس العالم للأندية لليد والعظماء السبع أمر يدعو للفخر    سبب غياب حارس الزمالك عن موقعة دريمز الغاني بالكونفيدرالية    "إكسترا نيوز": معبر رفح استقبل 20 مصابًا فلسطينيًا و42 مرافقًا اليوم    خطوات تحميل امتحانات دراسات الصف الثالث الإعدادي الترم الثاني pdf.. «التعليم» توضح    تواصل عمليات توريد القمح للصوامع بالمحافظات    احتفالا بذكرى تحريرها.. المطرب مينا عطا يطرح كليب "سيناء"    استجابة لشكاوى المواطنين.. حملة مكبرة لمنع الإشغالات وتحرير5 محاضر و18حالة إزالة بالبساتين    دعاء يوم الجمعة.. ساعة استجابة تنال فيها رضا الله    ماذا يقول المسلم في الحر الشديد؟.. أدعية رددها الآن    بيان مشترك.. أمريكا و17 دولة تدعو حماس للإفراج عن جميع الرهائن مقابل وقف الحرب    رئيس جامعة قناة السويس يُعلن انطلاق أكبر حملة تشجير بجميع الكليات    بعد إعلان استمراره.. ثنائي جديد ينضم لجهاز تشافي في برشلونة    تفاصيل الاجتماع المشترك بين "الصحفيين" و"المهن التمثيلية" ونواب بشأن أزمة تغطية جنازات المشاهير    وزير الرياضة يشهد انطلاق مهرجان أنسومينا للألعاب الإلكترونية    مدرب نيس ينضم لقائمة المرشحين لخلافة بيولي في ميلان    انقطاع المياه عن بعض المناطق فى البياضية والحبيل بالأقصر    تفاصيل اجتماع المجلس الأعلى للمستشفيات الجامعية برئاسة وزير التعليم العالي    دعاء الاستخارة بدون صلاة .. يجوز للمرأة الحائض في هذه الحالات    الرئيس البيلاروسي يتوقع المزيد من توسع «الناتو» وتشكيل حزام من الدول غير الصديقة حول روسيا وبيلاروس    مدرب صن دوانز: الفشل في دوري الأبطال؟!.. جوارديولا فاز مرة في 12 عاما!    تحرير 498 مخالفة مرورية لردع قائدي السيارات والمركبات بالغربية    رد فعل غير متوقع من منة تيسير إذا تبدل ابنها مع أسرة آخرى.. فيديو    مصادرة 569 كيلو لحوم ودواجن وأسماك مدخنة مجهولة المصدر بالغربية    إصابة سيدة وأبنائها في حادث انقلاب سيارة ملاكي بالدقهلية    التحقيق مع المتهم بالتحرش بابنته جنسيا في حدائق أكتوبر    جامعة حلوان توقع مذكرتي تفاهم مع جامعة الجلفة الجزائرية    الأردن يدين سماح الشرطة الإسرائيلية للمستوطنين باقتحام الأقصى    علماء يحذرون: الاحتباس الحراري السبب في انتشار مرضي الملاريا وحمى الضنك    كيفية الوقاية من ضربة الشمس في فصل الصيف    طريقة عمل مافن الشوكولاتة بمكونات بسيطة.. «حلوى سريعة لأطفالك»    ضبط عامل بتهمة إطلاق أعيرة نارية لترويع المواطنين في الخصوص    خبيرة فلك: مواليد اليوم 25 إبريل رمز للصمود    الكرملين يعلق على توريد صواريخ "أتاكمز" إلى أوكرانيا    محافظ كفر الشيخ يتابع أعمال تطوير منظومة الإنارة العامة في الرياض وبلطيم    السكة الحديد: أنباء تسيير قطار إلى سيناء اليوم غير صحيحة وتشغيل خط الفردان بئر العبد الفترة المقبلة    مشايخ سيناء في عيد تحريرها: نقف خلف القيادة السياسية لحفظ أمن مصر    انعقاد النسخة الخامسة لمؤتمر المصريين بالخارج 4 أغسطس المقبل    «التعليم» تستعرض تجربة تطوير التعليم بالمؤتمر الإقليمي للإنتاج المعرفي    الرئيس السيسي: نرفض تهجير الفلسطينيين حفاظا على القضية وحماية لأمن مصر    مستقبل وطن: تحرير سيناء يوم مشهود في تاريخ الوطنية المصرية    أبطال سيناء.. «صابحة الرفاعي» فدائية خدعت إسرائيل بقطعة قماش على صدر ابنها    فن التهنئة: استقبال شم النسيم 2024 بعبارات تمزج بين الفرح والتواصل    افتتاح وتشغيل 21 سرير عناية جديد بمستشفي الكرنك في الأقصر تزامنا ذكرى تحرير سيناء    منصة شاهد تعرض أول حلقتين من مسلسل البيت بيتي 2    إصابة ربة منزل سقطت بين الرصيف والقطار بسوهاج    حدث ليلا.. تزايد احتجاجات الجامعات الأمريكية دعما لفلسطين    أول تعليق من ناهد السباعي بعد تكريم والدتها في مهرجان قرطاج السينمائي    أحمد موسى: مطار العريش أصبح قبلة للعالم وجاهز لاستقبال جميع الوفود    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إثبات الأجر لمن إحتاط لوقت طلوع الفجر(1)

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .
{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } ( آل عمران 102 )
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } ( النساء 1 )
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا . } ( الأحزاب 70 – 71 )
فقد طفت على الساحة الإسلامية في الآونة الأخيرة بعض التحذيرات ، التي اطلقها بعض الباحثين محذرين فيها من أن المسلمين يصلون الفجر قبل وقته ، ونصحوا المسلمين أن يؤخروا صلاة الفجر من عشر دقائق حتى نصف الساعة حتى يكون أداء الصلاة في وقتها فتكون مقبولة شرعا .
