متحدث مجلس الوزراء: الدولة لن تستبعد أي أسرة من منظومة الدعم بسبب عدد أفرادها    نشأت الديهي: الفريق كامل الوزير استُقبل كالأبطال في جيبوتي.. والدولة يقظة لأمنها القومي    الداخلية السورية: احتجاجات الساحل نتيجة دعوات انفصالية    إسرائيل تعلن توقيع برنامج عسكري مع اليونان وقبرص الرومية لعام 2026    وزير الخارجية عن أعباء استضافة اللاجئين: أبلغنا شركاءنا بحدود قصوى لما يمكن تحمله    التعادل يحسم مواجهة الكاميرون وكوت ديفوار في قمة مثيرة بكأس الأمم    وفاة وكيل نيابة إدارية وإصابة موظفين في حادث تصادم عقب فرز لجنة انتخابية بقنا    بالصور.. كلاسيكو خاص على هامش مواجهة الكاميرون وكوت ديفوار في كأس الأمم    قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم قرية عابود شمال غرب رام الله بالضفة الغربية    محافظ الفيوم يتابع غلق لجان التصويت في اليوم الثاني لانتخابات النواب بالدائرتين الأولى والرابعة    القضاء الإداري يُلغي قرار نقيب الموسيقيين بمنع هيفاء وهبي من الغناء    مدير مكتبة الإسكندرية يوزع جوائز المبدعين الشباب 2025    رئيس وزراء الصومال: نستخدم القنوات الدبلوماسية للدفاع عن أرضنا ووحدتنا    حكومة بريطانيا في خطر بسبب علاء عبد الفتاح.. أحمد موسى يكشف مفاجأة(فيديو)    تامر أمين ينتقد أداء الأهلي بعد الخروج من كأس مصر: المشكلة غياب الروح    التشكيل الرسمى لقمة كوت ديفوار ضد الكاميرون فى بطولة كأس أمم أفريقيا    المستشار إسماعيل زناتي: الدور الأمني والتنظيمي ضَمن للمواطنين الاقتراع بشفافية    أشرف الدوكار: نقابة النقل البري تتحول إلى نموذج خدمي واستثماري متكامل    تفاصيل وفاة مُسن بتوقف عضلة القلب بعد تعرضه لهجوم كلاب ضالة بأحد شوارع بورسعيد    الكونغو الديمقراطية تفوز بتنظيم بطولة أفريقيا للكرة الطائرة للرجال    بوليسيتش يرد على أنباء ارتباطه ب سيدني سويني    تفاصيل اجتماع وزير الرياضة مع اتحاد رفع الأثقال    ترامب يعلن وقف الحرب بين تايلاند وكمبوديا    القضاء الإداري يسقِط قرار منع هيفاء وهبي من الغناء في مصر    عاجل- رئيس الوزراء يستقبل المدير العام للمركز الأفريقي لمكافحة الأمراض ويؤكد دعم مصر لاستضافة الآلية الأفريقية للشراء الموحد    الأزهر للفتوي: ادعاء معرفة الغيب والتنبؤ بالمستقبل ممارسات تخالف صحيح الدين    سكرتير مساعد الدقهلية يتفقد المركز التكنولوجي بمدينة دكرنس    نائب محافظ الجيزة يتفقد عددا من المشروعات الخدمية بمركز منشأة القناطر    «مراكز الموت» في المريوطية.. هروب جماعي يفضح مصحات الإدمان المشبوهة    هذا هو سبب وفاة مطرب المهرجانات دق دق صاحب أغنية إخواتي    جامعة بنها تراجع منظومة الجودة والسلامة والصحة المهنية لضمان بيئة عمل آمنة    شوط سلبي أول بين غينيا الاستوائية والسودان في أمم أفريقيا 2025    نجاح أول عملية قلب مفتوح بمستشفى طنطا العام في الغربية    محافظ الجيزة يشارك في الاجتماع الشهري لمجلس جامعة القاهرة    سقوط عنصرين جنائيين لغسل 100 مليون جنيه من تجارة المخدرات    «اليوم السابع» نصيب الأسد.. تغطية خاصة لاحتفالية جوائز الصحافة المصرية 2025    محمود عاشور حكمًا لل "VAR" بمواجهة مالي وجزر القمر في كأس الأمم الأفريقية    هيئة سلامة الغذاء: 6425 رسالة غذائية مصدرة خلال الأسبوع الماضي    وزير الإسكان: مخطط شامل لتطوير وسط القاهرة والمنطقة المحيطة بالأهرامات    نقابة المهندسين تحتفي بالمهندس طارق النبراوي وسط نخبة من الشخصيات العامة    إسكان الشيوخ توجه اتهامات للوزارة بشأن ملف التصالح في مخالفات البناء    وزارة الداخلية تضبط 4 أشخاص جمعوا بطاقات الناخبين    قضية تهز الرأي العام في أمريكا.. أسرة مراهق تتهم الذكاء الاصطناعي بالتورط في وفاته    رسالة من اللواء عادل عزب مسئول ملف الإخوان الأسبق في الأمن الوطني ل عبد الرحيم علي    صاحب الفضيلة الشيخ / سعد الفقي يكتب عن : شخصية العام!    " نحنُ بالانتظار " ..قصيدة لأميرة الشعر العربى أ.د.أحلام الحسن    الجمعية المصرية للمأثورات الشعبية تحتفل بيوبيلها الفضي.. 25 عامًا من العطاء الثقافي وصون التراث    من مخزن المصادرات إلى قفص الاتهام.. المؤبد لعامل جمارك بقليوب    قيادات الأزهر يتفقدون انطلاق اختبارات المرحلة الثالثة والأخيرة للابتعاث العام 2026م    لتخفيف التشنج والإجهاد اليومي، وصفات طبيعية لعلاج آلام الرقبة والكتفين    دار الإفتاء توضح حكم إخراج الزكاة في صورة بطاطين    أبرز مخرجات الابتكار والتطبيقات التكنولوجية خلال عام 2025    بدون حبوب| أطعمة طبيعية تمد جسمك بالمغنيسيوم يوميا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم فى سوهاج    هيئة الرعاية الصحية تستعرض إنجازات التأمين الصحي الشامل بمحافظات إقليم القناة    لافروف: روسيا تعارض استقلال تايوان بأي شكل من الأشكال    الناخبون يتوافدون للتصويت بجولة الإعادة في 19 دائرة ب7 محافظات    أول تعليق من حمو بيكا بعد انتهاء عقوبته في قضية حيازة سلاح أبيض    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإِخْوَانُ المُسْلِمُوْن والامْتِلاءُ السِّيَاسِيُّ
نشر في المصريون يوم 04 - 04 - 2012

حفظ المشهد السياسي في مصر بعد عامها الأول من مخاضها الثوري بعض صور للتحول الديموقراطي ، كان أبرزها الظهور الشرعي غير المحظور لجماعة الإخوان المسلمين، فعقب نجاح الثورة مباشرة شاهدنا انتفاء قرار الحظر والمنع والرفض السياسي والمجتمعي لجماعة الإخوان المسلمين التي كانت محظورة دون أحكام قضائية أو حزبية تبيح الحظر أو فك الحظر .. ومع ذلك قبلنا لأننا نعيش عهد الربيع الثوري ، كما أن للجماعة تاريخاً سياسياً مشهوداً ضارباً في التاريخ المصري منذ ثمانين عاماً.
وبعدها بقليل أصبح للجماعة ذراع سياسي هو حزب الحرية والعدالة الذي استطاع رغم ولادته الحديثة والمبكرة كحزب سياسي أن يحصد المقاعد التاريخية للحزب الوطني المنحل سواء في مجلس الشعب أو مجلس الشورى وهو يتعهد بتحقيق مطالب الثورة من العيش والحرية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية .
وبالفعل نجح الحزب برعاية الجماعة التاريخية الضاربة في النضال الوطني لأكثر من ثمانين عاماً في تحقيق الحرية والعدالة سواء من حيث الاسم الذي يمثله الحزب نفسه ( الحرية والعدالة ) أو من حيث تحقيق الديموقراطية حيث سمحوا للتيارات السلفية والليبرالية وحفنة قليلة من الأقباط واليساريين أن يتواجدوا في مقاعد البرلمان ومن ثم فهم بذلك يسعون إلى المشاركة لا المغالبة .
وفي كل يوم وليلة نفاجأ بقيادات الحزب الذين هم بالضرورة المنطقية يمثلون قيادات الجماعة يؤكدون بأنهم اختيار الشارع وأن وجودهم في سدة السلطة التشريعية والرقابية جاء بطريقة شرعية وليست عرفية أو مزورة من خلال ثقة المواطن في الجماعة ككيان سياسي ديني وكذلك ثقتهم في رموز الجماعة والحزب .. ولا أعرف على حد اليقين لماذا يريد الحزب دائما الوقوف في موضع المدافع عن نفسه وتبرئة أعضائه من اتهامات مستدامة ، في الوقت الذي ينبغي عليهم العمل بالمشاركة للارتقاء بهذا الوطن الذي بدأ بالفعل في انهياره وتقويضه بسبب كل مظاهر الانفلات الراهنة .
