تحل اليوم ذكري وفاة سلطانة الطرب "منيرة المهدية" التي توفيت في 11 مارس عام 1965 عن عمر يناهز ال 80 عاماً. حصلت الفنانة منيرة المهدية خلال مشوارها الفني الذي امتد لنحو أربعين عاما على العديد من الألقاب حيث لًقبت في بداية حياتها الفنية ب "الست منيرة"، وعندما ذاع صيتها في حي الأزبكية لقبت ب"مطربة الأزبكية الأولى" وعندما دخلت في مجال التمثيل المسرحي أصبحت المطربة الأولى في عالم الغناء وحصلت على لقب "سلطانة الطرب". وُلدت زكية حسن منصور الشهيرة فنياً ب"منيرة المهدية" نسبة الى مسقط رأسها قرية المهدية بمحافظة الشرقية في 16 مايو عام 1885 ، توفي والدها وهي طفلة رضيعة فتولت رعايتها شقيقتها الكبري التي كانت متزوجة من أحد الملاك الزراعيين بالإسكندرية حيث تلقت تعليمها الأول. بدأت منيرة حياتها الفنية كمطربة تحيي الليالي في مدينة الزقايق حتى أعجب بصوتها صاحب احد المقاهي في القاهرة وأقنعها بالنزول الي القاهرة. وفي عام 1905 انتقلت منيرة الي القاهرة حيث الشهرة والمسارح والأضواء وأمضت أيامها الأولي في المقهي الذي كان يديره صاحب المقهي الذي أعجب بصوتها حتي عرفها الجمهور كمطربة وراقصة في مقاهي الأزبكية. افتتحت منيرة ملهي خاصاً بها باسم "نزهة النفوس" والذي تحول فيما بعد الي ملتقي اهل الفكر والصحافة والسياسة بفضل ما كانت تتمتع به من قوة شخصية. في عام 1915 انضمت الي فرقة عزيز عيد حيث بدأت التمثيل علي المسرح لأول مرة في دور فتي "حسن" في رواية للشيخ سلامة حجازى مما زاد الاقبال علي المسرحيات واصبحت فرقة عزيز عيد تنافس فرقة سلامة حجازي. وكانت منيرة المهدية أول ممثلة ومطربة مصرية تخرج من الحرملك تغني وتمثل علي المسرح حيث كان من المعتاد أن تقف الشاميات واليهوديات علي المسرح أما المصرية فلم يكن مسموحاً لها بذلك قبل أن تأتي "جريئة الجريئات" فتقتحم ذلك المجال باقتدار. وفي عام 1917 كونت منيرة فرقة خاصة بها اسمتها "الممثلة المصرية" والتي قدمت من خلالها أشهر أعمال الشيخ سلامة حجازي وظلت حتى نهاية العشرينيات هي السلطانه بلا منازع او منافس. وفي منتصف الثلاثينيات دخلت منيرة المهدية عالم التمثيل السينمائي بالفيلم الوحيد لها وهو فيلم "الغندورة" عام 1935 من إخراج المخرج الإيطالي "فولبي". وفي ذلك الوقت ذاع صيت أم كلثوم حيث سيطرت المدرسة التعبيرية علي الساحة الغنائية وبدأت تختفي مدرسة منيرة المهدية الطربية البحتة خاصة مع تقدمها في العمر وتخامة صوتها بسبب كثرة شربها للشيشة مما جعلها في تلك الفترة تكيد المكائد لأم كلثوم وتسلط عليها الاقلام الصحفية التي كانت على علاقة وطيدة بها حينها الا انه يبدو ان السحر انقلب علي الساحر حين اصيب احد الصحفيين الذائبين في حبها بالحمى وطلب مقابلتها الا انها رفضت خوفاً من العدوى، وبعد وفاته انطلق زملاؤه الصحفيين بمقالات نارية ضد منيرة المهدية. لذا قررت منيرة المهدية الاعتزال والابتعاد عن الاضواء بشكل اختياري الا انها قررت في عام 1947 العودة الي جمهورها ونظمت حفلاً غير انها لم تلق القبول الذي كانت تنتظره فما كان منها الا ان اعتزلت الفن نهائياً حتى توفيت في 11 مارس عام 1965 عن عمر يناهز الثمانين عام. رحلت صاحبة اغاني "أسمر ملك روحي" و"تعالى بالعجل" و"ارخى الستارة" و"يمامة حلوة" و"خليك على عومي" و"على دول ياما على دول"، و"بعد العشا يحلى الهزار والفرفشة"، و"أشكى لمين الهوى"، و"تعاليلي يا بطة"، و"أنا هويت"، و"أنا عشقت"، و"عليه سلام الله". كما قدمت فرقتها المسرحية روايات "كليوباترا" و"مارك انطوان" و"كارمن" و"تاييس". ولحن لها كبار ملحني عصرها سيد درويش والنجريدي وسلامة حجازي وغيرهم، وكان لها الفضل في اكتشاف الكثير من المواهب الغنائية والتمثيلة حينذاك مثل محمد عبد الوهاب، وكاريوكا، واسماعيل ياسين وغيرهم.