بعد صراع طويل لاشرس واهم واخطر انتخابات شهدها نادي القضاة المصري تم إعلان فوز المستشار زكريا عبد العزيز وقائمته وإعلان القضاة تأييدهم لإصدار قانون السلطة القضائية واعادة النظر فيما تم من تجاوزات في الانتخابات البرلمانية وتحذير الحكومة من استمرار مساندتها للتجاوزات التي وصفها القضاة في جمعيتهم العمومية بالسافرة ضد اعضاء السلطة القضائية ،وقد شارك في الانتخابات خمسة الأف وخمسمائة عضو من ثمانية آلاف عضو بنادي قضاة مصر على رأسهم المستشار فتحي خليفة رئيس محكمة النقض ورئيس المجلس الأعلى للقضاء وصلاح الدجوي عضو المجلس الأعلى للقضاء نتيجة المنافسة الشرسة بين اثنين من أهم وابرز القضاة وهم المستشار زكريا عبد العزيز رئيس النادي الحالي وصاحب اعلى الأصوات حتى ألان هو وقائمته والمستشار عادل الشوربجي وقائمته المكونة من 15 عضوا بالإضافة لدخول المستشارايهاب عبد المطلب بقائمة غير مكتملة ولاول مرة في تاريخ النادي وجود مرشح لرئاسة النادي مستقلا وبدون قائمة وهو المستشار مراد وهبة . وقد اعلنت امس نتيجة انتخابات مجلس الادارة الجديد لثلاث سنوات قادمة حيث فازت قائمة المستشار زكريا عبد العزيز واكتسحت القائمتين الاخريين . وقد تحولت الجمعية العمومية للقضاه الى يوم "قصاص" من الحكومة ومن الذين اعتدوا على القضاه فى الانتخابات البرلمانية. فقد خرجت بقرارات عديدة فى مقدمتها تقديم المتورطين فى جرائم الاعتداء على القضاه الى المحاكمة ايا كان منصبه او موقعه وهدد القضاه باللجوء للتحقيق الدولى فى تلك الجرائم ان لم تستجب الحكومة لمطالبهم وتسارع بتقديم المتورطين فيها للمحاكمة وهددوا بالدخول فى اعتصام مفتوح ان لم يستجب رئيس الجمهورية لمطلبهم ويعلن تقديم المتورطين فى الجرائم الى المحاكمة. وطالبوا بالغاء المادة 88 من الدستور واعفاءهم من الاشراف على اى انتخابات قادمة احتجاجا على التدخل السافر فى شئون القضاه. وشن القضاه هجوما عنيفا على مجلس القضاء الاعلى واتهموه بالتواطؤ مع الحكومة ضد القضاه. من جانبه اكد المستشار زكريا عبد العزيز رئيس نادى القضاه والرئيس المنتخب ان القضاه يتعرضون لحرب شرسة لم يتعرضوا لها ناديهم منذ نشأته فى عام 1939 وان هذه الهجمة تشنها فئة لاتنتمى للقضاه فى شئ وتحاول ان تقوض نشاط مجلس الادارة الذى اخذ على عاتقه منذ تم انتخابه قبل ثلاث سنوات ضرورة العمل على استقلال القضاء والاشراف الكامل على الانتخابات. واشار عبد العزيز الى الجهود التى بذلها النادى من اجل استقلال القضاء وذلك بتقديم مشروع لتعديل السلطة القضائية شارك فى اعداده لجنة من شيوخ القضاه وفقهاءهم الا انه ظل حبيس ادراج وزارة العدل الى ان انتفض القضاه فى جمعيتهم العامة فى مايو الماضى حيث تم ارساله الى مجلس القضاء الاعلى الذى حبسه لديه حتى الان. وطالب رئيس الجمهورية بتنفيذ ماوعد به فى الانتخابات الرئاسية خاصة وان برنامجه الانتخابى تضمن تعديل قانون السلطة القضائية بل اضاف اليه الغاء المجلس الاعلى للهيئات القضائية والمدعى الاشتراكى واعادة النظر فى الحبس الاحتياطى. وقال زكريا ان السلطة اعتادت استخدام اسلوب الارهاب الفكرى مع القضاه وذلك باتهامهم بالانشغال بالسياسة فى حين ان حديثهم – والكلام لعبد العزيز- منصبا عن ضمانات نزاهة الانتخابات وهو كلام