عباس أبو الحسن بعد دهسه سيدتين: أترك مصيري للقضاء.. وضميري يحتم عليّ رعايتهما    الإفتاء: إذا طلبت الزوجة الطلاق في هذه الحالة لا تشم رائحة الجنة    رئيس نادي إنبي يكشف حقيقة انتقال محمد حمدي للأهلي    إبراهيم عيسى: التفكير العربي في حل القضية الفلسطينية منهج "فاشل"    سيارة انفينيتي Infiniti QX55.. الفخامة الأوروبية والتقنية اليابانية    سفير تركيا بالقاهرة: مصر صاحبة تاريخ وحضارة وندعم موقفها في غزة    استخراج اسماء المشمولين بالرعاية الاجتماعية الوجبة الاخيرة 2024 بالعراق عموم المحافظات    تمويل السيارات للمتقاعدين دون كفيل.. اليسر    رابط نتائج السادس الابتدائى 2024 دور أول العراق    اليوم.. ختام مهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة بحضور إلهام شاهين وفتحي عبد الوهاب    أترك مصيري لحكم القضاء.. أول تعليق من عباس أبو الحسن على اصطدام سيارته بسيدتين    مأساة غزة.. استشهاد 10 فلسطينيين في قصف تجمع لنازحين وسط القطاع    تحرك برلماني بشأن حادث معدية أبو غالب: لن نصمت على الأخطاء    افتتاح أول مسجد ذكي في الأردن.. بداية التعميم    دراسة: 10 دقائق يوميا من التمارين تُحسن الذاكرة وتزيد نسبة الذكاء    ضميري يحتم عليّ الاعتناء بهما.. أول تعليق من عباس أبو الحسن بعد حادث دهسه سيدتين    «أعسل من العسل».. ويزو برفقة محمد إمام من كواليس فيلم «اللعب مع العيال»    اشتباكات عنيفة قرب سوق الحلال وانفجارات شرق رفح الفلسطينية    نائب محافظ بنى سويف: تعزيز مشروعات الدواجن لتوفيرها للمستهلكين بأسعار مناسبة    نشرة التوك شو| تفاصيل جديدة عن حادث معدية أبو غالب.. وموعد انكسار الموجة الحارة    جوميز: لاعبو الزمالك الأفضل في العالم    هل تقبل الأضحية من شخص عليه ديون؟ أمين الفتوى يجيب    حلمي طولان: حسين لبيب عليه أن يتولى الإشراف بمفرده على الكرة في الزمالك.. والفريق في حاجة لصفقات قوية    اجتماع الخطيب مع جمال علام من أجل الاتفاق على تنظيم الأهلي لنهائي إفريقيا    زيادة يومية والحسابة بتحسب، أسعار اللحوم البتلو تقفز 17 جنيهًا قبل 25 يومًا من العيد    نائب روماني يعض زميله في أنفه تحت قبة البرلمان، وهذه العقوبة الموقعة عليه (فيديو)    إيرلندا تعلن اعترافها بدولة فلسطين اليوم    النائب عاطف المغاوري يدافع عن تعديلات قانون فصل الموظف المتعاطي: معالجة لا تدمير    بينهم طفل.. مصرع وإصابة 3 أشخاص في حادث تصادم سيارتين بأسوان    "رايح يشتري ديكورات من تركيا".. مصدر يكشف تفاصيل ضبط مصمم أزياء شهير شهير حاول تهريب 55 ألف دولار    أهالي سنتريس يحتشدون لتشييع جثامين 5 من ضحايا معدية أبو غالب    الأرصاد: الموجة الحارة ستبدأ في الانكسار تدريجياً يوم الجمعة    روسيا: إسقاط طائرة مسيرة أوكرانية فوق بيلجورود    السفير محمد حجازي: «نتنياهو» أحرج بايدن وأمريكا تعرف هدفه من اقتحام رفح الفلسطينية    دبلوماسي سابق: ما يحدث في غزة مرتبط بالأمن القومي المصري    ب1450 جنيهًا بعد الزيادة.. أسعار استخراج جواز السفر الجديدة من البيت (عادي ومستعجل)    حظك اليوم برج العقرب الأربعاء 22-5-2024 مهنيا