ظهرت في مصر خلال الفترة الأخيرة حالة خلاف بين المؤيدين والمعارضين لملكية "جزيرتي"تيران وصنافير" تحول إلى صدام تزايدت حدته يوما بعد يوم،خاصة مع اقتراب موعد الحسم القضائي لملكية الجزيرتين . ومع بدا مجلس النواب النظر في اتفاقية الجزيرتين ينبئ تصاعد الخلاف بتطورات سلبية على مسار العلاقة بين المؤسسات المصرية تشريعية وقضائية، بل وداخل المؤسسة البرلمانية نفسها والتي تشهد انقساما غير مسبوق بين الأعضاء الذين انتخبوا في الأشهر الأخيرة من عام 2015. وجمع نواب برلمانيون من تكتل ما يسمى ب"25-30" ، توقيعات من النواب للإعلان عن رفضهم القاطع تسليم الجزيرتين للمملكة السعودية، معلنين تمسكهم بمصرية الجزيرتين، وفقا لما يعتبرونه وثائق ومستندات تاريخية، تؤكد ذلك.. وحتى مساء السبت كان عدد الموقعين من أعضاء البرلمان نحو 113نائبا من جملة أعضاء مجلس النواب البالغ عددهم 598نائبا، وهو عدد مرشح للزيادة في ضوء الجدل المتصاعد في مصر حول تلك القضية، وما يرافقها من استغلال الأزمة من قبل بعض الجهات المناوئة لحكم الرئيس السيسي. في المقابل، يقف نواب موقفا مضادا، ويعتبرون أن التوقيع على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية جاء بعد جولات طويلة من التفاوض، وبعد أن أقرت مصر في سنوات سابقة، ومنذ عقود أن الجزيرتين سعوديتان وأن مصر تولت إدارتهما منذ عام 1950، بناء على اتفاق سابق بين ملك مصر (الملك فاروق) ومؤسس المملكة السعودية عبدالعزيز آل سعود، وأن القرار الجمهوري رقم 27 لسنة 1990، والذي أصدره الرئيس الأسبق حسني مبارك، أقر بسعودية الجزيرتين، وأن مصر قدمت الوثائق الدالة على ذلك إلى الأممالمتحدة بشكل رسمي. وقد بدا واضحا، جراء الحرب المستعرة في مصر حول ملكية الجزيرتين أن كل طرف يتمسك بموقفه في الوقت الذي يتصاعد فيه الجدل حول دور وأحقية البرلمان في نظر الاتفاقية وفقا لمواد الدستور المصري، باعتبارها من "أعمال السيادة" والتي يختص البرلمان بنظرها والتصديق عليها وهو ما يعني وفقا لأصحاب هذا الرأي أن القضاء المصري غير مختص بنظر هذه الاتفاقية، وتخرج عن ولايته وفقا للمادة 155 من الدستور المصري الصادر لعام 2014. وإزاء الخلاف الذي احتدم داخل المؤسسة القضائية، بعد صدور حكمين من محكمة القضاء الإداري يؤكدان بطلان اتفاقية ترسيم الحدود الموقعة في الثامن من أبريل الماضي وبين صدور حكمين آخرين من محكمة الأمور المستعجلة، يلغيان الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري، ويؤكدان عدم أحقيتها في نظر هذه الاتفاقية كونها من أعمال السيادة، إزاء ذلك، لجأت الحكومة المصرية لرفع دعوى "منازعة تنفيذ" أمام المحكمة الدستورية العليا، والمعنية بمراقبة مدى دستورية القوانين والأحكام الصادرة عن المحاكم المختلفة، حيث تنظر هيئة مفوضي المحكمة الدستورية العليا الأحد منازعة التنفيذ. ووفقا لمصادر قضائية، فإنه في حال حجز الدعوى للحكم، ستكون الخطوة المقبلة تحديد جلسة لنظر الدعاوي المحكوم فيها أمامها، وذلك عقب تسلمها تقرير هيئة المفوضين. المثير في الأمر، أن المحكمة الإدارية العليا كانت قد حددت السادس عشر من يناير/كانون ثاني الجاري موعدا للنطق بالحكم النهائي في قضية ملكية الجزيرتين، وهو نفس اليوم الذي يعقد فيه البرلمان أولى جلساته المقبلة، حيث ينتظر أن تكون هذه القضية على رأس جدول أعماله، وهو ما أثار العديد من التكهنات حول كيفية التعامل مع القضية بتطوراتها المتلاحقة والمتزامنة. أكدت مصادرل"روسيا اليوم" داخل مجلس النواب، أن ثلاثة سيناريوهات للتعامل مع تلك القضية أمام البرلمان: السيناريو الأول يرتبط بحالة ما إذا صدر حكم من المحكمة الإدارية العليا يؤكد مصرية الجزيرتين، ما يعني بطلان الاتفاقية، وفي هذه الحالة فإن البرلمان لا يناقش الاتفاقية، وهو ما اتضح من خلال الإجراء الذي أعلنه الدكتور علي عبد العال رئيس مجلس النواب، من عدم إحالة الاتفاقية التي تسلمها المجلس من الحكومة مؤخرا إلى اللجان المتخصصة داخل المجلس، انتظارا لحكم القضاء. السيناريو الثاني يتعلق بحالة صدور حكم المحكمة الإدارية العليا مؤيدا لاتفاقية الحكومة المصرية مع السعودية، والتي أقرت بملكية السعودية للجزيرتين، ومن ثم تصبح الاتفاقية التي وقعت عليها الحكومة المصرية صحيحة، وعليه، يحق للبرلمان مناقشتها داخل لجانه النوعية المتخصصة، ثم في الجلسة العامة، لإقرارها. السيناريو الثالث يتعلق بما سينتهي إليه البرلمان في مناقشته للاتفاقية، وفي حالة ما إذا صوت برفض الاتفاقية فإنها ستصبح لاغية.. أما إذا حظيت بالموافقة من أغلبية النواب، ففي هذه الحالة يتعين التصويت عليها باستفتاء شعبي وفقا للمادة 151 من الدستور.
والمؤكد أن النزاع المؤسساتي تبعا لسيناريوهات الأزمة يحتدم في تطور هو الأول من نوعه في مصر منذ ثورة الثلاثين من يونيو2013.