رئيس الوزراء: قفزة كبيرة في تحويلات المصريين بالخارج    رئيس الوزراء: الدولة أوفت بوعودها للمُصدرين.. وضاعفنا قيمة برنامج رد الأعباء    عطل فنى مؤقت فى تطبيق انستاباى وتوقف التحويلات    5G فى مصر: كل ما تريد معرفته عن الهواتف المدعومة .. السرعة والمميزات    تكريم مصر إيطاليا العقارية بجائزة شنايدر إلكتريك للاستدامة 2024 في الشرق الأوسط وأفريقيا    حكومة نتنياهو تدعو وزراء ونواب الحريديم للحفاظ على الوحدة في زمن الحرب    الإخوان على رادار الكونجرس .. تحرك أمريكى جديد لحظر "الإرهابية"    تقرير: زوارق إسرائيلية تخطف صيادا من المياه الإقليمية بجنوب لبنان    فابريجاس يوافق على تدريب إنتر ميلان خلفًا لسيموني إنزاجي    مستند جديد يشعل أزمة زيزو والزمالك ويحسم مشاركة اللاعب مع الأهلي في المونديال    مصدر ليلا كورة: الزمالك يتوصل لاتفاق لفسخ عقد نداي    تايمز: ليفربول لم يتلق أي عروض ل لويس دياز.. ولا ينوي بيعه حاليا    بعد تصعيدهم لعرفات.. الحجاج: شكرا وزارة الداخلية (فيديو)    جهود أمنية مكثفة لكشف ملابسات العثور على جثة شخص مجهول بقنا    طرح البوستر الرسمي لفيلم "آخر رجل في العالم"    محمد رمضان يطرح أغنية أنا رئيسها.. فيديو    الصحة: 58 مركزًا لإجراء فحوصات المقبلين على الزواج خلال فترة إجازة عيد الأضحى المبارك    جامعة القاهرة ترفع درجة الاستعداد القصوى وحالة الطوارئ بجميع مستشفياتها فى العيد    وزارة الصحة والسكان تؤكد التزامها بتيسير الخدمات العلاجية للمرضى في مستشفى جوستاف روسي    رئيس الوزراء: إزالة تداعيات ما حدث بالإسكندرية تمت فى أقل وقت ممكن    طريقة عمل المكرونة المبكبكة، أسرع أكلة من المطبخ الليبي    يوم عرفة.. طريقة الاستعداد وأفضل الأعمال والأدعية المستحبة    نقلوني عشان سافرت الحج.. الشيخ محمد أبو بكر يعلق على قرار نقله للوادي الجديد    لحظة تفجير جسر كيرتش بين القرم وروسيا ب2400 رطل من المتفجرات زُرعت تحت الماء (فيديو)    البنك المركزي: ارتفاع صافي الاحتياطيات الدولية إلى 48.526 مليار دولار بنهاية مايو 2025    تموين الإسكندرية: توريد 71 ألف طن قمح حتى الآن    رئيس جامعة القاهرة يتفقد الامتحانات بكليات الاقتصاد والعلوم السياسية والآداب والإعلام    مسرح الهوسابير يستقبل عيد الأضحى بعروض للأطفال والكبار.. تعرف عليها    هيئة الرعاية الصحية تعلن خطة التأمين الطبي لاحتفالات عيد الأضحى    حسام حبيب: مشكلة جودة أغنية "سيبتك" قد يكون بسبب انقطاع النت أو الكهرباء    رئيس "الشيوخ" يهنئ الرئيس السيسي بمناسبة عيد الأضحى    شيخ الأزهر يهنئ الأمة الإسلامية بعيد الأضحى ويطالب المجتمع الدولي بوقف غير مشروط للعدوان على غزة    إغلاق ميناء الغردقة البحري لسوء الأحوال الجوية    مها الصغير تتقدم بشكوى رسمية ضد مواقع إخبارية    ما تفاصيل مشروع قرار مجلس الأمن المرتقب بشأن غزة؟    «بن رمضان» في مواجهة توانسة الأهلي.. الأرقام تحذر معلول    إنتر ميلان يفتح قنوات الاتصال مع فابريجاس لتدريب الفريق    بالصور.. تامر حسني يتألق بحفل عالمي فى ختام العام الدراسي للجامعة البريطانية.. ويغني مع محمد ثروت "المقص"    مد فترة التشطيبات.. مستند جديد يفجر مفاجأة في واقعة قصر ثقافة الطفل بالأقصر    مجلس الوزراء يوافق على اتفاقية مع الاتحاد الدولي للاتصالات لتحقيق التنمية الرقمية    نجم الزمالك السابق يحذر من خماسي بيراميدز قبل نهائي الكأس    زلازل وعواصف وجفاف.. هل تستغيث الأرض بفعل تغيرات المناخ؟    الإسكندرية ترفع حالة الطوارئ بشبكات الصرف الصحي استعدادًا لصلاة عيد الأضحى    «بيحبوا المغامرة».. 4 أبراج تستغل العيد في السفر    وزير الثقافة ل«الشروق»: لا غلق لقصور الثقافة.. وواقعة الأقصر أمام النيابة    رئيس هيئة النيابة الإدارية يهنئ الرئيس السيسي بمناسبة عيد الأضحى المبارك    أول تحرك من «الطفولة والأمومة» بعد تداول فيديو لخطبة طفلين على «السوشيال»    «مباشرة لا عن طريق الملحق».. حسابات تأهل العراق ل كأس العالم 2026    تحرير 911 مخالفة للممتنعين عن تركيب الملصق الإلكتروني    «جبران»: قانون العمل الجديد يرسخ ثقافة الحقوق والحريات النقابية    مسابقة لشغل 9354 وظيفة معلم مساعد مادة «اللغة الإنجليزية»    أنشطة ثقافية ومسرح وسينما فعاليات مجانية لوزارة الثقافة فى العيد    «اللهم املأ أَيامنا فرحًا ونصرًا وعزة».. نص خطبة عيد الأَضحى المبارك 1446 ه    أيام الرحمة والمغفرة.. ننشر نص خطبة الجمعة المقبلة    زيادة الرسوم الجمركية الأمريكية على واردات الصلب والألمنيوم إلى 50% تدخل حيز التنفيذ    موعد إعلان نتيجة الصف الثالث الإعدادي 2025 في الجيزة ترم ثاني    كامل الوزير: انتقال زيزو للأهلي احتراف .. وهذا ما يحتاجه الزمالك في الوقت الحالي    «الإفتاء» تنشر صيغة دعاء الخروج من مكة والتوجه إلى منى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إنه أعز مفقود في بلاد العرب

