في تاريخ السينما المصرية العديد من الأفلام التي صاحبتها جملة «ممنوع من العرض» لأسبابٍ سياسية؛ وترصد « التحرير » في هذا التقرير عددًا من الأفلام التي مُنع عرضها بسبب الإسقاط السياسي الموجود في هذه الأفلام. أولاد الذوات يمثل أحد أوائل محطات السينما المصرية في عيون صانعيها، إذ يعد الفيلم الذي أخرجه «محمد كريم» عام 1932، أول فيلم مصري ناطق، وواحد من أوائل الأفلام التي صورت بعض مشاهدها خارج مصر، وقام ببطولته كل من يوسف وهبي وأمينة رزق، «أولاد الذوات» الذي ظهرت إحدى شخصياته في دور راقصة فرنسية يقع في حبها شاب مصري، أثار حفيظة الخارجية الفرنسية في عهد الملك فؤاد الأول، مما أدى في النهاية إلى تعثر عرض الفيلم. ليلى بنت الصحراء إنتاج عام 1937، قصة محمود الأحمدي، سيناريو وحوار بهيجة حافظ، ومن إخراج بهيجة حافظ، وبطولة راقية إبراهيم، وزكي رستم، وجميل حسين؛ ويناقش الفيلم قصة فساد «كسرى» ملك الفرس، وصدر قرار من وزارة الخارجية بمصادرة الفيلم ومنع عرضه نهائيًا داخليًا وخارجيًا، بعد عام من عرضه، بسبب زواج الأميرة فوزية شقيقة الملك فاروق من شاه إيران، رضا بهلوي، واعتبار أن هذا الفيلم غير مناسب للعرض لأن قصته تدور حول طغيان «كسرى»، إمبراطور إيران. لاشين الفيلم إنتاج يناير عام 1938، وهز مصر كلها رغم أنه عُرض مرة واحدة فقط وتم إيقافه بأمر مباشر من السرايا الملكية، إذ أنه حمل إسقاطًا سياسيًا، يُدين الذات الملكية، ويعادي نظام الحكم في مصر، وهو أول فيلم سياسي تنبأ بثورة يوليو قبل قيامها بحوالي 14 عامًا. الفيلم من إنتاج «استوديو مصر»، وبطولة ممثل مصري تعلم فن التمثيل في فرنسا ولم يقف أمام الكاميرات إلا في هذا الفيلم يُدعى حسن عزت، وقامت بالبطولة النسائية أمامه ممثلة ناشئة اسمها نادية ناجي، وحسين رياض ومحمود السباح وأحمد بيه زعيم الفلاحين، و حسن البارودي، ومن تأليف أحمد رامي وإخراج الألماني فريتز كرامب. «لاشين» قائد لجيش أحد الحكام، يدير شئون الحكم رئيس الوزراء الذي يتاجر بقوت الرعية، في حين أن الحاكم لا يقدم ولا يؤخر في شيء وهو ضعيف الشخصية متعدد العلاقات النسائية، يحاول «لاشين» تنبيه الحاكم إلى ألاعيب رئيس الوزراء، يتم القبض على «لاشين» بتهمة غوايته لجارية تحبه ويحبها ويودع في السجن، يثور الشعب الذي كان قد ضاق ذرعًا بأفعال رئيس الوزراء الظالم واستغل المجاعة للاستيلاء على السلطة، ويتم الإفراج عن «لاشين» بأيدي الشعب وتعم العدالة في البلاد.
