عندما قرأت خبر تخفيض سعر عقار الفياجرا الأمريكى فى مِصر إلى 10 جنيهات فقط للحبة 100 مجم، قلت على الفور: إنها فياجرا سياسية!، وإن الشركة المنتجة وهى أمريكية الجنسية، قررت تقديم هذه الهدية لمصر، وتكريم ثورتها بشحن طاقات هائلة من الفحولة، تصرفها من الميدان إلى غرف النوم، ومن الطموح إلى دستور عصرى يلبى حاجات أمة ويوقظها من سُبات ونوم عميق إلى البحث عن إشباع الحاجات الخاصة التى لا تزعج حكومة الجنزورى، ولا تسبب أرقًا للمجلس العسكرى كما يزعجها اختفاء أُسطوانات البوتاجاز، منذ تولت هذه الحكومة أمور البلد، وتوقف بعض المخابز عن العمل بسبب اختفاء الكيروسين. فى ظل الفياجرا المدعومة لن يقطع المحتجون الطرق وستمضى عجلة الحياة سهلة ميسورة من غير شكوى؛ فالشعب المحترم سيبدأ حياته اليومية متثائبًا من طول السهر وسيجد إغراءات أفضل من البوتاجاز والخبز تعيده إلى بيته! الحبة نفسها تباع فى دول الخليج بحوالى 27 دولارًا، ومثيلتها فى الإمارات مثلاً تزيد بنسبة 800%، حيث إن سعر الحبة الواحدة 85 درهمًا (الدرهم حوالى 163 قرشًا). تخفيض سعر الفياجرا الأمريكية يدخل منافسة حادة مع فياجرا هندية وصينية، تدخل السوق المصرى منذ تم اختراع هذا الدواء، ولا يزيد ثمن الحبة منها عن ثمن ساندوتش الفول، وأخيرًا مخدر "الترمادول" المخدِّر الذى انتشر بعد الثورة بصورة مرعبة، ويباع فى ميدان التحرير فى أمان تام وبأسعار تنافُسية دون تدخل من الأجهزة الرقابية والأمنية. مقابل الكرم الأمريكى بخصوص الفياجرا فإنها تبخل علينا إلى أقصى حد بالضروريات الحياتية. لا ننسى أنها استخدمت ضدنا فى قضية التمويل الأجنبى سلاح المعونة السنوية بأخلاق رعاة البقر، فتنازلنا عن سيادة قضائنا وعدالته. لا أعلم ما حاجة المصريين إلى تخفيض سعر الفياجرا فى حين أنه يعانى الأمرَّين فى الحصول على رغيف الخبز، الذى اقترب من الاغتراب عنهم؛ ليلحق بمعضلة الحصول على أسطوانة البوتاجاز؟! الوقائع على الأرض تشير إلى أزمة اقتصادية كبيرة تقترب من مصر بشدة، فمثلاً تعجز الحكومة عن توفير 95 مليون دولار لسداد مقابل الشحنات الحالية من البوتاجاز المتعاقد عليها مع السعودية، ويجب تسديد هذا المبلغ قبل وصول آخر شحنة محددًّا لها 20 مارس الجارى، وبعدها لن تكون هناك سيولة نقدية لإبرام المزيد من العقود. فى القاهرة وما جاورها من محافظات تشاهد طوابير طويلة من السيارات للحصول على البنزين.. فهل سيضطر الناس لاستبدال حبة الفياجرا بالبنزين؛ باعتبار أنها فى متناول الجميع، مع وجود 8 شركات تعمل فى إنتاجها داخل مصر؟! مَن لا يجد ما يأكله ويُطعم به عصافير بطنه، هل يعنيه أن يُطعم عصافير أخرى لا حاجة إليها فى أوقات الحرب.. ولا فى زمن الجوع أيضا؟! [email protected]