"إياكم أن تتخذوا ظهور دوابكم منابر، فإن الله إنما سخرها لكم لتبلغكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس، وجعل لكم الأرض فعليها فاقضوا حاجتكم"، هكذا قال رسول الإسلام محمد _صلى الله عليه وسلم_ في حديثه، ليؤكد لنا أهمية الرفق بالحيوان، وهكذا فعلت الإنجليزية "دورثي بروك" عند تخلي الجيش الإنجليزي في بداية الثلاثينيات من القرن الماضي، عن خيوله، وبيعها لمصريين استخدموها في الجر، مما جعلها تعاني من حالة سيئة للغاية، الأمر الذي دعا السيدة "بروك" لعمل مؤسسة خيرية لعلاج الحيوانات العاملة في مصر، والتي بدأتها في العام 1934 بالقاهرة، بعد أن اشترت الخيول التي تنتظر الموت، وقامت بإعدامها بطريقة الإعدام الرحيم، ثم أنشأت المستشفى عن طريق التبرعات التي جمعتها بعد نشر مقال لها في صحيفة "الديلي تلغراف" البريطانية، تبعها أبناؤها في إقامة المقر الثاني في الإسكندرية في العام 1961، إلى أن تم افتتاح مقر الأقصر في العام 1966، من خلال ابنها سي رايت، وحفيدها ريتشارد، لتصبح راعية للحيوانات العاملة في الأقصر طيلة خمسين عاماً مضت. "المصريون" زارت مستشفى بروك الخيري، وحاورت عامليه للتعرف عن قرب على طريقة عملهم واحتياجاتهم، والخدمات التي يقدمونها، وكيفية استطاعتهم توفير نفاقات العلاج بالمجان. يقول الدكتور غايس داود، مدير مستشفى بروك بالأقصر، إن المستشفى العريق والذي خدم الأقصر طيلة ال50 عامًا الماضية، تم إنشاؤه في العام 1966، خلف معبد الأقصر، واستمر في مكانه حتى العام 2005، حيث طاله التهجير من مكانه مثله مثل كافة الأماكن التي كانت مبنية فوق طريق الكباش، والتي كانت تعمل مصر على افتتاحه وجعل الأقصر متحفًا مفتوحًا قبل أن يتم توقف المشروع مع قيام ثورة يناير، لينتقل بروك إلى منطقة نجع الخطبة شرق مدينة الأقصر.
ويضيف داود أن بالمستشفى خمسة أطباء، وأربعة سائقين، إضافة إلى 11 مساعدًا وعاملًا، بخلاف مسئول مالي وإداري، وتخدم 33 قرية من قرى محافظتي الأقصر وقنا، عن طريق زيارات طبية منتظمة، لتلك القرى، عن طريق سيارات العيادات المتنقلة الخاصة بالمستشفى. ويوضح مدير بروك، أن نشاط المستشفى يدور حول محورين، أولهما طبي والآخر خدمي، حيث تقدم المستشفى الخدمات الطبية العلاجية المباشرة للحيوانات، بشكل مجاني، بخلاف عمل توعوي لأصحاب الحيوانات لكيفية رعاية الحيوان بأفضل السبل، بينما كان الجانب الخدمي عن طريق تقديم مساعدات للمجتمع في حدود المتاح، ذاكرًا عملية توزيع الغلال لخيول الحنطور طوال مدة عشرة أشهر، بعد توقف السياحة في أعقاب ثورة يناير، بخلاف إنشاء ثلاث مظلات عند معبدي الأقصر والكرنك، بالتعاون مع محافظة الأقصر، وتزويد تلك المظلات بأحواض مياه شرب للخيول، نهاية يعمل "بامبرز" لكل حصان والذي يتم من خلال مجلس مدينة الأقصر. وأفصح الدكتور غايس داود، أن إحصائيات العام الماضي منذ الأول من إبريل 2015، وحتى ال31 من مارس للعام الحالي 2016، قد بلغت علاج 40930 