حلم «الخلافة».. دماء «رابعة» و«النهضة».. ومفاوضة القيادات للنظام تفتح الباب أمام شباب الإخوان إلى التنظيم الإرهابي القرضاوي: مؤسس داعش «إخواني» والتنظيم أغراه بالقيادة بعد خروجه من السجن شباب إخواني: سئمنا من سلمية الجماعة.. وكثيرون منّا انضموا ل«داعش» تعيش جماعة الإخوان المسلمين أصعب فتراتها منذ التأسيس عام 1928 على يد حسن البنا، فبعد عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي في صيف 2013، خرجت الجماعة إلى الشارع للمطالبة بعودة مرسي إلى الحكم من جديد، كما اعتصم الإخوان ومؤيدوهم بميداني رابعة العدوية بمدينة نصر والنهضة بالجيزة، على أمل عودة الرئيس الإخواني للحكم، ولكن جاء فض الاعتصامين في أغسطس من نفس العام وما بعده من أحداث لينشئ خلافا قويا بين صفوف الجماعة، فحين يخرج قادة التنظيم للحديث عن السلمية وأن المظاهرات والاعتصامات السلمية هي الحل، نجد شباب الإخوان يعبرون عن غضبهم ورفضهم لذلك، بل ويعتبرون أن ما تقوله القيادات عبث وأنه لا وجود للسلمية في ظل نظام ما بعد 30 يونيو. وفي خضم الأحداث وبالتزامن مع عزل مرسي من الحكم، بدأ "داعش" في استقطاب عدد كبير من مؤيدي الرئيس الأسبق لمصر وهرول له شباب من جميع التيارات الإسلامية، بسبب كفرهم بالديمقراطية كذلك مطاردة النظام لهم، فلجأوا إلى سوريا من أجل الجهاد ضد بشار الأسد على الأراضي السورية بقيادة أبو بكر البغدادي، زعيم التنظيم الموجود في سورياوالعراق، وامتد وجوده ليشمل ليبيا وعدة دول أخرى. وترجع بدايات البغدادي، زعيم التنظيم ذاته، إلى جماعة الإخوان المسلمين وهذا ما أكده الأب الروحي للجماعة الدكتور يوسف القرضاوي، خلال تصريحات إعلامية، مشيرا إلى أن بدايات البغدادي كانت إخوانية، لكنه انشق في النهاية عنهم لأنه يريد أن يكون زعيمًا وليس تابعًا.
وفر عدد كبير من المعارضين للنظام الحالي على رأسهم مؤيدو الإخوان إلى داعش، عقب فض اعتصامي رابعة والنهضة، معلنين كفرهم بالديمقراطية وصناديق الاقتراع، بالإضافة إلى النزعة الدينية المتشددة مع الاضطهاد من نظام ما بعد يونيو لكل معارضيهم مع اختلافهم الواضح مع قيادات التنظيم الذين يرون أن التفاوض مع الدولة هو الحل لجمع شمل الجماعة مرة أخرى، وذلك بحسب آراء شباب الجماعة. فيما اختلف المحللون فيما بينهم، حول توجه شباب الجماعة أو المعارضين للنظام إلى قبلة داعش، فبينما يرى فريق أن الإحباط وحب الظهور والظروف الاجتماعية والتنشئة الدينية هي سبب رئيس في هروب الإخوان إلى داعش، ويرى فريق آخر أن السبب الرئيس والمهم هو حلم شباب الإخوان وغيرهم في العودة مجددًا إلى الخلافة الإسلامية والحكم بشريعة الله. وفي إطار ذلك كله، تستعرض "المصريون" الأسباب الحقيقية وراء هروب عدد من المعارضين وفي مقدمتهم جماعة الإخوان المسلمين إلى تنظيم الدولة الإسلامية بسورياوالعراق والمعروف إعلاميا بتنظيم "داعش". أبو بكر البغدادي "إخواني" ترجع بدايات أبو بكر البغدادي، زعيم تنظيم داعش، إلى جماعة الإخوان المسلمين وهذا ما أكده الشيخ يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والمرجع الروحي لجماعة الإخوان، الذي أكد أن البغدادي كان ينتمي لجماعة الإخوان في سن الشباب. وأضاف القرضاوي، خلال لقاء إعلامي له، أن البغدادي كان يميل إلى القيادة وقد أغراه التنظيم بعد خروجه من السجن، مشيرًا إلى أن هذا التنظيم انضم إليه أيضًا شباب من قطر وغيرها من الدول، تحت ذريعة "الجهاد في سبيل الله وقتال الكفار" . ودعا القرضاوي