وعاطفيا    «الثقافة» تعلن القوائم القصيرة للمرشحين لجوائز الدولة لعام 2024    وثيقة التأمين ضد مخاطر الطلاق.. مقترح يثير الجدل في برنامج «كلمة أخيرة» (فيديو)    ملف يلا كورة.. إصابة حمدي بالصليبي.. اجتماع الخطيب وجمال علام.. وغياب مرموش    الإفتاء توضح أوقات الكراهة في الصلاة.. وحكم الاستخارة فيها    عاجل.. مسؤول يكشف: الكاف يتحمل المسؤولية الكاملة عن تنظيم الكونفدرالية    جوميز: عبدالله السعيد مثل بيرلو.. وشيكابالا يحتاج وقتا طويلا لاسترجاع قوته    طريقة عمل فطائر الطاسة بحشوة البطاطس.. «وصفة اقتصادية سهلة»    بالصور.. البحث عن المفقودين في حادث معدية أبو غالب    دعاء في جوف الليل: اللهم ألبسنا ثوب الطهر والعافية والقناعة والسرور    أبرزهم «الفيشاوي ومحمد محمود».. أبطال «بنقدر ظروفك» يتوافدون على العرض الخاص للفيلم.. فيديو    موعد مباراة أتالانتا وليفركوزن والقنوات الناقلة في نهائي الدوري الأوروبي.. معلق وتشكيل اليوم    وزيرة التخطيط تستعرض مستهدفات قطاع النقل والمواصلات بمجلس الشيوخ    شارك صحافة من وإلى المواطن    قبل اجتماع البنك المركزي.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 22 مايو 2024    إزاى تفرق بين البيض البلدى والمزارع.. وأفضل الأنواع فى الأسواق.. فيديو    المتحدث باسم مكافحة وعلاج الإدمان: نسبة تعاطي المخدرات لموظفي الحكومة انخفضت إلى 1 %    هل ملامسة الكلب تنقض الوضوء؟ أمين الفتوى يحسم الجدل (فيديو)    خبير تغذية: الشاي به مادة تُوسع الشعب الهوائية ورغوته مضادة للأورام (فيديو)    أخبار × 24 ساعة.. ارتفاع صادرات مصر السلعية 10% لتسجل 12.9 مليار دولار    حجازي: نتجه بقوة لتوظيف التكنولوجيا في التعليم    استعدادات مكثفة بجامعة سوهاج لبدء امتحانات الفصل الدراسي الثاني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تعرية المجتمع.. بين عصا السادات ل "المذنبون" وجزرته ل"ميرامار"!!!
نشر في المصريون يوم 06 - 02 - 2017

منذ فترة ذهبت مع صديق إلى معرض الكتاب الدولي وقمنا بجولة في العديد من الأجنحة ولكن لا أعرف لماذا خطر على البال أن أبحث عن رواية "المذنبون" للأديب العالمى "نجيب محفوظ".. وعندما كنت أسئل عن هذه الرواية في أجنحة المعرض.. أجد الإجابة واحدة لا يوجد رواية بهذا الاسم !!
وكنت اعتقد في بداية الأمر أن من يقف في هذه الأجنحة المتخصصة في بيع الكتب الخاصة بالروايات الخاصة بالأدب ليس لديهم معرفة بمثل هذه الرواية
وأن كان هناك من كان يقول "أنت تقصد فيلم "المذنبون" فكنت أقول لهم لا أنا أتحدث عن رواية أدبية قد تكون رواية طويلة أو في مجموعة من القصص القصيرة التي قد يكون كتبها "نجيب محفوظ" وبعد عناء من البحث والسؤال لم أجد هذه الرواية!!!

عشرين ورقة فلوسكاب ؟؟!!
لكن بعد البحث الطويل عرفت التالي.. نعم "لا توجد رواية لنجيب محفوظ بعنوان: المذنبون، ولا قصة قصيرة ولا طويلة".
الذي حدث - أن ممدوح الليثي ذهب لنجيب محفوظ يطلب منه قصة أو رواية لتحويلها إلى فيلم سينمائي، فأخرج له عشرين ورقة فلوسكاب مكتوبة بخط يده، فيها فكرة رواية، أو تخطيط أولي لكتابة رواية.
