سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ملحمة القضاة تتصاعد في بر مصر .. المطالبة بإقالة وزيري الداخلية والعدل .. والنظام يتراجع خوفا من الفضائح وكشف المستور !! وكفاية تطالب بمجلس وصاية لحكم مصر من القضاة الشرفاء .. والدعوة لتأسيس حزب ليبرالي جديد يملأ الفراغ السياسي !! ..
تابعت الصحف المصرية الصادرة أمس (الاثنين) آخر فصول المعارك الدائرة بين القضاة والنظام الحاكم .. والتي تجلت أمس في مطالبة القضاة بإقالة وزيري الداخلية والعدل .. والتلويح بأن ردهم ضد البلطجة ومنع الناخبين لن يخطر على بال أحد !! .. فيما تراجع المجلس الاعلي للقضاء عن إحالة بعض القضاة الذين اتهموا الحكومة بالتزوير للتحقيق خوفا من الفضائح وكشف المستور !! .. وفي بادرة هي الثانية من نوعها بعد شهادة المستشارة نهى الزيني ، اعترف قاض بإجباره على التزوير لصالح مرشح الوطني ، وأعلن الاعتصام لعدم التحقيق في شكواه من قبل اللجنة العليا للانتخابات التي يرأسها وزير العدل .. الأمر الذي جعل أبواق النظام في روز اليوسف يطالبون بإصدار قانون جديد يسحب موضوع الإشراف على الانتخابات من يد القضاة ، بعد إظهارهم صلابة وطنية وبطولة حقيقية ليست بغريبة على من يتبوأ هذا المنصب الجليل .. إلى ذلك أبرزت الصحف المعارضة والمستقلة انتقادات منظمة هيومان رايتس حيال صمت واشنطن على تزوير النظام المصري للانتخابات والذي جعل التزامها بنشر الديمقراطية مادة للسخرية .. ونشرت صحيفة الفجر حوارا مع قادة حركة كفاية طالبوا فيه بمجلس وصاية لحكم مصر يتكون من القضاة .. ودعت الحركة جميع القوى والأحزاب والحركات السياسية بما فيها الإخوان إلى الاحتشاد في مظاهرة كبرى ظهر الاثنين 12ديسمبر أمام دار القضاء العالي بعد أن كان مقرر لها أمام منزل مبارك في مصر الجديدة .. فيما قررت الجبهة الوطنية للتغيير التي تضم تحالف المعارضة خوض الانتخابات المحلية بقائمة موحدة ، على غرار الانتخابات البرلمانية .. وفي سياق متصل استطلعت صحيفة نهضة مصر آراء نخبة من السياسيين والمثقفين الذين طالبوا بضرورة تأسيس حزب ليبرالي جديد يضم القوى الليبرالية ويملا الفراغ الكبير في الساحة بعد فشل أحزاب المعارضة في استقطاب الجماهير الذي كان سببا للخواء السياسي في الشارع المصري وهو ما انعكس في نتائج الانتخابات الأخيرة .. وأبرزت صوت الأمة مطالبة طلعت السادات بالتحقيق الدولي في مقتل عمه الرئيس السادات وتأكيده أن قاتله الحقيقي ما زال طليقا مبرئا الإسلاميين من دمه .. وحددت صحيفة الجمهورية التعديل الوزاري الجديد بخروج 7 وزراء وقدوم 3 جدد من الوطني ونائب لرئيس الوزراء ودمج بعض الوزارات وتغيير 12 محافظاً . والى موضوع القضاة الذي تصدر الصحف أمس ومطالبة القضاة الرئيس مبارك بإقالة وزير الداخلية حبيب العادلي ، ردًّا على تجاوزات رصدوها واعتداءات تعرضوا لها من قبل الشرطة أثناء إشرافهم على جولة البداية للمرحلة الثالثة من الانتخابات الخميس . وفي مؤتمر صحفي في مقر نادي قضاة مصر حضره قضاة أشرفوا على اللجان الفرعية في جولة الخميس ، استمع زكريا عبد العزيز رئيس النادي