وأصبح اليوم الهم الأول لقيادات الجماعة والحزب السياسي الوليد هو الحديث عن وجود مخططات لتشويه صورة الحزب لدى المواطنين وأن هناك مساعٍٍ جادة مسمومة من قبل اللهو الخفي أو الطرف الثالث أو الدول العربية أو أي جماعة أخرى تشعر بالغيرة فتعمل على إسقاط مكانة الجماعة والحزب في المشهد المجتمعي .
ولكن كم كنت أتمنى أن تراجع الجماعة نفسها بعد هذا الصعود السياسي والمد الاجتماعي الرهيب الذي تحقق لها وقت الصعود ، بدلاً من أنها الآن أصبحت مهمومة بالرد على الاتهامات والانتقادات التي توجه إليها ، وجملة الافتراءات التي تلتصق بها ليل نهار ، وحقاً إن المشكلة الرئيسة في أن الجماعة لم تستوعب الدرس جيداً من الوريث السابق جمال مبارك في وصوله الحصري والسريع إلى مقعد الحل والعزم والفك والربط في الشأن السياسي المصري ، وهذا الوصول السريع ليس كفيلاً أن يعقبه السقوط ،مادامت الجماعة قادرة على الصمود أمام التحديات السياسية والاقتصادية التي تقوض هذا الوطن الجميل ، ولكن كان ينبغي أن يعقبه التدبر والتأمل في عملية الصعود السياسي تلك ، ومن ثم محاولة تأويلها وتعرف ما تم تحقيقه على مستوى الجماعة وما لم يتحقق بعد على المستوى الجماهيري والشعبوي .
وتوقع هجمة شعبوية ضد جماعة الإخوان المسلمين وحزبها السياسي كان أمراً منتظراً أو بصورة أخرى رهن الانتظار ، فمصر الآن تحيا ثقافة رفض الكل للكل ، وأحياناً لا يجيد المرء سوى الرفض والمعارضة والهجوم ودرء العيش في سلام مطلق ، هكذا حال الجماعة ورافضينها الآن ، فبين انتظار طويل للانضمام لجموع الثوار والمتظاهرين لإسقاط النظام كان موقفها ، وأيضاً موقف بعض التيارات الأخرى حتى نكون منصفين للجماعة رغم إعلانها بأنها أولى القوى السياسية التي وقفت أمام جبروت نظام مبارك البائد ، والحق أقول كان هذا مشهوداً في جلسات مجلس الشعب قبل المزور .
ثم جاء اتهام جديد للجماعة في تركها بعض الحوادث الانفلاتية في الشارع المصري ، ومظاهرات الثوار في شارعي محمد محمود والشيخ ريحان بينما اهتمت بتحشيد الجموع نحو غزوة الصناديق وهم يذكرونني بذلك بالرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش حينما أعلن أن الحرب على الإرهاب حرب صليبية مقدسة ، ولكن ألا تكون الغزوة ضد المغاير في العقيدة والتوجه ونحن أبناء وطن مسلم بطبيعته ويأبى أن ينتزع منه أحد هذه الخصوصية الدينية ؟! ..
ثم عادت الجماعة متمثلة في حزبها السياسي الوليد مقارنة بأحزاب كالوطني المنحل والوفد والتجمع على سبيل المثال في رفضها المطلق لسياسات وزارة الداخلية ومن ثم تحريك بعض القضايا الخلافية باتجاه الوزارة كلحية الضابط مثلاً ، ثم حرص نواب الحزب المستدام على استجواب وزير الداخلية في حوادث الانفلات الأمني وكأنهم بذلك ينتقمون من زمن حبيب العادلي ورجاله في صورة هذا الوزير المحترم الذي يذكرني بالوزير الأكثر احتراماً أحد رشدي وزير الداخلية الأسبق ، بالرغم من أنني كنت أفضل أن يقوم الحزب بإعداد خطة مقترحة لتطوير عمل الوزارة على أن يقوموا بنشرها في جريدة الحزب أو من خلال مطويات ورقية أو إرسالها بالبريد السريع للوزارة عل الأخيرة تنظر فيها وتأخذ بها بدلاً من النقد المستدام الذي لا يأتي بجديد.