ومن ذلك ما جاء بجريدة اليوم السابع في عددها الصادر بتاريخ 5 / 1 / 2015 تحت عنوان (بعد تأكيد باحث مصرى أن المصريين يُصَلون الفجر خطأ منذ 100 عام.. " العلوم الفلكية ": مشروع مع دار الإفتاء للتحقق من موعد الصلاة.. المعهد : قمنا بشراء " فوتومتر" بمليون و250 ألف جنيه ونستعد للبدء فى فبراير : { بعدما أكد أحد الباحثين بالمعهد القومى للعلوم الفلكية والجيوفيزيقية ، أنه أجرى أبحاثًا أكدت أن مسلمى مصر يصلون الفجر فى غير موعده الصحيح منذ 100 عام ، وأن المسلمين اعتمدوا على باحث فلكى بريطانى لتحديد موعد الصلاة، وأنهم يصلون قبل الموعد الصحيح أو بعده بأكثر من نص ساعة ، والذى أثار بلبلة بين المصريين ، وتستعد حاليًا دار الإفتاء المصرية والمعهد القومى للعلوم الفلكية ، للبدء فى مشروع ضخم للتحقق من موعد الصلاة وطمأنة المصريين . وقال الدكتور حاتم عودة رئيس المعهد ، إن المعهد يشارك الآن مع دار الإفتاء فى مشروع للتحقق من مواقيت صلاة الفجر على مستوى كل محافظات الجمهورية. وأضاف الدكتور حاتم عودة رئيس المعهد ، فى تصريحات خاصة ل" اليوم السابع " ، أن المشروع كان مخططًا له من قبل ، لكن وصول الجهاز الذى سيستخدم فى الرصد هو الذى أخر البدء فيه ، لافتًا إلى أن هناك أبحاثًا ودراسات أجراها باحثون وأساتذة بالمعهد ، أكد بعضها أن التوقيت الحالى للصلاة صحيح ، وأكد آخرون وجود اختلاف عن التوقيت الحالى بفارق وصل إلى 15 دقيقة. وأشار الدكتور حاتم عودة رئيس المعهد ، إلى أن المعهد قام بشراء الجهاز بتكلفة مليون وربع المليون جنيه ، ويتم تجهيزه الآن كى يستخدم فى المشروع ، لافتًا إلى أنه يتم تجهيزه فى الفترة الحالية ، مشيرًا إلى أن المعهد يفكر فى شراء جهاز آخر أو تليسكوبات لتسهيل المهمة ، مؤكدًا ضرورة إعادة القياسات مرة أخرى فى الفترة الحالية . وأوضح الدكتور حاتم عودة رئيس المعهد ، أنه من المقرر أن يبدأ المشروع فى فبراير المقبل أى بعد إعداد الجهاز للعمل وينتهى بعد عامين منذ ذلك التاريخ ، أى فى 2017 ، مؤكدًا أن كل الاحتمالات موجودة من حيث إمكانية وجود فرق فى التوقيت من عدمه ، لافتًا إلى أنه سيتم الرصد من بيئات مختلفة بمصر، وبناءً عليه ستعرض النتائج . فى سياق متصل ، قال الدكتور حاتم عودة رئيس المعهد ، إن عملية الرصد بأى دولة تختلف عن الأخرى وكل مدينة أيضًا من حيث خطوط الطول والعرض والزاوية المستخدمة أيضًا . من جانبه ، قال الدكتور محمد غريب رئيس قسم الشمس بالمعهد ، إن الجهاز المستخدم يسمى الفوتومتر وسوف يقوم بقياس الضوء بصورة دقيقة وقت بداية الشفق لتحديد موعد صلاة الفجر، لافتًا إلى أن الزاوية التى تم حساب موعد صلاة الفجر بواسطتها الآن هى 19.50 درجة . وأشار الدكتور محمد غريب رئيس قسم الشمس بالمعهد ، إلى أنه من المقرر أن تتم عملية الرصد ب6 أماكن ، لافتًا إلى أن تلك الأماكن قيد الدراسة ، مثل سانت كاترين وأبو سمبل وسيوة والواحات وغيرها. وأوضح الدكتور محمد غريب رئيس قسم الشمس بالمعهد ، أن هناك شروطًا يجب أن تنطبق على تلك الأماكن ، منها أن تكون بعيدة عن الحيز العمرانى والضوء ، لافتًا إلى أن عملية الرصد ستتشابه كثيرًا مع عملية رؤية أهله الشهور الهجرية. وفى سياق متصل ، قال الدكتور محمد غريب رئيس قسم الشمس بالمعهد ، إنه من المقترح أن تتكون رحلة الرصد من 7 باحثين وأحد أفراد دار الإفتاء ، ليشاهد نتيجة الرصد ، ويدون ذلك حتى يتم تحديد الموعد الصحيح . } أه
وحيث أن هذا الأمر قديم يعلمه كثير من طلبة العلم الشرعى ، فيؤخرون إقامة صلاة الفجر قرابة النصف ساعة ، إحتياطا ، إلا أن بعض المسلمين عمم نتيجة هذا البحث على الصيام ، فتراهم يشربون ، ويأكلون ، ويجامعون زوجاتهم بعد الأذان الثانى بدعوى عدم صحته ، وعلى الحج ، فيؤخرون الوقوف بعرفة بعد طلوع فجر يوم النحر بدعوى عدم صحة التقاويم ، فقد أحببت أن أوضح الحكم الشرعى في هذه المسألة ، وذلك بعرض الوقفات الآتية :

الوقفة الأولى
تعريف الفجر
تعريف الفجر لغة وشرعاً :
1- الفجر لغة : قال ابن منظور في " لسان العرب " : { الفجر: ضوء الصباح ، وهو حمرة الشمس في سواد الليل } أه
وجاء في مختار الصحاح : { الفجر: في آخر الليل كالشفق في أوله ، وقد ( أفجرنا ) كأصبحنا من الصبح . } أه .