لشهادات قضاة عن الاعتداءات أو الانتهاكات التي رصدوها في هذه الجولة واختتموها جميعًا بمطالبة مبارك بإقالة وزير الداخلية حبيب العادلي .. وأرجع القضاة في شهادتهم هذه المطالبة بوجه خاص إلى منع الأمن للناخبين من التصويت باستثناء أنصار الحزب الحاكم ، وإلى اعتداء بعضهم على عدد من القضاة . وحذر المستشار عبد العزيز ، الحكومة من استمرار الاعتداء علي القضاة المشرفين علي الانتخابات وعدم حمايتهم . وهدد بتحويل الاجتماع القادم للجمعية العمومية لنادي القضاة إلي محاكمة للحكومة والاعتصام في النادي حتى إقالتها ، في حالة الاعتداء علي أي قاض خلال جولة الإعادة لانتخابات المرحلة الثالثة المقرر إجراؤها بعد غد الأربعاء . واتهم القضاة الحكومة بعدم تنفيذ الاتفاق الذي تم مع النادي بخصوص حماية القضاة وضمان نزاهة الانتخابات. تلا المستشار عصام حسين مساعد أول وزير العدل بيانا أكد فيه الحرص علي حماية القضاة . إلا ان المستشار عبد العزيز أعلن انه سمع هذا الوعد أكثر من مرة ولم يتم تنفيذه . وطلب المستشار احمد مكي من مساعد الوزير ان يتم تنفيذ الاتفاق الذي تم مع النادي والسماح للناخبين بالإدلاء بأصواتهم في حرية وإعلان نتيجة فرز كل صندوق والحصول علي نسخة إضافية من كشوف الناخبين . ودعا عدد من المشاركين إلى مقاطعة مرحلة الإعادة . وأكدوا ان التزوير سيتم فيها بصورة سافرة ، إلا ان قيادات النادي أكدت ان المقاطعة يجب ان تكون قرار جمعية عمومية . وشهد الاجتماع مفاجأة ، عندما أعلن المستشار محمد يوسف بوزارة العدل انه تعرض للإكراه علي تزوير الانتخابات في اللجنة الثانية بدائرة المحمودية في البحيرة ، وقام بإبلاغ جميع المسئولين في الدولة بوقائع التزوير والتلاعب في المحاضر الرسمية للجنة . وأعلن انسحابه من الإشراف علي انتخابات الإعادة بعد غد . وفي نهاية الاجتماع أعلن المستشار احمد مكي تمسك القضاة بتنفيذ الاتفاق الذي تم مع وزير العدل بناء علي توجيهات رئيس الجمهورية . وأكد ان العدوان علي الناخبين يعد عدوانا علي القضاة . وقرر الاجتماع طبع نسخ من محاضر الفرز وتسليمها إلي القضاة غدا للاحتفاظ لأنفسهم بالنتائج والبقاء حتى يتم إعلان النتيجة . كما تم إحالة الاقتراح الخاص بإعفاء القضاة من الإشراف علي أي انتخابات قادمة حتى يتم الاستجابة إلى مطالبهم ، إلى الجمعية العمومية المقرر عقدها يوم 16 ديسمبر الجاري . وحول الانسحاب من الإشراف على الجولة المتبقية بعد ما جاء من شهادات انقسم المشاركون في الاجتماع ، إلى فريقين: الأول يطالب بالانسحاب ، وإحراج النظام وتزعمه المستشار هشام البسطويسي نائب رئيس محكمة النقض ، باعتبار أن التزوير سيحدث رغمًا عن القضاة ، ورأى الفريق الآخر أنه لا يجب أن تغيب العدالة عن العملية الانتخابية رغم الانتهاكات ، بل أن تكشف التزوير وكانت الغلبة للرأي الثاني باستكمال الإشراف في الجولة المتبقية . وفي سياق متصل علقت الصحف على الانتقادات اللاذعة التي وجهتها منظمة "هيومان رايتس ووتش" للإدارة الأمريكية بسبب تصريحات المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية شون ماكورماك حول الانتخابات البرلمانية في مصر .