من فات قديمه حين عرض فيلم «من فات قديمه» عام 1943، كان محط أنظار المشاهدين قبل المراقبين، حيث اعترض المشاهدون من جمهور حزب الوفد على الفيلم الذى اتهموه ب«التشهير» بزعيم الحزب مصطفى النحاس وزوجته، مما أدى إلى حذف عدد كبير من مشاهد الفيلم الذى أخرجه فريد الجندي، ثم منعه من العرض. مسمار جحا للمخرج إبراهيم عمارة، ومن تأليف أبو السعود الإبياري، وأنور وجدي، وعلي أحمد باكثير، جسد بطولته إسماعيل ياسين، عباس فارس، كمال الشناوي، عام 1952، قبل ثورة يوليو بشهرٍ واحد، وتتناول قصة الفيلم مساوئ الاحتلال وفساد السلطة الحاكمة في مصر وعلى رأسها الملك فاروق، وصدر قرار بمنع هذا الفيلم من العرض. الله معنا إنتاج 1955، عن قصة إحسان عبد القدوس، وسيناريو وحوار وإخراج أحمد بدرخان، ومن بطولة فاتن حمامة وعماد حمدي، ومحمود المليجي، وماجدة، ويناقش الفيلم الفساد في الجيش المصري في ذلك الوقت، خاصة فيما يتعلق بتوريد الأسلحة الفاسدة التي تسببت في خسارة الجيش لحرب فلسطين 1948، ما أدى إلى تذمر بعض رجال الجيش العائدين من الحرب، فقرروا الانتقام بالإطاحة بالملك؛ وعليه.. قرر عبد الناصر منع الفيلم في ذلك الوقت، خوفًا على صورة الجيش المصرى أمام الشعب، وأيضًا خوفًا من تعاطف الجمهور مع الملك فاروق، وبعد فترة أمر عبد الناصر بإزالة شخصية أول رئيس لمصر «محمد نجيب» من الفيلم، ثم سمح بعرضه. المتمردون إنتاج عام 1968، يحتل المركز 75 في قائمة أفضل 100 فيلم مصري، قصة صلاح حافظ، سيناريو وحوار، محمد عثمان، إخراج توفيق صالح، بطولة شكري سرحان، توفيق الدقن، إسكندر منسي؛ ومُنع بسبب الإسقاط على الطبقية في عهد عبد الناصر، ورفضت الشركة المنتجة توزيعه، بسبب أنه يسيء لسمعة مصر، وأجبرت الرقابة منتجيه على إضافة نهاية جديدة للفيلم وإدخال تعديلات على السيناريو حتى تسمح بعرضه. ميرامار إنتاج عام 1969، من بطولة شادية، يوسف شعبان، أبو بكر عزت، يوسف وهبي، عن رائعة الأديب العالمي نجيب محفوظ، ورفض الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، عرض الفيلم بسبب جملة «طز في الاتحاد الاشتراكي»، التي تُقال في أحد مشاهد الفيلم، ولم يستطع صناع الفيلم تقديمه إلا في عهد الرئيس أنور السادات، وذلك حسبما ذكر الفنان القدير يوسف شعبان، خلال تصريحات بحوارٍ له مع الإعلامى عمرو الليثي، في برنامج «واحد من الناس». شيء من الخوف إنتاج عام 1969، من إخراج حسين كمال، عن قصة ثروت أباظة، وسيناريو وحوار عبد الرحمن الأبنودي، وبطولة شادية، ومحمود مرسي، ويحيى شاهين، ويعرض مساوئ الحكم الديكتاتوري من خلال حاكم قاسٍ وظالم بيسط نفوذه عليهم بالقوة والضرب والتعذيب؛ وذلك عبر شخصية «عتريس» التي ظهرت كرمز للرئيس جمال عبد الناصر، ما أدى إلى اعتراض الرقابة على الفيلم وتم منعه، وصاحب ذلك جدلًا واسعًا إلى أن تم تشكيل لجنة برئاسة نائب الرئيس أنور السادات، في ذلك الوقت، لكنه لم يستطع تشكيل رأيه بشأنه، ورفعه إلى عبد الناصر، الذي بدوره شاهده أول مرة ولم يستطع تكوين رأي بشأنه، ثم شاهده ثانيةً وأجاز عرضه، قائلًا: «لو أنا كده بأعمل زي عتريس، أستاهل اللي يجرى لي، ولو كنت ببشاعة عتريس كان الناس قتلوني». العصفور إنتاج عام 1972، قصة وسيناريو حوار لطفي الخولي، بطولة محمود المليجي، محسنة توفيق، سيف عبد الرحمن، حبيبة، واعترضت الرقابة على عرضه لمهاجمته ثورة يوليو، وكاد يتسبب في سحب الجنسية من مخرجه يوسف شاهين، بعد زيادة حدة النقد والاتهامات ضده. صدر قرار منع الفيلم بسبب الإسقاط على بعض الشخصيات الموجودة في السلطة عام 1970، وتمت إجازته منتصف عام 