وجاء في القاموس المحيط : { الفجر : ضوء الصباح ، وهو حمرة الشمس ، وقد انفجر الصبح وتفجر وانفجر عنه الليل ، وأفجروا : دخلوا فيه } أه .
يبين مما سبق أن الفجر يطلق على أول بياض النهار، وأن الفجر فجران : فجر كاذب ، وفجر صادق ، وأن الذي تترتب عليه الأحكام الشرعية من الإمساك عن الطعام للصائم وابتداء وقت الصلاة هو الفجر الصادق .
2- الفجر شرعاً : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { الفجر فجران ، فجر يقال له : ذنب السرحان ، وهو الكاذب يذهب طولاً ، ولا يذهب عرضاً ، والفجر الآخر يذهب عرضاً ، ولا يذهب طولا } ( رواه السيوطى في الجامع الصغير وصححه الألباني ) وحديث سمرة بن جندب قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لا يمنعنكم من سحوركم أذان بلال ، ولا الفجر المستطيل ، ولكن الفجر المستطير في الأفق } ( رواه أبو داود والترمذي ، وصححه الألباني ) .
قال ابن حزم في " المحلى " : (والفجر الأول هو المستطيل المستدق صاعداً في الفلك كذنب السرحان ، وتحدث بعده ظلمة في الأفق ، لا يحرم الأكل ولا الشرب على الصائم ، ولا يدخل به وقت صلاة الصبح ، وهذا لا خلاف فيه من أحد من الأمة كلها . والآخر هو البياض الذي يأخذ في عرض السماء في أفق المشرق - في موضع طلوع الشمس - في كل زمان ، ينتقل بانتقالها ، وهو مقدمة ضوئها ، ويزداد بياضه ، وربما كان فيه توريد بحمرة بديعة ، وبتبيُّنه يدخل وقت الصوم ووقت الأذان لصلاة الصبح ووقت صلاتها. فأما دخول وقت الصلاة بتبينه فلا خلاف فيه من أحد من الأمة } أه
وقال ابن جرير الطبري : { صفة ذلك البياض أن يكون منتشراً مستفيضاً في السماء يملأ بياضه وضوؤه الطرق } اه.
وقال صديق حسن خان في " الروضة الندية " : { وأول وقت الفجر إذا انشق الفجر: أي ظهور الضوء المنتشر، وبينه صلى الله عليه وسلم أشفى بيان ، فقال لهم " أنه يطلع معترضاً في الأفق " و" أنه ليس الذي يلوح بياضه كذنب السرحان " وهذا شيء تدركه الأبصار، وقال تعالى : { حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر } فجاء بلفظ التفعل لإفادة أنه لا يكفي إلا التبين الواضح ، أي يتبين لكم شيئاً فشيئاً حتى يتضح ، لأنه لا يتم تبيينه وظهوره إلا بعد كمال ظهوره ، فإنه يطلع أولا كتباشير الضوء ، ثم ذنب السرحان وهو الفجر الكاذب ، ثم يتضح نور الصباح الذي أبداه بقدرته فالق الإصباح ، ولذلك قال الشاعر: وأزرق الصبح يبدو قبل أبيضه وأول الغيث قطر ثم ينسكب } . اه


الوقفة الثانية
علامة طلوع الفجر الصادق
قال ابن قدامة - رحمه الله – في " المغنى " : { وجملته : أن وقت الصبح يدخل بطلوع الفجر الثاني إجماعاً ، وقد دلَّت عليه أخبار المواقيت ، وهو البياض المستطير المنتشر في الأفق ، ويسمَّى " الفجر الصادق " ، لأنَّه صدقك عن الصبح وبيَّنه لك ، والصبح ما جمع بياضاً وحمْرة ، ومنه سمِّي الرجل الذي في لونه بياض وحمرة : " أصبح " فأما الفجر الأول : فهو البياض المستدق صعداً من غير اعتراض فلا يتعلق به حكم ، ويسمَّى " الفجر الكاذب " ثم لا يزال وقت الاختيار إلى أن يسفر النهار } أه .
وقال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله – في " الشرح الممتع " : { وذكر العلماء أن بينه - أي : الفجر الكاذب - وبين الثاني ثلاثة فروق :
الفرق الأول : أن الفجر الأول ممتد لا معترض ، أي : ممتد طولاً من الشرق إلى الغرب ، والثاني : معترض من الشمال إلى الجنوب .
الفرق الثاني : أن الفجر الأول يظلم ، أي : يكون هذا النور لمدة قصيرة ثم يظلم ، والفجر الثاني : لا يظلم بل يزداد نوراً وإضاءة .
الفرق الثالث : أن الفجر الثاني متصل بالأفق ليس بينه وبين الأفق ظلمة ، والفجر الأول منقطع عن الأفق بينه وبين الأفق ظلمة .} أه

الوقفة الثالثة
الأحكام المترتبة على طلوع الفجر الصادق
لا يترتب على الفجر الكاذب شيئا من الأحكام الشرعية ، وإنما يترتب على طلوع الفجر الصادق عدة أحكام منها :
1- وجوب صلاة الفجر على المكلف بأدائها .