فى السياسة وليس ممارسة لها مؤكدا ان من حق القضاه كباقى افراد المجتمع الحديث بالسياسة والانشغال بهموم الوطن وهو فرق بين الممارسة السياسة التى تتمثل فى الانتماء الحزبى وهو عمل بعيد عن القضاه المعروف عنهم الحياد معتبرا ان الاشراف على الانتخابات هو اولى العمل السياسى وهو ايضا نص دستورى. وارجع عبد العزيز سبب الارهاب الفكرى من جانب الحكومة مع القضاه الى ثورة القضاه التى تنادى بالنزاهة وعدم تزييف ارادة الشعب مؤكدا رفض القضاه القيام بدور المحلل لهؤلاء المزورين الذى افسدوا العملية الانتخابية. وقال ان ممارسات الحكومة كانت باطلة منذ الاستفتاء على التعديل الدستورى وانتهاء بالانتخابات البرلمانية الاخيرة واصفا اللجنة العليا للانتخابات بانها بلا اختصاص منصوص عليه فى قانون مباشرة الحقوق السياسية وانها مجرد لجنة ديكور وان كل الاختصاصات كانت من نصيب وزارة الداخلية. واتهم الحكومة بنقض العهد واشار الى الاتفاق المسبق مع وزارة العدل فى ضمان سير الانتخابات بشكل نزيه وذلك من خلال مطالب حددها القضاه فى عدم منع الناخبين من التصويت وتأمين القضاه واعلان النتائج فى اللجان فى مكبرات الصوت واعطاء نسخ منها للمرشحين الا ان ذلك لم يتم. وانتقد النائب العام الذى اعتبر الانتهاكات التى تعرض لها القضاه بانها" تجاوزات" فى حين انها جرائم مكتملة الاركان يعاقب عليها بقوانين العقوبات والبلطجة ومباشرة الحقوق السياسية. فيما بعث رئيس نادى قضاه الاسكندرية المستشار محمود الخصيرى برسالة الى القضاه الذين تعرضوا للجرائم من جانب الشرطة وقال ان اى اعتداء وقع عليكم انما هو شرف لكم وعلى صدوركم وطالب بانشاء سجل يضم اسماء كل من تعرض لجريمة من جانب الاجهزة الامنية اثناء العملية الانتخابية. وفى رسالة اخرى طالب الخضيرى القيادة السياسة باعلان موقفها من الجرائم التى تعرض لها القضاه وقال"يارب البيت وراعيه والمسئول الاول عما يحدث فيه .. ماذا تقول فيما حدث فى اول اختبار حقيقى لما تعهدت به ؟ لا تقول انك لاتعلم حتى لاتكون المصيبة اعظم فهل يمكن لك ان تقول للشعب ماحدث علما بانه لم يكن بعض تجاوزات بل كل التجاوزات التى استعمل فيها اساليب الترويع والاساليب اللااخلاقية لترويع الشعب المصدق لوعود الحكومة بالتعبير عن الرأى؟" وندد الخضيرى بموقف اعضاء مجلس القضاء الاعلى وحملهم مسئولية تحطيم امال القضاه فى نصرة الحق وقال انكم لو وقفتم بجانب القضاه لتراجعت الحكومة عن مواقفها لانها تسعى للفرقة بين المجلس والقضاه. واكد ان ماحدث فى الانتخابات نموذج قابل للتكرار ان لم يكن هناك اصرار من القضاه على اتخاذ موقف اكثر صرامة فى مواجهة الحكومة. ودعا القضاه الى اعتصام مفتوح حتى يتعهد رئيس الجمهورية امام الشعب بان كل مخطئ سينال جزاءه وان سياسة احتضان المخطئين قد ولت وعلى الرئيس – والكلام للخضيرى – ان يعطى موعدا لذلك وحذر من التأجيل فى اتخاذ القرارات فى مواجهة الحكومة. فيما وصف المتحدث الرسمى باسم نادى القضاه المستشار احمد صابر بان يوم امس هو يوم القصاص من كل من اعتدى على القضاه مؤكدا عزم القضاه القصاص منه لان النيل من القضاه هو نيل من مصر ومن سمعتها معتبرا انه لن تقوم لمصر قومة ولن تكون هناك حرية طالما تعرض القضاه لجرائم السلطة. الى ذلك وفيما وصفها المراقبون