1973 بعد توصية أحد الرقباء بحذف مشهد من الفيلم، إلا أن الرقيب الآخر رفض عرض الفيلم ليعرض بعدها ﻋﻠﻰ ﻟﺠﻨﺔ اﺳﺘﺸﺎرية من جديد، والتي أيدت قرار المنع، لكن بعد وصول الأزمة للإعلام تم الضغط وقتها على وزير الثقافة لعرض الفيلم بعد عرضه في عدد من الدول العربية أولا ليعرض عام 1974. زائر الفجر إنتاج يناير 1973، للمخرج ممدوح شكري، تم منع عرضه بعد أسبوع واحد فقط من عرضه الأول، بسبب انتقاده الوضع السياسي الذي تشهده البلاد في تلك الفترة وأداء وزارة الداخلية، والإسقاطات السياسية التي يحتوى عليها المضمون، إضافة إلى الجمل الحوارية الساخنة التي احتوى عليها مثل «البلد دي ريحتها فاحت»؛ وأصيب فريق العمل بإحباط كبير، خاصة أن ماجدة الخطيب هي التىي قامت بتحمل نفقات الفيلم كاملةً، فحاولت ماجدة الخطيب مقابلة الرئيس السادات لتطلب منه إجازة الفيلم، لكن هذا لم يحدث، الأمر الذى دفع مخرجه عزت شكري إلى الاكتئاب إلى حد الموت. الكرنك إنتاج عام 1975، عن قصة نجيب محفوظ، سيناريو وحوار ممدوح الليثي، ومن إخراج علي بدرخان، وبطولة سعاد حسني، كمال الشناوي، نور الشريف، محمد صبحي، فريد شوقي، شويكار، وتناول الفيلم مساوئ حكم نظام عبد الناصر وقمع الحريات الذي ساد في عهده، والاعتقال والتعذيب المبرح من قبل سلطات الأمن التي كانت تحكم قبضتها على البلاد، وينتقد الوضع السياسي في مصر بعد ثورة يوليو. أبرز ما عرضه الفيلم هو مشهد تعرض «زينب»، إحدى فتيات الجامعة، للتعذيب والاغتصاب على يد أحد ضباط الأمن، وهو ما أثار ضجة كبيرة عند عرض الفيلم، حتى تم منعه من العرض، ورفضت الرقابة عرضه إلا بعد تصوير مشهد بيان السجن الحربي في نهايته للتدليل على أن ما حدث لن يعود، وأن عصرًا جديدًا بدأ لن تتكرر فيه أخطاء الماضي؛ المشهد الذي كان مختلفًا تمامًا عن المشهد الحقيقي الذي صوره «بدرخان». المذنبون أُشيع حوله أنه تم منعه لأسباب أخلاقية بسبب جرأة مشاهده، ولكن في الحقيقة فإن قرار منع الفيلم من العرض كان بسبب جرأته في تناول فساد استشرى وطغى في المجتمع فسادًا، بدأته السياسة ليفسد المجتمع بأثره، فسعيد مرزوق في فيلم «المذنبون» لم يقدم فيلم «إباحي»، وإنما استغل فقط الجنس كوسيلة لتعرية نظام ومجتمع أوشك على التهاوي، عن طريق سيدة من صاحبات العلاقات المتعددة، والتي يتم اكتشاف جثتها في غرفة نومها، لتبدأ التحقيقات التي تكشف عن كم مرعب من قضايا الفساد؛ وهو ما أكده الناقد النفي عمرو شاهين. «المذنبون» فيلم دراما إنتاج عام 1975، قصة وسيناريو حوار نجيب محفوظ وممدوح الليثي، إخراج سعيد مرزوق، بطولة بطولة كمال الشناوي، وحسين فهمي، وسهير رمزي، وزبيدة ثروت، وصلاح ذو الفقار، وعادل أدهم.
وراء الشمس أُنتج الفيلم عام 1978، للمخرج محمد راضي، وهو بطولة شكري سرحان ورشدي أباظة ونادية لطفي ومحمد صبحي، وتدور أحداثه حول الأسباب الحقيقية وراء هزيمة 67 من خلال أحد كبار قادة الجيش الذي يجري تحقيقًا حول ملابسات الهزيمة، مما أدى إلى اغتياله في النهاية، وتم منعه بسبب انتقاده لقمع الحريات في تلك الفترة، وانتشار التعذيب في المعتقلات. إحنا بتوع الأتوبيس إنتاج عام 1979، قصة وسيناريو وحوار فاروق صبري، إخراج حسين كمال، بطولة عادل إمام، وعبد المنعم مدبولي، وسعيد عبد الغني، وإسعاد يونس، ويونس شلبي، وهو مستوحى من أحداث حقيقة نُشرت في كتاب «حوار خلف الأسوار» للكاتب الصحفي جلال الدين الحمامصي، وأثار هذا الفيلم ضجة في الأوساط السياسية و الفنية آنذاك، لأنه يحتوى على 20 مشهد تعذيب طلبت الرقابة حذفها، لكن الكاتب رفض، ومُنع عرضه لفترة إلا أنه عُرض بنهاية الأمر.