تروي كتب التاريخ أنه في يوم بارد من ايام يناير من عام 1492م امتطى ابو عبدالله الصغير صهوة فرسه مولياً ظهره لقصر الحمراء الشهير في غرناطه في بلاد الاندلس وقد علت وجهه سحابة من الحزن وخيم على الركب الصغير صمت طويل يُنبئ عما يكتنف قلوب هذا الركب من غم شديد. سار ابو عبدالله تتبعه امه السيده عائشه وبعض من اهله وصحبه في ذلك الطريق الملتوي الطويل الذي يمر بين شعاب غرناطه وجبالها متجهاً إلى منفاه ليفارق غرناطة إلى الابد كانت الشمس قد آذنت بالغروب واخذت تعكس باشعتها الذهبية على جدران قصر الحمراء لتكتسي حجارته بصبغة حمراء باهتة فتضفي عليه سحراً وجاذبية. توقف أبو عبدالله قليلاً عند تلة صغيرة تُشرف على وادي غرناطة المكتظ ببيوته البيضاء ليلقي نظرة وداع اخيرة على مدينته الحزينة التي يتوسطها قصره الشهير.. تسارعت في ذهنه ذكريات الصبا وأيامه الجميلة التي قضاها في صالات وأروقة هذا القصر وفي حدائقه الغناء الواسعة كان يعرف ان تلك الوقفة سوف تكون الاخيرة وان تلك النظرة ستكون النهائية اذ ليس يأمل ابداً بأن يرى مدينته المحبوبة ثانية تمنى وقتها لو تطول تلك الوقفة لعله يستطيع ان يملأ عينيه بتلك المناظر الساحرة التي تثير في نفسه ذكريات الصبا إلاّ ان الحزن الذي يعتصر قلبه سرعان ما استحوذ على عينيه وإذا بهما تنهمران دمعاً ساخناً حاول جاهداً ان يخفيه عن نظرات امه الحادة التي عاجلته بذلك البيت الناري الذي تناقلته الاجيال جيل بعد جيل