هذه الورقات حوّلها العبقري "ممدوح الليثي" لفيلم سينمائي هو: «المذنبون»، والفكرة التي دوَّن من خلالها" نجيب محفوظ "أوراقه تقوم على مقتل ممثلة فاتنة وشهيرة، والتحقيقات التي تمت مع كل من كانوا يترددون عليها، والسؤال الجوهري: أين كان كل واحد منهم لحظة قتل الفنانة الشهيرة؟ وعند الإجابة أو بالتحديد عند التهرب من الإجابة نكتشف الشوارع الخلفية للحياة المصرية في القرن الماضي.

بأمر من الرئيس محمد أنور السادات!!!!
وواجه الفيلم أزمة رقابية كبيرة، حيث وقعت وفي تاريخ الرقابة، فللمرة الأولى تتم محاكمة 15 من موظفي الرقابة بأمر من الرئيس محمد أنور السادات لموافقتهم على عرض الفيلم، حيث أن الفيلم مُنع بعد عرضه، ثم عُرض محذوفا ثم عرض في نهاية الأمر كاملا، وبعد تقديم شكوى من السادات ضد مدير الرقابة ومساعديه، قبلت الشكوى وتمت معاقبة مدير الرقابة بأحكام تأديبية، وتم وصف الفيلم بأنه ينطوي على تشويه للمجتمع المصري، لأن أكثر من نصف مشاهد هذا الفيلم تخدش الحياء العام، ولم يبت في أمر الفيلم إلا حينما تشكلت لجنة وبحثت في أمر عرض الفيلم وحذفت العديد من المشاهد، وحتى الآن يرفض التليفزيون المصري عرض هذا الفيلم !!!
نحن أمام فيلم تسببت الموافقة على عرضه في إحالة رئيسة الرقابة على المصنفات الفنية في مصر وقتئذ، السيدة اعتدال ممتاز، ومجموعة من المعاونين، إلى لجنة تأديب وتم مجازاتهم على الرغم من أن اعتدال ممتاز كانت قد تركت منصبها، خلال الفترة بين تصريحها بالفيلم ووقت عرضه، لبلوغها سن التقاعد، وانتهت الأزمة التي أثارها الفيلم بإقالة جمال العطيفي وزير الثقافة آنذاك. وبعد تلك الواقعة صار الرقباء أكثر تشددا في التصريح للأعمال الفنية ؟؟؟؟
لكن هناك عنصريين كان يحكمان عمل الرقابة وكان يجمع عنصرين "السياسى والمجتمع" فى عمل الرقابة في كل ما ترفضه من أعمال فنية حتى قيام ثورة يوليو، ولم يمنع بعد الثورة إلا فيلم وحيد هو "الله معنا"، الذي حجب لثلاث سنوات، حتى شاهده الرئيس جمال عبدالناصر بنفسه ليقضي أن لا شيء فيه يستحق المنع، ثم كرر الأمر نفسه بعد ذلك مع فيلم "شيء من الخوف"، لكن الأخير لم يمنع وإن كانت هناك مطالبات بمنعه
أما الصراع الحقيقي للرقابة مع السينما، فقد بدأ بعدما تولى يوسف السباعي وزارة الثقافة قبل الحرب، إذ مُنعت أربعة أفلام من العرض، هي "العصفور" و"زائر الفجر" و"التلاقي" و"جنون الشباب"، وهنا ابتكرت الرقابة أداة الحذف من الأفلام بدلاً من منعها، ووقع "زائر الفجر" ضحية حذف عدد من مشاهده، التي تحتوي على صور من الفساد الإداري أو الأداء البوليس للدولة في فترة ما قبل هزيمة 67.

تعرية مجتمع !!!!
هذا الفيلم تم إنتاجه عام "1975 "وعرض في نفس العام في عيد الفطر في الثالث والعشرين من سبتمبر سنة 1975 واستمر عرضه ثمانية أشهر‏...‏ وحقق عرضه نجاحا كبيرا‏...‏ ثم منع من العرض‏.‏ حسب ما قيل في ذلك الوقت أنه فيلم سيئ السمعة‏...‏ يهدف إلي تشويه المجتمع المصري... وشارك في البطولة التمثيلية عدد كبير من نجوم السينما المصرية الأكثر شهرة في منتصف السبعينيات من القرن العشرين: سهير رمزي، كمال الشناوي، زبيدة ثروت، حسين فهمي، عماد حمدي، يوسف شعبان، صلاح ذو الفقار، توفيق الدقن، عمر الحريري، حياة قنديل، وغيرهم
صحيح أن الرؤية التي قدمها السيناريست "ممدوح الليثى" في هذا الفيلم الناضج الشجاع تتجاوز جريمة القتل وما قد يصاحبها من إثارة، فالرسالة التي أرادها أن تصل بلا عناء هي فضح وتعرية المجتمع في ذلك الوقت المسكون بالعلة والمرض، والذي يوحي ظاهره بغير ما يعتمل في أعماقه من صراعات وتفاعلات تجسد طبيعة الفساد الذي يهيمن على كل مفردات الحياة اليومية.
