حالة من التناقض والمفارقة يعيش فيها المسئولون بالسلطتين "التنفيذية والتشريعية"، بداية من رئيس الجمهورية ووزرائه حتى مجلس النواب والقوانين التي يخرج بها النواب بلجانهم المختلفة، ظهر هذا جليًا بعدما خرج مجلس النواب بعدد من مقترحات القوانين التي تفيد بضرورة أن يتم مد سن التقاعد إلي أكثر من 65 عامًا، بعدد من الوظائف كان آخرها مد سن المعاش للسفراء، والقضاة، معللين هذه المقترحات بأنها تهدف للاستفادة بأكبر قدر ممكن من الخبرات الموجودة في تلك الوظائف، علي النقيض نجد المفارقة بين هذه المقترحات التي يشرع فيها البرلمان، لما هو خارج من لسان رئيس الجمهورية الذي كان يرغب في أن يكون الشباب هم الأهم خلال فترته الرئاسية، وما أظهر عكسه رئيس الوزراء الذي اختار وزراءه الجدد بالتعديل الوزاري الأخير لوزراء معظمهم فوق الخمسين عامًا. مد سن المعاش للسفراء بدعوى الاستفادة من الخبرات، واستثمار قيادات وزارة الخارجية، يستعد وزير الخارجية الأسبق محمد العرابي، وعضو لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان، لتقديم مشروع قانون لرفع سن معاش السفراء ل"65" عامًا. وأضاف "العرابي"، في بيان له، أنه يعكف حاليا على دراسة إعداد مشروع قانون يقدم للجنة العلاقات الخارجية، لرفع سن المعاش، مبررًا ذلك لضرورة وجود استثمار لأعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي، لأكبر فترة ممكنة، نظرًا لطبيعة العمل الدبلوماسي هي تراكم الخبرات، ومن هنا فإنه يجب الاستفادة منه بعد أن أتيحت له فرصة زمنية نتج عنها تراكم لخبراته يجب عدم إهدارها. وفي تناقض لحديث المسئولين هو ضرورة تمكين الشباب، تابع العرابي قوله، إن مد سنوات الخدمة لن يؤثر على فرص شباب السلك الدبلوماسي، وسيكونون المستفيدين منه في المستقبل القريب، موضحًا أن تجربة مد سن الخدمة في وظائف مهمة ثبت أنها كانت مفيدة للدولة وتتيح لها الاستفادة من استثمارها فيهم. مد السن للقضاة لم يكن مد السن للسفراء، هو الوحيد في مسلسل استمرار شيوخ المهن فيها، فقبل أسابيع قليلة، خرج مجلس النواب بمقترح يفيد بضرورة أن يتم مد سن التقاعد للقضاة إلي سن 72 عامًا بدلًا من أن تكون 70 عامًا، كما هو معمول به في القانون، وهو ما أكد عليه النائب البرلماني مصطفي بكري، مبررًا ذلك بدعوى سد العجز في محاكم الاستئناف والنقض. وقال بكري في تصريحاته حينها، إن المقترح البرلماني الخاص بمد السن، معمول به في العديد من دول العالم، بالإضافة إلي كونه سيقلص حالة العجز الموجود في قضاة الاستئناف والنقض على وجه التحديد، خاصًة أن الدستور يلزم بأن يكون قضاء الجنايات على درجتين والنقض على درجة واحدة وقد تتفاجأ المحاكم بعجز كبير في القضاة. وهو ما رفضه العديد من شيوخ القضاة، مؤكدين أن مد السن سيؤثر بشكل كبير علي القضايا الهامة، خاصة وأن القاضي في هذه السنوات لن يكون لديه القدرة الكافية لنظر القضية بشكل قوي كما كان مسبقًا. وزراء فوق الخمسين وفي الوقت الذي صرح به الرئيس عبد الفتاح السيسي بأن عام 2016 سيكون عامًا للشباب، فقل حلول عام 2017، قام رئيس الوزراء شريف إسماعيل، بإجراء تعديلات وزارية، علي العديد من الحقائب، ولكن لم تأتي الرياح بما كان يشتهي رئيس الجهورية، حيث كان معدل السن الذي اختاره إسماعيل بالوزراء الجدد، فوق ال 50 عامًا. وكان أقل وزير سنًا فيهم من نصيب عمر مروان، وزير شئون مجلس النواب، بدلا من المستشار مجدي العجاتي، الذي يبلغ من العمر 59 عامًا، ويتعدى متوسط أعمار الوزراء الجدد الخمسين عامًا، وهم طارق جلال شوقي، وزير التربية والتعليم ستين عامًا من مواليد 12 يونيو 1957، أما عبد المنعم عبد الودود محمد البنا، وزير الزراعة الجديد، فعمره 57 عامًا فهو من مواليد محافظة القاهرة عام 1960، أما وزير التنمية المحلية محمد هشام زين العابدين الشريف، من مواليد 1953 وعمره 64 عامًا ، أما هشام عرفات مهدي وزير النقل فعمره ما يقرب من 52 عامًا ، وعلي المصلحي وزير التموين فهو من مواليد 1950، وعمره 67 عامًا. وللتعليق علي ذلك قال معتز الشناوي، القيادي بحزب التحالف الشعبي الاشتراكي، إن الشباب منذ ثورة ال 25 من يناير، لم يتسنَ لهم فرصة التعبير عن نفسهم كقيادات يمكن الاعتماد عليها، مشيرًا إلي أن السبب وراء ذلك هو عدم رغبة الحكومات المتعاقبة علي المجازفة وطرح أسماء الشباب لتولي مناصب وزارية. وأضاف الشناوي، في تصريحات خاصة ل"المصريون"، أن علي المسئولين أن يتخذوا الدول الأوروبية والأجنبية كقدوة في ذلك الأمر، حيث أثبت التجارب الخارجية أن الشباب لديه القدرة علي القيادة، وأنهم يقومون بالابتعاد قدر الأماكن عن الشخصيات الكبيرة في السن، ويتم الاستفادة من خبراتهم من خلال جعلهم مستشارين للشباب الصغير. وتابع: أن قوانين البرلمان الذي يحاول أن يطرحها النواب ليتم مناقشتها، قوانين غير مجدية خاصة وأن مد سن التقاعد والمعاش في عدد من المناصب أمر غير مدروس، وتبرير ذلك بالاستفادة من الخبرات، مبرر غير واضح، لأنه من الضروري أن يتم تداول هذه الخبرات خلال فترة عمل السفير أو القاضي، ليستفيد منه الشباب الصغير، وليس عن طريق مد السن، مشيرًا إلي أنه حتى بعد مد السن هل يستطيع الشباب الاستفادة خلال العامين أو الثلاثة التي ستزيد، أم أن هناك شيئا غامضا حول هذه التعديلات لا يعرفها سوى أصحاب السلطة والمتقدمين بهذه المقترحات.