إبك مثل النساء ملكاً مضاعاً .... لم تحافظ عليه مثل الرجال

ما أشبه الليله بالبارحه ان هذا البيت الذي قالته السيده عائشة ام ابو عبدالله الصغير اخر ملوك غرناطة قبل ان تسقط نهائيآ في يد فرديناند وينهي حكم المسلمين فيها وفي الاندلس ذلك البيت سُمي بالبيت القصيده لعظم وشموا معانيه وهو يختصرتاريخ أمثال أولئك الحكام .. لو كانت السيده عائشه بيننا الان لصرخت بهذا البيت بصورة مباشرة لجميع الحكام العرب ! ترى لماذا وصلت حال العرب الى هذا الدرك الاسفل في كل شئ اقتصاديا وسياسيا وثقافيا وإجتماعيا وعسكريا ؟ الامه تعيش حالة من التيه من سنين طويله بسبب حكام أحالوا دولهم الى دول فاشله أو دول بالكاد تدير الشأن اليومي لتلك البلدان واحالوا شعوبهم الى جماعات مشغولة فقط بهمها اليومي لتظل فقط على قيد الحياة .

قال لويس التاسع ملك فرنسا الذي أُسِرَ في دار ابن لقمان في المنصورة عندما غزا الفرنسيون مصر قال في وثيقة محفوظة في دار الوثائق القومية في باريس:

انه لا يمكن الانتصارعلى المسلمين من خلال حرب وانما باتباع مايلي:

1-اشاعة الفرقة بين قادة المسلمين

2-عدم تمكين البلاد العربية و الاسلامية ان يقوم فيها حكم صالح

3-افساد انظمة الحكم في البلاد الاسلامية باشاعة الرشوة و الفساد و النساء حتى تنفصل القاعدة عن القمة

4-الحيلولة دون قيام جيش مؤمن يضحي في سبيل مبادئه

5-العمل على الحيلولة دون قيام وحدة عربية

6-العمل على قيام دولة غربية في المنطقة العربية تمتد لتصل الى الغرب (وقد صنعوا إسرائيل)

وقال و.ك.سميث الخبير بشؤون باكستان: اذا أُعطي المسلمون الحرية في العالم الاسلامي

وعاشوا في ظل انظمة ديمقراطية فان الاسلام ينتصر في هذه البلاد وبالدكتاتوريات وحدها

يمكن الحيلولة بين الشعوب الاسلامية ودينها.

في عمدة كتب الفكر السياسي الإسلامي، أعني كتاب (الأحكام السلطانية) للإمام أبي الحسن الماوردي يرد ضمن واجبات الحاكم الشرعية «أن يباشر بنفسه مشارفة الأمور وتصفح الأحوال لينهض بسياسة الأمة وحراسة الملة، ولا يعول على التفويض تشاغلا بلذة أو عبادة، فقد يخون الأمين ويغش الناصح»

وهو مايشرحه الدكتور مروان محروس في كتابه (مسئولية رئيس الدولة في النظام الرئاسي والفقه الإسلامي دراسة مقارنة) قائلا «على رئيس الدولة أن يقوم بإختيار وزراء مساعدين له، وأن يراعي في إختيارهم الكفاءة والقدرة على تحمل المسئولية، ويكون إختياره على أساس الكفاءة وإلا فإنه سيكون خائنا لله ورسوله والمؤمنين، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من قلد رجلا عملا على عصابة وهو يجد في العصابة من هو أرضى لله منه، فقد خان الله ورسوله وخان المؤمنين». جاء في صحيح مسلم عن الحارث بن يزيد الحضرمي أن أبا ذر قال: قلت يارسول الله ألا تستعملني، قال: فضرب بيده على منكبي، ثم قال: «يا أبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها»، وأبو ذر هذا من الدين والورع ما لا يطاوله في ذلك أحد، وفيه يقول الرسول صلى الله عليه وسلم «ما أقلت الغبراء ولا أظلت الخضراء أصدق لهجة من أبي ذر».