حالة، وتقديم 47590 علاجًا لتلك الحالات، من الحيوانات العاملة من الفصيلة الخيلية "الحمار والحصان والبغل"، مشيرًا إلى أن كل تلك الأشياء تمت عن طريق التبرعات، والتي يراها الأفضل قبل 2005، حيث كان المكان وسط المدينة، مما يتيح للسياح رؤية المكان والتبرع، ويراها مقبولة قبل ثورة يناير، إلا أنه يراها ضعيفة للغاية ما بعد ثورة يناير، ونقص الحركة السياحية بشكل كبير، مؤكدًا أن خدمات المساعدة التي قدمتها المستشفى بعد ثورة يناير، كانت عن طريق مقر بروك الرئيسي في هولندا، وكذلك إقامة المظلات وتقديم الأدوية العلاجية. وسرد لنا الدكتور أمين حراجي، ما قدمته المستشفى في 2008، عندما ظهر فيروس إنفلونزا الخيول الوبائي، وكيف كان للمستشفى الدور الأبرز في السيطرة على المرض، وعلاج كافة الحيوانات، الأمر الذي جعل سمير فرج رئيس المجلس الأعلى لمدينة الأقصر آنذاك لتكريم المستشفى. وذكر حراجي، أن طاقم الأطباء يقدم له تدريب سنوي لمواكبة كل ما هو جديد في الطب البيطري، من خلال المستشفى، إما هنا في مصر، أو إما في هولندا، موضحًا أن بروك تستقبل طلاب الطب البيطري، وحديثي التخرج، لتدريبهم على كيفية التعامل مع الحالات المرضية. وذكر الدكتور مينا أسعد الدكتور المعالج بالمستشفى، أن هناك نوعين من العيادات بالمستشفى، حيث إن النوع الأول هو العيادات الخارجية، وهي التي يتلقى فيها الحيوان العلاج، ثم الخروج، بينما النوع الثاني هو العيادات الداخلية، وهي التي يتم فيها حجز الحيوان لتلقى العلاج بسبب احتياجه لمتابعة طبية لمدة معينة، ولا يستطيع صاحب الحيوان عملها في المنزل، أو إجراء العملية، بخلاف الزيارات الخارجية، والتي يقوم بها طبيب ومساعد وسائق للقرى، وذلك للكشف على الحيوانات وعلاجها، بينما تنقل من تحتاج إجراء العمليات أو العناية الخاصة إلى المستشفى. وأكمل أسعد حديثه، أن علاج الحيوان يمر بعدة مراحل، حيث يبدأ في إنزال العدة التي يحملها، ثم تمرغه في منطقة رملية، لإخراج الطفيليات الملتصقة بالجسم، تتبعها إجراء عملية الحموم، حيث إن المياه ضرورية للحيوان، حيث إن معظم حجمه من الماء، ثم يقوم الدكتور بالكشف عليه وإعطائه العلاج، أو حجزه إذا دعا الأمر، مشيرًا إلى أن المستشفى تستقبل الحيوانات للاستحمام، لتفادي أن يقوم صاحبه بالذهاب به إلى النيل أو إحدى الترع؛ مما يعرض الحيوان وصاحبه للأمراض أو تعرض مياه النيل للتلوث، موضحًا أن المستشفى تعمل من الثامنة صباحًا، وحتى الخامسة مساءً، بشكل يومي حتى في الأعياد والإجازات الرسمية، بينما يتم الاتصال بالطبيب حال تواجد حالة حرجة من الكسور أو المغص في الفترة ما بعد الخامسة مساءً، حتى يتم التعامل مع الحالة. وأفصح الدكتور مينا، عن تفكير المستشفى في عمل مكان أكبر لكن العوائق المالية تمنعهم من تحقيق هذا الأمر، مشيرًا إلى أنه لو تم تخصيص مكان أكبر للمستشفى من قبل المحافظة، ستقوم هيئة بروك ببنائه، مشيرًا إلى أنه الآن يتواجد بالمستشفى سبع أماكن للحجز.