ووصفت المنظمة تصريحات الخارجية الأمريكية بأنها لا تمت للواقع بصلة . وقالت المنظمة في خطاب رسمي وجهته إلي كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية : إن فشل الإدارة الأمريكية في انتقاد سلوك حكومة الحزب الوطني تخدم بشكل غير مباشر القائمين علي أعمال العنف والتخويف والفساد ، بالإضافة إلي أنها تضعف مصداقية الإدارة الأمريكية عندما تتعهد بنشر الحريات والديمقراطية في مصر والمنطقة .. وكان ماكورماك قد علق علي الانتخابات البرلمانية في مصر قائلاً: إنه لم ترصد أي إشارة علي أن الحكومة المصرية غير راغبة في إجراء انتخابات سلمية وحرة ونزيهة (!!) .. وقالت المنظمة: إن مثل هذه التصريحات التي تبعد كل البعد عن الواقع جعلت من الإدارة الأمريكية وتوجهاتها نحو نشر الديمقراطية أضحوكة ومحلاً للسخرية في الشرق الأوسط وخاصة مصر .. وأكدت المنظمة وقوع العديد من التجاوزات الخطيرة في الانتخابات ، والتي أكدتها عشرات الجماعات الحقوقية في مصر .. وأشارت هذه التقارير إلي تزوير البطاقات الانتخابية وشراء الأصوات بالإضافة إلي التقارير التي أشارت إلي استخدام العنف من قبل قوات الأمن وأنصار الحزب الوطني لتخويف أنصار المعارضة والمستقلين ومنعهم من التصويت .. كما أشارت إلي اعتقال 1600 ناشط سياسي منذ بدء الانتخابات . وأشارت إلي مقتل 3 أشخاص نتيجة أعمال العنف والبلطجة التي مارسها أنصار الحزب الوطني علي مرأى ومسمع من رجال الشرطة .. وبخت المنظمة الإدارة الأمريكية ومتسائلة كيف تصدر مثل تلك التصريحات عن الإدارة الأمريكية في حين أن أغلب أعضاء السفارة الأمريكية قد قرأوا مثل هذه التقارير وشاهدوا التجاوزات بأنفسهم؟ !! . وفي موضوع آخر ، فجر النائب البرلماني المصري طلعت السادات - ابن شقيق الرئيس السابق أنور السادات - مفاجأة من العيار الثقيل بمطالبته بإعادة التحقيق في مقتل عمه بعد ما يزيد على أربعة وعشرين عاما على رحيله في أكتوبر عام 1981. وزاد طلعت من حجم المفاجأة ، بتبرئته الجماعات الإسلامية من جريمة قتل الرئيس السابق ، مشيرا إلى أن "القاتل الحقيقي الذي دبر وخطط وحرض على القتل لا يزال طليقا" . وقال في حوار أجرته معه أسبوعية "صوت الأمة" إن "هؤلاء الذين حوكموا ليسوا أبناء الإمام حسن البنا ، وإنما استحضرهم مخرج مسرحية قتل السادات لإزاحته من فوق سدة الحكم في مصر" . وأعلن طلعت السادات البدء في سلسلة من الإجراءات خلال الدورة البرلمانية المقبلة، للمطالبة بإعادة فتح التحقيق في ملابسات عملية مقتل الرئيس السادات ، مشيرا إلى أن تلك القضية لم تنته بعد لأن القاتل الحقيقي لم ينل عقابه ، "حتى لو اضطره الأمر للجوء إلى الأممالمتحدة" ، وقال السادات "سأطالب بتحقيق دولي تحت إشراف الأممالمتحدة، لأن السادات ليس أقل من الرئيس رفيق الحريري" . وتثير مواقف طلعت السادات كثيرا من الجدل في أوساط عائلة الرئيس السابق ، التي رفضت عبر تصريحات لمصادر صحافية مطالبات طلعت بإعادة التحقيق في حادث المنصة الشهير ، وتصريحاته عن نية الأسرة تشكيل حزب سياسي باسم حزب السادات ، وهو ما