إلى مقاومة ما يقوم به عناصر "داعش" من تكفير مسلمين وقت لمن لا يستحق قتله من "أهل الذمة"، كما أشار إلى أن "الخلافة" لا تأتي بهذه الطريقة، بل عندما تجتمع مجموعة بلاد إسلامية تحكم بالشريعة وتميل إلى الإسلام، ولكن ليس بالضرورة أن تكون كالخلافة الأولى، بل إنها قد تكون اتحادًا فدراليًا أو كالاتحاد الأوروبي، على حد قوله. وتساءل القرضاوي: "لماذا لا يحق للمسلمين أن يجتمعوا ويتوحدوا وعددهم حوالي 1.7 مليار مسلم في حين أن عدد سكان الصين أصبح حوالي 1.5 مليار نسمة وهم متحدون وكذلك الهند نفس الأمر؟". إسلام يكن.. من "موسيقى الراب" إلى أحضان داعش من الأسماء المصرية المعروفة حتى الآن، التي تواجدت وانضمت إلى صفوف تنظيم داعش، كان إسلام يكن أحد أكبر الأمثلة الواضحة لانضمام مؤيدي الإخوان إلى الإرهابيين، فيكن شاب عشريني تشير كل مؤشرات حياته إلى أنه كان أبعد ما يكون عن فكرة التوجه إلى داعش، فهو من عائلة ثرية تربى في المدارس الفرنسية وعشق موسيقى الراب الأمريكية ولكنه فجأة وبدون مقدمات قرر السفر والانضمام إلى داعش. وقد كشف إسلام يكن تفاصيل انضمامه إلى التنظيم، في عام 2013 فقد انضم إليه وهو في السنة الثالثة من كلية الحقوق، موضحا أنه قابلته عدة عراقيل قبل سفره إلى سوريا ولكنه في النهاية انضم إلى التنظيم وأصبح من أفراده، وتبدأ القصة بحسب رواية يكن، عندما كان في السنة الثالثة في كليته التي لم يكن مقتنعًا بها، حيث كان يعمل مدرب لياقة بدينة و"التزم دينيا" في هذه الأثناء، وتعرف على عدد من الأصدقاء الذين لا يعرف عنهم إلا "الالتزام". ويقول يكن إنه في أوائل 2013 كان يرى ضعفًا كبيرًا في المسلمين، وترددت على مسامعه كلمة الجهاد وأنها النصر الحقيقي للدولة الإسلامية، وبدأ يقرأ عن أسامة بن لادن وغيره، حتى وصل إلى حد الاقتناع بالسفر إلى سوريا والانضمام إلى تنظيم داعش. ويروي إسلام أنه في شهر مايو من نفس العام اتصل به أحد أصدقائه ليبلغه أنه ترك مصر واتجه إلى سوريا للجهاد، فعزم أمره على السفر، ولكنه واجهته عراقيل كبيرة انتهت في النهاية، وسافر إلى تركيا وبعدها وصل سوريا للانضمام إلى صفوف التنظيم القوي في سورياوالعراق.
لاعب الكرة "الداعشي" بعد إسلام يكن، انضم لتنظيم داعش عدد كبير من المعارضين للنظام الحالي، كان منهم محمود الغندور، الصديق المقرب لإسلام يكن، وهو "حكم" بالدرجة الثانية، تحول من حكم شاب إلى داعشي، وقد اختفى الشاب العشريني فجأة في نهاية عام 2014، قائلا إنه في طريقه إلى إيطاليا وانقطعت أخباره إلى أن أكد صديقه "إسلام يكن" المنضم لتنظيم "داعش" فى العراقوسوريا، انضمام الغندور إلى صفوف التنظيم. وقال "يكن" خلال حسابه على موقع "تويتر": "أحب أن أوجه رسالة لكل الصحفيين وغيرهم اللى كانوا بيحاولوا يتواصلوا مع أقرب صديق ليا فى مصر محمود الغندور.. هو معى الآن". ونشر "يكن" صورًا تجمعه بصديقه وهما يحملان الأسلحة، وعبر "محمود الغندور" عن سعادته لقتل المصريين على يد التنظيم فى ليبيا. ينتمي الغندور إلى أسرة ثرية وميسورة الحال، إذ إنه تلقى تعليمه في مدارس خاصة بالهرم واستكمل دراسته بكلية الحقوق جامعة عين شمس، وهو من مواليد حي مدينة نصر. السلفيون وداعش من ضمن الأسماء التي سافرت إلى داعش هو القيادي بحركة "حازمون" أحمد ساهر، والذي انتقل بكل أفراد عائلته إلى سوريا في منتصف عام 2013، حيث كتب على موقع التواصل الاجتماعي: "اليوم كان أحد أسعد أيام عمري كله.. ما أود الإعلان عنه لأول مرة أني بفضل الله تمكنت منذ 