2- وجوب الإمساك عن مفطرات الصيام من طعام وشراب وجماع .
3- فوات الحج لمن لم يقف بعرفة .
قال إبن كثير – رحمه الله – في " تفسيره " : { قال عطاء : فأما إذا سطع سطوعاً في السماء - وسطوعه أن يذهب في السماء طولاً - فإنه لا يحرم به شراب لصيام ولا صلاة ، ولا يفوت به حج ، ولكن إذا انتشر على رؤوس الجبال : حرم الشراب للصيَّام ، وفات الحج .} أه .
وقال إبن العثيمين – رحمه الله - في " الشرح الممتع " : { وهل يترتب على الفجر الأول شيء ؟ لا يترتب عليه شيء من الأمور الشرعيَّة أبداً ، لا إمساك في صوم ، ولا حل صلاة فجر ، فالأحكام مرتبة على الفجر الثاني } أه .
الدليل على ذلك :-
1- عن جابر بن عبدالله رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { الفجرُ فجرانِ ، فأمَّا الفجرُ الذي يكونُ كذنَبِ السَّرْحانِ فلا يُحِلُّ الصلاةَ ، ولَا يُحَرِّمُ الطعامَ ، وأَما الفجرُ الذي يذهبُ مُسْتَطِيلًا في الأفُقِ ، فإِنَّه يُحِلُّ الصلاةَ ، ويُحَرِّمُ الطعامَ } ( رواه السيوطى في الجامع الصغير وصححه الألبانى )
2- عن سمرة بن جندب : أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قال : { لا يغرنَّكم من سحورِكم أذانُ بلالٍ ، ولا بياضُ الأفقِ المستطيلِ هكذا ، حتى يستطيرَ هكذا } ( رواه مسلم ) وفى رواية : { لا يمنعَكُم من سحورِكم أذانُ بلالٍ ولا الفجرُ المستطيلُ ولَكنِ الفجرُ المستطيرُ في الأفقِ } ( رواه الترمذى وصححه الألبانى )
3- عن عبدالله بن عمر رضى الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إِنَّ بلالًا يؤذِنُ بليلٍ . فكلُوا واشربوا حتى يؤذِّنَ ابنُ أمِّ مكتومٍ . قال : ولم يكنْ بينهما إلَّا أنْ ينزِلَ هذا ويَرْقَي هذا .} ( رواه مسلم )

الوقفة الرابعة
أقوال أهل العلم في وقت الفجر الوارد بالتقاويم
قال الباحث أبو بكر/ أحمدي العدوي - المدرس بالكلية التقنية بتبوك – في بحثه " القول القويم في الصلاة حسب التقويم " : { بالبحث والتتبع وجد أن أهل العلم قد اختلفوا في وقت الفجر في التقاويم على ثلاثة أقوال :
الأول : أن وقت التقويم صحيح وموافق لطلوع الفجر الصادق ، وتصح به صلاة الفجر .
الثاني : أن وقت التقويم متقدم بحوالي ( 10 - 15 دقيقة ) عن الفجر الصادق ولا تصح به صلاة الفجر .
الثالث : أن وقت التقويم متقدم بحوالي (20- 25 دقيقة ) بل قد يسبق الفجر الكاذب أحياناً ، ولا تصح به صلاة الفجر بل يجب انتظار تلك المدة قبل صلاة السنة والفرض جميعاً .
والقول الأول : اعتمد على تقويم أم القرى - بالسعودية - ، وتقويم هيئة المساحة المصرية – بمصر- ، وغيرهما من التقاويم في كثير من بلاد المسلمين ، وفيه طلوع الفجر عندما تكون الشمس تحت الأفق بزاوية (19 ?– 30,19? ).
والقول الثاني : اعتمد على دراسة عبد الملك الكليب – بالكويت - ، وتقويم رابطة العالم الإسلامي ، وفيه طلوع الفجر عندما تكون الشمس تحت الأفق بزاوية (17?- 18?).
والقول الثالث : اعتمد على تقويم الإسنا – وهي جمعية إتحاد مسلمي أمريكا الشمالية - ، ونتائج الدراسات الفلكية – بمصر والسعودية - ، ورصد الفجر بالمشاهدات المتكررة من كثير من أهل العلم - الشرعي والفلكي - وفيه طلوع الفجر عندما تكون الشمس تحت الأفق بزاوية (14 ?– 15? ). } أه .
الرأي الراجح : هو الرأي الثالث .
قال الباحث أبو بكر أحمدى العدوى في بحثه سالف البيان : { الشيخ جاد الحق شيخ الأزهر السابق وتوجد له فتوى - فتاوى دار الإفتاء المصرية - بتاريخ 25 محرم 1402 هجرية - 22 نوفمبر 1981 م. وهذا نصُّها :
السؤال: استفسر كثير من المواطنين من دار الإفتاء عما أثارته بعض الجماعات من أن وقت صلاة الفجر بالحساب الفلكي المعمول به في مصر متقدم بنحو العشرين من الدقائق عن دخول الوقت الشرعي بطلوع الفجر الصادق حسب علاماته الشرعية ، وأن انتهاء وقت المغرب ودخول وقت العشاء بذات الحساب غير صحيح أيضاً ، إذ لا يطابق كل هذا ما جاء في السنة. وأن بعض هذه الجماعات قد ضللت الناس وأثارت الشك في عبادتهم ، لاسيما في شهر رمضان ، فقد أفتوا بامتداد الإفطار إلى إسفار النهار وظهوره ، متجاوزين وقت الفجر المحدد حسابياً ، استدلالاً بقول اللّه سبحانه } وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل } ( البقرة 187 ) ، وأن هؤلاء كانوا يُحضِرون خيطين : أبيض وأسود ، ويبيحون الأكل والشرب حتى يُميزون الأبيض من الأسود منهما .
