ثورة مصر بدأها الشباب بأحدث ما وصل إليه العلم, شبكات التواصل الاجتماعى, وتم مواجهتها بأقدم ما كان عليه العلم, البغال والجمال, فنجحت فى خلع المخلوع, وبالتالى لا يمكن أن تنجح فى تحقيق النهضة إلا بالعلم والتوافق مع هويتنا الإسلامية بتصحيح مفاهيم جذرية مثل "تجويد القرآن", فلا يوجد عقلا ولانقلا ما يفيد بأنه يعنى تجويد قراءة القرآن فقط مما يعكس تأخرنا, فالبدهى والمنطقى أن يقصد به تجويد قراءة القرآن وفهمه وتطبيق منهجه فى حياتنا تبعا لمفهوم الجودة الشاملة المعروف عالميا والمقرر قرآنيا، وبذلك نستطيع تحقيق أهداف الثورة والأمثلة كثيرة: أولا: أهمية العلم, فالآية "اقرأ" نزلت قبل آيات التوحيد, الأمر الذى لايتحقق إلا بالعلم والعقل والمطلوب ليس فقط "اقرأ" بل "اقرأ باسم ربك الذى خلق"على منهج الثلاثية التطبيقية"العلم والإيمان والعمل" اللازمة لتحقيق النهضة بالاستخلاف وإعمار الأرض, والعلم ليس فقط خاص بأصحاب الدراسات الجامعية والدكتوراه بل هو الأساس اللازم لإتقان أى نوع من العمل, فتحصيل العلم الذى يثاب عليه المسلم ليس فقط خاصًا بالفقه والأحاديث النبوية بل بكل مجالات الحياة من هندسة وطب وسياسة واقتصاد وكل المطلوب لتحقيق النهضة, فعلوم الدين هى"علوم الدنيا والآخرة". ثانيًا: مفهوم "التخصص" ليس هو مجال الشهادات الدراسية، كما هو سائد بل "مجال التميز والموهبة الذى يستغرق فيه الإنسان" وفيه لابد من تراكم الدراسات والخبرات العملية, والبداية من اختيار الكلية الجامعية، التى يتوجه لها الشباب بعد الثانوية العامة بناء على مجال التميز والاستغراق، وليس مجموع الثانوية العامة، مما أدى لانفصال العملية التعليمية عن هدفها وهى حالة شاذة لا مثيل عالمى لها, هناك فرق شاسع بين "المتفوقين"و"الموهوبين"، الأمر الذى أكده الإسلام وطبقه الرسول ويطبقه الغرب الآن (متفوقون+ موهوبون = محترفون) أما التفوق فى غير مجال الموهبة لا ينتج احتراف ونهضة, والقرآن يؤكد ذلك "وابتغ فيما أتاك الله الدار الآخرة"، مما يعنى ضرورة السعى والعمل باستثمار المعطيات الإلهية(الموهبة) لتحقيق النجاح فى الدنيا والفوز بالآخرة,,,,,,,, - أما الركن الثانى "الإيمان" فينفرد به الإسلام مثل "أتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما" فالرحمة لازمة قبل العلم وألا يحدث ما يعانى منه العالم مثل إلقاء الأغنياء بالقمح فى المحيطات حتى لا تنخفض أسعاره للفقراء وصولا للحروب المدمرة الناتجة من استخدام العلم والتكنولوجيا لتسخير الإنسان لخدمة الإنسان الآخر بدلا من تسخير الطبيعة لخدمة الإنسانية, كما أن القرآن يؤكد على تحريم كتمان العلم(الدنيوى والأخروى)، فالواجب على أصحاب الخبرات فى كل المجالات, هندسة وسياسة وطب وخلافه, فى كل المؤسسات ضرورة نقل الخبرات للأجيال المستجدة لتحقيق التراكم والتواصل اللازم لتحقيق النهضة, -أما "العمل" فالارتباط مؤكد حيث لا توجد آية بالقرآن تتحدث عن الإيمان بدون عمل ولا العكس.. فالعلم والعمل على أسس الإيمان"حق وواجب"عندنا وليس فقط "حق" مثل الغرب, -والقرآن يجمع بين "الشعائر"الإيمانية وبين"الشرائع" العملية التطبيقية لضرورة أن يجمع مفهوم "العبادة" بين الشعائر من صلاة وحج وخلافه وبين الشرائع من تحصيل العلم وكسب الرزق والمشاركة السياسية لبناء النظام السياسى الجديد والمشاركة المجتمعية لبناء النهضة, هذه هى الرؤية الوحيدة المنطقية لفهم الآية الاستراتيجية "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" وألا يكون المطلوب هو التعبد بالشعائر أربعة وعشرين ساعة يوميا!!! -والحضارة الغربية تأسست بفصل الدين عن التشريع(هوية علمانية) فازدهرت ثم تراجعت تمامًا بالجانب الاجتماعى, تفكك أسرى وإباحية وخلافه, وبدأت فى التراجع اقتصاديا بالأزمة المالية العالمية, أما الحضارة الإسلامية فتأسست على ربط التشريع بالدين (هوية إسلامية) فوصلت لقمة العالم بعد أربعين عاما فقط منذ نزول الوحى واستمرت لأكثر من تسعة قرون ثم تراجعت بالبعد عن الدين, وهذا المقال لا يمثل إلا نقطة فى بحر بشأن كيفية ربط النهضة بقيم ومبادئ الإسلام، الأمر المقرر دستوريا وشعبيا, لكنه يمثل الإجابة عن سؤال الشباب المعتاد, متى نستطيع إنجاز النهضه؟؟ والإجابة ليست على متى؟؟ بل على كيف؟ فيمكن, لمصر تحديدا, تحقيق ذلك فى سبع أو عشر سنوات بشرط أن تسير القافلة"بالحرية والهوية الشعبية" وبدون هذا الشرط قد نستهلك قرونا دون جدوى.