3 أيام من العبور بأسرتي لأرض الرباطسوريا لسببين: حتى يجتمع شملي ويصفو ذهني وحتى يتربى أبنائي داخل هذه المدرسة الربانية النادرة". وأضاف: "وفور وصول أهلي وبعد أن أسكنتهم في مكان آمن بفضل الله التحقت مباشرة بمعسكر تدريب، لن أنسى والله فرحتي وأنا أرى ابني (البراء) 6 سنوات بين المجاهدين يحاول حمل الكلاشنكوف بكفه الناعم ويؤدي تمارين اللياقة البدنية ويحضر درس التكتيك العسكري، أول كلمة تربوية يسمعها (البراء) كانت من مدرب (مصري) عن إصرار سيدنا أبي بكر رضي الله عنه على تسيير جيش أسامة، وكنت ألتفت له بين الفينة والفينة فأجد على محياه البريء علامات الاهتمام الشديد فيطير فؤادي فرحا، يجب أن أسجل أيضا أن المعسكر به قرابة 70 متدربًا منهم 15 مصريًا تقريبا أغلبهم أتى عبر مدرسة الإسكندرية (جماعة الدعوة السلفية)". شباب الإخوان: القمع يولد الكفر يقول "ت. م" أحد شباب الإخوان، إن ما يفعله تنظيم داعش هو الصواب فقتل بشار الأسد وجنوده حلال شرعًا ومن يقتلهم سيدخل الجنة، لأن ما يقوم به الأسد وإيران وروسيا في سوريا لا بد من مجابهته عن طريق الجهاد، وهناك عدد كبير من المصريين منضمون إلى صفوف تنظيم الدولة من أجل أجر الجهاد في سبيل الله. ويضيف الشاب الإخواني أن طريقة الوصول إلى تنظيم الدولة سهل، فمن الممكن السفر عن طريق دولة أخرى كتركيا مثلا أو عن طريق البدو في سيناء، والظروف الحالية في مصر تدفع نحو السفر إلى داعش، فنظام ما بعد 30 يونيو يقتل الشباب ويشرد الأطفال ويضطهد كل معارض له، وهناك شباب كثير من الإخوان بدأ في الخروج من مصر سواء للسفر للعمل أو الجهاد في سبيل الله. فيما يرى "ن. د" شاب عشريني من جماعة الإخوان المسلمين، أنه يعرف الكثير ممن ذهب إلى داعش، وذلك عقب فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة خاصة، بعد تمسك قيادات الجماعة بالسلمية والتي كان على إثرها مقتل عدد كبير من شباب الإخوان، بالإضافة إلى اغتصاب بنات الجماعة. وأضاف الشاب الإخواني: عندما لا يتحقق العدل في الدولة فمن الطبيعي أن يذهب الشاب إلى مكان فيه تطبيق الشريعة الإسلامية، وهذا المكان موجود عند تنظيم الدولة الإسلامية ويهدف التنظيم هناك إلى إقامة الخلافة الإسلامية التي يتمناها الكثير من الشباب المسلم في الوقت الحالي. كذلك فقد رأى "س. ع" أحد المشاركين في اعتصام رابعة، أنه لا يؤيد داعش ولكنه يحب أن يرى ضرورة في الانتقام ممن فضوا اعتصامي رابعة والنهضة وقتلوا أصدقاءه خلال الاعتصام، قائلا: لقد كفرت بسلمية الإخوان لأنهم مؤمنون فقط بالمجتمع الدولي وأنه سيساندهم بمحنتهم مع أن التاريخ كله أثبت أن الذي سينتصر هو الأقوى. وأضاف أن القمع الموجود حاليًا سيولد الكفر حتمًا وأن الحل هو القصاص العادل من الذين قتلوا إخواننا خلال المراحل الماضية. الديكتاتورية تؤدي لداعش يرى المحللون والمهتمون بالحركات الإسلامية، أن هناك عدة أسباب وراء انضمام الإخوان بصفة خاصة والمعارضة بصفة عامة إلى تنظيم داعش، منها التعاليم الدينية الخاطئة، والقمع، الذي تمارسه الدولة على الشباب، بالإضافة إلى العوامل الاقتصادية الصعبة والإحباط لدى كثير من الجيل الجديد. ويقول ماهر فرغلي، الخبير في شئون الحركات الإسلامية، أن الإسلاميين جميعهم دوائر واحدة إما سلفية إصلاحية أو جهادية أو إخوان، ومن السهل الانتقال من هذه الدائرة لتلك، فهى تحولات لا علاقة لها بالتنظيم بقدر ما لها علاقة بالشخص ذاته، والظروف المحيطة التى تمر به، لكن المنبع الفكري واحد وهذا