إذا ماهو الحل السحري لتجاوز كل ذلك الفشل والهوان ؟ الحل هو بعودة اعز مفقود ببلاد العرب !!! إنه العدل ... العدل أي الإنصاف، وهو إعطاء المرء ما له، وأخذ ما عليه، أي إعطاء كل ذي حق حقه. وهو أمر إلهي، حيث يقول تعالى { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى} ويقول تعالى: {وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} والعدل اسم من أسماء الله الحسنى وصفة من صفاته العلى. وقد حفلت السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي عموماً بنماذج من العدل، قَلَّ نظيرها في الحضارات الغربية على مر العصور، وتروي كتب السيرة جميعاً قصة المرأة المخزومية التي سرقت أثناء فتح مكة، وأراد الرسول عليه الصلاة والسلام أن يقيم عليها الحد ويقطع يدها، فوسط أهلها أسامة بن زيد ليشفع لها عند رسول الله (ص). فلما حدَّث أسامة النبيَّ بذلك، تغير وجه الرسول عليه الصلاة والسلام وقال: «أتشفع في حدٍّ من حدود الله». ثم قام فخطب فقال: «يا أيها الناس، إنما أهلك الذين قَبْلَكُم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد. وأيم الله، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت، لقطعت يدها .

وعَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ:جَاءَ أَعْرَابِىٌّ إِلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم يَتَقَاضَاهُ دَيْنًا كَانَ عَلَيْهِ فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ حَتَّى قَالَ لَهُ أُحَرِّجُ عَلَيْكَ إِلاَّ قَضَيْتَنِى فَانْتَهَرَهُ أَصْحَابُهُ وَقَالُوا وَيْحَكَ تَدْرِى مَنْ تُكَلِّمُ قَالَ إِنِّى أَطْلُبُ حَقِّى فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم هَلاَّ مَعَ صَاحِبِ الْحَقِّ كُنْتُمْ ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى خَوْلَةَ بِنْتِ قَيْسٍ فَقَالَ لَهَا إِنْ كَانَ عِنْدَكِ تَمْرٌ فَأَقْرِضِينَا حَتَّى يَأْتِيَنَا تَمْرٌ فَنَقْضِيَكِ فَقَالَتْ نَعَمْ بِأَبِى أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَأَقْرَضَتْهُ فَقَضَى الأَعْرَابِىَّ وَأَطْعَمَهُ فَقَالَ أَوْفَيْتَ أَوْفَى اللَّهُ لَكَ فَقَالَ أُولَئِكَ خِيَارُ النَّاسِ إِنَّهُ لاَ قُدِّسَتْ أُمَّةٌ لاَ يَأْخُذُ الضَّعِيفُ فِيهَا حَقَّهُ غَيْرَ مُتَعْتَعٍ. أخرجه ابن ماجة (2426) رقم : 1857 في صحيح الجامع .

ففي كنز العمال عن أنس: أن رجلاً من أهل مصر أتى عمر بن الخطاب فقال: يا أمير المؤمنين عائذ بك من الظلم، قال: عذت معاذاً، قال: سابقت ابن عمرو بن العاص فسبقته فجعل يضربني بالسوط ويقول: أنا ابن الأكرمين فكتب عمر إلى عمرو يأمره بالقدوم ويقدم بابنه معه فقدم، فقال عمر: أين المصري، خذ السوط فاضرب فجعل يضربه بالسوط ويقول عمر اضرب ابن الأكرمين. قال أنس: فضرب فو الله لقد ضربه ونحن نحب ضربه، فما أقلع عنه حتى تمنينا أنه يرفع عنه، ثم قال عمر للمصري: ضع السوط على صلعة عمرو، فقال: يا أمير المؤمنين إنما ابنه الذي ضربني وقد استقدت منه، فقال عمر: لعمرو متى إستعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً، قال: يا أمير المؤمنين لم أعلم ولم يأتني.