الغول إنتاج عام 1983، للمخرج سمير سيف، وهو من بطولة عادل إمام، نيللي، صلاح السعدني، ويصور الفيلم سيطرة رجال الأعمال على المجتمع، ومُنع الفيلم من العرض بداخل مصر وخارجها، بحجة تعرضه لأجهزة الدولة واتهامه لها بالتواطؤ مع رجال الأعمال على حساب مصالح الشعب، وتشجيعه للثورة ضد أصحاب رؤوس الأموال، كما اعتبر البعض أن مقتل «الغول» يشبه حادثة المنصة واغتيال السادات. بعد المنع؛ حضر عرض الفيلم الخاص أكثر من 500 كاتب وصحفي وناقد فني، وأكدوا أن الرقابة افترضت وجود اسقاطات بعيدة جدًا عما ورد بالفيلم، وظل الجدل مستمرًا حتى أصدر وزير الثقافة قراره بعرضه. السادات
الفيلم إنتاج أمريكي عام 1983، مكون من جزئين، ويحكي عن قصة الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وجسد شخصية «السادات» الممثل الأمريكي الأسود لويس جوست جونيور، وتبدأ قصة الفيلم عن قيام صديق أنور السادات لقتل أحد وزراء الملك الفاروق، وبعد استيلاء الضباط الأحرار على مصر في العقد الخمسين من القرن العشرين، ألقى السادات كلمته بإنهاء الاستعمار الإنجليزي وانتهاء الحكم الملكي، و اقتبس بعض اللقطات عن القوات الجوية المصرية، ومن ثم أتجه السادات إلى إسرائيل ليُقابل صديقه مناحم بيجن وذلك لغرض إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي واستعادة سيناء للجيش المصري، وتنتهي الفيلم لحادثة المنصة في 6 أكتوبر سنة 1981. طلبت السلطات المصرية من وزارة الإعلام منع عرض الفيلم بالسينما المصرية، ومنع توزيع الأشرطة في شوارع القاهرة وغيرها من المدن المصرية الرئيسية، بدعوى وجود أخطاء تاريخية، كما منعت كل الأفلام من إنتاج شركة Columbia Pictures للإنتاج بشكل مؤقت، ودعا الفنانين وعموم مجلس الشعب إلى مقاطعة الفيلم وعدم مشاهدتها نهائيًا.
البريء إنتاج 1986، قصة وسيناريو حوار وحيد حامد، إخراج عاطف الطيب، بطولة أحمد زكي، محمود عبد العزيز، جميل راتب، ممدوح عبد العليم، ورفضت وزارة الدفاع عرضه بعد أن تقدم أحد الأشخاص بشكوى يتهم فيها صناع الفيلم بتصويره داخل معتقل حقيقي، وهو ما يعد إفشاء لسر عسكري، وكذلك وزارة الداخلية رفضته بحجة أن أبطاله يرتدون نفس الملابس التي يرتديها جنود وضباط الأمن المركزي. وظل الفيلم ممنوعًا لما يقرب من 20 عامًا، إلى أن عرضته وزارة الثقافة، بعهد فاروق حسني، أبريل 2005، بدون حذف للمرة الأولى على شاشة السينما، في افتتاح مهرجان السينما القومي، تكريمًا للفنان الراحل أحمد زكي. حائط البطولات الفيلم بطولة محمود ياسين، فاروق الفيشاوي، حنان ترك، خالد النبوي، عايدة عبد العزيز، ندى بسيوني، إنتاج عام 1999، وهو من تأليف المشير محمود علي فهمي، قائد قوات الدفاع الجوي الأسبق، وسيناريو وحوار إبراهيم رشاد، وإخراج محمد راضي، وسبق عرضه ضمن برنامج العروض الخاصة لمهرجان القاهرة السينمائى الدولي ال36؛ ورغم تناول الفيلم لحرب أكتوبر المجيدة إلا أنه لم يسلم من مقص الرقيب، حيث تم منع عرضه نظرًا لعدم تركيزه على الضربة الجوية التي قادها الرئيس السابق حسني مبارك.