فى مثل هذا اليوم توفيت الفنانة منيرة المهدية الشهيرة ب"السلطانة " عن عمر يناهز 80 عامًا . ولدت منيرة المهدية أو "زكية حسن منصور " - وهو اسمها الحقيقى- فى عام 1885م في قرية المهدية بمحافظة الشرقية، توفى والدها وهى طفلة رضيعة فتولت رعايتها شقيقتها الكبرى التي كانت متزوجة من أحد الأثرياء بالإسكندرية . لم تكن حياتها عادية فقد كانت مليئة بالتفاصيل المثيرة حيث غيرت نظرة المجتمع للمرأة آنذاك وكانت أول سيدة تقف على خشبة المسرح عام 1915 بعد انضمامها إلى فرقة “عزيز عيد” ، حيث بدأت بالتمثيل على المسرح في رواية للشيخ سلامة حجازي ولكونها أول امرأة تقف على خشبة المسرح فقد زاد الإقبال على المسرحيات وأصبحت فرقة عزيز عيد تنافس فرقة سلامة حجازى . فى عام 1917 ، قررت منيرة المهدية الانفصال عن فرقة عزيز عيد وأسست فرقة خاصة بها وأطلقت الصحافة على مسرحها اسم " مسرح هواء الحرية " . ولقبت منيرة المهدية بعدة ألقاب فكان لقبها فى بداية مشوارها الفنى هو " الست منيرة "، وعندما ذاع صيتها لقبت ب"سلطانة الطرب " ، كما كان لها الفضل في اكتشاف الموسيقار محمد عبد الوهاب. ولكن الأيام دول فقد ظهر فى عام 1928 فنانة شابة تدعى "أم كلثوم "، وعلمت السلطانة أن هذه الفتاه الصغيرة تجذب إليها الجماهير وتهدد بذلك عرشها فاستفزها الأمر ودفعتها المنافسة إلى التنكر بالملاية اللف ووضعت البرقع على وجهها وذهبت لكي تتأكد من تلك الشائعة وبعد أن لاحظت إعجاب المشاهدين وتفاعلهم مع أم كلثوم انصرفت غاضبة من الحفل وتولد لديها الشعور بالغيرة وخرجت وهي تنوي تدبير المكائد زعما منها أنها بذلك تحافظ على مجدها . واستغلت السلطانة علاقاتها الجيدة بالصحافة وقررت استخدام هذا السلاح وإطلاق الشائعات للقضاء على "أم كلثوم "، وبدأت فى التقرب إلى الناقد الفني محمد عبدالمجيد حلمي، صاحب مجلة المسرح، الأكثر شيوعاً في القاهرة، والذي وقع فى حبها بعد ذلك وبدأ حربه على "أم كلثوم" بمقال "مئات العشاق ولا أدري ماذا يحبون فيها؟ ". وتوالت الحرب وتوالت المقالات بعد ذلك حتى كاد أحدهم أن ينهى مشوار أم كلثوم الفنى ويعيدها إلى مسقط رأسها "طماى الزهايرة " بعد أن تطرق المقال إلى شرفها، وكادت منيرة تبلغ هدفها ولكن لم تستسلم أم كلثوم لهذا الابتزاز ومحاولات التشويه واستكملت مشوارها الفنى. وفى هذه الأثناء قدمت "السلطانة " فيلمها الوحيد "الغندورة " والذى لم يلقى نجاحًا باهرًا فى ظل سطوع موهبة "كوكب الشرق " وزيادة الإعجاب بها، فقررت "السلطانة" تغيير مسارها إلى الكاتب فكرى أباظة وجمعتها به علاقة عاطفية جديدة . اشتعلت الغيرة فى قلب حلمى وحاول إثنائها عن هذه العلاقة لكنها لم تتراجع وباءت محاولاته بالفشل ووقع بعد ذلك صريعا للحمى والهذيان وعندما طالب بعض الصحفيين السلطانة بزيارة حلمى للتخفيف عنه رفضت وتحججت بخوفها من إصابتها بالعدوى، وتوفى حلمى بعدها بعدة أيام وهو ما قلب عليها الصحافة وشن أصدقاء حلمى هجومًا ضاريًا على منيرة المهدية من خلال مقالاتهم . اختفت السلطانة بعد فيلمها الأخير 13 عامًا واختفت عن المسرح 20 عامًا وعادت فى عام 1948إلى المسرح ولكنها لم تلق القبول الذي كانت تنتظره فما كان منها إلا أن اعتزلت الفن نهائياً . وقيل أن منيرة المهدية، فى أيامها الأخيرة سلمت بموهبة أم كلثوم أن لكل وقت فنانيه، وذكر على لسان الكاتب محمد صالح أن منيرة المهدية كانت تداوم الاستماع لحفلات كوكب الشرق في الخميس الأول من كل شهر وذلك حتى رحيلها عام 1965، وبسؤالها كانت تؤكد: «حد يقدر ييجي له نوم.. والست بتغني؟؟». ومن أشهر أعمال السلطانة "اسمر ملك روحي " ، "يمامة حلوة"، "بعد العشا يحلى الهزار والفرفشة" ، "أشكى لمين الهوى"، "تعاليلي يا بطة " ، "عليه سلام الله"، كما قدمت فرقتها المسرحية رواية" كليوباترا"و"مارك انطوان" و"كارمن" و"تاييس".توفيت منيرة المهدية عام 1965 عن عمر يناهز 80 عامًا .