ولا نستطيع أن ننكر هذا الفيلم يحوي مجموعة من المشاهد الجنسية المثيرة، لكن البطولة الحقيقية ليست لعري الأجساد، فهذا هو الظاهر السطحي، بل لعري المجتمع الذي يتبع قانون الصمت، ويدمن الازدواجية والنفاق
عندما عرض فيلم "المذنبون" كانت المجتمع المصري يعيش لحظة تحول عميقة في بنية المجتمع المصري، المرحلة التي اصطلح على تسميتها ب "الانفتاح الاقتصادي"، راصدا بوادر الفساد الحكومي في مصر وتغلغله في كافة مؤسسات الدولة، وأثره الاقتصادي على المجتمع الذي يتم دفع أفراده إلى الرشوة والسرقة وبيع الأعراض.

وجوه المجتمع والفساد واحد!!!
هناك أولا ناظر المدرسة الذي يأمره رؤساؤه بإعمال القانون على الفقراء ومن لا واسطة لهم، وعدم تطبيقه على أصحاب الحظوة بل تابعي أصحاب الحظوة، والذي يسرب امتحان الشهادة لأنه اكتشف مدى ضآلة راتبه أمام تبعات الانفتاح وتزايد طلبات أولاده بما يفوق طاقته.
وهناك مسؤول الجمعية الاستهلاكية الذي يورد المنتجات المدعومة لبيت الممثلة المشهورة، ويطالب مستحقيها الفعليين باحترام النظام والوقوف في طوابير لا يحصلون بعدها على احتياجهم من السلع المدعومة، ولا ينسى في غضون ذلك ان يتظاهر بالصلاح والتقوى والمرور على مقرأة بعيد خروجه من حفل ماجن، وقبيل الذهاب لتهريب سلع مدعومة لتاجر سوق سوداء.
والطبيب الذي جعل من عيادته وكرا يتصيد من خلاله المترددات للعلاج ليصبحن عشيقات شهوة، كما يخالف واجبه المهني ويجري عمليات إجهاض.
مسؤول الإسكان الذي يرسي تصاريح المباني بالمخالفة للقانون نظير رشوة مقدرة (شقتان لكل عمارة) وفي حالة الزيادة عن التصريح بعقارين يكتفي بأربع شقق على سبيل التخفيض، مع رشوة جنسية، ولا مانع من خيانة صديقه الطبيب السابق ذكره واقتناص زوجته المقهورة من خيانات زوجها التي لا تحصى.
منتج الأفلام الذي يمتص أجساد الفتيات الطامحات للشهرة ويقوم بعمليات التهريب.
والفتاة الجامعية التي تبيع جسدها مقابل مبلغ لا تحصل عليه في النهاية فتذوي بعد أن فرطت في شرفها بلا مقابل.
لص الخزائن الذي يبدو كجنتلمان ورجل مجتمع.
رجل السياسة (ولعله شخصية أمنية) الذي تأتي علاقته بالممثلة المشهورة تتويجا لمستنقع من الفساد.
ويتبقى الشاب الأرستقراطي الذي سلبته ثورة يوليو 1952 ماله، وجرفت طبقته، وفرضت على ممتلكاته الحراسة، فانزوى وحيدا يجتر أحزانه ووحشته حتى تعرف على الممثلة وارتبط بها وشابت علاقته بها أجواء فرويدية واضحة، فهي تشبه أمه ويحاول أن يخاطب الجزء البريء فيها، ويتطلع دائما بريبة إلى أي رجل يقترب منها، لما يعرفه عن ماضيها الذي اعترفت له به دون تفاصيل، ولذا حين يتأكد من خيانتها له يقتلها دون تفكير، ولا يبدو طعنه لها في مناطق حساسة من جسدها سوى تعبير عن صدمته في استمرار خياناتها له حتى بعد الخطوبة وإهدائه لها عقد والدته الذي لا يقدر بثمن.