و راع صاحب كسرى أن رأى عمراً .... بين الرعية عطلا و هو راعيها

وعهده بملوك الفرس أن لها ... سوراً من الجند و الأحراس يحميها

رآه مستغرقا في نومه فرأى .... فيه الجلالة في أسمى معانيها

فوق الثرى تحت ظل الدوح مشتملا .... ببردة كاد طول العهد يبليها

فهان في عينه ما كان يكبره .... من الأكاسر والدنيا بأيديها

و قال قولة حقٍ أصبحت مثلا .... وأصبح الجيل بعد الجيل يرويها

أمنت لما أقمت العدل بينهم .... فنمت نوم قرير العين هانيها

وذات يوم، اختلف الإمام علي بن أبي طالب وهو أمير للمؤمنين مع يهودي في درع فذهبا إلى القاضي وقال الإمام علي إن هذا الدرع الذي مع اليهودي هو درعي ولكن اليهودي أنكر ذلك فطلب القاضي من الإمام علي أن يحضر شهود أو بينه فأحضر ولده الحسين ولم يكن عنده شاهد آخر، فحكم القاضي بالدرع لليهودي فتعجب اليهودي كيف يحكم القاضي على أمير المؤمنين ! فتأثر اليهودي أيما تأثر من هذا العدل وقال: صدقت والله يا أمير المؤمنين إنها لَدرعُكَ لقد سَقَطَتْ عن جملٍ لك فالتقطتُها أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فأعطاه الإمام علي الدرع فرحاً بإسلامه.

يقول المؤرخ إبن خلدون ( إذا إختل ميزان العدل أو فُقد في بلد ما فهذا مُؤذن بخرابها ) فالعدل أساس الملك فبالعدل تقوى دعائم المجتمع ويأمن الناس على أنفسهم وأموالهم وأعراضهم والعدل يوفر الأمان للناس جميعاً على حد سواء ضعيفهم وقويهم فقيرهم وغنيهم، حاكمهم ومحكومهم ويحمي الحقوق والأعراض والأملاك ويشيع الطمأنينة في المجتمع وينفي الظلم عنه ... تروي كتب التاريخ أن أحد الولاة كتب إلى الخليفة عمر بن عبدالعزيز يطلب منه مالاً ليبني سوراً حول عاصمة الولاية فأجابه عمر :

(وماذا تنفع الأسوار؟ حصِّنها بالعدل ونقِّ طُرُقها من الظلم .) لما ولي عمر إبن عبدالعزيز الخلافه كتب الى الامام الحسن البصري ليكتب له عن صفة الامام العادل فأجابه الامام الحسن بهذه الرساله : من الحسن البصرى إلى عمر بن عبد العزيز اعلم يا أمير المؤمنين أن الله قد جعل الامام العدل قوام كل مائل وقصد كل جائر( أي هو الذي يحمل الجائر على القصد و عدم الظلم ) وصلاح كل فاسد ، وقوة كل ضعيف ، ونصفة كل مظلوم ، ومفزع كل ملهوف . والإمام العدل يا أمير المؤمنين كالراعى الشفيق على إبله , الرفيق الذى يرتاد لها أطيب المراعى, ويذودها عن مراتع الهلكة ، ويحميها من السباع ويكنها من أذى الحر والقر( البرد الشديد ) , والإمام العدل يا أمير المؤمنين كالأب الحانى على ولده يسعى لهم صغارا ويعلمهم كباراً, ويكتسب لهم فى حياته ويدخر لهم بعد مماته ، والإمام العدل يا أمير المؤمنين كالأم الشفيقة البرة الرفيقة بولدها حملته كرها ووضعته كرها وربته طفلاً، تسكن بسكونه ، ترضعه تارة وتقطعه أخرى، وتفرح بعافيته وتهتم بشكايته ، والإمام العدل يا أمير المؤمنين كوصى اليتامى وخازن المساكين يربى صغيرهم ويمون كبيرهم . والإمام العدل يا أمير المؤمنين كالقلب بين الجوانح تصلح الجوانح بصلاحه وتفسد بفساده ، والإمام العدل يا أميرالمؤمنين هو القائم بين الله وبين عباده يسمع كلام الله ويسمعهم ، وينظر إلى الله ويريهم ، وينقاد إلى الله ويقودهم « فلا تكن يا أمير المؤمنين كعبد ائتمنه سيده واستحفظه ماله وعياله ، فبدد المال وشرد العيال ، فأفقر أهله وفرق ماله . واعلم يا أمير المؤمنين أن الله أنزل الحدود ليزع بها عن الخبائث والفواحش ، فكيف إذا أتاهم من يليها، وأن الله أنزل القصاص حياة لعباده ، فكيف إذا قتلهم من يقتص لهم . واذكريا أمير المؤمنين الموت وما بعده ، وقلة أشياعك عنده , وأنصارك عليه فتزود له ، ولما بعده من الفزع الأكبر، واعلم يا أمير المؤمنين أن لك منزلا غير منزلك الذى أنت فيه ، يطول فيه ثواؤك ( أي مقامك ) ، ويفارقك أحباؤك ، يسلمونك فى قعره فريدا وحيدا، فتزود له بما يصحبك : ﴿ يوم يفر المرء من أخيه ء وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه ﴾ واذكر يا أمير المؤمنين إذا بعثر ما فى القبور وحصل ما فى الصدور، فالأسرار ظاهرة ، والكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، فالآن يا أمير المؤمنين وانك فى مهل ، وقبل حلول الأجل ، وانقطاع الأمل . لا تحكم يا أمير المؤمنين بحكم الجاهلين ، ولا تسلك بهم فى سبيل الظالمين ، ولا تسلط المستكبرين على المستضعفين ، فإنهم لا يرقبون فى مؤمن إلاً ولا ذمة ، فتبوء بأوزارك وأوزار مع أوزارك ، وتحمل أثقالك وأثقالاً مع أثقالك ، ولا يغرنك الذين يتنعمون بما فيه بؤسك ، ويأكلون الطيبات فى دنياهم بذهاب طيباتك فى آخرتك ، لا تنظر إلى قدرتك اليوم ، ولكن انظر إلى قدرتك غدا، وأنت مأسور فى حبائل الموت ، وموقوف بين يدى الله فى مجمع الملائكة والنبيين والمرسلين ﴿ وعنت الوجوه للحى القيوم﴾ وإنى يا أميرالمؤمنين ، وان لم أبلغ بعظتى ما بلغه أولو النهى من قبلى لم آلٌ شفقة ونصحا، فأنزل كتابى عليك كمداو حبيبه يسقيه الأدوية الكريهة ، لما يرجو له من العافية والصحة . . والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته 0"

