قلبى يأكلنى على الوطن، انظر إلى الخريطة فأرى الفوضى تضرب بجنباته شمالاً وجنوبًا وغربًا وشرقًا وعمقًا، اضطرابات، مشاجرات، قطع طرق، طوابير على الخبز والوقود، خطف، قتل .. أسأل نفسى هل حقا عادت مصر إلى عصور الظلام؟ !، وهل يجب تغيير لوحة "أدخلوا مصر إنشاء الله آمنين" من مطار القاهرة ؟!، طيب وكيف سنغيرها من القرآن الكريم !! .. ومن المسئول عن هذه الحالة؟ من الذى يكره الوطن لهذه الدرجة حتى نصل إلى هذا الوضع . كنت أعيد قراءه كتاب الرائع محمود السعدنى "مصر من تانى"، ووجدت أن مصر صابرة، قاهرة، مر عليها ظروفا صعبة حتى أن الناس كانت تلتقط الجيف من الطريق وتأكلها، ولكنها مع ذلك لم تسقط، ولم يستسلم شعبها الطيب . أنظر لحال البلاد وأقول لنفسى، هل معقول أن ما حدث فى 25 يناير ثورة، طيب لو كانت ثورة فلماذا كل ما نعانيه من آلام، وإذ لم تكن ذلك فلماذا كانت كل هذه التضحيات ؟ !، العالم أجمع أعترف بأن ما حدث فى مصر ثورة، هى الأروع فى التاريخ، ولكن هناك من ينكرها علينا، يستكثرها على هذا الشعب، كانوا يعتقدون أنه شعب خانع، مستسلم، لا يثور، كانت عصابة تحكم وتتحكم، وتبيع وتشترى، تركوا البلاد قاعا صفصفا، أسأل نفسى كل يوم أين التنمية التى كانوا يصدعون بها أدمغتنا صباح مساء، أين كرامة الإنسان المصرى التى خلطوها بالتراب؟، أتذكر موقف الرئيس المخلوع من مشكلة المصريين فى قطر منذ سنوات، عندما رد قائلا " مين قال لهم يروحوا "، أتذكر الشباب الذى أبتلعه البحر بحثا عن لقمة عيش، أتذكر من ماتوا قهرا وكمدا ومرضا، أتذكر الوطن الذى أصبح عزبة خاصة لمن يملكون أكثر، أتذكر من قتلوا فى أقسام الشرطة ومقار أمن الدولة . المشكلة يا سادة فى رأيى ، أن الثوار تعاملوا ببراءة سياسية مع الحدث، وكان يجب أخذ تدابير أكثر عنفًا وعدوانيه مثل كل الثورات، كان يجب تشكيل محاكمات ثورية لرموز النظام السابق، الذى فسدوا وأفسدوا، لقد أعتقد شباب الثورة أن مبارك شخص واحد، بمجرد الإطاحة به سيسقط الفساد، ولكن أتضح انه نظام كامل، ورم سرطانى متغلغل حتى فى بيوتنا، من يصدق إننا ما زلنا نلف، وندور حول نفس الدائرة، مر على الثورة أكثر من عام، ولم يحدث شىء، كل الملفات مؤجلة، المحاكمات عبثية، استرداد الأموال محلك سر، التطهير لم يصل إلى بوابات الداخلية، قتلة المتظاهرين حصلوا على براءة، وربما يتم إدانة الشهداء، حتى ملف الرئاسة تحول إلى مسلسل هزلى، وأخشى ما أخشاه أن يعود مبارك إلى الحكم من جديد بعد أن يحصل على البراءة !. لقد أنكروا على الشعب ثورته، يمارسون ضده العقاب الجماعى، يرفضون لهذا المواطن أن يعيش بكرامة، دون أن يتسيده أحد، وما زاد الطين بلة، والقش ولعة، أنهم يمارسون لعبة الوقيعة، يشعلون الحرائق هنا وهناك، يعتقدون أنهم سيخمدون إرادة هذا الوطن، ولكن هيهات .. ماذا فعلت الثورة إذن .. الزمن وحدة كفيل بالإجابة .. [email protected]