مدينة الزاوية : هى مدينة صغيرة تقع بين العاصمة الليبية طرابلس و الحدود التونسية , تبعد عن العاصمة طرابلس بحوالي 48 كم، يحدها غربا مدينة صرمان و شرقا قرية صياد و جنوبا جبال نفوسة . عرفت مدينة الزاوية بإسم الزاوية الغربية لتميزها عن الزاوية البيضاء ( مدينة البيضاء حاليا ) , ولكثرة إنتشار الزوايا الصوفية بها و مكاتب تحفيظ القرآن . يقطن الزاوية العرب و البربر , و هى كمدينة تحمل الطابعين القبائلى و العشائرى معا , تاريخيا عرفت الزاوية باشتباكها مع الاستعمار الايطالى عدة مرات , لذا سعى الاستعمار الايطالى لبسط سيطرته بعنف و قوة على أهلها , موقعا الكثير من الشهداء و منفذا سياسة الاعدامات الجماعية بسكانها . موقع الزاوية الحيوى , كميناء تجارى يتوسط و يطل على العاصمة الليبية طرابلس جعلها من الخطورة و الأهمية الاستراتيجية لتكون هدفا و مطمعا للمستعمر الايطالى قبلا ثم القذافى . مدينة الزاوية التى حاربت معارك عديدة ابرزها معركة بئر الغنم , معركة الراس الأحمر , معركى القبى بالحوشى , معركة القطار , معركة السكومة , كانت من اوائل المدن التى ضربت مثال البطولة حينها بمجاهديها ممن عقدوا ارجلهم خوفا من أن تحدثهم نفوسهم بالفرار من المعركة , كانت المدينة الأولى فى غرب ليبيا التى خرجت من سيطرة القذافى و أعلنت رفضها له . غراتسيانى نفسة أعترف بخطورة الزاوية و اهلها و صلابتهم فلم يحتلها الا بعد أن اثخنته بالجراح و القتلى , أعادت الزاوية كتابة التاريخ بصمودها أمام طاغية العصر القذافى لأكثر من 10 ايام قبل أن يحتلها ايضا . هذا الصمود الأسطورى , الذى كان يهزنا دوما عندما نسمع أحد الرجال من المدينة المحاصرة البطلة يتكلم على الجزيرة , كنا نسمع الحقائق المرعبة , بأن رجال القذافى يأخذون النساء و الاطفال رهائن بل دروعاً بشرية . الزاوية : هى أول مثال ضرب على وحشية القذافى و زبانيتة , حيث كان يتم تصفية المدنين و المواطنين سواءا بسواء فى الشوارع , تم إعدام الجرحى فى المستشفيات . لا نعلم حتى الان كم عدد من قتل , أُعدم , صفى , أو أعتقل أو اختفى . فلا إعلام سمح له بتجاوز الحصار الأمنى المكمم لأفواه الإعلاميين لينقل لنا صورة المدينة الصامدة البطلة . أتذكر أحد أصدقائى الليبين يتكلم مع صديق له فى الزاوية لترد عليه ابنته ذات ال14 عاما لتعلن " استشهد و نحن من نرفع السلاح الان " .... القذافى و زبانيته تركوا الزاوية قاعا صفصفا من كل من حلم يوما بالحرية او أن ينال نصيبة من الإنسانية , هذه المدينة التى لم يقدر لها ان تعرض مأساتها , أو يقدر للعالم أن يعلم ماذا حدث بها و أضحت منسية لهول ما إرتكب القذافى من جرائم أخرى , تستحق منا أن نتوقف لنعلن للعالم ان الزاوية سطرت ملاحم الجهاد مرة أخرى بمعركة صمود لا نعلم ماذا حدث هناك فأبطالها شهداء لن يتحدثوا ببطولاتهم او ملامح انتصاراتهم . قد ينسى أحدهم الزاوية و لكنى لن أنسى ابدا ان وسط مدينة الزاوية كان محرما على سيطرة قوات القذافى و مرتزقتة حتى قام بإبادة الثوار فيه . القذافى , اتى برجال الاعلام الغربى الذين كان يحتجزهم فى فندق بعد أن أصلح و دهن و لون الارض المخضبة بدماء ابناء المدينة ليحاول أن يعلن بهم للعالم " أن الزاوية دوما ستظل خضراء , تابعة له " و لكننا و كل من فى ليبيا يعلمون أن الزاوية كانت حمراء ملئى بالابطال . أكتب هذا المقال مع الإعتذار لهذه المدينة فى بعيد استعادتها مرة أخرى بيد ابناء أهلها , مطالبا إياهم أن يكشفوا للعالم عما فعل الطاغية بها .