تجلى في تصريحات نسبت إلى ابنة الرئيس المصري السابق اعترضت فيها على ما أسمته "اختراعات ابن عمها" مؤكدة أن مثل هذا الكلام "عيب ولا يصح" ومنتقدة ما وصفته باستغلال طلعت لاسم عمه في معاركه السياسية . وكان طلعت السادات طالب وزير الداخلية المصري في وقت سابق بالإفراج الفوري وغير المشروط عن عبود الزمر المتهم الرئيسي في اغتيال عمه السادات ، وهو ما برره بقوله: "ليس عبود الزمر وحده ، بل وكل شخص أدى العقوبة المقررة عليه قانونا ، لأنه ليس من المقبول أن يستمر حبسه بعد انتهاء فترة السجن التي حددها القانون" . إلى ذلك أكدت صحيفة الجمهورية تكليف الرئيس مبارك الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء بإعداد التشكيل الوزاري الجديد يوم الثلاثاء المقبل عقب إلقاء خطابه التاريخي أمام مجلس الشعب في دورته الجديدة .. ويبدأ نظيف مقابلاته مع المرشحين يومي الأربعاء والخميس القادمين بالقرية الذكية تمهيداً لعرض الحكومة الجديدة على الرئيس مبارك يوم السبت 17 ديسمبر الحالي لإصدار القرار الجمهوري بالتشكيل الجديد . وأكدت "الجمهورية" ان ملامح التشكيل الوزاري الجديد تضمنت خروج 7 وزراء من الحكومة الحالية منهم وزيران لأسباب صحية وبناء على طلبهما والباقي من وزراء الخدمات والمجموعة الاقتصادية منهم وزير نجح في انتخابات مجلس الشعب . وستدمج بعض الوزارات في إطار توصية الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة خاصة وان عدد الوزارات في كل دول العالم المتقدمة لا يتعدى 20 وزارة على الأكثر بدلا من 32 وزارة حالية . وسيتم تعيين نائب لرئيس الوزراء . وتصعيد ثلاث شخصيات قيادية من الحزب الوطني نجحت في عرض برنامج الرئيس مبارك خلال حملة الانتخابات الرئاسية . وتصدر حركة المحافظين عقب إعلان التشكيل الوزاري بأسبوع وستكون حركة شاملة يخرج فيها 12 محافظاً ومعظمهم ممن اختفوا في محافظاتهم خلال انتخابات مجلس الشعب مما أدي إلي فشل مرشحي الحزب الوطني في الانتخابات . والى المقالات حيث كتب رئيس تحرير العربي عبد الله السناوي مقالا حذر فيه من المجهول الذي تمضي فيه البلاد نتيجة عناد النظام ومقاومته بكل الطرق للتغيير والإصلاح وقال : مصائر الشعوب ليست لعبة ، ولا يحق لأحد أن يراهن على الفوضى والعنف بظن أن ذلك مما يحفظ للسلطة مقاعدها وهيمنتها على المؤسسة التشريعية . فهذا الرهان يدفع البلاد إلى المجهول ، ونظام الحكم الحالي يفتقد إلى الحد الأدنى من الرشد السياسي في إدارة الدولة . وفى الانتخابات الجارية تأكد للمرة الألف أن هذا النظام لم يعد لديه المبرر الأخلاقي والسياسي للحكم .. فلا يعقل في دولة محترمة أن تحرس أجهزة أمنها عصابات إجرام حاملة السيوف والجنازير في الشوارع العامة باعتقاد أن ذلك مما يفيد الحزب الحاكم في كسب مقاعد مجلس الشعب . ولا يعقل في دولة محترمة تزعم التحول إلى الديمقراطية تسويغ الاعتداء البدني على القضاة في اللجان الانتخابية ، وتزوير الانتخابات في بعض الحالات باسمهم ، بل التهديد بإحالة كبار الشخصيات القضائية للتحقيق أمام النائب العام بدلا من إحالة المزورين والبلطجية. تبدو الصور عبثية وتوحي بنهاية النظام ، فمثل هذه السياسات تقلص فكرة دولة القانون ، وتحيل الدولة إلى عصابة ، وتنزع عنها الاحترام ، وتسحب من نظام حكمها ما تبقى من شرعية . وكل ذلك يطرح بإلحاح وقلق سؤال: إلى أين تمضى مصر؟ كل شئ ممكن وكل السيناريوهات مفتوحة ، ولا أحد يعرف يقيناً ما إذا كنا نمضى إلى ديمقراطية حقيقية وتداول سلمى للسلطة يحفظ للدولة المدنية الحديثة قيمها الرئيسية، رغم الظواهر السلبية التي تصل إلى حدود الإجرام المنظم ، فقد يقال أن هذا هو ثمن الديمقراطية ، أم نمضى إلى سيناريوهات فوضى وعنف وانفلات أمن . المؤكد أن نظام الحكم الحالي استنفد شرعيته وزمانه ووجوهه، ولم يعد ممكنا حكم مصر بالطريقة التي كانت تحكم بها من قبل ، ولم نكن بحاجة إلى الانتخابات ودلالتها لنتأكد من إفلاس الحزب الحاكم، أو لنتأكد من مدى كراهية الرأي العام لكل ما هو قائم، فالحقائق كانت واضحة ومؤكدة ، لكنهم تصوروا أن بوسعهم خداع الرأي العام مجددا بادعاءات لم يعد يصدقها أحد من أن هذا الحزب هو حزب الأغلبية الساحقة . ربما يقال إن الحكم الحالي أفضل من صعود الإخوان ، وهو استنتاج خطير يعنى بالضبط مصادرة الديمقراطية بفزاعة الإخوان ، وتسويغ حمامات الدم المنتظرة في الجولة الأخيرة من الانتخابات التشريعية، وهناك مبالغة في صعود الإخوان وإثارة الفزع في بعض أوساط الرأي العام، كأن الإخوان سوف يتسلمون السلطة غدا، وهذا أمر يصعب تصوره، بل إنه غير واقعي بالمرة، وبعض قيادات الإخوان استسلمت لإغواء اللحظة ، وبالغت إعلامياً في إطلاق رسائل متعددة لطمأنة الرأي العام المحلى والدولي ، كأن دولة الإخوان قد بدأت ، وواقعيا فإن الإخوان غير مستعدين وغير مهيئين لتولى قيادة الدولة المصرية ، وهناك عقبات ومشكلات سياسية تحول دون ذلك ، بل تجعل ذلك مستحيلا في الوقت الحالي ، والمبالغة في القوة مضرة في كل الأحوال . والمشكلة الحقيقية في مصر أن نظام الحكم الحالي لا يريد أن يغادر ، وأن نظاما جديدا لا يريد أن يولد بتعبير الأستاذ محمد حسنين هيكل ، وتزداد المشكلة تعقيدا في أجواء العنف والفوضى وغياب التصور الوطني الواضح لبديل ممكن ومقبول ويمكن التوافق عليه ، كأننا كمن يقف على حافة منحدر ، تكاد تفلت منه الأقدام ، وآخر ما تحتاجه مصر الآن الفزع والخوف ، وهى بحاجة إلى إجابات حقيقية على أسئلة تطرح نفسها بإلحاح ، لا يصح حديث فضفاض عن -الإسلام هو الحل- ، ولا يصح أن تنسحب قداسة الدين على جماعة الإخوان المسلمين ، فهم جماعة سياسية تجتهد وتصيب وتخطئ ، كأي جماعة سياسية أخري ، ولا يصح تجاهل حقوق المواطنة الكاملة للأقباط في مصر ، وأي تمييز ضدهم مرفوض وينال من الوطن كله ، ولا يصح المقايضة على الحريات العامة وصياغة دستور جديد يكفل الحريات المدنية وقواعد تداول السلطة وتقليص صلاحيات رئيس الجمهورية . واختتم الكاتب مقاله بالقول : ربما تحتاج مصر الآن إلى أن تتهيأ لحوار حقيقي بين قواها وتياراتها السياسية والفكرية يمنع عمليا سيناريوهات الفوضى من أن تنطلق من عقالها بسياسات حكم افتقد الرشد السياسي . ونبقى مع صحيفة العربي حيث كتب عبد