فساد من نوع أخر !!!.
هذا الفساد هو الفساد "الجنسي" أيضا يطول أغلب الشخصيات في الفيلم، نجده عند الطبيب وزوجته، وصديقه مسؤول الإسكان، ولص الخزائن، ومنتج الأفلام والطالبة الجامعية، لينضموا في نفس الإطار الذي ضم الممثلة (سناء كامل).

عقاب صناع الفيلم و الرسائل التحريضية !!
لقد واجه صناع الفيلم وخاصة المخرج سعيد مرزوق أزمات عاصفة عقب عرض فيلم «المذنبون»، عندما بدأت الصحف فى مصر بنشر رسائل مجهولة تحرض ضد الفيلم بحجة أنه يسيء إلى سمعة مصر، ويتسبب في إحراج المصريين العاملين في الدول العربية،
المخرج "سعيد مرزوق " رأى أنها مزاعم باطلة ورد عليها بجملة أشبه بالنظرية قائلًا :«من حقنا إصلاح الخلل على أرض الواقع، دون أن نتهم بأننا ننشر غسيلنا القذر»، إلا أنه صُدم عندما فوجيء بأنه مطالب، بناء على بلاغ من مخرج كبير ومعروف، بالمثول أمام لجنة تحقيق في مجلس الشعب، لكنه رفض الذهاب، ونجح في تفويت فرصة محاكمته والنيل منه، ومن ثم إعدام الفيلم، الذي تسبب في إقالة اعتدال ممتاز مدير الرقابة وقتها، وإحالة 14 رقيباً إلى المحكمة التأديبية، بتهمة التحريض بعرض الفيلم والتصريح بتصديره.
فقد رأى البعض أنه فيلم جنسي... بشع.. ولابد من عقاب صناعه.. ومن صرح بعرضه... وتكونت لجان لبحث تفاصيل أحداث الفيلم... واستمر توقف عرض الفيلم... لبحثه من اللجان... المكونة من عظماء الفكر والثقافة والمناصب.. وآخر لجنة بعد استمرار بحث اللجان الأولي... التي تبحث أسباب التوقف.. وجاءت اللجنة الأخيرة بعد عامين من إيقاف الفيلم برئاسة... سعد الدين وهبه... وخرجت بتويجيه بعرض الفيلم وتصديره للعرض بالخارج... والداخل... وتمثيله لوزارة الثقافة في جميع مهرجانات السينما... في مصر... والعالم؟!.
نحن أمام فيلم من أهم أفلام السينما المصرية، ليس لإنه ضمن قائمة أفضل 100 فيلم بالسينما المصرية، ولا لإنه مأخوذ عن عشرين صفحة فلوسكاب بقلم الكاتب الكبير (نجيب محفوظ) الذي شاركه المؤلف (ممدوح الليثي) في كتابة السيناريو والحوار له، ولا لمخرجه عبقري الصورة سعيد مرزوق؛ ولكن لأسباب أخرى عديدة أهمها في تناولها قضية الفساد في النظام بهذه الطريقة، وربط الفساد بقضية أخرى أكثر حساسية وهي الانحراف الجنسي مؤكدا على أن الجميع ينظر لهذه القضايا بأنها أقل عقوبة وخطورة من القتل، وهو عكس الحقيقة تمامًا.

ولكن إذا نظرنا إلى الفيلم بعيدا عن ما يقيل عنه من انتقادات !!
نستطيع القول أنه عمل على التغلغل داخل المجتمع المصري، وتقديم تقريرا عن انحرافات الأفراد بشكل صريح وواضح وخاصة تلك الفترة التي أعقبت الانفتاح الاقتصادي، وكشف جرائم الأفراد داخل منظمات ومؤسسات الدولة، وتأثير ذلك ولكن هنا وجه الفيلم أصابع الاتهام لجميع الفئات المختلفة بالمجتمع بدء من رجل السياسة متمثلا في (كمال الشناوي)، ومرورا بناظر المدرسة التربوي (عماد حمدي) وتسريبه للامتحانات، ومدير الجمعية التعاونية (توفيق الدقن) والمتاجرة بالسلع الغذائية الضرورية في السوق السوداء،،،، وانتهاءً بالشاب (عادل أدهم) الذي يبيع جسده مقابل المال لتعذره في إيجاد عمل يعول به نفسه، كل ذلك وأكثر من وجه فاسد مربوطا بالأخطر والأشد فاتكا لينتهي بمشهد يؤكد على أن الفساد طليق حر لم ولن ينتهي بالقبض على هؤلاء الجناة. ومن هنا تأتي عبقرية سعيد مرزوق الفنية والإبداعية في تقديم مثل هذه القضية الهامة، ، مضافا إلى كل ذلك أهم تأثيراته من عناصر التشويق والإثارة، والبعد عن الطرق المبتذلة في تقديم المشاهد الجنسية أو الاعتماد على أثارة غرائز الجمهور في مخاطبته إياه.