الجواب : إزاء كثرة الاستفسارات عن هذا - تليفونياً وكتابياً - ، فقد عرض المفتى أمر الحساب الفلكي لمواقيت الصلاة الذي تصدره هيئة المساحة المصرية في تقويمها الرسمي على لجنة من الأساتذة المتخصصين في علوم الفلك والأرصاد والحسابات الفلكية بأكاديمية البحث العلمي ، وجامعتي الأزهر والقاهرة ، وهيئة المساحة المصرية ، لإبداء الرأي العلمي ، لمقارنة المواقيت الشرعية على المواقيت الحسابية الجارية ، وشارك في الفحص السيد / رئيس مجلس إدارة بنك دبي الإسلامي ، وقد كان واحداً من أولئك الذين أرسلوا لدار الإفتاء تقريراً عن عدم صحة الحسابات المعمول بها في مصر لأوقات الصلاة خاصة صلاتي العشاء والفجر. وقد تقدمت هذه اللجنة بتقريرها الذي انتهت فيه ، بعد البحث ، إلى : ( أن الأسلوب المتبع في حساب مواقيت الصلاة في جمهورية مصر العربية يتفق من الناحية الشرعية والفلكية مع رأى قدامى علماء الفلك المسلمين .
وتأكيداً لهذا : اقترحت اللجنة - تشكيل لجنة علمية - توالى الرصد والمطابقة مع المواقيت الشرعية في فترات مختلفة من العام ولمدة عامين .
التعليق على الفتوى : بالفعل شُكلت تلك اللجنة المقترحة - وأُطلق عليها ( لجنة تحقيق مواقيت الصلاة ) - بقرار من رئيس أكاديمية البحث العلمي ، وأسهم الشيخ جاد الحق في دعمها .
وقد أسفرت هذه الدراسات والتجارب - على مدى عامين - عن أن الفجر الصادق يكون قبل شروق الشمس بحوالي (64 دقيقة ) في أسوان والمناطق المحيطة بها ، أما في باقي أنحاء الجمهورية فإن الفجر الصادق يكون قبل شروق الشمس بحوالي ( 57 دقيقة ) . وهذه الدراسة نشرتها جريدة اللواء الإسلامي في 19جمادى الآخرة 1409ه الموافق 29/12/1988.
وحيث أن فتوى الشيخ جاد الحق كانت في 1981 م وقرار " لجنة تحقيق مواقيت الصلاة " الذي أثبت خطأ توقيت الفجر في التقاويم كان في 1988 م ، فإن قرار اللجنة يُعتبر ناسخاً لتلك الفتوى ، وعليه فلا يصح الاحتجاج بها على صحة التقاويم . وهو ما حدث بالفعل فقد رجع الشيخ جاد الحق شيخ الأزهر عنها وأوصى قبل موته بلزوم تعديل توقيت النتيجة بعد تقرير اللجنة التي شكَّلها لبحث هذه المسألة إبَّان كونه شيخاً للأزهر– رحمه الله - ، كما نقل ذلك عنه الشيخ علي الخطيب رئيس تحرير مجلة الأزهر- سابقاً -. كما جاء ذلك في فتاوى صوت السلف في آخر هذه الرسالة .
ونشرت مجلة الأزهر في عدد شوال 1417 ه / فبراير 1997م ، بحثاً مفصلاً بعنوان ( تصحيح وقت أذان الفجر ) وفيه : " من المتفق عليه في علم الفلك والملاحة والعلوم الجوية أن الظلام يكون دامساً عندما يكون انخفاض الشمس 18درجة تحت الأفق وأن أول خيط من الفجر يظهر بعد دقائق ليست بالقليلة من الوقت الذي يكون فيه مركز الشمس عند الدرجة 18وتقاويم الصلاة في جميع أنحاء العالم الإسلامي اليوم تحسب الفجر الصادق عندما يكون انخفاض الشمس 19درجة و 33 دقيقة تحت الأفق – ومعنى (19 ) أي درجة أكبر ، بمعنى أن الليل لا يزال موجوداً لأن الظلمة تقل كلما جاء النهار- , ففي هذا الوقت يكون الظلام دامساً " . (شبكة أنا المسلم للحوار). } أه .
وقال أيضا : { الدكتور عبد الله المسند ( أستاذ المناخ المساعد في قسم الجغرافيا في جامعة القصيم ) ، قال خلال محاضرة ألقاها في نادي القصيم الأدبي في بريده بعنوان : « مشكلة تحديد وقت صلاة الفجر » قال : تقويم أم القرى لم يُعَدُّ من لجنة أو نخبة من الفلكيين ، بل أُعدَّ في عام 1395 ه من فلكي واحد فقط ، وهو فضل أحمد نور، إذ اعتمد التقويم في بداياته على دخول الفجر قبل شروق الشمس بحوالي (ساعة و25 دقيقة) ، ثم عدل الاعتماد على 18 درجة «قوسية» ، لتكون( ساعة و21 دقيقة ) ، وبعد عشرة أعوام أضاف معد التقويم درجة احتياطية ، لتكون 19 تحت الأفق ، بحوالى ( ساعة و25 دقيقة ).