وبعد ذلك جاء الرفض الحزبي للجماعة لأداء الحكومة المعروفة إعلامياً بحكومة الإنقاذ ، وهذا التباطؤ الذي لا أعلم أهو مقصود متعمد أم هو سمة متأصلة في حكومات مصر ، وقلة إنجازاتها ، ومن ثم الإعلان عن ضرورة سحب الثقة من الحكومة لأنه بعبارة دارجة محلية : الجمهور عاوز كده ! ، وهم يقصدون بذلك الجمهور الشارع المصري ، وأن الحكومة عجزت عن الوفاء بمطالب الشعب ، رغم أن للشعب نفسه مطالب في أعناق نواب الحرية والعدالة . وبات التهديد اليومي من قبل الحزب لحكومة الدكتور الجنزوري ووزرائها ، والتغافل شبه اليومي ايضاً من قبل لحكومة في الاستماع لشكوى الجماعة ، وكأن لسان حالهما معاً طبقاً للمثل الدارج : أذن من طين وأذن من عجين .
ثم جاء الفصل الأخير من فقه المعارضة لدى الجماعة حينما بدأت في إعلان غضبها من المجلس العسكري الذي لا يُمَكِّن من تحقيق الديموقراطية ، وأنه يقف حجر عثرة في طريق السلطة المدنية والحكم الدني ، ولابد من تحديد دقيق وجامع مانع لمفهوم المدنية والسلطة المدنية التي يشوبها الكثير من اللغط والجدال سواء على مستوى النظرية والتطبيق .
لكن المعنى السري للسلطة المدنية عند الجماعة هو إسقاط أية حكومة عسكرية وأية سلطة عسكرية ، وتجميد ما هو عسكري الأمر والنهي ، وإحلال سلطة أخرى لا تعرف رموز النجوم والنسور والسيفين . ولا أنكر أنني أعيب على الجماعة هذا اللغط الإعلامي بين قيادات حزبها السياسي و قائد شرطة دبي الفريق ضاحي خلفان ، حيث إن الأخير وضع أعضاء الجماعة والمنتمين لها ضمن عملاء الخليج الذين يسعون لتقويض الحكم وإسقاطه في دول مجلس التعاون ، ومن وقتها يكفيك أن تطالع بعضاً من الصحف الخليجية حتى تقرأ أن للجماعة مخططاً سيبدأون في تنفيذه في مطلع العام القادم لإسقاط الحكومات هناك ، وكان من الأحرى ألا تقحم الجماعة نفسها في معارك خارجية والوطن نفسه في احتياج شديد لكل جهد صادق من أجلها . .
وإذا سألت الحزب عن هذه المطالب التي ظهرت فجأة على ساحة المشهد السياسي فإنهم يبادرون القول بأن هذه هي مطالب ومقاصد الشعب ، أي العودة من جديد إلى قاعدة الجمهور عاوز كده ، وباعتباري من الجمهور المصري غير المنتمي للجماعة ولا الحزب اللهم سوى الإعجاب بفكر الإمام المرشد حسن البنا ( رحمه الله ) ونهجه في العمل الاجتماعي الذي لم يحظ بالقدر الكافي من الاهتمام حتى الآن ، فلي بعض المطالب ليست تلك المتعلقة بحجب المواقع الإباحية التي لم تعد تهلك فكر وعقل الشباب لأنه مشغول بالفعل بالثورة والتغيير ، ولا الحمى القلاعية التي تفتك دونما استحياء بثروتنا الحيوانية لأن وزير الزراعة نفسه لا يمتلك حقيقة واحدة عن هذا المرض اللعين سوى جملة من الاتهامات حول تهريب أبقار من إسرائيل وحدود ليبيا ، والشاطر يبقة يدور .. ولا الانفلات الأمني وتقويض ظاهرة البلطجة ، لأنني باختصار أصبحت اعتاد منظر البلطجية وهم يقتحمون حياتي ..
ولكن المطالب الحقيقية هي هذا الحلم الذي عقد ببرلمان كنا نظن أنه برلمان الثورة ، ثم ما لبث أن تحول إلى برلمان المرجعية الدينية ولم تكن مطالبه حتى الآن دينية ، فلم نسمع عن قانون دور العبادة ، أو خطة تطوير وزارة الأوقاف ، أو تجديد الأزهر الشريف الذي هو تائه بالفعل بين تبعيته لرئيس مجلس الوزراء واتصاله بالأوقاف ، وغيابه المشهود عن قضايا الشارع وفقه المجتمع .
ثم استحال بعد ذلك إلى ساحة للمعارك الكلامية والتشفي والتشدق بالكلمات الرنانة والقضايا غير المثيرة كنقل الرئيس السابق إلى طرة من عدمه ، ولم ينقل ، أو عن متابعة الهاربين في قضية التمويل الأجنبية ولم يعودوا، أو باحتجاز الهاتف المحمول لعلاء مبارك واللاب توب الخاص بأحمد عز ، وهل الدوري سيلغى أم لا هذا الموسم ، أو عن مذبحة بورسعيد التي راح ضحيتها مواطني بورسعيد أنفسهم وليس الألتراس.. والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل ..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.