هناك عدة ملاحظات لابد من سردها !!!
*تسبب فيلم (المذنبون) مع عرضه في أول محاكمة لموظفي الرقابة الفنية بمصر بأمر من الرئيس السادات لموافقتهم على عرض هذا الفيلم، حيث أحال رئيس الرقابة على المصنفات الفنية وقتها، ومجموعة من موظفين الرقابة للتحقيق وأعقبه لجنة تأديب، مما تسبب في أزمة كبيرة لم تمر بها الرقابة من قبل، وبعد تلك الواقعة تم إصدار العديد من التصريحات والقوانين الخاصة بإصدار مثل هذه الأعمال والموافقة عليها في النهاية الفيلم يعتبر من أفضل الأفلام التي تناولت قضية فساد نظام ويستحق أن يشاد به
*تم عرض الفيلم في أولى دورات مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، وحصل على تقييمات إيجابية نقدية عالية وقتها.
*بعد عامين من قرار وقف عرض الفيلم، تكونت لجنة فنية رقابية برئاسة سعد الدين وهبة لإجازة عرض الفيلم من عدمه.
*تم عرض الفيلم في السينمات المصرية وقتها لفترة قاربت ثلاثة أشهر.
* الكاتب الكبير الراحل نجيب محفوظ،والذي أعلن بنفسه أنه صاحب شخصيتين فقط من كل الشخصيات التي طرحت بالفيلم،وذلك بعدما أثار الفيلم ضجة كبري بعد عرضه الأول 23 سبتمبر عام 1975م، وقد أكد سعيد مرزوق حديث محفوظ وقال أنه بالفعل أضاف عدة شخصيات للفيلم،
* نجح الفيلم في صناعة العديد من الأزمات،سواء مع النقاد أو الرقابة أو حتى المشاهدين الذين صنع لهم الفيلم صدمة جديدة لم يعتادوا عليها قبل عرض المذنبون.
*هذا الفيلم كان سبباً لإقالة وزير الثقافة حينذاك،جمال العطيفي، وذلك عندما قام بالهجوم علي الفيلم،مقلداً النقاد،الذين هاجموا الفيلم،هجوماً شرساً،وصل حد الهجوم فيه إلي أنه دعا لإيقاف عرضه بدعوى أنه يسئ إلي سمعة مصر في الخارج
* وتشكلت لجنة رقابية كبيرة ومنعت العديد من مشاهده،وحاول فيه كشف مظاهر الفساد في المجتمع المصري بشكل صادم
* ومن أهم ما ميز فيلم المذنبون أن مرزوق استطاع أن يجمع بالفيلم هذه الحشود الفنية العظيمة،من قامات التمثيل في مصر،في فيلماً واحداً يعرف بالمذنبون،
* وقد حصد العديد من الجوائز المحلية والعالمية منها جائزة السيد يلاك،كما حصد من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي،جائزة أحسن إخراج لمرزوق،وأحسن قصة لمحفوظ،وأحسن تمثيل لعماد حمدي
* سأل المخرج الراحل الكبير سعيد مرزوق،هل ندمت علي صناعة هذا الفيلم الممنوع من الرقابة،المنقود من النقاد،الصادم للمشاهدين،الجامع لكل هؤلاء الفنانين،فضحك بثقة شديدة وقال،أنني لا أندم أبداً علي عملاً سينمائياً قمت بتقديمه للناس،وخاصة فيلم المذنبون.