وأضاف في تقرير نشرته جريدة الحياة : « أن مُعِد التقويم فضل أحمد ، سبق أن اعترف في مقابلة معه بأنه اعتمد على ما ظهر له شخصياً ، وليس لديه أي أساس مكتوب ، وتبين من خلال الحديث معه أنه لا يُميِّز بين الفجر الكاذب والفجر الصادق على وجه دقيق ، إذ أنه أعد التقويم بناءً على أول إضاءة تجاه الشرق في الغالب ، ( أي على درجة 18 ) ، ولم يُغير هذه الدرجة إلا بعد 10 أعوام بمقدار درجة قوسية واحدة لتصبح 19 ».
وأشار إلى وجود فروق بتوقيت صلاة الفجر، أظهرها عدد من المشايخ والفلكيين عن الوقت المحدد في تقويم أم القرى الرسمي ، إذ حدد الشيخ ابن عثيمين الفرق بخمس دقائق ، فيما حدد الشيخ الألباني الفرق بين (20 - 30 دقيقة ) ، والشيخ أحمد النجيمي (20 دقيقة ) ، والدكتور عبد الملك الكليب (12 دقيقة ) ، والدكتور سعد الخثلان ( 17 دقيقة ) ، وحدد الدكتور سليمان الثنيان الفرق بين (15 -24 دقيقة ) ، في الوقت الذي حددت فيه دراسة لمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية ، أن الفرق في صلاة الفجر يتراوح بين (14 - 24 دقيقة) . (من موقع صحيفة عاجل الإلكترونية بتاريخ 3/5/1429 ). } أه .
الوقفة الخامسة
حكم الإعتماد على التقاويم في تحديد وقت الفجر
قال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله - في شرح زاد المستقنع باب الأذان والإقامة : { فإذا اختلف تقويمان وكلٌّ منهما صادرٌ عن عارف بعلامات الوقت ، فإننا نُقدِّم المتأخِر في كلِّ الأوقات ، لأنَّ الأصل عدم دخول الوقت ، مع أن كلًّا من التَّقويمين صادر عن أهلٍ ، وقد نصَّ الفقهاء رحمهم الله على مثل هذا فقالوا : لو قال لرَجُلين ارْقُبَا لي الفجر ، فقال أحدهما : طلع الفجرُ، وقال الثاني : لم يطلع ، فيأخذ بقول الثَّاني ، فله أن يأكلَ ويشرب حتى يتَّفقا بأن يقول الثَّاني : طلع الفجر أما إذا كان أحد التقويمين صادراً عن أعلم أو أوثق فإنَّه يقدَّم . } أه .
وجاء في موقع الإسلام سؤال وجواب – مركز الفتوى – على الشبكة العنكبوتية ردا على سؤال : " حكم الاعتماد على التقاويم في تحديد أوقات الصلوات " : { فالأصل أن أوقات الصلوات إنما تعرف بمشاهدة العلامات الكونية التي جعلها الشرع دليلا على الأوقات ، وقد بيناها في الفتويين رقم : 18758، ورقم : 13740 ، والذي نراه في مسألة تقاويم أوقات الصلوات هو أن التقاويم التي تم اعتمادها من قبل علماء ثقات يعمل بها ويعتمد عليها ما لم يظهر أنها مخالفة للعلامات الشرعية ، وأما التقاويم المجهولة التي لا يعرف من أنشأها ولم تعتمد من قبل علماء ثقات فهذه قد يستأنس بها في معرفة وقت الصلاة تقريبيا ولكن لا يعتمد عليها كليا ، وفي هذه الحال يتعين العمل باليقين أو غلبة الظن في دخول الوقت لمن لا يتمكن من معرفة الوقت بالعلامات الشرعية ، لكونه جاهلا بها أو يعيش في مدينة يتعذر فيها التحقق من العلامات الشرعية لكثرة الأضواء }
وورد في موقع الدليل الفقهى للشيخ فهد باهمام – على الشبكة العنكبوتية ردا على سؤال : { متى يجب الإمساك إذا اختلفت التقاويم في الفجر؟ نعيش في غرب أمريكا الشمالية وقد أشكل علينا وقت الإمساك للصيام وطلوع الفجر فالتقاويم تختلف فيما بينها في وقت طلوع الفجر.. و لا ندري أي تقويم نسير عليه ، واختلف الإخوة فيما بينهم .. فما التوجيه والحكم الصحيح في حقنا ؟ }
فأجاب : { الأصل أن المسلم مأمور بالإمساك متى ما تبين له الفجر، كما قال الله تعالى : ( وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ) (سورة البقرة : 187).
ومعنى ذلك أن الله تعالى أباح للصائم الأكلَ والشرب ليلاً حتى يتبين له أي يتيقن طلوع الفجر ، والمراد بالخيط الأبيض : النهار والفجر. والمراد بالخيط الأسود : الليل . فيثبت دخول الفجر برؤية الإنسان للفجر الصادق بنفسه ، أو بخبر الثقة عن طلوع الفجر ، وقد كان ابن أم مكتوم رضي الله عنه يؤذن بخبر الثقة ، ففي صحيح البخاري ، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم : " إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا - حتى يؤذن أو قال - حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم " وكان ابن أم مكتوم رجلا أعمى لا يؤذن حتى يقول له الناس : أصبحت .
والتقاويم والإمساكيات الموجودة اليوم من قبيل خبر الثقة فيجوز العمل بها . فإذا اختلف ثقتان أو تقويمان قدمنا الأوثق والأصدق والأعلم بالمواقيت منهما . فإن جهلنا أيهما أوثق أو شككنا ، فالأصل بقاء الليل والفجر طارئ حادث ، فنحكم بالأصل وهو الليل ولا يجب علينا الإمساك حتى نتيقن طلوع الفجر ، وعلى هذا نعمل بالتقويم المتأخر أو الإمساكية المتأخرة . ويؤيد ذلك أمور:
1- أن الله لم يأمرنا بالإمساك إلا إذا تبين طلوع الفجر بمعنى اليقين أو غلبة الظن .