يسهل انضمام المنتمين للتيار الإسلامي إلى داعش. ويرى فرغلي أن السبب الرئيس وراء انضمام شباب جماعة الإخوان المسلمين لتنظيم داعش هو إما السلطة أو البحث عنها في التنظيم الإرهابي، بالإضافة إلى العوامل الاقتصادية والإحباط الموجود عند شباب الجماعة، مع تحريض البعض منهم على العنف، كما أن الظروف الاجتماعية التي تعيشها الجماعة في الآونة الأخيرة تدفع الشباب دفعًا نحو داعش. من جانبه، أكد الدكتور خالد متولي، عضو حزب الدستور، أن التعليم يأتي في المقام الأول في ذهاب جماعة الإخوان المسلمين إلى داعش، نظرًا لضعف التعليم المصري والذي لن يخرج إلا دواعش، كما أن القمع والديكتاتورية التي يقوم بهما النظام يجعلان الشباب يهرب إلى التنظيم الخطير بالمنطقة. ويضيف متولي، أن الدولة المصرية لا تقدم للشباب حياة طبيعية فيلجأ الشاب إلى الإرهاب للانتقام من الدولة، وهذا السبب الرئيس لتزايد الإرهاب في الفترة الأخيرة، كما أن تعاليم الدين المغلوطة ونفاق رجال الدين الرسميين، يجعلان الشاب يبحث عن مراجع أخرى تكون أكثر مصداقية وقوة ومن الممكن أن يجد ضالته وقتها عند التنظيمات الإرهابية. توليد الإرهاب من جانبهم، أكد إسلاميون أن الأنظمة الاستبدادية هي التي تخلق الإرهاب عند الجميع، فحاضنة التطرف ليس التدين بأية صورة، ولكن حاضنة التطرف ومنبته هو الظلم والقهر والاستبداد والأمثلة كثيرة. ويقول مصطفى البدري، القيادي بالجبهة السلفية، إن كل من يتابع الأخبار في العالم يجد أن الظلم لا يطال إلا المسلمين، والنظام العالمي لا يسكت على أي جريمة إلا إذا كانت ضد مسلمين، وداعش هو الفصيل الذي يعلن مواجهته للمجتمع الدولي بسبب اعتدائه على حقوق المسلمين، فهذه معطيات تدفع عامة الشباب المسلم المتحمس لنصرة دينه وقضايا أمته بعاطفة غير منضبطة أن ينضم إليه، وقد يكون الظلم الذي تتعرض له الحركة الإسلامية العاملة على الساحة وتكرار الظلم ضد أي فصيل إسلامي يصل إلى الحكم هو السبب الأساسي لهجرة الشباب نحو داعش. وأضاف البدري، أن المسألة ليست متعلقة بجماعة الإخوان المسلمين أو السلفيين على قدر ارتباطها بعدم شعور الشباب المسلم بحريته في بلاده التي تنتمي للإسلام شعبًا وتحارب الإسلام حكما وسلطةً، مشددًا على ضرورة التأكيد على أن المجتمع الدولي لا يريد القضاء على داعش في الوقت الذي يقضي فيه على كل حركة جهادية منضبطة حتى يبقى التنظيم مثالاً سيئًا لفكرة الجهاد الإسلامي، وينضم له كل شاب مسلم يبحث عن الجهاد. وعن الأسباب الحقيقية وراء انضمام شباب الإخوان والتيار الإسلامي أو غيرهم إلى داعش، قال البدري إن هناك عدة أسباب رئيسية أهمها تخلي الحركة الإسلامية السياسية والدعوية عن فكرة الجهاد والمقاومة المسلحة، وعدم وجود إمكانات إعلامية قوية عند الحركات الجهادية الأخرى. أما المهندس أحمد السباعي، المتحدث الرسمي لحزب الوطن، فيرى أن الظلم هو المصدر الرئيس للتطرف الفكري سواء كان اجتماعيا أو دينيا، وقد رأينا كيف أنتجت أساليب التعذيب والاعتقال في عهد عبد الناصر أمثال فكر شكري مصطفى وأعوانه.. فلا تبحث عن الأرضية ولا الحاضنة التي تفرخ تطرفًا بين الإسلاميين وابحث عنها، حيث الظلم والقهر والاستبداد والتعذيب والقتل بدم بارد. وأضاف السباعي، أن ما يثار مؤخرا حول اعتناق عدد كبير من الإخوان والسلفيين لفكر داعش ما هو إلا إحدى ترهات الإعلام، والتي ليس عليها دليل، فحاضنة التطرف ليس التدين بأية صورة، ولكن حاضنة التطرف ومنبته هو الظلم والقهر والاستبداد والأمثلة كثيرة.