بعيدًا عن التعقيدات والعراقيل التى توضع فى وجه كل مَن يفكر فى الوصول لسدة الحكم فى مصر، وجعله حُلمًا مستحيلاً لا يتخطى حدود الأحلام .. فقد فكرت فى جانب آخر وهو أن مَن يتقدم للترشح لرئاسة جمهورية مصر العربية إما أن يكون فى غاية الشجاعة.. وإما أن يكون غير مدرك بما سوف يلقَى فوق كتفيه، والذى قد يحرمه من نعمة النوم.. وإما أن يكون ممن يريد الشهرة والتواجد على الساحة من أجل أن يعلن عن وجوده ولا يفرق معه فوزه من عدمه. فمسألة الحكم ليست بالسهولة التى يتوقعها البعض، وخاصة فى بلد مثل مصر عشَّش به الفساد لمدة 30 عامًا واستحال قلع جذوره.. وجعل حصاد هذه السنوات العجاف غاية فى المرارة، فجّرت فى وجوه الجميع بركان مشاكل لا ينتهى بل يخرج كل يوم بمزيد من الإشكاليات. ومصر على الرغم من مشاكلها الكثيرة عروس جميلة تسحر الراغبين فى نيل شرف قيادتها؛ فخيراتها كفيلة بالقضاء على مشكلاتها، بل مشكلات العالم العربى والإسلامى أجمع، وهى ليست مجاملة، بل إنها الحقيقة التى أكدها الخبراء كافة؛ ولذا فهى تحتاج إلى شخص عادل حكيم خبير لكفّ المشكلات وتذليل العقبات واستخراج الخيرات وتوزيعها بالعدل ومنح مواطنيها أخيرًا من خيراتها. ومن الميراث الثقيل يهرب الكثير من العقلاء... ولعل السبب الأهم هو ما كان يردده ثانى الخلفاء الراشدين الفاروق عمر بن الخطاب: "لو عثرت دابة فى العراق لسُئل عنها عمر"، دابة وليس إنسان و"عثرت" فقط .. لم تقع ولم تجُعْ ولم تمرض ... ولم تُقتل..! الرئيس القادم لمصر سوف يعلق فى رقبته مصير 80 مليون مواطن، منهم 38 مليون مواطن تحت خط الفقر.. ويا له من ميراث. وكما قال الرسول الحبيب - عليه الصلاة والسلام-: "ألا كلكم راعٍ، وكلكم مسئول عن رعيته، فالأمير الذى على الناس راعٍ، وهو مسئول عن رعيته، والرجل راعٍ على أهل بيته، وهو مسئول عنهم، والمرأة راعية على بيت بَعْلها وولده، وهى مسئولة عنهم، والعبد راعٍ على مال سيده، وهو مسئول عنه، ألا فكلكم راعٍ ومسئول عن رعيته". ونصيحة لكل مَن تجرأ لطلب هذا المنصِب فليفكرْ فى يوم يلقى فيه ربه.. ويقف بين يدى الجبار.. وكيف سيحاسَب بين يدى الله على حياة 80 مليون إنسان ... موقف يطير منه عقل أعقل العقلاء. وعلى مَن يفوز بحكم مصر أن يترك حياة الرغد والنعيم فى القصور والمكاتب المكيفة ويتخلى عن حرسه الحديدى، الذى يحُول بينه وبين الواقع ويحيطه بسياج من الخوف، نتج عن ظلمه وجبروته.. والنزول للناس والسماح لهم بالوصول إليه؛ لأن "سيد القوم خادمهم".. وأجزم أن شعب مصر لن يسلم مصيره هذه المرة لأى أحد.. فسوف يختار مَن يخدمه ويعوضه عن ذل سنين ثلاثين.. ولعل مواصفات الرئيس الجديد ليست بالمستحيلة ولا الخيالية.. فشعب مصر لا يريد الرجل الخارق (السوبر مان).. نريد رئيسًا إنسانًا عادلاً بسيطًا فقط.. يخاف الله أشد الخيفة.. يتذكر آخرته كما يريد لدنياه.. وإن كان ممن يخافون الله فلا خوف على شعب مصر بعد ذلك... فالمعيار الأول والأخير "الخوف الله".