الايقرأ الحاكم العربي الايه الكريمه (الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) ألا يخاف هول ذلك اليوم !!! ألا يقرأالحاكم العربي الايه الكريمه ( وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ * يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ * وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ * أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ )

وعَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : بَنَى جَبَّارٌ مِنْ الْجَبَابِرَةِ قَصْرًا وَشَيَّدَهُ فَجَاءَتْ عَجُوزٌ فَقِيرَةٌ فَبَنَتْ إلَى جَانِبِهِ شَيْئًا تَأْوِي إلَيْهِ ، فَرَكِبَ الْجَبَّارُ يَوْمًا وَطَافَ حَوْلَ الْقَصْرِ فَرَأَى بِنَاءَهَا ، فَقَالَ لِمَنْ هَذَا ؟ فَقِيلَ : لِامْرَأَةٍ فَقِيرَةٍ تَأْوِي إلَيْهِ فَأَمَرَ بِهَدْمِهِ فَهُدِمَ فَجَاءَتْ الْعَجُوزُ فَرَأَتْهُ مَهْدُومًا ، فَقَالَتْ : مَنْ هَدَمَهُ ؟ فَقِيلَ لَهَا الْمَلِكُ رَآهُ فَهَدَمَهُ ، فَرَفَعَتْ الْعَجُوزُ رَأْسَهَا إلَى السَّمَاءِ وَقَالَتْ يَا رَبِّ أَنَا لَمْ أَكُنْ حَاضِرَةً فَأَنْتَ أَيْنَ كُنْت ؟ قَالَ : فَأَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ جِبْرِيلَ أَنْ يَقْلِبَ الْقَصْرَ عَلَى مَنْ فِيهِ فَقَلَبَهُ

فعلا إنه أعز مفقود في بلاد العرب بفقده تردت حال أمة العرب الى ما وصلت اليه ....

إنه العدل . وما أصدق أبو العتاهيه حين قال :

ستعلم يا ظلوم إذا التقينا .... غداً عند الإله من الظلوم

أما والله إنَّ الظُّلم شؤمٌ .... وما زال المسيء هو الظَّلوم

إلى دياَّن يوم الدّين نمضي .... وعند الله تجتمع الخصوم

ستعلم في الحساب إذا التقينا .... غداً عند الإله من الملوم


حمد بن عبدالرحمن الصغير
السعوديه


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.