الحليم قنديل عن ملحمة القضاة في وجه الطغاة وقال : لدى المصريين هذه الأيام ألف سبب وسبب للإحباط، ولديهم سبب ربما وحيد للشعور بالفخر هو -صحوة القضاة- ، وربما يكون الهتاف التلقائي -القضاة ضد الطغاة- هو أدق تعبير عن خلجات الكثرة الصامتة المحجوزة في محطات الانتظار الطويل الثقيل ، فمطالب القضاة لا تخص فئة أو مهنة ، ولا هي مجرد طلب لسلطة قضاء تستقل بطبائع الدور عن سلطات التنفيذ والتشريع ، ولا هي مرتبطة وفقط بانتخابات تأتى وتروح لتتركنا في دائرة جهنمية مفرغة إلا من لعنة اليأس الكظيم، فصحوة القضاة بالدقة هي طلب لشرعية مفقودة في حكم بلد لا في دورة انتخابات ، وهى العنوان الموثوق لانتفاضة شعب مظلوم تعّود الصبر على المكاره ، وتشوقت جموعه الصامتة والناطقة للحظة ينعدل فيها الحال المقلوب ، وقد دقت الساعة وإن لم يسمعها من به صمم، دقت الساعة ب -تصويت احتجاجي- ذي طابع انتقامي ضد قوائم الطغيان في اختبار عشوائي كشف الغطاء عن آبار الغضب الكامن المتحفز ، ودقت الساعة بأصوات جهيرة لقضاة هم نجوم الوقت بامتياز ، وربما لم يسبق في مصر على مدى عقود أن صارت أسماء لقضاة أكثر شهرة وأوفر بريقا من أسماء الفنانات ولاعبي الكرة ، فقد زاد شغف وتعلق الناس بأسماء مضيئة كالمستشارين يحيى الرفاعي وزكريا عبد العزيز وأحمد مكي ومحمود الخضيري وهشام البسطويسي وأشرف البارودي ، وجاءت شهادة المستشارة نهى الزيني عن فضيحة مصطفى الفقي لتضفى لمسة وجدان عظيمة التأثير ، فقد تحولت نهى ببسمتها الحييّة ووجهها المريمى إلى -أيقونة قضائية- فيها بركة الصمت السماوي وعدالة النطق بأحكام القصاص ، ونعرف أن نهى بحكم الوظيفة ليست من قضاة المنصة ، لكن نهى في ذاتها منصة قضاء كاملة الأوصاف ، وقد أحسن نادى القضاة حين وضع -نهي- في حمايته ، لكن الأصح أن يُوضع رجال نادى القضاة مع نهى في حماية الشعب ، وقد نفهم ونقدّر طلب -استدعاء الجيش- بنص قانون مباشرة الحقوق السياسية في بيان شهير لنادى القضاة، لكن الأصح فيما نظن أن يطلب نادى القضاة -استدعاء الشعب-، فالمعركة مريرة ، وجبهة المواجهة الساخنة ليست فقط مع نظام الطغيان ووزير -عدله- الظالم، بل أيضا مع -قضاة منبطحين- بتعبير نهى الزيني ، ومع سوس فساد نخر في جدار وسقف البيت القضائي ذاته ، وربما يكون القضاة العظام ممن ذكرنا أسماءهم وغيرهم بالآلاف في احتياج لإبراء ذمة صريح وقطعي مع من أهانوا القضاة باسم القضاة ، وأن يصدروا قوائم سوداء حتى لو طالت أمتارا بأسماء الذين تخفّوا بأثواب القضاة وهم ليسوا إلا أعوانا للطغاة ، فلم يعد من وقت لحسابات التواطؤ باسم شراكة المهنة، فلن يُكفل استقلال حقيقي للقضاة ، ولن يصدر قانون للسلطة القضائية يستحق الصفة مع بقاء نظام الطغيان، فلسنا بصدد منازعات أفراد ولا تظلمات لفئات ، والقضاة العظام ليسوا -قضاة منصة- معزولة من وراء الحجب والجدران، إنهم القضاة العدول في دعوى شعب يطلب الحرية ، وهم يعرفون كما نعرف أن خوض المعارك بالقطعة ينتهي دائما إلى هزيمة بالجملة ، وأنه لا فرصة لشرعية ولا لقضاء حقيقي بالمعنى والمبنى إلا أن تسقط العروش وتتداعى الكروش .