2- جاء في مصنف عبد الرزاق ، عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال : " أحل الله لك الشراب ما شكَكْتَ حتى لا تَشُكّ " قال ابن حجر في فتح البارى : إسناده صحيح .
3- وروى ابن أبي شيبة عن أَبِي الضُّحَى قال : سأل رجل ابن عباس عن السحور ، فقال ابن عباس : " كُلْ مَا شَكَكْت حَتَّى لا تَشُكَّ ". قال النووي في المجموع : إسناده صحيح ، وقال ابن المنذر : وإلى هذا القول صار أكثر العلماء .
وينبغي للإخوة الاجتماع ونبذ الفرقة ، وإن حصل خلاف في وجهات النظر فلا ينبغي أن يفسد الأخوة بينهم . وفّقكم الله لكل خير وجمع كلمتكم على الحق وجعلكم إخوة متحابين وفي الجنة على سرر متقابلين . والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد . } أه

الوقفة السادسة
المفاسد المترتبة على تقديم وقت أذان الفجر
ذكر الشيخ عبدالمحسن العبيكان ، العديد من المفاسد المترتبة على تقديم وقت أذان الفجر ، بحيث يؤذن به وفق الوقت المعلن عنه بالمواقيت ، دون تحرى الوقت الحقيقى لطلوعه ، في رده المنشور في جريدة الرياض في رمضان 1426 ، فقال : { 1- قيام بعض المساجد وخاصة التي على الطرقات – أي في الاستراحات على الطرق - بالصلاة قبل دخول الوقت ، وكذلك المساجد في رمضان حيث يُصلي كثير منهم بعد عشر دقائق من الأذان .
2- صلاة المرضى ، وكبار السن - في البيوت - ، ومن يسهر إلى الفجر ، بعد الأذان مباشرة .
3- صلاة النساء - في البيوت - حيث يصلي أكثرهن بعد الأذان مباشرة .
4- مبادرة أكثر المصلين بأداء سنة الفجر فور دخوله المسجد – بعد الأذان مباشرة - ، وبذلك يكون قد صلى سنة الفجر قبل وقتها ، وضاع عليه ثوابها لحديث: " ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها " .
5- التبكير في السحور ، وهذا مخالف لسنة النبي صلى الله عليه وسلم من تأخير السحور .
6- الناس في المطارات وعلى الطائرات ، قد يؤدون الصلاة عند دخول أول الوقت حسب التقويم .
7- طهارة الحائض والنفساء - بعد وقت التقويم بوقت قصير- وعدم تمكينها من الصيام ذلك اليوم ، لظنِّها أن الفجر قد طلع وهو لم يطلع في الحقيقة .
وغير ذلك من المفاسد التي لو وجدت واحدة منها لكانت كافية لتعديل التقويم ، فكيف إذا اجتمعت . } أه

الوقفة السابعة
أحكام الإحتياط في العبادات المرتبطة بطلوع الفجر
سبق وأن ذكرنا أن الأصل في معرفة أوقات الصلاة يكون بمشاهدة العلامات الكونية التي جعلها الشرع دليلا على الأوقات ، وهذه لا تتيسر لكثير من المسلمين ، وإنما يعتمد أكثرهم على التقاويم الموجودة ، بما يشوبها من أخطاء يثيرها البعض بين الحين والآخر ، لذا وجب على المسلم – الذى لا يمكنه معرفة أوقات الصلاة بمشاهدة العلامات الكونية - أن يحتاط في أمر عبادته ، حتى تقع صحيحه ، تبرء ذمته بأدائها في وقتها .
وليعلم المسلم أن الإحتياط حجة يجب العمل به ، فعن الحسن بن على أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : { دع ما يَريبكَ إلى ما لا يَريبُكَ ، فإنَّ الصِّدقَ طُمأنينةٌ وإنَّ الكذبَ رِيبةٌ } ( رواه الترمذى وصححه الألبانى )
وقد عرفه الدكتور قطب الريسونى في بحثه " الاحتياط الشرعي حقيقته وضوابطه " ، وبين أنه حجه ، فقال : { التعريف المختار هو: ( الاحتراز من الوقوع في منهي أو ترك مأمور عند الاشتباه ) ، وهو تعريف لا يؤتى من جهة الجمع والمنع ؛ لأن لفظ الاحتراز يشمل العالم والعامي ، فكلاهما يصح منه الاحتراز سواءً كان فعلياً أو تركياً ؛ ولأن لفظتي ( المنهي والمأمور) تشملان الأحكام الشرعية الأربعة : الحرام ، والمكروه ، والواجب ، والمندوب ، فضلاً عن أن لفظ الاشتباه يشمل التردد في حرمة الشيء ، أو كراهته ، أو وجوبه ، أو استحبابه ، ومن أجود التعاريف التي يمكن الاستئناس بها تعريف القرافي : ( ترك ما لا بأس به حذراً مما به بأس ) ، وأقرّه عليه ابن القيم في بدائع الفوائد .... والاحتياط حجّة عند الجمهور من الحنفية ، والمالكية ، والشافعية ، والحنابلة ، إلا أن أكثر المذاهب إعمالاً للاحتياط المذهب المالكي ؛ لأن من أصوله الاجتهادية التوسّع في سدّ الذرائع ومراعاة الخلاف ، وكلاهما ضرب من الاحتياط تُدفع به المفاسد المتوقعة أو الواقعة ، وتُراعى المآلات بما يستوفي مصلحة الإنسان في العاجل والآجل . ومن ثم فقد عُدّ الاحتياط مسلكاً شرعياً في استنباط الأحكام والترجيح عند تعارض الأدلة ، وذكره بعض العلماء ضمن الأدلة الشرعية التبعية .} أه .