وأكد علي أنه لم يفكر يوماً ما في التجارة بالفن،حتى في عز جرأته في تقديم مشاهد بارزة للجسد أو منغمسة بالجنس، فهو يؤكد ويراهن،أن الجنس في أفلامه ليس جسداً عارياً بالشكل التقليدي المتاجر بالفن كما يحدث في عالم المقاولات،لكنه دائماً ما يكون في أفلامه مقالات سينمائية، يدعو فيها للتفكير والتأمل،والبحث والتحري عن أشياء فكرية وفلسفية،فيرى الجسد كباب من أبواب الحياة الأربعة من العقل والقلب والروح والجسد، وأن الجنس ليس دائماً غريزياً،بل قد يكون طريقاً للوصول إلي البداية وأصل الخلق والنشأ في هذه الحياة،خاصة عندما يكون الجسد في أفلام سعيد مرزوق مرتبط بعقل فيه يفكر في الأخر أو عقل حوله يفكر فيه،فلم يكن من داعيين الغريزة ، ولا من محدثي السينما
* ولا ينسي مرزوق دور الناقد الكبير الراحل كمال الملاخ في الوقوف بجوار الفيلم بشجاعة كبيرة دعت الرئيس السادات إلي إقالة الوزير جمال العيطفى الذي لم يري الفيلم وهاجمه من أجل عيون النقاد في مصر
* بالفيلم نماذج واقعية من داخل المجتمع المصري،حتي وإن كانت صادم
أُشيع حوله أنه تم منعه لأسباب أخلاقية بسبب جرأة مشاهده، ولكن في الحقيقة فإن قرار منع الفيلم من العرض كان بسبب جرأته في تناول فساد استشرى وطغى في المجتمع فسادًا، بدأته السياسة ليفسد المجتمع بأثره، فسعيد مرزوق في فيلم «المذنبون» لم يقدم فيلم «إباحي»، وإنما استغل فقط الجنس كوسيلة لتعرية نظام ومجتمع أوشك على التهاوي، عن طريق سيدة من صاحبات العلاقات المتعددة، والتي يتم اكتشاف جثتها في غرفة نومها، لتبدأ التحقيقات التي تكشف عن كم مرعب من قضايا الفساد؛

ممانعة صلبة وفاشية هائلة!
القد أبدت الجماعة السينمائية -من صنّاع ونقّاد- ممانعة صلبة لكل قرارات المنع التي مورست على السينما، لكن الصراع سابقاً انحسر بين جهاز الرقابة والسينمائيين في شكله الأعم، غير أنه مع بداية الثمانينات، انضم ضلع جديد إلى المعركة، حيث يقول سمير فريدالناقد السينمائى فى كتاب لة : "كشف قرار وزير الثقافة بمنع هذين الفيلمين ("درب الهوى" و"خمسة باب"، إنتاج العام 1983) عن وجود طاقة فاشية هائلة، داخل العديد من الصحفيين المصريين ما أن يسمح لها بالظهور حتى تنفجر في المجتمع كالبركان. كما كشف عن حقيقة أن عصور الخوف وانعدام الديموقراطية أوجدت داخل العديد من الصحافيين مخبراً جاهزاً ومستعداً للقيام بدوره في إرشاد الحكومة فور أن يرى الإشارة بذلك".
غير أن المتتبع لسرد الوقائع التي يضمها الكتاب، يمكن أن يضيف ضلعًا آخر وقف إلى جانب جهاز الرقابة، أو ربما انشق عن جماعته الأصلية، وهم صنّاع السينما أنفسهم، حيث بادر المخرج كمال الشيخ برفض عرض فيلم "خمسة باب"، متهمًا إياه بالابتذال، قائلا في تصريح صحافي "إن من واجب الرقابة منع إنتاج الأفلام التافهة، وأن توضع شروط مثل الشروط الصحية، التي وضعتها وزارة الصحة للمطاعم ضد انتشار الأمراض، إن الحكم على عمل بأنه هابط مسألة سهلة وليست مستحيلة كما يتصور البعض". والموقف نفسه تبنته الممثلة سهير رمزي، في تعليقها على عدم الاشتراك في فيلم "إنقاذ ما يمكن إنقاذه" (إخراج سعيد مرزوق)، حيث قالت في تصريحات لصحيفة "الأخبار" المصرية إنها انسحبت من التصوير بعدما بدأ بالفعل "لأنها اكتشفت أنه من الأفلام الهابطة ملحوظة هامة الفنانة المعتزلة سهير رمزى شاركت فى العديد من الأفلام الهابطة وظهرت بالمايوة البيكينى فى أكثر من فيلم فى مرحلة السبعينيات التى أنتج فيها فيلم المذنبون ولعنا لابد أن نذكر الفنانة سهير رمزى بنوعية هذة الأفلام مثل (شياطين البحر ..مع حبى واشواقى ..والمتعة والعذاب ...عضة كلب ...الخ )هل هذة الأفلام كانت افلام واقعية تتحدث عن المجتمع ومشاكلة !!!اما عن انسحابها من فيلم إنقاذ مايمكن أنقاذة سنعود لة فى مقال أخر عندما نستعرض هذا الفيلم "
* صرحت الفنانة سهير رمزي أن هذا الفيلم هو أكثر الأفلام التي ندمت عليها وتتمنى لو يُمحى من تاريخها الفني للأبد مع العلم أن هذا الفيلم كان سبب فى التحاقها الى صفوف نجمات الصف الأول .
