انتقد عدد من السياسيين والقانونيين ما خلصت إليه القوى السياسية والمجلس العسكرى فى اجتماعها الأخير بضرورة إعداد اللجنة التأسيسية لوضع الدستور فى مدة لا تزيد عن شهر قبل انتخاب رئيس وانتقال السلطة من العسكرى، مشيرين إلى أن هذا يعكس رغبة "العسكرى" في "طبخ" الدستور ليضمن وضعية خاصة له، أو إطالة الفترة الانتقالية، فيما أشار آخرون إلى أن وضع دستور فى هذه الفترة أمر ممكن خصوصًا مع اتفاق القوى السياسية على أغلب البنود. واعتبر المستشار زكريا عبد العزيز، رئيس نادى قضاة مصر السابق، أن الفترة الزمنية التى اتفق عليها المجلس العسكري وباقي الأحزاب السياسية لوضع الدستور قبل انتخاب رئيس الجمهورية غير كافية على الإطلاق، مشيرًا إلى أن الوقت ضعيف جدًا، خصوصًا أن القوى لم تجتمع بعد لبحث الأمر والاتفاق علي تشكيل اللجنة واختيار أعضائها. وأعربه عن تخوفه من أن يكون المجلس الأعلى للقوات المسلحة يجهز ل"طبخ الدستور" فى هذه الفترة القليلة، لافتًا إلى أن العسكري بهذا الشكل لم ولن يستطيع تسليم السلطة أوائل يونيه وأنه يريد إطالة الفترة الانتقالية، إلا إذا كان يريد وضع دستور معدٍ من قبلهم من فترة على أن يستفتي عليه الشعب فقط. ولفت إلى أنه لا داعى للاستعجال فى كتابة الدستور، مشددًا على ضرورة التخلص من قضية "الدستور أولاً" قبل انتخاب الرئيس. واعتبر عبد العزيز أن المرحلة التى تمر بها مصر تستوجب الخروج بمبادرة لتشكيل مجلس رئاسى مدنى يتكون من خمسة أو سبعة أعضاء يتولون إدارة المرحلة الانتقالية لمدة 6 أشهر لحين وضع الدستور، فى غضون أربعة أشهر، وشهرين لإجراء الانتخابات الرئاسية وتسليم السلطة للرئيس القادم. إلا أنه أشار، فى الوقت ذاته، إلى أن القوى السياسية لن تتفق على أى مبادرة تطرح فى هذا الصدد، لأن القوى السياسية يغلب عليها الهوى فى ممارسة السياسة. فى السياق، اعتبر الدكتور محمد عبد اللطيف، أمين عام حزب "الوسط"، أن القضية الرئيسية ليست في وضع الدستور خلال هذه المدة، ولكن في كيفية تشكيل اللجنة ووضع المعايير الخاصة بها وطريقة التصويت والشخصيات الممثلة فيها، مشيرًا إلى أنه إذا تم الاتفاق على مثل هذه الأشياء فإن الخلافات على وضع الدستور ستنتهى. وقال عبد اللطيف إننا لا نريد أن تدفعنا التطورات إلى السيناريو الأسوأ، مشيرًا إلى أن المجلس العسكرى، قد يبحث عن تسليم فورى للسلطة مع وجود دستور قائم بعد أن شهدت المراحل السابقة كمًّا من التوتر حول هذا الأمر. فيما أشار عبد الغفار شكر، وكيل مؤسسى حزب "التحالف الاشتراكى" إلى أن المجلس العسكري بهذا الوضع يريد أن يبحث لنفسه عن الخروج الآمن قبل انتخاب رئيس، حتى يضمن أن يشمل الدستور وضعية خاصة للقوات المسلحة فى مواده فيما يخص المادتين ال 9 وال 10، معتبرًا أن مدة شهر لا تكفي لذلك إلا إذا كان الاتفاق علي تعديل الأربعة أبواب الأولى من دستور 1971 بشأن صلاحيات الرئيس والنظام السياسى المصرى، على أن يكون دستورًا مؤقتًا لحين تعديله بعد ذلك في وجود رئيس. واعتبر شكر أن إدارة العسكرى للفترة الانتقالية، كانت مبنية على توالى الأزمات، بحيث جعلتنا نخرج من أزمة لندخل أخري، مطالبًا القوي السياسية والثورية بضرورة أن تستعيد الثورة وضعها مرة أخرى وأن تتفق للخروج من هذا المأزق الذى وضعنا فى مواجهته المجلس العسكري. من جهته، أكد "إبراهيم درويش"، الفقيه الدستورى، أنه لا مشكلة فى إنجاز الدستور فى وقت قصير لأنه يمكن عمل دستور مصر فى أسبوع فقط، خاصة أن جميع المواد متفق عليها من قبل القوى السياسية، وأضاف "نحن لدينا مجموعة من الدساتير معده من قبل يمكن أن يتم الاستعانة ببعض المواد منها بالإضافة إلى تعديل بعض المواد عن طريق مجموعة من الفقهاء الدستوريين وأساتذة القانون". وأوضح درويش أنه لا يوجد مشكلة من الفترة التى يتم وضع الدستور خلالها، ولكن المهم أن يخرج دستور متوافق عليه فإذا طالب المشير بوضع دستور خلال يوميين فمن الممكن أن يتم وضعه. فيما قال عصام دربالة، قيادى بالجماعة الإسلامية، إنه طالب من البداية بوضع الدستور أولاً قبل انتخابات الرئاسة حتى نتمكن من وضع صلاحيات الرئيس القادم، مشيرًا إلى أن اجتماع المشير أمس الأول مع ممثلى الأحزاب منطقى لوضع الصلاحيات الخاصة بالرئيس. وقال إن هناك مشكلتين أولهم الفترة المحددة لوضع هذا الدستور حتى انتهاء الانتخابات الرئاسية والتي لا تتعدى الشهريين، إلا أنه فى الوقت ذاته فمن الممكن وضع دستور قوى خلال هذه المدة، خاصة أن معظم المواد متفق عليها من قبل القوى السياسية كنظام الحكم والحريات وهوية الدولة وغيرها. واستبعد دربالة أن يكون المجلس العسكرى ينوى الضغط على لجنة وضع الدستور بخصوص وضع صلاحيات له، خاصة بعد الرفض الشعبى لوثيقة السلمى.