ويكون الإحتياط بالنسبة للعبادات المرتبطة بطلوع الفجر ، على التفصيل الآتى :
أولا : صلاة الفجر :-
الأصل في وجوب صلاة الفجر دخول وقتها : قال تعالى : { ?أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآَنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآَنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً } ( الإسراء 78 ) ، فلا تجب على المكلف ، ولا يصح أداؤه لها قبل دخول الوقت ، ومن ثم فلكى يحتاط المسلم لدينه ، فعليه أن يؤخر أداءها بما يغلب على ظنه دخول وقتها .
والعلة في ذلك الآتى : أن المسلم أمام أحد خيارين :
الخيار الأول : أن يؤخر صلاة الفجر ، وفقا لما انتهت إليه نتيجة الأبحاث الفلكية ، وهذه الحالة لها حكمان :
الأول : إذا ثبت صحة التقاويم وإتفاقها مع الوقت الحقيقى لطلوع الفجر : فصلاته صحيحة ، ولا حرج عليه ، لأنه أدى الصلاة في وقتها - بعد أول وقتها بفترة يسيرة ( من عشر دقائق إلى نصف الساعة ) و قبل طلوع الشمس - وذلك لما رواه أبو هريرة رضى الله عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قال : { من أدركَ من الصبحِ ركعةً قبلَ أن تطلُعَ الشمسُ ، فقد أدركَ الصبحَ ، ومن أدركَ ركعةً من العصرِ قبلَ أن تغرُبَ الشمسُ فقد أدركَ العصرَ . } ( رواه البخارى )
الثانى : إذا ثبت خطأ التقاويم وأن وقت الفجر فيها قبل الوقت الحقيقى لطلوع الفجر : فصلاته أيضا صحيحة ، ولا حرج عليه لأنه بتأخيرها ، أدى الصلاة بعد دخول وقتها ، في أول الوقت .
الخيار الثانى : أن يصلى الصلاة بحسب التقويم ، ولا يؤخرها ، وأيضا هذه الحالة لها حكمان :
الأول : إذا ثبت صحة التقاويم وإتفاقها مع الوقت الحقيقى لطلوع الفجر ، فصلاته صحيحة ، ولا حرج عليه .
الثانى : إذا ثبت خطأ التقاويم وأن وقت الفجر فيها قبل الوقت الحقيقى لطلوع الفجر : فصلاته باطلة ، لأنه أداها قبل دخول الوقت ، ولاتصح الصلاة قبل دخول وقتها ، لقوله تعالى : { إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا } ( النساء 103 ) ولقوله صلى الله عليه وسلم : { صلُّوا الصلاة لوقتِها } ( رواه أبو داود وصححه الألبانى ) .
ومن ثم يتضح مما سبق أن المسلم إذا أخر صلاة الفجر ، فصلاته صحيحه حال ثبوت صحة التقاويم أو خطئها ، بينما إذا لم يؤخر ، فصلاته صحيحة حال ثبوت صحة التقاويم ، وباطلة حال ثبوت خطئها ، ومن ثم فالإحتياط هنا أن يؤخر المسلم صلاته لصحتها في الحالتين ، وليتجنب بطلانها إذا لم يؤخرها ، وثبوت خطأ التقاويم .
قال الشيخ إبن العثيمين – رحمه الله – في " شرح رياض الصالحين " : { (بالنسبة لصلاة الفجر، المعروف أن التوقيت الذي يعرفه الناس ليس بصحيح ، فالتوقيت مقدم على الوقت بخمس دقائق على أقل تقدير، وبعض الإخوان خرجوا إلى البر فوجدوا أن الفرق بين التوقيت الذي بأيدي الناس وبين طلوع الفجر نحو ثلث ساعة ، فالمسألة خطيرة جداً ، ولهذا لا ينبغي للإنسان في صلاة الفجر أن يبادر في إقامة الصلاة ، وليتأخر نحو ثلث ساعة أو (25) دقيقة حتى يتيقن أن الفجر قد حضر وقته } أه .
و قال الشيخ مصطفى العدوي - حفظه الله – في كتاب " يواقيت الفلاة في مواقيت الصلاة " : { تنبيه : في بعض البلاد - بل في كثير منها - يؤذن للفجر قبل تبين الفجر الثاني وهو الفجر الصادق الذي يظهر مستطيراً أبيضاً في عرض السماء في اتجاه المشرق في موضع طلوع الشمس - على ما مضى بيانه - وقد راقبت ذلك في قريتي بمصر فإذا بهذا الخيط الأبيض ( الفجر الثاني الصادق ) يظهر بعد الأذان المثبت بالتقاويم بمدة تدور حول الثلث ساعة ، وذلك يترتب عليه أمور منها أن الصلاة قد تصلى في غير وقتها ، وكذلك يترتب عليه تحريم الطعام والشراب على من أراد الصوم ، وقد صدرت فتوى من شيخ الأزهر توافق – تقريباً - ما ذكرناه في جريدة اللواء الإسلامي من العام الماضي فليراجعها من شاء ، وعلى المؤذنين أن يراقبوا الله عز وجل في مواقيت صلواتهم فهم مؤتمنون } أه .
* نائب رئيس هيئة قضايا الدولة والكاتب بمجلة التوحيد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.