بانها " معركة استقلال القضاء" , جرت امس انتخابات مجلس ادارة نادى القضاه حيث شارك اكثر من 8 آلاف قاض فى اختيار 14 مرشحا من جملة 42 مرشح تمثلهم 3 قوائم هى الحديدية و الحكومية والمستقلة. كان على رأس القائمة الحديدية – نظرا لقوة برامجها فى مواجهة السلطة التنفيذية – المستشار زكريا عبد العزيز وباقى اعضاء مجلس الادارة المنتهية ولايته باستثناء كل من المستشارين فاروق درويش وهشام ابو علم المعروف عنهما مناهضتهما لسياسة التصعيد ضد الحكومة. وقد اعلن المستشاران انضمامها للقائمة الثانية والمعروفة بالحكومية – نظرا للدعم الذى تلقاه من مجلس القضاء الاعلى – والتى يترأسها المستشار عادل الشوربجى حيث انضم درويش عن رؤساء المحاكم والقضاه بينما انضم ابو علم عن النيابة العامة. اما القائمة الثالثة فكانت المستقلة كما اسماها المستشار ايهاب عبد المطلب الذى يتراسها ويتبنى من خلالها برامج اصلاحية تدخل فى صلب قضايا القضاه دون اى توجه سياسى. وشهدت عملية التصويت اقبالا ملحوظا من جانب القضاه الذين حرصوا على اختلاف اتجاهاتهم على المشاركة فى اختيار مجلس ادارة جديد يخوض بهم معارك المستقبل. ورغم ماتخللته الحملة الانتخابية من حملات مضادة شكلت طعونا انتخابية ضد القائمة الاولى تمثلت فى توزيع كتب ومنشورات داخل اروقة النادى الا انها كانت القائمة الاكثر قبولا فى الساعات الاولى من العملية الانتخابية خاصة من جانب شباب القضاه والمنتمين للتيارات الاسلامية والمؤيدين لمواقف مواجهة السلطة من اجل معركة استقلال القضاء وهو ماكشفته النتائج النهائية حيث فازت تلك القائمة باكتساح. وقد انحصرت المنافسة بين القائمتين الاولى والثانية على اعتبار ان الاولى تمثل الاتجاه المعارض للحكومة ويدعمها كثير من القضاه الذين شهدوا بتجاوزات الحكومة فى حق المواطنين والقضاه فى الانتخابات البرلمانية الاخيرة بينما تمثل الثانية الاتجاه الموالى للحكومة والذى يدعمه مجلس القضاء الاعلى وهو جهة تنفيذية يترأسها وزير العدل. واكدت مصادر بنادى القضاه ان الانتخابات لم تكن مجرد عملية تصويت لاختيار مجلس ادارة جديد وانما كانت معركة حقيقية بين الحكومة والقضاه ففى حين تسعى الحكومة لترويض القضاه واستمرار فرض وصايتها عليهم ,يرفض القضاه تلك الوصاية ويصوتون من اجل استقلال سلطة القضاء والاشراف الكامل على اى عملية انتخابية دون تدخل من جانب السلطة التنفيذية التى تعمل على تزييف ارادة الناخبين ولا توفر البيئة المناسبة لاجراء انتخابات شفافة ونزيهة. اشار المصدر الى ان الحكومة عملت منذ البداية على اسقاط مجلس الادارة المنتهية ولايته والذى يترأسه المستشار زكريا عبد العزيز بسبب المواقف التى اتخذها النادى منذ الاعلان عن مبادرة تعديل الدستور وحتى الانتخابات البرلمانية الاخيرة وما سببه النادى من مواقف محرجة للحكومة امام الرأى العام بعد ان كشف التجاوزات التى شابت الانتخابات مشيرا الى ان تدخلها تمثل فى توزيع منشورات تشكك فى ولاء القضاه وتتهمهم بالفساد المالى تارة واخرى بتشجيع البعض على الانقلاب على مجلس الادارة ثم محاولات تفتيت الاصوات الا انها لم تنجح فى ذلك بعد ان اكد القضاه استمرارهم مع مجلس الادارة السير فى مواجهة الحكومة واعلان الرفض القاطع لممارساتها مع القضاه خاصة والشعب عامة.