من أرض الغربة، حيث اجتمعت علينا الآلام والأحزان.. آلام البعد عن وطننا الحبيب وحضنه الدافئ - الذى لن نجد بديلاً له، مهما شرقنا أو غربنا - وأحزان ذلك الوطن وآهاته، التى تقرع آذاننا، وتقض مضاجعنا، ولا نعرف بسببها طعم الفرح أو السعادة، والتى كانت سببًا فى أن أبعث بهذه الرسائل العاجلة إلى من سيأتى ذكرهم، مطالبًا الجميع بأن يتقوا الله تعالى فى مصر، وأن يعملوا لمصلحتها، وأن يشعروا بآهاتها وآلامها, وأن يسعوا إلى مداواة جراحها فى أسرع وقت، قبل أن تستفحل الجراح، وتستعصى على الدواء. والرسالة الأولى: أوجهها إلى المجلس العسكرى، مذكرًا له بالوعد الذى قطعه على نفسه بتسليم السلطة إلى رئيس مدنى فى موعد غايته نهاية يونيه 2012، ومحذرًا إياه من المراوغة فى هذا الأمر، حتى لا تتعرض البلاد لمزيد من الأزمات، ولئلا تنفجر فيها ثورة ثانية، لا تبقى ولا تذر (ومليونيتا الجمعتين الماضيتين مؤذنتان بقرب اندلاعها)، ومهيبًا به ألا يكون له مرشح رئاسى، وأن يقف على مسافة واحدة من جميع المرشحين، كى تعود إلى القوات المسلحة مكانتها فى نفوس المصريين، والتى خصم المجلس العسكرى من رصيدها بتصرفاته المشينة، ومن ثم كان لزامًا عليه المسارعة والإصرار على نفض يده من العملية السياسية برمتها، وأن يعود إلى مهمته الشريفة المقدسة فى حماية الحدود، وحفظ أمن البلاد. الرسالة الثانية: إلى الإخوان المسلمين.. بوصفهم الفصيل الإسلامى والسياسى الأول، وهو ما يوجب عليهم أن يتعاملوا بوصفهم الوالد الحانى، والراعى الواعى، والشقيق الأكبر لغيره من الفصائل السياسية على اختلاف توجهاتها، وتباين أفكارها، فلا يكونون طرفًا فى صراع، ولا يصبحون جانبًا فى نزال، بل يعملون على لم الشمل، وجمع الكلمة، وتوحيد الصف بكل ما أوتوا من قوة، وبكل ما يستطيعون من وسائل، وإن اقتضى ذلك منهم أن يتنازلوا من أجل مصلحة الوطن عن بعض المكاسب التى يمكنهم تحقيقها؛ بغية احتواء أشقائهم الصغار، وليضربوا بذلك المثل لغيرهم فى الحرص على جمع الكلمة وتوحيد الصف. وبناءً على ذلك، أرى ضرورة أن يبادر الإخوان ومعهم الفصيل الإسلامى المعاون من سلفيين وغيرهم إلى طرح مبادرة (لم الشمل وتوحيد الصف)، والتى من خلالها يحدث ما يلى: 1. التسامح والتصافى والعفو عما سلف من أفعال أصاب بعضهم أهدافه، وأخطأ بعضهم الآخر طريقه. 2. التوافق على ضوابط تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور دون استحواذ أو إقصاء بأقصى سرعة ممكنة، لنخرج بالبلاد من هذا النفق المظلم، الذى لا يعرف أحد نهايته، ولا إلى ما يؤدى. 3. المسارعة إلى جمع كلمة الثوريين عامة والإسلاميين خاصة حول مرشح توافقى يعاونه فريق رئاسى، يقف الجميع وراءه بكل ما أوتوا من قوة، لتكون فرص هذا الفريق قوية فى حسم السباق الرئاسى من جولته الأولى بإذن الله رب العالمين. الرسالة الثالثة: إلى الدكتور أبو الفتوح، لقد تعززت فرصك فى الفوز برئاسة مصر، فهل من خطوة تخطوها نحو الإخوان المسلمين؟ ترأب بها الصدع، وتجمع بها الكلمة، وتُخرج بها الإسلاميين من أزمة تلوح فى الأفق، وتحول دون التوافق، مع الاحتفاظ باستقلالك فى الترشح، والاحترام الكامل لحرصك على أن تكون رئيسًا لكل المصريين، ولا يخفى على مثلك ما لهذه الخطوة من فوائد للمصريين أجمعين، كما أنها ترسم صورة لملامح عهدك الرئاسى. الرسالة الرابعة: إلى القوى الثورية والليبرالية، كما طالبتُ الإسلاميين بالتنازل أطالبكم كذلك بمثله، فالمرحلة الحالية تحتاج من الجميع إلى نوع من التضحية، والثقة المتبادلة، والبعد عن العصبية والتشنج، لإنقاذ ما تبقى من الثورة، ولكى تنتهى الفترة الانتقالية فى موعدها المحدد. الرسالة الخامسة: إلى الشعب المصرى، لقد كنت عظيمًا فيما مضى، ونظنك كذلك فيما هو آت، ونحن واثقون من قدرتك على تصحيح المسار، ومن يقظتك وانتباهك وحرصك على نجاح ثورتك العظيمة، وهو ما يبعث إلينا فى أرض الغربة والأحزان برسائل الفرح والاطمئنان.