أخر الكلام
أذا كانتالحياة الثقافية والفنية في مصرقد شهدت عام 1975، حدثًا غريبًا وهو تقدم الرئيس (محمد أنور السادات) بشكوى رسمية ضد مدير الرقابة على المصنفات الفنية، ومساعديه، وعندما يتقدم الرئيس بشكوى في مصر ضد مسؤول ما، فهذا يعني قرارًا غير مباشر بضرورة العقاب التأديبي، الأمر الذي حدث بالفعل وتم قبول الشكوى تم جر المسؤولين عن الرقابة في مصر جرًا للمحاكمة، والسبب بسيط: السماح بعرض فيلم (المذنبون)، الفيلم الذي يحتل مكانه الآن كواحد من أفضل وأقوى الأفلام السينمائية المصرية في مئة عام، لم يكن مسموحًا في السبعينيات بعرضه بشكل عام
الا أن هناك موقفين للرئيس السادات بخصوص فيلمين واحد أنتج فى عصرة والأخر فى عصر عبد الناصر (الكرنك –وميرامار )وهما للأديب نجيب محفوط وأنتاج ممدوح الليثى
أما عن فيلم الكرنك الذى انتج فى السبيعنيات من القرن الماضى وكان من المفترض أن يقوم ببطولتة النجم الصاعد فى ذلك الوقت "احمد زكى "الذى تعاقد معة ممدوح الليثى ولدرجة أن أخذ منة عربون للفيلم واستعد أحمد زكى لهذا الدور وأن حلمة تحقق فى الحصول على البطولة المطلقة وأمام من النجمة "سعاد حسنى "ولكن هذا الحلم لم يتحقق بسبب أن موزع الفيلم رفض أن يكون البطل أحمد زكى لأن لون بشرتة أسمر وطلب أن يكون البطل اما يكون "نور الشريف أو حسين فهمى )لكن الليثى وافق على ماطلبة الموزع وتعاقد مع نور الشريف على بطولة الفيلم بدلا من أحمد ذكى رغم غضب الأخير
ونعود الى تدخل الرئيس السادات فى عرض الفيلم فعندما كان يوسف السباعى وزير الثقافة وقتها، وكان الفيلم يتحدث عن المعتقلات، وأصدر يوسف السباعى قرارا بمنع الفيلم وكان من إنتاج ممدوح الليثى ، فذهب ممدوح الليثى إلى الرئيس السادات فى منزله، والتقى بجيهان السادات ثم الرئيس.
وكانت العلاقة بين ممدوح الليثى والسادات لها بعد آخر بعد فيلم "ميرامار"، وكانت به جملة يقولها يوسف وهبى: "طظ فى الاتحاد الاشتراكى"، وتم منع الفيلم، وقام الرئيس عبد الناصر بتشكيل لجنة لمشاهدة الفيلم برئاسة أنور السادات، ووقتها قال ممدوح الليثى لنجيب محفوظ، وهو كاتب القصة، أن يذهب معه، فرفض وقال "أنا كتبت القصة وإنت كتبت السيناريو فتحمل المسئولية".
وبالفعل شاهد السادات الفيلم مع ممدوح الليثى، ووافق السادات على عرض الفيلم مع حذف جملة واحدة تسيء الى المرأة المصرية، ووقتها طلب السادات رأى اللجنة، ورفع ممدوح الليثى يده وتوجه بسؤال "من سيتولى حكم مصر بعد عبد الناصر؟"، فلم يجبه السادات
وهنا يكون خلص الكلام .....والحدق يفهم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.